في ذكرى مرور اسبوع على وفاة والد زوجة سماحة الشيخ يوسف دعموش وبحضور حشد من العلماء والفاعليات السياسية والاجتماعية وعدد من النواب تحدث عدد من الخطباء ومنهم سماحة نائب الامين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي قال :
لبنان اليوم يعيش حالة انعدام وزن وعدم استقرار منذ اغتيال الرئيس الشهيد الحريري ، وجرت محاولات كثيرة من أجل المعالجة ومن أجل النهوض بلبنان ، وكانت أولى المحاولات أن تشكّلت هذه الحكومة التي نعمل في داخلها على أساس أن تكون معبراً طبيعياً لنقل لبنان إلى حالة من التفاعل والمشاركة والتعاون وتأسيس المستقبل بعد ما عصف بلبنان ، لكن لم تسرالأمور بشكل طبيعي وصحيح لأن طريقة الادارة لم تكن ناجحة وكانت تعاني من بعض الخلل ، فصرخنا وطلبنا وعرضنا ، وقلنا بأننا نرغب بأن نكون شركاء وأن نتعاون مع كل الأفرقاء في داخل الحكومة وفي الوطن ، من أجل أن تخرج القرارات محلّ إجماع أو شبه إجماع خاصة في المسائل المصيرية لنحميَها جميعاً وندافع عنها جميعاً ، فإذا تطلبت بعض القرارات بعضاً من النقاش فلنعطها وقتاً لأيام أو ساعات كي نصل إلى قواسم مشتركة، لكن الأمر لم يحصل بهذه الصورة ، فاضطر حزب الله وحركة أمل أن يعلّقا عضويتهما في الحكومة ، لم يكن التعليق من أجل وظيفة ، ولا من أجل طريق هنا أو هناك ، ولا من أجل مكسب لطائفة دون أخرى ، كان التعليق من أجل لبنان ومن أجل الوطن ومن أجل أن يحترم بعضنا بعضاً ، وأن نتحمّل جميعاً مسؤولية القرار ، هذا التعليق هو أداء إيجابيّ من قبلنا لأننا أعطينا بذلك فرصة للتصحيح ، وأعطينا بذلك فرصة من أجل إعادة الأمور إلى مجاريها ، يُخطئ من يظن بأننا المشكلة لأننا في الواقع نحن الحل خاصة لأننا نمدّ اليد للتعاون ، فإذا ظنّ البعض من الذين يتحدّثون همساً في بعض الأحيان أو علنا كما قالت الادارة الأمريكية على لسان " ولش " بإلغاء فريق أو إخراجه من الحكومة أو ما شابه، بأنهم يحلّون المشكلة فهم واهمون ، لأن الحكومة التي لا يتواجد فيها حزب الله وحركة أمل ليس لها قدرة تمثيلية في لبنان, وبالتالي لا تستطيع أن تعبّر عن التشكيلة الحقيقية الموجودة في المجتمع اللبناني ولا تستطيع أن تقول بأنها تمثّل الشعب اللبناني بحسب الدستور وبحسب المعطيات التفصيلية للواقع الانتخابي .
ما عندنا قلناه في السر وفي العلن ، ولم نطالب بغير ما يقولونه في السر والعلن ، ولا نطالب بأكثر مما هو موجود في روح البيان الوزاري ، قلنا بأننا نريد إعلاناً بأن المقاومة ليست ميليشيا ، إسمعوا كل التصريحات اليوم ، الكل يقول بأن المقاومة ليست ميليشيا ، وهذا لا يُعتبر اعترافاً بل يُعتبر توصيفاً لواقع حقيقي موجود في لبنان ، المقاومة لها إسم ، هي مقاومة ، ونحن نقول سمّوا الأمور بأسمائها ، ولا نريد أكثر من هذا ، يخرج من يعتبر أن المجتمع الدولي سيغضب ولن يرضى ، ومتى كان مجلس الأمن راضياً عنا أو يريد لنا الخير ؟ في الكل القرارات كنا نجد أنها عندما ترتبط بلبنان وبمصالح إسرائيل يضغطون علينا ، لكن عندما ترتبط بإسرائيل ومصالح الاستكبار يغطون في سبات عميق وتنام تلك القرارات . يجب أن يفهموا في مجلس الأمن بأننا لسنا في دائرة حساباتهم التي يريدونها ، نحن مواطنون في بلد ولنا حق أن نعيش في بلدنا كما نريد ، وأن نحميَ بلدنا من الأعداء وأن نكون مستقلين ، يقولون لنا نفّذوا القرار الدولي 1559 ونحن نحميكم ، نحن لا نريد حمايتكم ، سنوفر عليكم أموالاً في مجلس الأمن ونوفر عليكم قوات إضافية في مجلس الأمن واجتماعات متتالية واتصالات سياسية ، دعونا نحمي أنفسنا ولكن اردعوا اسرائيل عن عدوانها التي تقوم به في منطقتنا بين حين وآخر لأسباب مختلفة ، نحن لا نشكوا حتى تعالجوا شكوى لنا ، اسرائيل هي التي تشكو بأنها متضايقة من وجود مقاومة تسبب لها مشكلة ، ومن وجود شعب لبناني أبيّ متضامن مع هذه المقاومة ، ولا يرضى أن يستسلم للواقع الاسرائيلي ، وأنجز مع مقاومته تحريراً شريفاً عظيماً أذهل اسرائيل والعالم ، إذاً ما المشكلة التي تريدون معالجتها في لبنان ، ليس لدينا مشكلة حتى تأتوا إلينا .
