لا ينحصر الجهاد بجانب دون آخر فكل حياتنا في سبيل الخير والحق والاسقامة جهاد , والامام الحسين جاهد من أجل صلاح الانسان .
المقاومة نجحت بجهادها ، جهادها بكافة أنواعه ، جهادها من أجل تركيز الإيمان ، جهادها من أجل الدعوة إلى الله تعالى ، جهادها عندما صبرت على المعاناة ، جهادها عندما حملت البندقية وقاتلت أعداء الله ، جهادها عندما دخلت في العمل السياسي من أجل خدمة الناس ، جهادها عندما دخلت الندوة البرلمانية والحكومة ، هذه كلها مواقع جهاد ، لا يختلف موقع عن موقع آخر إلا باستنسابه في اللحظة المناسبة من أجل إعلاء كلمة الحق. هذا كلّه جهاد ، لذلك نحن في حالة جهاد ، لا تعتبروا أن الأمور معقّدة لدرجة أننا لا نعرف ماذا نفعل ، كلا نحن نعلم ماذا نفعل ، يمكن أن يكون غيرنا لا يعرف ماذا يفعل ، فهو يتوتّر ، ويرتكب أعمالاً لن تنفع البلد ، لا اليوم ولا غداً ، نحن نتصرّف بكل حكمة ، نتصرّف على أساس أن الساحة السياسية تحتاج إلى استقرار سياسي ، وتحتاج إلى أن يتعاون جميع الأفرقاء مع بعضهم البعض للنهضة بالواقع اللبناني ، اجتماعياً واقتصادياً وسياسياً وأمنياً ، من أجل أن نحلَّ مشاكلنا وننتقل من مرحلة إلى أخرى .
لقد اعتبرنا أن ما حصل في لبنان بعد اغتيال الرئيس الشهيد الحريري من انتخابات نيابية أولاً ، ومن تشكيل حكومة على اساس الانتخابات النيابية ، أننا أمام بارقة أمل لبناء لبنان الجديد في مرحلة جديدة وحساسة ، لنرتقي بهذا البناء معاً لما فيه مصلحة الجميع ، ولكن للأسف ، وجدنا من يعبث بالانجازات المحتملة ، ووجدنا من لا يلتفت إلى أولوية أن نكون موحّدين ويداً واحدة ، ووجدنا أن الساحة تعيش ارباكات كثيرة بسبب بعض الانفعالات وبعض التصريحات وبعض المواجهات الاعلامية التي لا تنفع ولا تؤدي بالبلد إلى خيره وإلى صلاحه ، دعَونا إلى مشاركة حقيقية من أجل النهضة بالبلد ، وقلنا بأن كل إمكاناتنا لمصلحة أن نغيِّر الواقع باتجاه لبنان المستقل الذي يستطيع أن يصمُد وأن يقف وأن يعالج مشاكله المختلفة ، لأول مرة ندخل إلى الحكومة مخترقين كل الموانع السابقة ، لأننا شعرنا أن هذا الدخول إلى الحكومة يساعد في نهضة البلد ، لكن للأسف هناك متابعة تحتاج إلى إعادة نظر ، وهناك طريقة تحتاج إلى تصحيح وإلى تصويب ، لم تفُتِ الفرصة بعد ، أعتقد أن المجال مفتوح للحوار الهادئ ، والاتفاق على الاخراج المناسب ، وما هو مطلوب لإعادة المياه إلى مجاريها على المستوى الحكومي ليس كبيراً وليس معقّداً إنما يتطلب جرأة . يدنا ممدودة ونحن حاضرون أن نكون في الصفّ الأمامي مع كل الذين يريدون النهضة بهذا البلد ، وحاضرون أن ندفع أكلاف هذه الوحدة ، وهذه العلاقة الايجابية وهذا الحوار البنّاء ، وهذه النهضة بهذا البلد ، لن نقبل ، لا اليوم ولا غداً أن نستأثر بشيء كما لن نقبل أن يستأثر الآخرون ، لن نقبل أن نُلغي أدوار اخواننا وشركائنا في الوطن ، كما لا نقبل أن يُلغي أحد دورنا وشراكتنا ، نعتبر أن المسؤولية إذا ما طالت الامور أكثر مما هي عليه اليوم، هي مسؤولية الطرف الذي لا يستجيب للأفكار المختلفة ، والذي لا يعطي المواقف النهائية تجاه الحلول التي قُدِّمت