بسم الله الرحمن الرحيم ، لقاؤنا لهذا العام يختلف عن اللقاءات في الاعوام الاخرى ، لقد ذقنا معاً نصراً في تموز 93، وذقنا معاً نصراً آخر في نيسان 96 ، وذقنا أيضاً تحريراً مشرفاً في أيار سنة 2000 ، لكن في انجاز تموز سنة 2006 بالنصر الكبير الذي حصل ، لقد تزلزلت الارض تحت أقدام الصهاينة ورفع الله من مكانتكم وكرامتكم أيها المحبون للمقاومة .
قال تعالى في كتابه العزيز : ( ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين ، إنهم لمنصورون وإن جندنا لهم الغالبون ) . هذا النصر الذي حصل هو نصر إيماني بكل ما للكلمة من معنى ، ونحن على قناعة تامة أنه لولا دعم الله ونصر الله ، ولولا هذا المدد الالهي لما انتصرنا بامكاناتنا وقدراتنا الذاتية ، لو بحثنا عن المعايير المادية لوجدناها ضعيفة ، فلا يمكن في الفهم العسكري الاستراتيجي أن تنتصر هذه القلة ، ولكن بالايمان والارادة ، بالثقة بالله تعالى يمكن أن تنتصر هذه القلة . كان الشباب في المعركة يتنافسون على المواقع الأمامية لا على المواقع الخلفية ، وينوب من في الخلف من بقيَ لأيام طويلة في المواقع الامامية لأنه لم يترك له فرصة ليتقدّم من أجل أن يقاتل حتى ولو أدى ذلك إلى الشهادة ، وكذلك في المعركة رأينا عظمة النساء من الأخوات والامهات والزوجات ، في كل المواقع ، في القرى الامامية والقرى الخلفية ، كيف يتحمّلن المعاناة ، يحملنَ الاطفال ، يحملنَ مرارة التهجير والنزوح ، ويرفعنَ الصوت بكل جرأة وثقة متوكِّلين على الله تعالى ، إن ذهب البيت فلا تذمُّر ، وإن ذهب الولد فإلى جنة الخلد ، وإن ذهب الزوج فمع النبي والآل ، وإن هجرنا من القرى فإلى أحبة يحتضنونا ، ولكننا نريد أن ننتصر على أعداء الله مهما كان الثمن . لا أبالغ إذا قلت لكم ، نحن نفتخر أننا بين شعب فيه مثل هذه النسوة اللواتي يعملنَ من أجل النصر والجهاد في سبيل الله تعالى ، أما الشعب اللبناني فقد احتضن المقاومة ، واحتضن النازحين ، واحتضن الأدعية والحب للمجاهدين ، هذا الاحتضان الكبير جمعنا على الحق ، وجمعنا على الله تعالى ، وبالتالي نحن نعتبر أننا امام انتصار استراتيجي اسطوري في مقابل هزيمة استراتيجية مذهلة في مواجهة العدو الاسرائيلي ، نقول أنه نصر استراتيجي لأنه أسّس لمرحلة جديدة في منطقتنا ، بعد نصر المقاومة لا مكان للمهزومين .
نحن اليوم في مرحلة جديدة ، فقد قطعنا مرحلة أن تكون المقاومة مجموعة مسلحة ، ووصلنا إلى مرحلة الشعب المقاوم بأبهى تجلياتها ، ومن كان لديه مثل هذا الشعب العظيم والمقاومون الشجعان لن يُهزم أبداً إن شاء الله تعالى ، إذاً نحن في مرحلة الشعب المقاوم ، تعرفون الشعب المقاوم لا أحد يستطيع أن يواجهه ، الشعب المقاوم لسان وموقف وسلاح وكل شيء ، من يستطيع أن يعتدي فيدخل إلى كل بيت ، إلى كل قرية ، إلى كل طفل ، إلى كل رجل ، من يستطيع أن يمنعهم من سيادتهم ومن حريتهم ، لن يستطيع أحد ، لأنه سيواجه الشعب المقاوم بمسلميه ومسيحييه ،لقد أثبت هذا الشعب المقاوم الشريف أنه جدير بالعزة في المحطات الصعبة .