يقولون أن هذه المقاومة تسبّب حرجاً دولياً ، ألأنها قوية بقوة مجتمعها ومواطنيها في لبنان وبقوة دفاعها وصمودها ، وهل المطلوب أن يكون لبنان ضعيفاً ؟ وهل المطلوب أن يكون لبنان معبراً وممراً لسياسة الآخرين ، كفانا أن يكون لبنان مسرحا لقرارات إقليمية أودولية ، كفانا أن يكون لبنان مزرعة يستغلها البعض لمصالحه ضمن إطار الحسابات الدولية التي لا تنفع اللبنانيين . إذاً ما الذي نريده ؟ نحن نريد أن تكون الحكومة في لبنان قادرة على أن تمارس دورها وحقوقها من دون تدخل في شؤونها وإلا هذه الحياة التي يجعلون من خلالها فزّاعة دائمة فوق رؤوسنا لن نقبل بها بعد اليوم ، لن نقبل أن يأتي كل مبعوث دولي إلى مسؤول لبناني يقول وقد طلبنا من الحكومة اللبنانية أن تنفذ القرارات الدولية وخاصة القرار 1559 ، هل المطلوب أن يبقى السيف مسلّطاً فوق رأس الحكومة اللبنانية وفوق رأس اللبنانيين في أنهم مذنبون وأنهم مقاومون ويُفترض أن يعاقبوا من مجلس الأمن وأنهم يحمون المقاومة ويعملون مع المقاومة ، كفى ! نريد أن نقول لهم أن المقاومة شرف ونحن نفتخر أنها مقاومة ، و إذا كانت عندكم نقاشات معيّنة فتعالوا لنناقشها من دون سيف مسلّطٍ علينا ، وأما الحكومة في داخلها واللبنانيون مع بعضهم بعضا فهم أحرار أن يناقشوا كل شيء يريدونه وأن يصلوا إلى أيّ نتيجة يريدونها من دون سيف دولي مسلّط فلبنان قادر على أن يُعالج شؤونه ، نحن نريد من خلال هذه العبارة أن نرفع السيف المسلّط وأن ندخل في حوار حرّ في كل القضايا بما فيها المقاومة وغير المقاومة من قضايا الطائفية والتوافق والمسائل المختلفة على أن نجلس على طاولة من دون أن يكون عندنا من يحمل علينا السيف أويأمرنا بالعمل وبالآليات المختلفة . هذا حقنا ومن المفروض أن نمارسه بكل راحة وبكل طمأنينة .
نحن تجاوزنا النقاش الذين يتحدث عن مزارع شبعا بأنها لبنانية أو غير لبنانية ، فمزارع شبعا لبنانية ، ومن أحب أن يجمع المستندات أو أن يأتي بالخرائط أو أن يقوم بدراسات حول مزارع شبعا ، بالنسبة إلينا لن ننتظر ولن نعوّل على كل هذه الأمور نتيجة أو موقف ، فموقفنا واضح ، نتعاطى مع مزارع شبعا بأنها لبنانية ، هذا بشكل نهائي بالنسبة إلينا،
كما نعتبر أن المقاومة هي خيار التحرير لمزارع شعبا ، ومن استطاع أن يحرر مزارع شبعا بغير المقاومة ،فليمارس دوره في تحريرها إذا كان يستطيع ، في كل الأحوال ، كل الأمور تصبّ في النهاية عند المقاومة سواء كان بالسياسة التي تخيف اسرائيل أو بالسياسة التي تُقنع اسرائيل بجدية المقاومة أو بأي طريقة من الطرق ، لكن المقاومة هي طريق التحرير . على هذين الأساسين نعتبر إذاً أن النقاش المرتبط بالسلاح والمقاومة في ما يتعلّق بمزارع شبعا لا محلّ له ، نعم سيحاول البعض أن يزجّنا في نقاش معيّن ، أقول لهم أنتم تضيعون وقتكم لأن العدو موجود وهو يشكّل خطرا وعلينا أن نقف وأن نصمد في مواجهته .
