منذ يومين اغتالت إسرائيل أخوين من آل المجذوب من شباب الجهاد الإسلامي في فلسطين وفي منطقة صيدا، هذا الاغتيال هو اعتداءٌ حقيقي وخطير على لبنان وليس مجرد عبوة ناسفة وُضعت في سيارة، وعلى أثر هذا الاعتداء حصلت تطورات ، فأُطلق بعض الصواريخ التي لم نعرف مصدرها ومطلقها، لكننا لا نعتبر الأمر مهماً ولا نعلِّق عليه كقضية ذات خطورة أو ذات أهمية ، يجب أن ننظر إلى الخطر الذي أوجدته إسرائيل بعمليتها العدوانية، وكل ما حصل بعد ذلك من ردود فعل يدخل في الدائرة المشروعة الطبيعية كائنا من كان صاحبه والذي قام به، فبدل أن يتوجه البعض لإدانة الردود عليهم أن يتوجهوا لإدانة العدوان، وبدل أن يفتحوا قضايا سياسية لتصفية الحسابات عليهم أن يلتفتوا أننا أمام خطر إسرائيلي، إسرائيل تغتال وتقصف داخل لبنان، إسرائيل تتجول بطيرانها في الجو والبحر، إسرائيل قصفت قرى آمنة وأدى قصفها إلى شهداء وجرحى ، إسرائيل هددت وتحاول أن تفرض وجودها على ساحتنا، ألا يُعتبر ما فعلته إسرائيل خطراً يستحق أن نقف عنده وأن نوجه الأنظار إليه، وأن نتريث في قضايانا الأخرى بدل أن نربطها ربطاً غير موفق عند البعض يُشعر وكأنه يعطي إشارات لإسرائيل حول طريقة أدائها، انتبهوا نحن لا نشكك بكم ولكن لا تقوموا باللحظة الخاطئة ، ولا تتصرفوا في اللحظة التي يجب أن تتوجه فيها الأنظار إلى إسرائيل، علينا أن نقول جميعاً بأن إسرائيل معتدية يجب أن تُحاكم وأن تُدان وأن تتوجه الأنظار إليها بالكامل هذه هي الرؤية التي يجب أن تحكمنا وبعد ذلك نعالج كل التفاصيل الأخرى على مهل وفي جلساتنا وبالطرق الطبيعية التي لا تقدم خدمة لإسرائيل في اللحظة غير المناسبة.
إضافة إلى ذلك، لماذا اغتالت إسرائيل الشهيدين المجذوب واتبعت هذا الاغتيال بسلسلة من الاعتداءات؟ لأن إسرائيل ضجت من تأثير الحوار اللبناني وعدم إنجازه لمتطلبات القرار 1559 بحسب الفهم الإسرائيلي، ولأن إسرائيل لم تعد تثق بالكثير من الوعود التي مررت لها دوليا ًبطرق مختلفة أن السلاح في لبنان الى زوال سريع , وإذ بهم يرون أن الحزب باقٍ وأن السلاح موجود وأن القوة تزداد يوماً بعد يوم وأن الحالة الشعبية متماسكة فلم تعد إسرائيل تحتمل الانتظار الأطول، لذا أرادت أن توجه رسالة واضحة، تقول ما يلي: أيها اللبنانيون إمَّا أن نعتدي عليكم بالاغتيالات والقتل وإما أن تنفذوا القرار 1559 كما أعلن رئيس الكيان الإسرائيلي" كاتساف" عندما قال على الحكومة اللبنانية أن تسَّرع تنفيذ القرار 1559 وأن ترسل الجيش إلى الجنوب اللبناني، فالرسالة واضحة إما الاعتداءات الإسرائيلية وإما تطبيق القرار 1559، نحن نقول لإسرائيل: بعد رد المقاومة الذي كان واضحاً على الاعتداءات التي ارتكبها الصهاينة في لبنان، أصبح لديكم الجواب بأن الاعتداء سيواجه وأن الرد سيكون قاسياً وأن ما رأيتموه هو دفعة بسيطة على الحساب من أجل أن تفهموا رسالتنا في مقابل رسالتكم ، إذا كانت رسالتكم تهديداً فرسالتنا مقاومة، وإذا كانت رسالتكم عدواناً فرسالتنا تحرير، وإذا كانت رسالتكم بداية مخطط لضرب البنية أو القدرة اللبنانية والاعتداء على لبنان فاعلموا أن رسالتنا هي أن لا محرمات في مواجهتكم إذا وسعتم اعتداءكم وإذا ارتكبتم حماقة في لبنان. هذا في الشق الأول.
أما في الشق الثاني فالقرار 1559 لن يُنفذ في لبنان، أطمئنكم هذا القرار لا وجود له في قاموسنا، هو قرار إسرائيلي أمريكي وهو ليس لمصلحة لبنان ولا يوجد لبناني حاضر لتطبيق القرار 1559،وإذا وعدكم أحد بأنه بعد وقتٍ يمكن أن يُنفذ فاعلموا أنه وعد خاطئ .
