الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام في احتفال بذكرى أربعين الامام الحسين (ع) في 23/3/200

أسأل أولئك الذين يصعدون في إثارتهم للبلبلة هل يعلمون ما الذي يمكن أن يصيب لبنان إذا أوصلوه إلى الفوضى من جديد؟

(...)، يجب أن نعلم أننا في لبنان نواجه أزمة حقيقية، ووجه من وجوه أزمتنا يتمثل بالتدخل الأمريكي الدائم في شؤونا ، وأنتم تسمعون بوش في كل يومين أو ثلاثة يتحدث عن لبنان أكثر مما يتحدث عن أي ولاية أمريكية، وهم يحاولون أن يفرضوا علينا أجندتهم الأمريكية سواء بالحديث عن الرئاسة ،أو الحديث عن تطبيق القرار 1559، أو طريقة الإصلاح، أو طبيعة الاقتصاد، أو نزع سلاح المقاومة، أو التدخل في الشؤون الفلسطينية، هذا التدخل الأمريكي سبَّب لنا الويلات لسنة أو أكثر منذ اغتيال الرئيس الشهيد الحريري حتى الآن، ولا زال هذا المشروع الأمريكي يحاول أن يفرض وصايته بأساليب مختلفة، وترون كيف أن السفير الأمريكي يجول ويصول ويحاول أن يعطي التعليمات، وللأسف البعض يسمع لتعليمات السفير الأمريكي، ويسير وفق مطالبه، وللأسف البعض يردد المقولات الأمريكية حرفاً حرفاً لا يزيد ولا ينقص عنها كلمة واحدة هذا خطأ كبير ليس لنا مصلحة في لبنان أن ندخل أمريكا إلينا، أو أن يصبح البعض معبراً لسياساتها التي تريد تطبيقها ولو قرن هذه السياسات بالمتطلبات الدولية. ليكن معلوماً لن نسمح للوصاية الأمريكية أن تؤثر على لبنان لا بشكل مباشر ولا من خلال الأدوات بشكل غير مباشر، سنعمل ليكون لبنان مستقلاً حراً مرفوع الرأس سيداً ، فالسيادة في لبنان تحرير للأرض وليست نغمة على المنابر، والحرية هي حرية القرار بمعزل عن تأثيرات أمريكا وبريطانيا ومن معهما.

أستغرب كيف يخرج رئيس الوزراء البريطاني ويقول بأنه يعمل ضد إرهاب حزب الله في لبنان، من يرهب حزب الله في لبنان؟ يرهب أعداء الله تعالى والمعتدين الإسرائيليين ، ويرهب أصحاب الأطماع في أرضه، حزب الله مقاومة شريفة تشرف لبنان والعرب، والأحرار في العالم، ولن يستطيع شخص مثل بلير أن يسيء إلينا أو أن يسبِّب إهانة لنا، طالما أن شعبنا يعلم أن حزبنا هو حزب المقاومة والشرف والمنعة والكرامة، فإنَّ صفة الإرهاب التي يعطيها بلير أو غير بلير لن تقدم ولن تؤخر، نحن نعلم بأنهم منحازون إلى إسرائيل ومتواطئون مع المجرمين الذين يقتلون الأطفال والنساء أمام مرأى العالم ، هؤلاء لا يعرفون حقوق لإنسان ولا يعرفون كرامة لإنسان، ولذا سنتابع مسيرتنا من دون خوف أو وجل.

