ومما جاء فيها:
اليوم لبنان قوي بثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة، وهو قلعة صامدة أمام توترات المنطقة، ولولا هذه المعادلة الثلاثية لعاش لبنان في الفوضى وكان مسرحاً للآخرين، وتبين أن أصحاب الرهانات الفاشلة أضروا بأتباعهم قبل أن يضروا بلبنان، لأنهم أخذوهم إلى مسارات تخدم إسرائيل. فليكونوا واضحين وجريئين، وليقولوا ماذا يريدون، هم يقولون بأنهم لا يقبلون بالسلاح، عبِّروا بصراحة أكثر، قولوا أنكم لا تريدون مقاومة إسرائيل، لأن هذا السلاح لمقاومة إسرائيل، ومن لا يريد مقاومة إسرائيل يعني أنه يقبل باحتلالها، ويتواطأ معها، ويعمل ضمن مشروعها وهو جزء لا يتجزأ من مسارها، ولا تكفي بعض البيانات بين حينٍ وآخر في ذكرى سنوية لمرة واحدة أنهم يعتبرون إسرائيل عدوا، من كان يعتبر إسرائيل عدواً فليحمل سلاحاً بوجه إسرائيل، أو فليدعم السلاح الذي يقاتل إسرائيل لإثبات وجهة نظره في الميدان.
سيادة النأي بالنفس التي تم اعتمادها في الحكومة اللبنانية من الأزمة السورية، كانت محل سخرية عند الكثيرين من الطرف الآخر، وبعضهم غيَّر بعد فترة من الزمن، فأصبح يتحدث عن سيادة النأي بالنفس ويدافع عنها، الذي له قيمة هو من يستبق الأحداث فيتخذ الموقف الصحيح قبل فوات الأوان، لا أن يلحق بعد ذلك بالتطورات، إنما يكون صاحب مبدأ، من البداية قلنا أننا لا نريد لبنان جزءاً من الأزمة السورية، وقال البعض أنهم يريدون لبنان جزءاً من الأزمة السورية، اعتقاداً منهم أنهم بذلك يلبون المطالب الأجنبية في زج لبنان في الأزمة السورية خدمة لمصلحتهم ومصلحة إسرائيل، واعتقاداً منهم أن الظروف عندما تتغير في سوريا ستتغير في لبنان، فليطمئنوا - ولن يطمئنوا - لن تتغير ظروف لبنان لمصلحتهم متأثرة بما يجري في المنطقة سلباً كان الأمر أم إيجاباً، لأن الواقع في لبنان له خصوصية مؤثرة وثابتة وقوية وعميقة، وبالتالي حزب الله اليوم لا يعتمد على التطورات الإقليمية في قوته وقراره ومواقفه، وإنما يعتمد على إيمانه وشعبه، ومن كان يعتمد على الإيمان والشعب لا يمكن أن يخسر مهما كانت التطورات والظروف.
يوجد تعميم سياسي استمعنا عليه يقول بضرورة زج اسم حزب الله في كل أمرٍ يحصل وفي كل حدثٍ يحدث، ومن المفروض أن لا يخلو بيان أو تصريح من اسم حزب الله، قال بعضهم لأحد إخواننا وهو نقل لنا هذا الأمر: يجب أن تعذورنا نحن مضطرون أن نرفع السقف ضد حزب الله لنستميل الناس حتى لا يستميلهم غيرنا، ولكن هذا تصور خاطئ فلا أنتم ستستميلون الناس ولا الآخرون سينجحون بطريقة الاستمالة، ومن استمال الناس على العصبية سيجد في وقت من الأوقات أنهم عليه وضده قبل أن يكونوا ضد غيره.
نحن بكل صراحة ليس لنا علاقة بالأحداث التي تجري بين المناطق وهنا وهناك في لبنان، بل في بعض الحالات كانت لنا مواقف واضحة، مثال على ذلك: نحن أول من طالب بالإسراع بمحاكمة الموقوفين من الإسلاميين في سجن رومية، وأول من طالب بالعفو عمن كان يخطط لعملية اغتيال لسماحة السيد حسن نصر الله(حفظه الله) وسماحة السيد بنفسه أعلن ذلك وأرسل: أني لا أريد أن يحاسب أحد على ذلك منذ عدة سنوات، مع ذلك نرى من يحاول أن يلصق بنا تأخير المحاكمات، أو التدخل في هذا الأمر، أحدهم قال أنه يوجد تواطؤ بين أمريكا وحزب الله على الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، لا أعرف إنْ كانت هذه مسرحية هزلية أو ما شابه ذلك.
كذلك هناك أحداث تجري في المناطق وفي الأحياء وفي بعض الأماكن، آخرها ما حصل من اعتداء على الوزير فيصل كرامي، لكن كل هذه الأحداث مرتكبوها معروفون بالأسماء وبالتفاصيل وبالأحداث، وكل الناس تعرف ذلك، إذاً لماذا إلصاق التهم؟ هي محاولة جعل موقع حزب الله متدنٍّ، ولكنهم واهمون، أنصار حزب الله لم يناصروه من أجل العصبية، ولا من أجل المال، ولا من أجل الموقع، بل ناصروه لأنه يحمل الحق، وهم يبذلون أرواحهم وأنفسهم قربة إلى الله تعالى لرفع راية الحق واستعادة الأرض والكرامة، وهم لا يحتاجون إلى هذه الألاعيب التي تقومون بها. مفتعلو الحوادث والموتورون مكشفون بسلوكهم ولا تغطيهم البيانات الكاذبة، والشتائم والأكاذيب لا ترفع مكانة التيار، ولا تحسن مكانة الجماعة، ولا تزيد أنصار المجموعات المسلحة، ولا تؤدي إلى مقبولية المطرودين، فليعتبر أن الناس لها عقل وترى الحقائق وتطمئن بما تراه أمامها.
نحن نرغب أن تحصل الانتخابات النيابية في موعدها، والانتخابات هي في الواقع إعادة لإنتاج السلطة ومحاسبة السلطة السابقة من خلال الاختيار بناءً على تقييم الناس بمن عمل ولمن لم يعمل، ولكن قانون الانتخابات يؤثر في المسار، قانون الستين محدلة إلغائية لنصف الناخبين اللبنانيين، وإقصائية لصحة وتعددية التمثيل داخل الطوائف، نحن أعلنا مواقفنا على مشروع الحكومة لأن أي نسبة هي خطوة على طريق التمثيل الوطني الصحيح، والأرقى من مشروع الحكومة أن يكون لبنان دائرة إنتخابية واحدة على قاعدة النسبية، وقبلنا بالمشروع الأرثوذكسي لأن فيه نسبية من ناحية ولأنه يطمئن المسيحيين الذي يشعرون بالغبن من ناحية أخرى. إذا فهمنا معنى القانون العادل سنتفق بسرعة، أما قانون كسب المقاعد فسيعمِّق الخلاف، وقانون المحافظة على المكاسب هيمنة وإلغاء للآخرين، ونحن واضحون: قدموا أمام الرأي العام معاييركم لقانون انتخاب يمكن أن يكون عادلا حتى نقبل به، ونحن نقدم أدلة، ولكن ما المشكلة إذا كان القانون العادل يخدمنا، فهل هذه مشكلة، هل تدعون وتضعون عناوين برفض القانون العادل تحت حساب الهيمنة والسيطرة، انتهينا من هذه المرحلة التعيسة التي تعصف بلبنان، وعلينا أن نفتش عن العدالة في طريقة الأداء.