برعاية نائب أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم ، كرّمت جمعية التعليم الديني الاسلامي ومدارس المصطفى في لبنان ثلة من العاملين والمعلمين في التعليم الديني والمدارس ممن أمضوا عشرين عاماً في العطاء في مجال التربية والتعليم ، وقد بلغ عددهم لهذا العام الخمسين أخوة وأخوات .
وبعد آي من الذكر الحكيم تحدثت باسم المكرمين الأخت ياسمين رحال ثم أعقبها ترحيب من فرقة انشاد مدارس المصطفى بقصائد ومدائح ، وبعد ذلك ألقى مدير عام الجمعية الشيخ علي سنان كلمة هنأ فيها المكرمين على أعمالهم المباركة في تنشئة الجيل الصالح على مدى العشرين عاماً .
ثم كانت كلمة لراعي الحفل سماحة الشيخ نعيم قاسم جاء فيها :
... في لبنان نعيش حالة توتر سياسي لا زال مستمراً منذ سنة أو أكثر وهذا التوتر له مبرراته قبل سنة ، لكن لم يعد له مبرر في الأشهر الماضية إلا رغبة البعض في أن يستحوذ ويغلب ويسيطر، رغم عجزه وعدم إمكاناته لهذه السيطرة ، يجب أن يقرّ هذا البعض أنه في لبنان جزء من جماعة ، والجماعة الباقية أكثر اتساعاً ، وبالتالي لا يستطيعون فعل ما يريدون بكثرة الصراخ وكثرة التحرك ، واستجداء الوصاية الأمريكية وقرارات مجلس الأمن ، فلو جمعوا كل الضغوطات من الدنيا على بلدنا من أجل أن يسيطروا بعنوان أجنبي ، فلن يستطيعوا لأن شعبنا في لبنان بلغ درجة من الوعي لم يعد يقبل معها وصاية أجنبية مهما كان عنوانها ، وإذا كان العنوان أمريكياً فهو بلاء أكبر ومصيبة أكبر ، فإذا ظن البعض أنهم يروِّجون لأمريكا كقوة كبرى وهذا يسهِّل عليهم ، نقول لهم أن أمريكا تعيق حركتكم في لبنان لأنها تعمل لمصلحتها وتستخدم من يسير معها أدوات لها ، ولا يمكن لأحد أن يكون بجانب أمريكا وينتصر ، ها هو خزيهم في العراق ، وها هو خزيهم في فلسطين ، وها هي انتكاساتهم في داخل أمريكا ، وها هي شعبية بوش تتراجع إلى أقل من الثلث ، وستتراجع أكثر فأكثر . إذاً ننصح أولئك اللاهثين وراء الوصاية الأمريكية أن توقفوا قليلاً رحمة بأبنائكم وعشيرتكم وطوائفكم لأن أمريكا لم تعد المسار الصالح الذي يساعد على مسيرتنا في لبنان .
كفانا ترويجاً لأمريكا وقدرتها ، كفانا حديثاً عن القرارات الدولية وضرورة الالتزام بها ، أنا أتعجب من أولئك الذين يخرجون الى وسائل الاعلام ويبررون مواقفهم بأنهم لا يستطيعون معارضة القرارات الدولية، وهم إنما يستجدون هذه القرارات لأنها تغلِّبهم على الآخرين في داخل البلد ، لكن اعلموا أن القرارات الدولية التي صدرت لغير مصلحة لبنان ، لا محلَّ لها في لبنان مهما فعلوا ومهما روّجوا ، وأن القرار 1559 لا محلّ له عندنا ، وهو قرار اسرائيلي ساقط فاشل فاشيٌّ يشكل اعتداءً حقيقياً على لبنان ، لن نقبل به لا اليوم ولا غداً ، سواء تعنون بعنوان مجلس الأمن أو تعنون بعنوان اتفاق الطائف ، أو تعنون بأي عنوان ، لن نقبل به لا مباشرة ولا مواربة ، نحن في لبنان نتعامل مع بعضنا كلبنانيين ، نجلس على طاولة الحوار ، ونستمر كي نتفاهم من دون أن يتدخل بيننا أحد ، وما نتوصل إليه يكون في لبنان ، وما لا نتوصل إليه يصبر بعضنا على البعض الآخر حتى يقنعه ، وعلى هذا الأساس نؤيد الحوار واستمراريته حتى لو فشل في بعض مضامينه ، ونجح في مضامين أخرى لأنه الحلّ المنطقي في مواجهة الصراخ والشتائم وإثارة القلاقل ، وكذلك تلك الاتهامات التي ما أنزل الله بها من رسم ولا كلام سليم ، وهذا هو الذي يريح الجميع ويحقق انجازات وخطوات .