أحد مكرمي جون بولتون الإسرائيلي الأمريكي، وهو نائبٌ في البرلمان اللبناني ومسؤول في حزب سياسي له عضو في الحكومة اللبنانية، قال منذ يومين(بالحرف الواحد) بأن إسرائيل ليس لديها أطماع في لبنان أو أي هدف استراتيجي في لبنان ، وقد هالني ما قرأت، وهنا أتساءل : هل لديك أيها النائب معلومات ! ومن ذكرها لك ! ومن قالها لك! ومن أين حصلت عليها! وبسبب أي علاقات توفرت لك هذه القناعة! ربما كانت قديمة، سننتظر حتى نسمع منك، أمَّا إذا كانت جديدة فإذاً نحن نرغب أن نفهم كيف وصلت إلى هذا الاستنتاج! وماذا تُفسر العدوان الإسرائيلي الأخير؟ وماذا تفسر تهديدات أولمرت بضرب لبنان؟ وماذا تفسر ما حصل من نتائج للعدوان من الشهداء والجرحى؟ وماذا تقول عن الطلعات الجوية الإسرائيلية؟ بل أسألك ما تفسيرك لـ 22 سنة من الاحتلال في لبنان وإسرائيل مصرة على البقاء ولم تخرج إلاَّ هاربة ؟ وماذا تقول عن بقاء 350 ألف لاجئ فلسطيني في لبنان بسبب إسرائيل؟ وماذا تقول عن استعدادات نووية إسرائيلية تصل إلى 400 رأس نووي تهدد به المنطقة والعالم لأنها تريد مشروعها، ثم تقول لنا : ليس عند إسرائيل أهداف استراتيجية في لبنان، ولا أطماع لديها في لبنان! إذا كان بعض المحاورين في مؤتمر الحوار يحملون كرؤساء رؤية من عندهم بهذه الصيغة، فلم يعد معنى للحوار إذا كان البعض يظن أنه لا يوجد عدو اسمه إسرائيل، وإذا كان البعض يعتقد بأن إسرائيل تستطيع أن تعطينا الأمان والاطمئنان وأن نعيش معها هادئين مستقرين وأن ليس لها أطماع لا فلسطين ولا في المنطقة، هذه الرؤية خطرة، فإسرائيل عدو ولا تحتاج إلى دليل، وأطماعها واضحة لا تحتاج إلى برهان، والمقاومة ستقف لها بالمرصاد ولن تتراجع، ومن كان عنده حلٌ آخر لمواجهة إسرائيل ليقدمه لنا، وإلى أن يقدم الحل سيبقى ما كان على ما كان ، ثم بعد ذلك إذا قدِّمت الحلول المقنعة فنحن حاضرون بكل توافق يجمع عليه اللبنانيون على طاولة الحوار ، ولسنا حاضرين لأن نبيع بالمجان أو أن نتخلى بناءً على وعود اجنبية كاذبة وحاقدة ومنحرفة، ولسنا مستعدين أيضاً أن نستبدل عنوان سيادتنا بعناوين تُدخل إسرائيل مجدداً إلى لبنان لتتحكم به بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر وهو أمرٌ مرفوض بالنسبة إلينا.
أعتقد أن المشكلة هي من أين نبدأ، فالبعض يقول بأن المشكلة أنه يجب أن تدير الدولة شؤونها، وهل نحن نعيق إدارة الدولة، ما الذي صنعته المقاومة في الداخل وأين أثرت؟ في الانتخابات النيابية كان الاختيار للشعب ولم يكن السلاح موجوداً، في الانتخابات البلدية كان الاختيار للناس بحسب التوازنات السياسية ولم يكن السلاح موجوداً، اختيار رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة مجلس النيابي وكل الوضع الإداري والتنفيذي لم يكن السلاح موجوداً، المكان الوحيد للسلاح هو في مواجهة إسرائيل، وهذا يحمي لبنان ويساعده ، على كل حال من يريد بناء الدولة ، فالبناء يبدأ بالإنصاف الداخلي قبل محاولة إيجاد مشكلة اسمها سلاح المقاومة لأنها ليست مشكلة، ومن يتحدث عن سلاح مع فئة ، نقول لا يوجد سلاح مع فئة في لبنان ، السلاح مع المقاومة والمقاومة ليست فئة ، كانت للبنان وستبقى للبنان ولن تكون لفئة دون أخرى في أي يوم من الأيام .
أيها الأخوة والأخوات ، ماذا أفعل إذا كان الله تعالى قد قرَّر أن يوفقنا بالانتصار أولاً، فهل مشكلتنا أن الله تعالى قد نصرنا! ماذا نفعل إذا كان كل من قيادتي أمل وحزب الله قد عقدوا تحالفاً عظيماً امتد إلى أطهر طفل في بلداننا، ليطل بعض المسيسّيين ويقول بأن الطائفة الشيعية يوجد فيها مشكلة، لماذا؟ لأنهم متفقون، إذا اختلفنا يقولون هذا عيب، وإذا اتفقنا فسوف نفوت المؤامرات على أصحاب المؤامرات وغصباً عنهم سنفوت المؤامرات وسندعم هذا التحالف بين أمل وحزب الله، قلنا بأن أيدينا مفتوحة وحاولنا أن نتفاهم مع الجميع وعقدنا التحالفات , ماذا نفعل إذا وفق الله قيادة التيار الوطني الحر مع قيادة حزب الله بالتفاهم الذي انعقد بينهما، فأوجد هذا التحالف وهذا اللقاء رصيداً شعبياً كبيراً ظهر للعيان ، حتى أننا علمنا أن بعض سفراء الدول الكبرى أحضروا بعض الذين يجتمعون بهم في كل يوم ووبخوهم بأنكم غشيتمونا وقلتم لنا بأنكم أكثرية تبين لنا أنكم أكثرية غير قادرة على التحرك الميداني ، فالأكثرية هناك عند المتفقين على مستقبل لبنان وكرامته.
أدعوهم أن يقتنعوا إلى أن الوحدة أفضل من التفرقة، وأن العلاقة السنية الشيعية مقدسة ومقدَّمة على أي فتنة يمكن أن يفكر بها أحد ، وأن علاقة اللبنانيين مسلمين ومسيحيين مع بعضهما البعض لن نفرط بها كرمى لعيون أحد، وأننا سنثبت لهم أن وجهتنا مواجهة العدو الإسرائيلي الذي كلما أسقطناه ارتفع لبنان إن شاء الله ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.