بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد الله رب العالمين وصلى الله على سيدنا أبو القاسم محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحبه الأبرار المنتجبين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين إلى قيام يوم الدين.
السلام عليكم يا أحبة فلسطين والقدس، أيها المجاهدون والمجاهدات من لبنان وفلسطين ومن كل مكان ورحمة الله وبركاته, من لبنان المقاوم نرسل التحايا إلى غزة الحرية، من لبنان المقاوم نشد أيدينا بأيدي أهلنا في فلسطين الأبية الصامدة المعطاءة. جئنا اليوم تلبية لنداء المؤتمرات القومية والعربية والإسلامية والمؤتمر الخاص بالأحزاب وتلبية لنداء أميننا العام سماحة السيد حسن نصرالله لنقف وقفة تعبير شجاعة، إضافة إلى مواقفنا المعروفة مع شعب فلسطين الأبي، ليعلم القاصي والداني، فلسطين هي القضية المركزية التي تعنينا جميا ونعتبر اننا مسؤولون كما كل العرب وكل المسلمين للعمل من أجل تحريرها بالكامل من البحر إلى النهر غير منقوصة أبدا .
ونحن نؤمن بما قاله تعالى : " إنّ الله يدافع عن الذين آمنوا ، إنّ الله لا يحب كل خوّان كفور، أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإنّ الله على نصرهم لقدير". لماذا تحاصر غزة؟ لأنّ أهل غزة وأهل فلسطين رفضوا الخيارات السياسية المذلة وأرادوا الخيار السياسي المجاهد الأبي، خيار المقاومة. من حق غزة أن تختار ما تريد، انتخب أهل فلسطين ممثليهم وأداروا شؤونهم وفق القواعد المعروفة، هم لا يريدون لهم أن يقرروا مصيرهم، هم لا يريدون لهم أن يحكموا أرضهم بحرية، ولذا حاصروا غزة لتغيير خيارها السياسي المقاوم للاحتلال، ويشهد على ذلك مجلس الأمن المتواطئ الذي يساهم في حصار غزة والدول الكبرى ودول عربية، يشهدون على التجويع للنساء والأطفال والشيوخ وعلى منع الدواء ولقمة الخبز. أيها الجبناء في العالم ما هكذا تواجه غزة، طفل غزة أشرف منكم ومن كل مواقعكم وسينتصر إنشاء الله تعالى.
أي جريمة أكبر من هذه الجريمة الإنسانية التي تستهدف إبادة هذا الشعب لفرض الحلول الاستسلامية ثم يجتمع مجلس الأمن بناءا لطلب أمريكا لإصدار القرار 1850 ليقول أن مسار أنابولس مستمر وأن القرارات الدولية محترمة، في الواقع هم اجتمعوا هناك لإعطاء صورة إيجابية عن أمريكا ومن أجل أن ينسى العالم أنه يوجد حصار في غزة، كان الأجدى أن يجتمعوا لنصرة غزة وشعب فلسطين، كان الأجدى أن يجتمعوا لوضع حد للغطرسة الصهيونية، لكن اجتماعهم هذا لن يزيد مقامهم في حياة أمتنا، أمتنا تعلم تماما أن رأس الإرهاب الدولي أمريكا وهي رأس المصائب وصرخة أمتنا واحدة : "الموت لأمريكا" .
هذا الشعب الفلسطيني المجاهد الأبي هو قدوة الأحرار، هو شرف الأمة، وهو مفخرة مضيئة في حاضرها ومستقبلها، يقدم باللحم الحي في ظل تآمر إقليمي دولي عليه، غزة ستبقى الرمز والعنوان والشعب الفلسطيني سيبقى البوصلة لتحرير القدس، هذا الشعب الذي صمد لستين سنة ولم يمنح إسرائيل حقا في أرضه واستعاد حيوية المقاومة بأبهى صورها، فاليعلم العالم شعب فلسطين لا يهزم لأنه شعب مقاوم مد جسوره مع الله تعالى والله ناصر من ينصره ولو كره الكافرون ولو كره المنافقون. شعب فلسطين لا يمكن أن يهزم، المتآمرون هم الذين سيهزمون، هل رأى العالم تلك التظاهرة الكبرى منذ أيام في ذكرى تأسيس حركة حماس والتي ضمت هذا الشعب الطيب الجماهيري في غزة؟ هل رأى العالم مواقفهم وصمودهم وتصميمهم على الاستمرار؟
نقول لهم في غزة نحن معكم في قضيتكم العادلة، نحن في حزب الله لن نتخلى عن قضيتنا قضية فلسطين، حزب الله والشرفاء معكم لتحرير كل حبة تراب، لسنا مع التسوية الظالمة الفاشلة الذليلة المهينة، نحن مع المقاومة التي تحرر كامل التراب الفلسطيني وتعيد فلسطين إلى أهلها وليبحث من أتى من خارج فلسطين عن عودته إلى المكان الذي أتى منه.
لا نقبل بأن تختزل قضية فلسطين بهدنة هشة لا معنى لها، ولا نقبل أن تتحول فلسطين إلى مجرد مخيم آمن في غزة مقابل التخلي عن الأرض بكاملها، قضيتكم أيها الفلسطينيون هي قضية عادلة، هذه القضية العادلة تستوجب على الدول العربي والأجنبية أن تتدخل لحمايتكم من هذا المشروع الظالم، بل يجب أن يقف الجميع إلى جانبكم وإلاّ الخزي والعار لمن وقف ضدّكم أو تآمر عليكم وسيسجل التاريخ وسنرى نهايات أؤلئك الذين لا يكونون مع قضية فلسطين.