لمعالجة الأزمة ، وبالتالي المسألة ليست عندنا وإنما هي برسم الذين يتحمّلون هذه المسؤولية ، وعليهم أن يلتفتوا إلى أن استقرار لبنان ، وسلامة استقلاله ومستقبله ، إنما نبنيها معاً ونحن حاضرون لذلك ، ولكن اليد الواحدة لا تصفّق ، وهي تحتاج إلى مصافحة مع اليد الأخرى ، لا نمانع بأية مصافحة في هذا المجال لمصلحة البلد ، يبقى أن يفكِّر الآخرون بما يُحيط بنا وبظروفنا وبشبكات المخابرات التي تحاول أن تعيث فساداً في بلدنا ، وبالاعمال التي تُخطَّط للبنان من قبل الدوائر الاستكبارية ليكون لبنان معبراً لطموحاتهم ومصالحهم ، حذار أن نخسر هذه الفرصة الايجابية لنبني لبنان معاً ، ولذا قلنا بأننا نؤيّد أيّ مبادرة عربية كريمة لاصلاح الحال بين لبنان وأشقائه ، للوصول بلبنان إلى حالة من عدم التوتر ، وبناء القواعد السليمة للاتفاق بشكل مباشر ، رحبنا بالمساعي السعودية وبالمساعي المصرية ونرحب بمساعي جامعة الدول العربية ، لأنها عبارة عن أفكار ومحاولات لفتح ثغرة في هذا الواقع الذي أصبح مسدوداً بفعل البعض ، ولذا أي محاولة تؤدي إلى فتح ثغرة للعلاج نحن معها ،على أن يكون العلاج بطبيعة الحال مما يُرضي لبنان كما يُرضي من نتّفق معه ، وهذا أمر عادي وطبيعي ، لا حاجة لأن يوضع كشرط بالأصل ، أي اتفاق بين طرفين وبينهما وسيط ، يتطلب أن يوافق الطرفان على الوساطة ، لكن أن تُرفض بالأصل ،وأن تُوضع أمامها عراقيل وأن تؤوّل بتأويلات مختلفة ، فهذا يعني أننا نرفض مساعدة الآخرين ، كيف نرفض مساعدة الآخرين ولم نصل من خلال أدائنا الداخلي إلى معالجة المشاكل المختلفة التي نعانيها ، ونحن نعلم أن كل مشكلة تؤثرعلى المشاكل الأخرى ، علينا أن نستفيد من الفرصة حتى لا تمرّ ، واعلموا جيداً أن أمريكا المتغطرسة لا ترى أحداً في العالم ولا ترى بشراً في العالم ، أمريكا تريد مصالحها ، متى كانت أمريكا تريد مصلحة لبنان ؟ عندما يتحدث بوش عن لبنان ، أشعر بأننا في ورطة كبيرة لأن كل خطوة من خطواته تجاه لبنان ستكون من أجل مصالحه ومصالح إدارته ومصالح اسرائيل ، هو لن يعمل شيئاً فيه خدمة لنا ، بدليل أنه أعاق الاتفاقات التي كانت ستتمّ في الداخل ، أمريكا لا ترغب بأن نكون متفاهمين ، أمريكا لا ترغب بأن نكون أعزاء ، أمريكا لا ترغب أن نكون في بلدنا أقوياء ، أمريكا تريد أن تجرِّدنا من قوتنا وأن تشترط علينا المواقف السياسية ، وأن تربط المساعدات بهذه المواقف ، وأن تجعلنا معبراً لتصفية الحسابات للآخرين ، أنا لا أقول هذا لأني أوصِّف توصيفاً عاماً ، وإنما أقول هذا لأن الأمريكيين يقولون هذا ، ألم يأت "ولش" إلى لبنان ليفرض شروطه ، ألم تصرّح "رايس" عدة مرات كأنها تأمر لبنان بالاتجاه الذي يجب أن يتّخذه، ألم يقلْ بوش مراراً وتكراراً ما الذي يجب أن يكون في لبنان .
إذا بقينا بهذه الطريقة نعيش تحت الهاجس الأمريكي والمطالب الأمريكية ، فهذا يعني أن هذه المطالب لا سقف لها ولا نهاية لها ، لكن إذا كنا مجتمعين مع بعضنا ومتِّفقين ، فإن كل دول العالم ستُذعن لما نريد ، ولن تتمكن أن تفعل خلاف ما نريد ، عندها نربح كل شيء إذا ربحنا اتفاقنا وتعاوننا مع بعضنا البعض ...