اليوم هو يوم فصل في رئاسة الجمهورية ، ويوم الفصل الأخير في تلك التوترات التي صاحبت الأشهر الأخيرة ، أعتقد أن علينا جميعاً أن نقفل هذا الملف ، وأن نتعاطى مع الواقع الدستوري والقانوني الموجود في لبنان لننتقل إلى خطوات بناء واعمار لبنان . راهن البعض على الاثارة والضوضاء ، وعلى تأييد أمريكا وأوروبا ومجلس الأمن ، وعلى إثارة العناوين المختلفة ، لكن وصل الأمر إلى الطريق المسدود ، أتمنى أن نتعلم من تجربة إثارة موضوع رئاسة الجمهورية خلال الفترة الماضية ، حتى لا نجد موضوعاً آخر خلال الأشهر القادمة لنُلهيَ الناس به ، ونعقد حياتهم السياسية ، بدل أن نفكر في إطعامهم الخبز وحلّ مشاكلهم الاجتماعية والاقتصادية . لتتأكد هذه الحكومة أنها محاسبة ومسؤولة أمام الله وأمام الناس فيما أنجزت ، ولتعلم أن كل هذه الحركة السياسية لن تؤثر على سؤال مركزي سيسأله الناس ، ماذا فعلت هذه الحكومة في المسألة الاجتماعية والاقتصادية ومسألة الديون ، وفي واقعنا المستقبلي ؟ دعونا لا نطعم الناس سياسة ، فالسياسة لا تطعم ، بل رأينا في الفترة الأخيرة أن عدد العاطلين عن العمل ازدادوا بسبب السياسة ، وعدد الفاشلين في السياسة أُضيفوا إلى العاطلين عن العمل من دون أن تتوقف رواتبهم .
نحن في لبنان بحاجة إلى استقرار سياسي ، والكل يقول هذا ! إذاً من الذي يثير القلق في بلدنا ؟ ويثير الصراخ والعويل بأشكال مختلفة حتى يعطل حياة الناس ، ألا تلتفتون أن مشروع بيروت واحد لا قابلية له للحياة مع استمرار التوتر السياسي الذي يصنعه البعض ، ألا يلتفتون أن المستثمرين العرب والأجانب سيهربون من لبنان عندما يسمعون لغة الشتائم التي توتر وتقلق وتثير القضايا في لبنان ، ثم في اليوم الثاني يجلس الجميع على طاولة واحدة وكأن شيئاً لم يكن . يجب أن نلتفت إلى خطر هذه المنهجية وهذه الطريقة التي يعتمدها البعض ، نحن بحاجة لأن نكون طبيعيين وأن يعرف كل فريق في لبنان حجمه الفعلي ، لبنان ليس لطائفة دون أخرى ، وليس لجماعة دون أخرى ، وليس لأكثرية دون أخرى ، لبنان لنا جميعاً ويجب أن نعمل سوياً ، ومن أراد إقصاء البعض، جرّب ووجد أن هذا الاقصاء سيؤدي لأن يقصى هو عملياً ، لأن واقع لبنان يتطلب تعاوناً وتوافقاً ، وعلينا أن نقرّ بقوة وقدرة الجميع أن يساهموا ببناء لبنان ، ولا يمكن أن نهمل أحداً أو جهة مهما كانت صغيرة، ومهما كانت متواضعة ، فكيف إذا كان هناك مدٌّ شعبي كبير يريد الاستقرار ويريد أن يكون هناك منهج متكامل للمستقبل .
سمعتم من البعض افتخاراً سجّله عبر وسائل الاعلام ، أنه استطاع أن يُخرج المقاومة من قداستها وأن يضعها في محلّ النقاش ، وهو مزهوٌّ بهذا الانجاز العظيم ، ولكن أقول له ولمن يوجّهه ولمن يطبِّل لهم في الجانب الآخر ، المقاومة مقدسة وعالية وقوية وجاهزة ، لا يمكن لبعض الصراخ وبعض الاتهامات أن يُسقط من مكانتها ، فمن روى الأرض بالدماء لا يمكن أن تقتلعه من الأرض بعض التصريحات والمواقف ، صحيح أننا إيجابيون في نقاش سلاح المقاومة من ضمن منظومة الدفاع ، لكن هذا النقاش لا يغيّر من القداسة شيء ، النقاش يوصل إلى آليات عمل، أما الحاضر والتاريخ والمستقبل فيُسجّل للمقاومة فخرها وعزّها ومكانتها .
ليعلم القاصي والداني ، أننا سنكون متمسّكين بلبنان السيد الحر المستقل ، وسنكون متمسّكين بقوة المقاومة لمنع اسرائيل من الاعتداء ، ومن أراد قوة غير قوة المقاومة ، ليدلّنا عليها كي نستعين بها ، فربما أضفناها إلى قوة المقاومة ، وربما وجدنا حلاً معيّناً يناسب الجميع ، وإلى أن نجد الحلّ ، لا تفريط بالقوة حتى لا تسرّ إسرائيل. قوة لبنان بمقاومته ، نريد لبنان خارج الوصاية الأمريكية وخارج الضغط الاسرائيلي ، ومن عنده حلول فليقدمها ، وإلا لا نقبل أن تُلقى الأفكار جزافاً ثم لا تكون في مصلحة لبنان .
نحن متمسكون بحقنا في لبنان ، وكي لا نضيّع البوصلة كثيراً ، قلناها مراراً وأقولها اليوم ، تمسّكنا بالمقاومة نابع من أمرين ، الأول تحرير مزارع شبعا وملحقاتها ، يعني تلال كفرشوبا والأسرى والمعتقلين والألغام ومنع خروقات الطيران ، وكل هذه الملحقات التي نسمّيها مزارع شبعا ، والأمر الثاني نريد حماية لبنان بعد تحرير مزارع شبعا بأن يكون قوياً في مواجهة التهديدات والأخطار ، وهذا لا يتمّ بوعود أمريكية أو أوروبية أو من مجلس الأمن ، هؤلاء لا عهد لهم ، ولا نثق بهم وبوعودهم ، وجربناهم في أماكن كثيرة ، كانوا دائماً إلى جانب اسرائيل، فهم لم يستطيعوا أن يحموا سجناً في اريحا وأن يلتزموا به وهو يضم بضعة عناصر، فكيف يحموا وطناً من هذا الاجتياح الاسرائيلي المعتدي من كل حدب وصوب .