الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في حفل تكريم الهيئة الايرانية للمساهمة في إعمار لبنان في 7/6/2007

من أراد المصافحة واللقاء نقول له أن مصافحة الموقف قبل مصافحة اليد ، ومصافحة منتصف الطريق عملياً قبل مصافحة الجسد

أقام معهد الرسول الاكرم التقني حفل تكريم للهيئة الايرانية للمساهمة في إعمار لبنان في قاعة الامام الخميني (قده) في مستشفى الرسول الاعظم بحضور راعي الحفل نائب الامين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم وحشد من الفعاليات والنواب ورؤساء البلديات ومدراء الجمعيات ، تحدثت خلاله مديرة معهد الرسول الاكرم الحاجة نهى عمار ، كما تحدث مسؤول الهيئة الايرانية المهندس حسام خوش نفيس ، ومن ثم كانت كلمة لراعي الحفل حيث شكر سماحته لإيران وقوفها إلى جانب الشعب اللبناني ومقاومته ، وما بذلته من إمكانات لإعادة إعمار ما تهدّم ، وقد تعوّدنا على إيران أن تكون دائماً إلى جانب المستضعفين ولم نفكّر يوماً إلا أنكم ستكونون إلى جانب لبنان ومقاومته ودعم صموده وإعماره ، وأنتم الذين وقفتم إلى جانب الشعب الفلسطيني وكل المستضعفين والاحرار .

وأضاف سماحته :

لبنان انتصر استراتيجياً مرتين ، مرة عند التحرير في أيار 2000، ومرة في صدّ العدوان الاسرائيلي في تموز 2006 ، ولأن آثار التحرير والانتصار كبيرة جداً ، فإننا نجد أمريكا تحاول التضييق والمواجهة لمنع لبنان الصغير الذي أثبت قدرة في الممانعة من أن يكون مستقلاً ، ولمنع المقاومة في لبنان من أن تشكل الالهام لشعوب المنطقة ، ولكنها فاشلة في مشروعها ، إذ أن أصحاب الارض أقوى إرادة وتصميماً وعزيمة ، وهنا نؤكد أن المقاومة خيار قدرة لبنان ونحن بحاجة إليها لنحمي بلدنا ، وهي التي أراحتنا وتريحنا من عبء الاحتلال ، وستبقى دائماً عنوان صيانة استقلال وسيادة لبنان .

وقال :

لبنان اليوم مكشوف سياسياً بمرض فقدان المناعة الداخلية ، وهو قادم على الفراغ والمجهول ما لم يتحصّن بالحل السياسي ، ونحن من اليوم الاول لم نرفع سقف مطالبنا السياسية كحزب الله وكمعارضة ، وكنا موضوعيين وواقعيين وطالبنا بحكومة الوحدة الوطنية ، وناقشنا البعض بأن اطلبوا أكثر ، فقلنا أننا لا نريد المناورة ولا نريد أن نتجاوز واقع لبنان ، فلبنان لا يتحمل بتركيبته حلولاً فيها غلبة ولا حلولاً فيها مقاطعة وابتعاد عن المشاركة فيما بين الاطراف المختلفة . على هذا الاساس عبّرنا عن قناعتنا بأن المشاركة هي الحل وهي المعبر لكل الحلول السياسية وغير السياسية ، ولا يمكن أن يحصل تقدم في لبنان على أي مستوى من المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياحية وما شابه إلا بالمشاركة ، لأن الحكومة الحالية غير الشرعية عطّلت قدرة لبنان على الحركة وعلى الحياة وأعاقت السياحة والاقتصاد وجعلت هناك اسباباً كثيرة من أجل خطوات انهيار لبنان إلا إذا تمّ التدارك قبل فوات الاوان .

من هنا نحن نؤكد مجدداً الدعوة إلى حكومة وحدة وطنية بترجمة عملية، لأنها هي المتاحة وهي الفعالة في هذه المرحلة ، وهي بالتأكيد ربح للبنان، وللشرفاء في لبنان وللذين يسعون لمصلحة لبنان ، بل حتى لأولئك الذين يسعون لمصلحة طوائفهم ، عليهم أن يعلموا أن لا إمكانية لتحقيق هذه المصالح من دون أن نكون يداً واحدة للمشاركة في إطار حكومة الوحدة الوطنية . يمكن أن يقول البعض : هل مع كل هذه التطورات يمكن أن تقبلوا مجدداً بحكومة وحدة وطنية مع جهات اتهمتموها ، وقامت بأعمال سيئة وتورّطت بأعمال لا تتناسب مع مصلحة لبنان ، نقول بأننا نقدِّم مصلحة الوطن على كل المواقف التي نعتبرها حقيقية وصادقة ، لكن في لبنان علينا أن نتكاتف وأن نتعاون ثم بعد ذلك نحلّ مشاكلنا المختلفة .