قلنا بأن قوات اليونيفيل مرحب بها في مهمتها المحددة ، وهي أن يكون تحت تصرف الجيش اللبناني لأداء مهماته ، فإذا احتاجهم ليدعموه من أجل منع المظاهر المسلحة في جنوب لبنان يدعموه ، وإذا لم يقل لهم شيئاً يبقون في ثكناتهم ، يرتاحون ، أهلاً وسهلاً بهم في ضيافة لبنان ، لكن لا يستطيعون التحرك بمعزل عن طلب الجيش اللبناني ، هذا هو مضمون القرار 1701 ، ونحن مطمئنون إلى هذا الجيش ، ونحيي قيادته وضباطه وعناصره ، لأنهم أثبتوا في اللحظات الحرجة أنهم أمناء على لبنان ، وأمناء على جنوبه ، وأمناء على المقاومة ، وهم جنباً إلى جنب مع المقاومة ، فإذا أرادت قوات اليونيفيل أن تعرف أكثر تفاصيل مهمتها ، نقول لهم راجعوا الجيش اللبناني ، فعنده التفاصيل ، ولسنا بحاجة لأن تكتبوا قواعد اشتباك جديدة يحاول البعض أن يتسلّل من خلالها إلى مهام جديدة ، كما نقول لا معنى للحديث عن قواعد اشتباك في الجو ! من هو الموجود في الجو ، اسرائيل هي التي تعتدي في الجو ، إذاً الحل بسيط ، على اسرائيل أن لا تنتهك الاجواء ، وعلى قوات اليونيفيل أن تستخدم مضاداتها الارضية لمنع هذه الطائرات من أن تتقدم إلى لبنان ، لكن ليس مطروحاً أن تأتي طائرات باسم اليونيفيل في الاجواء اللبنانية ، تحت عنوان منع اسرائيل من التحليق باتفاق معها على قاعدة أن تصوّر لاسرائيل أرض الميدان وتعطيها المعلومات ، هذا تجسس وهذا احتلال مقنّع ، ونحن كما رفضنا الاحتلال المباشر ، نرفض الاحتلال المقنع ، وعلى كلٍّ أن يعرف مهمته جيداً ، يجب أن تخرج اسرائيل من البر والبحر والجو إلى غير رجعة ، ولبنان وشعبه ومقاومته بالمرصاد إن شاء الله تعالى .
أما في موضوع الحوار ، حزب الله منفتح على الحوار ، دعا إليه واندفع إليه ، وقدم أفكاراً على طاولة الحوار من أجل اعطاء الحيوية الكافية ، وكلكم تذكرون يوم الحديث عن سلاح المقاومة ، وعن المقاومة ، أُعجب القوم بما قدّمه سماحة الأمين العام السيد حسن نصر الله في داخل جلسة الحوار ، حيث رأى جميع من على الطاولة ، أن هناك إيجابية كبرى في الحديث عن هذا الموضوع الحساس ، بمعنى آخر ، المقاومة التي هي بالنسبة إلينا مقدسة ، والسلاح الذي هو بالنسبة إلينا مقدس ، وقداسة المقاومة وقداسة السلاح من قداسة هذا الشعب وهذه الأرض ، وقداسة التحرير وقداسة الدفاع عن الوطن ، قبلنا أن يُناقش هذا المقدس ، وقبلنا أن تُطرح أفكار مختلفة تحت سقف حماية لبنان والاستراتيجية الدفاعية ، لم نقل ممنوع النقاش في السلاح ، ولم نقل ممنوع النقاش في المقاومة ، تعالوا واعطونا بديلاً ، واعطونا حلاًّ ملائماً ومناسباً ، ونحن حاضرون أن نقبل معكم .إذاًَ فتحنا أبواب الحوار ، وراجعوا كل مسارنا ، نحن لم نحاور أحداً واتفقنا معه إلا والتزمنا بما اتفقنا عليه ، ودعمنا حواراتنا بخطوات عملية ، وكنا واضحين أمام الشعب اللبناني .
