ومما جاء فيها :
أمريكا ترمي بثقلها في لبنان من أجل إحكام سيطرتها عليه ، وقد جاء "ولش" ليحقق أموراً ثلاثة : أولاً ، جاء ليُثبِّت جماعته في السلطة ليقول لهم بأن يصبروا قليلاً وأن ينتظروا وأن لا ينهاروا أمام صمود المعارضة لأن أمريكا وراءهم ، ثانياً أن ينتظروا فترة من الزمن ويقطِّعوا الوقت لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر بانتظار التطورات التي يمكن أن تحصل في المنطقة، وثالثاً أراد أن يُعطي التعيمات المناسبة لاختيار رئيس للجمهورية يقبل الالتزام بالشروط الامريكية وأن يطلب من المتخاصمين من أركان السلطة على الرئاسة أن لا يفضحوا خلافاتهم بانتظار اللحظة المناسبة التي تأتي فيها كلمة السر الامريكية ليُحدَّد الرئيس من جماعة 14 شباط ، كي لا يكون الخلاف بينهم سبباً للفشل . هذه هي الخطوات الامريكية التي أراد "ولش" أن يبلِّغها في لبنان .
هنا نقول : ليس الحل بتقطيع الوقت ، لأن الوقت ليس معلوماً أن يكون لصالح جماعة السلطة ، وليس معلوماً أن تكون تطورات المنطقة تحمل خيراً لهم ، وليس الحل أيضاً بانتظار الرئاسة وإضاعة الوقت على اللبنانيين لمدة أربعة أشهر أو أكثر ، ولا بإبقاء الأزمة مفتوحة وبقاء احتلال السراي ، لأن هذا ينعكس على الاقتصاد وعلى الوضع الاجتماعي والاستقرار السياسي ، فكل الازمات يبدأ حلُّها بفكّ الاحتلال عن السراي من أجل معالجة الامور الاخرى وليس العكس ، هنا ندعو إلى حلول جدية وشجاعة لا إلى مناورات وكلمات لا معنى لها ، نحن نعتقد أن الحلول الجدية أصبحت تبدأ من خلال انتخابات نيابية مبكرة لإعادة انتاج السلطة ، تعالوا نتَّفق بميثاق شرف فيما بيننا أن نلتزم جميعاً بنتائج الانتخابات المبكرة مهما كانت ، وأن يُساعد بعضنا البعض الآخر لنجاح تجربة الاختيار الحر ، بعيداً عن الضغط الامريكي أو الدولي أو الاقليمي فتكون الانتخابات حرة وتكون نتائجها مرضية للجميع ، وألفت النظر أننا أمام خيارين عندما تأتي الانتخابات الرئاسية من دون حلول فاعلة وجدية خلال هذه المرحلة ، فإما أن يأتي رئيس توافق عليه المعارضة وإما أن يكون الحل في أحد خياراته الظاهرة مجيء حكومة تستطيع أن تنهض بهذا البلد كي لا يبقى هناك فراغ دستوري بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية الحالي، لأنه لا يمكن أن يكون البلد من دون جهة تحمي هذا الدستور ، فالآن رئيس الجمهورية الحالي يشكِّل حماية للدستور لكن مع انتهاء ولايته سيكون هناك فراغ في السلطة ، لأنه لا يوجد حكومة في لبنان ، ولا يوجد احترام للمؤسسات الدستورية ، إذاً الحلّ الطبيعي أن يكون هناك حكومة تُعيَّن وتأخذ دورها لتنقل البلد إلى برّ الأمان كي لا يكون هناك فراغ مؤثر على واقع لبنان . عليكم أن تختاروا ، فإما انتخابات نتوافق عليها وفق برنامج محدد ، وإما أن يكون هناك استمرار للأزمة بحلٍّ مؤقت هو حكومة تستطيع أن تأخذ المجال الدستوري في هذا البلد ، هذا يعود للأطراف الاخرى التي لا تقبل بحلّ وتسدّ الطريق . أما أن تضيِّعوا الوقت وتسوِّفوا وتقولوا تعالوا ننتظر لثلاثة أو أربعة أشهر، ونحن ندعوكم إلى التهدئة وإلى الهدنة ، فأيّ تهدئة وهدنة يمكن أن تكون لمصلحة لبنان ، نحن في المقابل نقول لكم إلى الحلّ وإلى وضع خطوات عملية لإنقاذ لبنان ، لا لوضعه في ثلاجة المشروع الامريكي الذي يريد أن يتحكّم بنا وأن يتسلّط علينا .
وبالنسبة لموضوع المحكمة الدولية ، فهذه المحكمة وفق الفصل السابع هي محكمة سياسية وليست لمحاكمة القتلة ، وهي فرصة ثمينة تُعطونها للمجرمين حتى يهربوا من المساءلة ، وفي آنٍ معاً تتحمّلون المسؤولية الكاملة أمام الشعب اللبناني في أنكم ضيّعتم فرصة اختيار الطريق الصحيح لكشف الجناة ومحاكمة القتلة ، هذه المحكمة وفق الفصل السابع هي خطوة من خطوات انتهاك السيادة اللبنانية ، هذه المحكمة بهذه الطريقة تجعل المزيد من وضع اليد الدولية على لبنان وتسلبه حريته وخياراته ، هذه المحكمة يريدونها فزاعة لكي يكون لبنان معبراً سياسياً لمشروعهم الشرق الاوسطي ، حرامٌ عليكم أن تُضيِّعوا كشف الجناة بهذه الطريقة ، وستكشف الايام خطأ هذا المسار .