أمَّا السيد لارسن الذي قدِم إلى لبنان وهو يريد أن يطبق القرار 1559، ويعطينا محاضرات عن الإذاعة الإسرائيلية تارة ومن أماكن زياراته العالمية تارة أخرى حول حدود مزارع شبعا وحدود لبنان، نحن لا نحتاج إلى هذه المحاضرات الخاطئة التي يلقيها لارسن هنا وهناك, هو الذي قال في يوم من الأيام أنه رسم خطاً أزرق، وهذا الخط الأزرق ليس حدوداً للبنان، حدود لبنان تزيد عن الخط الأزرق بثلاث نقاط إضافة إلى مزارع شبعا اللبنانية أعجبهم ذلك أم لم يعجبهم، لن نثبت نحن مزارع شبعا، على الذي يدَّعيها في العالم أن يثبتها هو وأن يأتي ليأخذها إن كان يستطيع أن يمد اليد إليها، سندافع عن مزارع شبعا بحدودها التي نعرفها وهي حدودنا ولا علاقة للأمم المتحدة لتتدخل بيننا وبين سوريا . إذا كانت المشكلة بيننا وبين سوريا ففي كل الأحوال إسرائيل محتلة وعلى المحتل أن يخرج من الأرض، وليس له أن يفكر في كيفية تسوية شؤوننا بين بعضنا البعض، على هذا الأساس نحن سنتابع ونقول للارسن إنك تضيِّع وقتك ، فأنت تمارس ضغطاً على لبنان لتضيِّع حقه في مزارع شبعا، لكن نحن لن نقبل كمقاومة أن يضيع الحق، وأيضاً أنت تعمل من أجل القرار 1559 الذي هو لمصلحة إسرائيل بالكامل تريد أن تريحها من المقاومة ومن الدفاع عن الأرض ونحن لا نقبل أن تسقط هذه المقاومة الشريفة ، سنبقى ندافع عن أرضنا وسنبقى نمنع الإسرائيلي من أن يحتلها أو أن يتوسع في أراضينا، وهنا أسأل لماذا اهتم مجلس الأمن ووضع لنا حارساً للقرار 1559 اسمه لارسن، ولم يضع حارساً للقرار 425 الذي بقي 22 سنة ولم يُنفذ وحتى الآن لم يُنفذ لأن مزارع شبعا لم تتحرر بعد ومع ذلك لم نسمع أحداً يطالب بالقرار 425، لم يضعوا حارساً لإعادة الفلسطينيين إلى أرضهم وفق القرار 191، لم نسمع أن لارسن عُين من أجل مراقبة الأسلحة النووية الموجودة في إسرائيل والتي تشكل خطراً على المنطقة بأسرها، لم نسمع عن حارس يراقب أسلحة الدمار الشامل والخروقات الإسرائيلية اليومية في الاعتداء على الأطفال والشيوخ والنساء، أين مجلس الأمن الذي يدَّعي العدالة؟ كان من المفترض أن يعين في مواجهة إسرائيل من يضع حداً لاعتداءاتها وسلطتها وإجرامها وخطرها على البشرية، إسرائيل تشكل خطراً بسبب عدوانها المتكرر الذي لا يتوقف ، أي ديمقراطية هذه التي يدَّعونها وأي كرامة على المستوى الدولي يتحدثون عنها.

ثم نسمع في بلدنا كلمات وكلمات تتحدث عن تنفيذ القرار 1559، والبعض يلطفها، نريد أن يتحاور اللبنانيون لينفذوا القرار 1559 بشكل غير مباشر، كنت أتمنى على البعض أن يذكر الاعتداءات والخطر الإسرائيلي ولو مرة في الأسبوع بدل أن يذكروا دائماً متطلبات أمريكا وإسرائيل من القرار 1559 خمس أو ست مرات في كل يوم، كنت أتمنى أن يلفتوا نظر اللبنانيين الى الخطر من العدوان الإسرائيلي بدل أن يثيروا قضية المقاومة وكأنها ذنب أو مشكلة يجب أن نتخلص منها بينما هي الشرف والكرامة ولولاها لما كان أحد منهم في لبنان يتكلم أو يتجرأ أو يقف أو يواجه المشاريع المختلفة أو يجد حرية في لبنان، كل ذلك كان ببركة المقاومة.