نحن حاضرون لأي حوار ، لكن نريد حواراً غير مسبوق بشروط ، ونريد حواراً يتميّز فيه المتحاورون بالانفتاح والاستعداد لنقاش كل الطروحات من أجل المصلحة الوطنية ، لا أن يكون الحوار مجرد لقاءات ولا تبويس لحى ، نحن نريد أعمالاً ، نريد اتفاقات تُترجم على الارض ، نريد أمور يلمسها اللبنانيون أنها دفعتهم إلى الامام ، نريد اتفاقات سياسية بكل ما للكملة من معنى .
نحن دعونا إلى حكومة وحدة وطنية ، لماذا؟ واعتبروا أننا ارتكبنا جريمة نكراء ، متى كانت الوحدة منكرة والتفرقة مستحبة ؟ نحن دعونا إلى حكومة وحدة وطنية لأربعة اسباب :
أولاً لأن الوحدة أفضل من التفرقة ، ثانياً لأن هذه الحكومة جربت حظها لأكثر من سنة ولم تنجح في الاستحقاقات المختلفة ، لم تعطنا استقراراً سياسياً ولا أعطتنا انجازات اجتماعية واقتصادية فعالة ، ولا طمأنت المواطنين على الوضع الأمني ، وتلهّت بمجموعة من الشعارات ، إذاً هذه الحكومة لم تُنجز ما هو منها على المستوى الوطني العام ، ثالثاً لأن زلزال العدوان وآثار العدوان تتطلب قفزة نوعية لقوة لبنان ومصلحة لبنان واقتصاد لبنان ، رابعاً لأن عقلية الاستئثار وأخذ البلد لمصالح فئوية لا يمكن أن تنفع ، خاصة مع وجود قوى سياسية لها حضور شعبي أكثر من كثيرين ممن هم في داخل الحكومة ، وهؤلاء حقهم أن يكونوا حاضرين في كل قرارات البلد المصيرية ، يجب أن نبني لبنان معاً . لماذا أنتم خائفون من التغيير ، تعالوا نناقش معاً العقبات التي ترونها مزعجة بالنسبة إليكم لنذلّلها ، تعالوا نعالج هواجسكم التي تمنعكم من أن توافقوا على حكومة وحدة وطنية ، تعالوا نتفق على البرنامج من أجل انقاذ لبنان معاً ، لا تخافوا من التغيير ، هذه مصلحة لبنان ، وهذا المركب نركبه جميعاً ، فإما أن نغرق معاً وإما أن نفوز معاً ، نحن ندعوكم إلى الفوز والنجاة ولنستفيد من هذه الطاقات والامكانات الموجودة .
هنا أحذر من أن أمريكا تتربّص شراً بلبنان ، وهذا يعني أنها ستستمر في التآمر على لبنان ، تريده محمية اسرائيلية ، وتريد أن توطّن الفلسطينيين في لبنان ، وتريده بوابة للشرق الأوسط الجديد ، وتريده من أجل مشاريعها حتى ولو خرب لبنان ، لذلك علينا أن نختار، وهنا أقول لجماعة 14 شباط عليكم أن تختاروا بين أمرين : إما لبنان السيد الحر المستقل ، وإما لبنان تحت الوصاية الأمريكية الاجنبية ، عليكم أن تختاروا إما لبنان الوطن بجميع أبنائه ، وإما بوابة المصالح الفئوية والطائفية ، عليكم أن تخاروا إما لبنان الدولة القوية القادرة العادلة وإما لبنان المزرعة والقوى الأمنية المحسوبة والبعيدة عن العمل من أجل مصلحة الوطن ، نحن كحزب الله اخترنا لبنان السيد الحر المستقل بجميع أبنائه المسلمين والمسيحيين ، ولبنان الدولة القوية القادرة العادلة ونحن بانتظار أن تحسموا خياركم .