إيران الاسلام استطاعت أن تصمد أمام حرب عالمية بواجهة العراق أثناء حكم صدام ، وبقيادة مجلس الامن وكل الدول الكبرى عندما اعتُديَ على إيران سنة 1980 لثماني سنوات ، في حرب مفروضة ، حُشدت فيها كل الاسلحة وكل الامكانات لاسقاط إيران، وإذ بإيران تخرج بعد هذا الضغط الهائل ، والشهداء والجرحى عزيزة مرفوعة الرأس، أعادت أرضها وأعادت كرامتها ، وتقدّمت خطوات عظيمة إلى الامام وأثبتت نفسها جمهورية إسلامية على الرغم من الحاقدين والمنافقين والكافرين على هذه الارض، لتبرع كدولة عظمى في منطقة الشرق الاوسط ، وهذا ببركة قيادة الولي الفقيه وهذا الشعب الايراني الطيب وعمل العلماء الاطهار ، الذين ساهموا في هذه الثورة المباركة.
إيران إذاً انجزت حضورها ، واستطاعت أن تُثبت وجودها على الرغم من كل الاخطار وكل الضغوطات ، وأنتم تعلمون بأن المواجهة اليوم التي تخوضها أمريكا بشكل خاص ضد إيران، ومعها الدول الاوروبية وآخرين ، لأنهم يريدون منع إيران من تصنيع القدرة النووية السلمية ، مع العلم أن إيران منتسبة إلى وكالة الطاقة الذرية ، ووكالة الطاقة تسمح بالتخصيب، وتسمح بكل الخطوات التي قامت بها إيران ، لكن يتحدّثون عن أن إيران يمكن أن تخالف في يوم من الايام ، ويمكن أن تصنع القنبلة النووية ، ويمكن أن تخالف الاتجاهات الدولية ، إذاً هم يحاسبون إيران على النوايا، ويريدون منعها من حقها على المستوى الدولي . ما هو المانع أن تكون إيران دولة نووية سلمية ؟ وما هو المانع أن تحقق تقدُّمها العلمي كما تريد ؟ فهي دولة قائمة بذاتها ، وهذا حقها ، نحن نطالب بنزع السلاح النووي الاسرائيلي ، لا بمنع إيران من التخصيب العلمي ، ومع ذلك حاولوا منعها وتقدّمت إيران ، وأظنكم قرأتم أن التخصيب في إيران سلك مسلكاً آخراً ، يختلف عن الاساليب المعروفة في إنجازات علمية جديدة للتخصيب ، يجعل من إيران قدرة نووية سلمية مهمة جداً ، ولم يعدْ منع العلم قائماً ، فإيران تجاوزت التخصيب وتستطيع الآن أن تصنِّع كما تريد لمصلحة استخداماتها السلمية .
نحن اليوم نعتبر أن إيران محقة فيما تفعل ، وإيران دولة لها وجودها ولها كيانها ، ونفتخر أننا حلفاء لإيران الاسلام ، ونعتبر أن هذا الارتباط وهذا التحالف ليس تهمة نُتَّهم بها ، بل التهمة لمن لا يكون على علاقة طيبة مع إيران ، وبالتالي إذا كان البعض يفتخر بعلاقته مع أمريكا ، نقول له : مع أمريكا هناك أدوات ولا توجد علاقات ، أما مع إيران فهناك علاقات ولا توجد أدوات ، وما يجمعنا مع إيران يشكِّل حلفاً ضدّ الباطل وهذا ما نصرِّح به، لأن من حقنا أن نكون شركاء في مواجهة التحديات مع سوريا ومع الفلسطينيين ومع كل الاحرار ، وأكثر من هذا ، لو أرادت أي دولة من الدول العربية أو الاسلامية أن تكون جزءاً من هذا الحلف الذي يواجه الشر الاسرائيلي فنحن نرحب به ، وستكون علاقاتنا معه علاقات طيبة وجيدة ، ولا أعرف إلى أين يمكن أن تصل ، وقد تصبح أفضل بكثير من بعض العلاقات بين بعض الدول .
اليوم تحاول أمريكا أن تفتعل مشكلة ، وتدّعي أنها تسلِّح دول الخليج للحماية من الخطر الايراني ، مع العلم أن علاقات إيران مع دول الخليج علاقات طيبة ، وأن ميزانها التجاري معهم مرتفع ، وأن اتصالاتهم مع بعضهم البعض لا تتوقف ، وأن رؤيتهم التي تتعلق باستقلال هذه الدول أيضاً واحدة ، لا توجد مشكلة لا أمنية ولا سياسية بين إيران ودول الخليج ، أمريكا تفتعل وهماً وجود مشكلة لتدخل وتستغل المنطقة كي تهزّ استقرارها تحت عنوان الاعتدال والتطرّف ، أو إيران والدول العربية ، في الوقت الذي لا توجد فيها مثل هذه المشكلة أبداً ، يجب أن نعلم أن مشكلتنا الاساسية والوحيدة في المنطقة هي مشكلة إسرائيل ومن ورائها أمريكا ، وأي اتجاه لا يوجّه البوصلة إلى إسرائيل الغاصبة المحتلة هو اتجاه خاطئ مهما كان ، وأن السلام المزعوم التي تدعو إليه أمريكا ، ما هو إلا كلام على الورق ، فما نراه ميدانياً هو الاستفزاز والقتل والتدمير ، ولا نرى سلماً ولا سلاماً ، سمعنا بمؤتمرات عدة للسلام ، فبدلاً من أن تكون خمسة يمكنها أن تكون ستة وسبعة من دون أي فعالية ، ما نريده أن يستعيد الفلسطينيون حقوقهم وأرضهم ، وأن تستعيد الأمة حقوقها وأرضها واستقلالها مهما كلّف ذلك من ثمن ، ولذا مقاومتنا مستمرة واعتراضنا مستمر ، وممانعتنا مستمرة ، مهما كلّف الثمن لأن ثمن المقاومة أقل بكثير من ثمن الاستسلام والذلّ ، فقد أكرمنا الله تعالى بنصر المقاومة وشعب المقاومة في لبنان على اسرائيل، التي هربت من لبنان بسبب هذا الصمود وهذا الجهاد ، ومن أكرمه الله تعالى بالنصر ، لا يمكن أن يعود إلى الوراء ، ونحن اليوم حاضرون دائماً في الخندق المتقدم لمصلحة نصر الأمة ورفع راية الحق وتأكيد الايمان بالله جلّ وعلا .