نحن دعونا إلى الحوار منذ زمن بعيد، وانعقد الحوار وبادرنا إليه سريعاً من دون وضع أي شرط ومن دون تردد، لم نتحدث عن نقاط الحوار، ولا عن شكل متابعة الحوار، قلنا نعم من اللحظة الأولى لأننا أهل الحوار ونؤمن به، وبعد أن شاركنا بكل فعالية قلنا بأننا سنلتزم بمضمون الحوار وبنتائجه بالكامل، فإذا خرج الحوار بمواقف سنتبناها لأنها نتيجة لاتفاق اللبنانيين ولن ننقلب عليها كمناورة لاستدراج عروض إضافية، سنبقى عند كلمتنا إذا قلنا نعم في داخل الحوار وتم التصريح فيما تمَّ الاتفاق عليه فهذا يعني أننا اتفقنا ، والمؤمنون عند عهودهم ونحن عند عهودنا ، لن نتخلى عن أي اتفاق وسندافع عنه إلى نهاية المطاف. وليس كما يقول البعض بأن الحوار جيد إذا وافق مصالحهم وسيء إذا لم يوافق ما لا يرغبه ويريده، هناك ممثلون للشعب اللبناني إذا لم يتفقوا على شيء يعني أن مصلحة لبنان في غير ما تقوله أنت كائنا من كنت ، وبالتالي ، نحن نعتبر أن هذا الحوار ضرورة يجب أن يستمر وأن يبدي الكل وجهة نظرهم كما يريدون في داخل الحوار، ويمكن أن يُضاف نقاط على جدول الأعمال إذا رغب المجتمعون ويمكن أن لا يضاف، كفانا محاولة لتحطيم الحوار من الخارج وبما نحيطه من علامات استفهام ومن سهام نلقيه عليه، فالحوار يعني أن يتحاور المختلفون، فإذاً لندخل إليه بكل جرأة ولنكن واضحين مع بعضنا البعض بأن علينا أن نتقبل في أن ننجح في بعض الخطوات وأن لا ننجح في البعض الآخر, هذه أمور طبيعية في الحوار، من لا ينجح في الحوار وعنده مخططات أخرى يستطيع أن يلجأ للمؤسسات الدستورية من أجل أن يمرر دستورياً ما يستطيع، ومن لم ينجح في المؤسسات الدستورية يستطيع أن يتحرك شعبياً بطريقة سلمية وأن يعبر عن اعتراضه بلياقة وأخلاق لا بشتائم وفوضى وإثارة للمشاعر الطائفية والمذهبية، إذاً هناك فرص متعددة ليعبر كل الناس بالوسائل المعقولة. وإلاَّ انتبهوا فلبنان لا يتحمل فوضى من جديد، وأنا هنا أسأل أولئك الذين يصعدون في إثارتهم للبلبلة وفي تهديدهم بالفوضى: هل يعلمون ما الذي يمكن أن يصيب لبنان إذا أوصلوه إلى الفوضى من جديد؟ وهل يعلمون أنهم بذلك يخدمون مشاريع الآخرين على أرضنا ؟ ألا يتلفت هؤلاء إلى الأوضاع الاقتصادية التي تتردى وإلى الأوضاع الاجتماعية التي تتأثر بمثل هذه التصريحات العنترية التي لا معنى لها؟ هل ينتبهون إلى أن لبنان ليس موقفاً فقط إنما لبنان أيضاً حاجة ومتطلبات للناس، اتركوا الحكومة لتقوم بواجبها ودورها من أجل أن تنقذ المعذبين والفقراء وأن تلتفت إلى المشاريع المختلفة، اعلموا أن كثرة الكلام السياسي لا يعفي الحكومة من مسؤولية شؤون الناس وسيحملها الناس مسؤولية التردي والتدهور إذا حصل لأنهم في سدة المسؤولية، ولا يستطيع أحد أن ينتصل من مسؤوليته خلال الفترة التي يقود فيها، فلنعمل إذاً على أن نتابع قضايانا وفي آنٍ معاً نتابع حوارنا لنصل إلى ما يمكن من اتفاق من دون أن نعيق مسيرة الدولة ومن دون أن نعطل على بعضنا البعض تحت عنوان أو عناوين مختلفة، اعلموا أن الأغلبية الساحقة من الشعب اللبناني تريد وطناً مستقلاً وحراً وأبياً وخالياً من التأثير الاستعماري الأمريكي ومقاوماً شريفاً يتحدى إسرائيل ويمنعها من أن تأخذ مياهه وأرضه، هذه هي مطالب الأغلبية من الشعب اللبناني ولا يمكننا أن نُغفل هذه المطالب.