وهنا أؤكد أن محطة اليوم تختلف عن محطة قبل شهرين أو ثلاثة ، لأن التحايل على نصاب الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية قد انكشف ، ولم يعد بالامكان أن يُخاض هذه التجربة ، وعلمنا أن وزيراً في الحكومة اللاشرعية أرسل طلباً رسمياً لمجموعة من المحامين والقانونيين الدوليين في فرنسا ليفيدوه حول نصاب انتخاب الرئيس استناداً إلى القانون الفرنسي الذي أخذ عنه لبنان ، فكان الجواب الرسمي الذي أتى منذ يومين بأن لا إمكانية لتفسير الدستور اللبناني في انتخاب رئيس الجمهورية إلا بنصاب الثلثين ، هذا يعني أن المراهنين على الوقت للانقلاب على الدستور ، والتحايل لانتخاب الرئيس بالنصف +1 تحت عنوان الدعم الدولي لم يعد بإمكانهم أن يلعبوا هذه اللعبة ، فإذا انتظروا لأربعة أو ستة أشهر سيقف نصاب الثلثين أمامهم ، هذا يعني أن بوابة المعارضة مطلوبة للدخول إلى رئاسة الجمهورية ومن دون هذه البوابة لا توجد رئاسة جمهورية في لبنان وبالتالي سيكون هناك فراغ دستوري. من هنا بدأ العالم يُدرك أن نصاب الثلثين أمر حتميّ ، وبدأ السياسيون في لبنان يدركون أن هذا المدخل هو أمر ضروري من أجل انجاز استحقاق الرئاسة ، لذا نتفهّم تماماً أن يكون هناك نوع من المراجعة ونُشجّع عليها، ونقول لقوى السلطة أنه إذا راجعتم مواقفكم اليوم وعدتم إلى حكومة الوحدة الوطنية فالخسائر أقلّ مما لو انتظرتم أكثر ، وبالتالي لا إمكانية للمراهنة على الوقت ولا على انتخابات بغير الثلثين ، والانتظار يُعتبر سراباً ووهماً والافق مسدود إلا إذا مددنا اليد لبعضنا البعض ، هنا ستبقى أمريكا عقبة وستحاول أن تضع العصيَ في الدواليب ، لكن يجب أن نُفهمها أن لا قدرة لها بأن تتجاوز هذا الواقع اللبناني ، وأعتقد أنها بدأت تيأس وهذا أمر جيد من المطلوب أن نراكمه .

علينا أن نبني لبنان معاً ، نحن مددنا اليد في السابق ونمدُّها اليوم ، وقد قطعنا نصف الطريق أو أكثر من خلال طرحنا لحكومة الوحدة الوطنية، ولا داعي لأن نسمع خطابات من هنا وهناك تدعونا إلى مدّ اليد ، نحن ندعوهم عملياً للقيام بالاجراءات التي يلاقونا عبرها في منتصف الطريق لإنقاذ لبنان ، ونُحذر بعض المهتمّين من أولئك الذين لا يريدون حلاً ويحيطون بهم ، إعلموا أن هؤلاء سيؤدون بكم إلى الخراب ، ففكروا في مصلحتكم وفي مصلحة لبنان وإنقاذه ، ومن أراد المصافحة واللقاء نقول له أن مصافحة الموقف قبل مصافحة اليد ، ومصافحة منتصف الطريق عملياً قبل مصافحة الجسد ، ونحن نريد أن نُترجم الامور لننطلق مباشرة إلى الحلّ من دون تسويف وتضييع للوقت ، لنبحث في الاجراءات وكل الامور تناقشها الحكومة بعد ذلك . لا نريد أن نعود إلى النقاش أولاً أو الحكومة أولاً ، لأن لا معنى لنقاش طال وفشل من دون أن نصل إلى نتيجة ، المطلوب أن نبدأ بالتعاون لنفكر كيف ننقذ لبنان معاً .