بقيّت مسألتان تحتاجان إلى حوار ونحن نعتقد أن من حق اللبنانيين أن يتحاوروا في هاتين المسألتين . الأولى كيف نحافظ على لبنان المستقل؟ والثانية كيف نحميه فيما لو تحرّرت مزارع شبعا بالكامل ؟
هاتان نقطتان للحوار بين اللبنانيين ، الأولى لا بدّ أن نُبعد لبنان عن أي وصاية أجنبية وخاصة أمريكية ، وأن نُخرج النقاشات الدائرة عن تأثيراتهم من الخارج ، وأن نفعل ما نراه مناسباً لمصلحة لبنان ، لن نقبل أن يكون لبنان معبراً للإضرار بأي دولة شقيقة ولا أن يكون لبنان معبراً لتشكيل الشرق الأوسط الجديد ، ولا أن يكون لبنان محميّة لظهر اسرائيل ، نريد لبنان الذي يأخذ حقوقه ويستقل بعيداً عن الوصاية الأجنبية ، ونحن نرحب بكل العلاقات اللبنانية مع كل الدول على قاعدة الاحترام المتبادل ، وبالتالي أي دولة تحترم خصوصية لبنان نبني علاقات معها ونفتخر بهذه العلاقات ، لذا نحن نتحدّث عن ضرورة العلاقة مع إيران ، مع السعودية ، و مصر ، مع البلدان المختلفة بشكل طبيعي وواقعي لأن هذه البلدان لا تريد منا شيئاً ، وندعو إلى تصحيح العلاقات اللبنانية السورية لأننا لا يصحّ أن نتخاصم مع الجار ، بعد أن خرج من عندنا وأصبحنا أمام مرحلة جديدة ، وهذا لا علاقة له بالتحقيق ، التحقيق يجب أن يستمر إلى آخر المطاف وان يُعاقب الجاني كائناً من كان ، وكذلك الدول الأوروبية ، كل دولة تريد أن تبني علاقات مع لبنان أهلاً وسهلاً بها ، لكن من دون أن تفرض شروطاً على لبنان . لماذا نحذر من الوصاية الامريكية ؟ ألا تسمعون الادارة الامريكية بأفرادها ، يقولون مطلوب من لبنان أن يفعل كذا ، أن يُنفذ كذا ، أن ينشر جيشه في الوقت الفلاني ، أن يُطبق القرار 1559 ، هذه وصاية ، هم لا يُناقشون معنا بل هم يفرضون ، ولذا نحن نرفض أي شكل من أشكال الوصاية وتعالوا لنُناقش كلبنانيين كيف نعالج هذه المشكلة في لبنان, وننصح المتحمسين للوصاية الامريكية أن يعملوا للبنان وأن يرحموا الشعب اللبناني .
الأمر الثاني ، عند الحوار والنقاش عن حماية لبنان ، نحن واضحون أننا نعتقد بأن حماية لبنان تكون بالمقاومة والجيش ةالتعاون الشعبي والوحدة الداخلية ، غيرنا يقول بأن حماية لبنان تكون بوسائل أخرى ، نضع كل الأمور على الطاولة ونُناقش ونصل إلى قواسم مشتركة ، ولكن لا يكون النقاش حول المقاومة فقط لحماية لبنان ، النقاش حول الأداء السياسي كيف نحمي به لبنان ، النقاش حول العلاقات فيما بيننا وكيف نحمي من خلالها لبنان ، الحماية أوسع من مواجهة العدو المحتل ، الحماية أيضاً في طريقة إدارتنا لبلدنا حتى نحفظه مستقلا للأجيال . يجب أن لا تُنسينا هذه القضايا السياسية المعقّدة بأن الشعب اللبناني بحاجة إلى رعاية اقتصاده وشؤونه الاجتماعية وإلى حماية أمنه وإلى القيام بإجراءات كثيرة تتطلب نهضة لبنان بعد هذه الكبوة التي مرّ بها ، وأكرر أيدينا ممدودة للمعالجة وللحوار .