بالله عليكم، سمعنا كثيرا بعض التصريحات من هنا وهناك يتحدثون عن القضية الفلسطينية العادلة ، ماذا تفهمون منها وماذا فعلتم لدعمها، لماذا لا يتم الصراخ بوجه إسرائيل، لماذا لا نسمع القيادات العربية تصرخ وتستنكر وتطالب وهذا هو الحد الأدنى. مِمَّا تخافون؟ تنتظرون تسوية عادلة؟ اسمعوا (وزيرة خارجية العدو تسيبي) ليفني المعتدلة ماذا قالت، تريد أن تهجر كل الفلسطينيين في أراضي الـ 48 المحتلة لتكون الدولة دولة يهودية عنصرية كاملة، أي حتى المليون ونصف مليون فلسطيني في داخل أراضي الـ 48 لا مكان لهم في بيوتهم وبلدهم. أية عدالة هذه التي يتحدثون عنها؟
أيها العرب، هل سمعتم ما قاله الإسرائيليون، بأنّ بعض القادة أشادوا بالموقف الإسرائيلي وشجّعوهم على ضرب حماس، أنا الآن لن أتهم أحدا من القادة، ولكن ألا تصرخون على الأقل لتثبتوا أنكم لستم المعنيين فيما تتحدث إسرائيل عن تواطؤ عربي؟ بل أكثر من هذا، لن نكون زاهدين معكم، أيها العرب مسؤوليتكم أن تدعموا قضية فلسطين بالمال والسلاح والموقف، لا، لن نبرّئكم، لا يمكن أن تكونوا بعيدين، هي الأساس وهي المحور. لماذا لا تطالبون الدول الكبرى ولا تقفون موقفا شجاعا ؟ تأكّدوا أيها القادة العربية، لو وقفتم ستقف شعوبكم معكم وستكونون أقوياء وستخضع إسرائيل وأمريكا، لكن أن تتفرجوا هذا أمر معيب.
بكل صراحة، لا عذر لأي جهة رسمية أو شعبية، عربية أو إسلامية ، في أن تصمت عن حصار غزة، الصمت عن الحصار حصار، والصمت عن الحصار مشاركة في الإحتلال، ولذا ليبحث كلٍّ منكم كيف يقوم بدوره لمواجهة هذا الحصار، يجب أن تستمر فعاليات المواجهة لهذا الحصار في كل المناطق العربية والإسلامية بالإعتصام والتظاهر ومد العون وبواخر المؤن التي تذهب إلى غزة وكل المواقف التي تضغط على المعنيين لذلك.
بالله عليكم ، أليست المسؤولية مسؤولية عظيمة ومهمة؟ الآن هو وقت الشرف، نحن ندعو مصر بقادتها ومسؤوليها لوقفة تاريخية إلى جانب الشعب الفلسطيني المحاصر في غزة، ولدى مصر كامل المبررات الدينية والسياسية والأخلاقية والإنسانية والقانونية لتقف إلى جانب شعب غزة وشعب فلسطين. لا يوجد أي اتفاق في الدنيا يؤكد على المشاركة في حصار الأطفال وقتل النساء وتجويع الناس وقتل المرضى، لا يوجد أي اتفاق في الدنيا يشكل هذه العناوين، تأكدوا يا قادة مصر أنّ العالم العربي والإسلامي سيكون معكم وسيخضع كل العالم لمنطق مؤازرة غزة ومساعدة غزة.
ندعو إلى الوحدة الفلسطينية حول خيار المقاومة وضدّ تجويع الشعب الفلسطيني وضد فرض أي خيار سياسي، ولا معنى لمفاوضات ولقاءات فيها كلمات معسولة ممزوجة بسم العدوان والإحتلال والحصار، ماذا أنتجت هذه المفاوضات وهذه الأحاديث؟ خير للجميع أن يكونوا معا، وإذا كانوا الفلسطينيون معا لن تستطيع إسرائيل أن تفعل شيئا، ستلهث وستخضع، هذا هو الطريق وهذا هو الحل، طريق المقاومة.
أيها المجاهدون المقاومون في غزة، نحن نعلم أنّكم اليوم أقوى مما كنتم عليه منذ سنة وستكونون إنشاء الله أقوى وأقوى، قال الله تعالى، بسم الله الرحمن الرحيم :" لن يضروكم إلاّ أذى، وإن يقاتلوكم يولّوكم الأدبار ثمّ لا ينصرون" صدق الله العظيم.
عندما توجد الإرادة القوية في مقابل الإحتلال لا يمكن ان تضعف المقاومة، بل تزداد وتقوى، ها هي المقاومة الإسلامية في لبنان ضحّت وبذلت وقاتلت أشرس عدوان في تموز سنة 2006، أبشّركم أنّها عادت اليوم أقوى بكثير مما كانت عليه قبل عدوان تموز، العدوان يقوينا في المواجهة.
إذاً فليعلموا أنّ هذا الحصار في غزة سيزيد غزة صلابة وكلما ازداد الضغط كلما قويت المقاومة، ليست في فلسطين فقط، في كل مكان في منطقتنا، وإنشاء الله سيكون النصر حليفكم، نحن معكم يا أهل غزة في السراء والضراء وإنشاء الله سنبقى في الميدان وسنقوم بواجبنا لنصرة غزة والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.