اليوم تقوم إسرائيل بعدوان همجي على غزة المحاصرة المجاهدة، التي وقفت عصية أمام الاستسلام والهدف الرئيس من الاعتداء الاسرائيلي على غزة هو إسقاط حركة حماس، لإسقاط أي أمل بالمقاومة في فلسطين، لأن حماس اليوم والفاصائل الموجودة في غزة تمثِّل المقاومة التي ترفض الاحتلال وتريد استعادة الأرض والمقدسات، ومن ناحية أخرى يريد باراك وزير الدفاع وليفني وزيرة الخارجية أن يحققوا نصراً سياسياً يرفع من أسهمهما حتى يتمكنا من النجاح في الانتخابات النيابية القادمة، وبالتالي تواطأ الأمريكيون معهم لأنهم جميعاً خائفون من أن يأتي نتنياهو إلى الحكم، وبالتالي الإدارة الأمريكية مع ليفني ومع باراك يمكن أن تُدير سياسياً في المنطقة بما يُعطي صورة إيجابية أو معتدلة بحسب ظنهم، فيتمكنون من تسويق مؤامرة إسرائيل علينا، بينما نتنياهو سيقف بقسوة وشدة فيفضحهم بشكل مباشر، ويحرج العرب وغير العرب في مواقفه. لكن المسألة ليست مسألة صواريخ تُطلق من غزة، من هو المعتدي؟ المعتدي هو المحتل الاسلائيلي أو من يردُّ بالصواريخ على المحتل؟ اليوم نسمع في العالم كلام عن ضرورة وقف الاقتتال، أي اقتتال وإسرائيل هي التي تعتدي والفلسطينيين يدافعون عن أنفسهم، يتحدثون عن مساعدات لغزة لكن لا يتحدثون عن إيقاف النار، أمريكا تقول بأن اسرائيل تدافع عن نفسها. المقاومة في هذه المنطقة محاربة دولياً وعربياً، لا يريدون لا مقاومة لبنانية ولا فلسطينية، ولا مقاومة لأي موقع عربي أو إسلامي يرفض أمريكا واسرائيل، إنما يريدون أنظمة وشعوباً تقبل أن تكون ذليلة مستسلمة للقرار الأمريكي الاسرائيلي، هذه الحرب الاسرائيلية خاضتها إسرائيل على لبنان ضد المقاومة الاسلامية، وهي الحرب نفسها التي تخوضها اسرائيل ضد أهل غزة، بنفس المعايير ونفس الأهداف والمنطلقات، هم لا يريدون أن تكون المقاومة موجودة لأن المقاومة تُعيد الحرية والكرامة والاستقلال، وهم لا يريدون هذه المعاني، لذلك المعركة طويلة، ليس بالضرورة أن تكون طويلة في غزة فربما تنتهي هناك بعد أيام، لكن المعركة الاسرائيلية الأمريكية الاستكبارية مع المقاومة معركة طويلة جداً، وهذا يتطلب أن تكون المقاومة حاضرة بأقصى إمكاناتها لمواجهة هذا التحدي المستمر، ومن كان يفكِّر أن تتخلى المقاومة عن قوتها وقدرتها واستعداداتها كرمى لفلان أو فلان، أو لبعض الحرتقات السياسية التي تدخل في إطار أمريكا وإسرائيل فهم واهمون، لأننا لن نرد على أولئك الذين يريدون إضعافنا لمصلة العدوان والاحتلال، بل ندعو الجميع إلى القوة في مواجهة العدوان والاحتلال. وأنا أقول لكم أني أتأمل خيراً في نتائج الصمود للمقاومة ولأهل غزة، لأن إسرائيل لا تستطيع أن تفعل شيئاً، هي تستطيع أن تدمر المباني وأن تقتل البعض، وتستطيع أن تمنع الجرحى من دخول المستشفيات، لكنها لا تستطيع قتل إرادة الصمود والمقاومة والتحدي الموجودة عن الفلسطينيين في غزة. عندما انتصرنا في لبنان لم ننتصر بأسلحتنا، بل انتصرنا بإيماننا وإرادتنا على إسرائيل، انتصرنا بكم أيها الطيبون الذي رفضتم أن تُستفرد المقاومة، وهم هناك سينتصرون بشعبهم وإرادتهم وإيمانهم إن شاء الله تعالى. هل لاحظتم أن اسرائيل أعلنت أهدافاً متواضعة، فلم تقل أنها تريد إلغاء حماس لأنها تعرف أنها لا تستطيع ذلك، لم يقولوا بأنهم يريدون إسقاط السلطة الشرعية في غزة لأنهم يعرفون أن الناس يرتبطون بهم ومتفاعلون معهم، بل هم قالوا بأنهم يريدون تغيير قواعد اللعبة، وذلك لكي لا يكرِّروا تجربة حرب تموز 2006، فيضعون أهدافاً غامضة فيقولون أن هذه العملية قد تتعمَّق وقد تطول، وذلك لأنها حين تتوقف عن العدوان ستقول بأنها انتصرت، وستقول بأن الأهداف هي تخفيف إطلاق الصواريخ وتسديد ضربة قوية لحماس، وإعطاء رسالة للعالم، لن تستطيع إلغاء المقاومة ولن تستطيع فرض شروطها على غزة ولن تستطيع شرعنة وجودها، وإن شاء الله سنستمر في المواجهة التي ترفع رؤوسنا وتُعيد أرضنا.