الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في الذكرى التاسعة عشر لرحيل الإمام الخميني (قده) في قصر الأونيسكو في 3/6/2008

نحن نعدكم كمعارضة أن نأخذ بيد أهلنا وأحبائنا من جماعة الموالاة لمصلحة أن نمنع أمريكا من أن تدوس لبنان بقراراتها

وقد تحدث سماحته عن الإمام الخميني (قده) وعظمته فقال: أن حركة الإمام حركة فريدة في القرن العشرين، فهو الذي تمسك بـ "لا شرقية ولا غربية" بل الاعتماد على الله تعالى وأخذ المدد منه، وقد ركّز الإمام كثيراً على الوحدة الإسلامية فهو القائل أن سبب كل المشكلات في البلاد الإسلامية هو اختلاف الكلمة وعدم التعاون ورمز الانتصار هو وحدة الكلمة وإيجاد التعاون، والعنوان الأهم عند الإمام هو فلسطين فهي في نظره ليست المساحة الجغرافية التي تعرفونها بل هي فلسطين المنطلق والرمز والقضية، فلسطين القلب، ومن لم يكن مع فلسطين فلا يمكن أن يكون مع الإسلام .

المقاومة في لبنان أثارت جدلاً غربياً قبل أن تثير جدلاً في منطقتنا، وبعض الذين يجادلون في منطقتنا يرددون ما يجادلون به في الخارج، لأنهم منزعجون من المقاومة التي تحقق السيادة والحرية والاستقلال، ووالله فتّشت كثيراً عن السيادة والحرية والاستقلال فلم أجدها إلا في المقاومة، فكيف يبحثون عنها بغير المقاومة؟ هذه المقاومة هي خيار إسلامي ووطني وعروبي وإنساني، فلا يلعبنّ أحد على موضوع هوية المقاومة، الحمد لله المقاومة لديها كل هذه الهويات ولا تعارض ولا تناقض بينها، وهذه المقاومة أثبتت جدواها في أمور ثلاثة: في التحرير وتطبيقه في عام 2000، وفي الدفاع وتطبيقه في عام 2006، وفي إعاقة المشاريع المعادية وتطبيقه في فلسطين ولبنان بمنع إسرائيل بأن تستحوذ على ما تريد في مشروعية كيانها.

وأضاف:

هذه المقاومة أخذت مكانتها في لبنان والعالم العربي والاسلامي وفي كل العالم، فإذا ظنّ البعض أنه بالإكثار من التصريحات ضد المقاومة يؤذيها ويضرّ بها، نقول له ستسمع فقط سدى صوتك لأن العالم العربي والاسلامي يحب المقاومة وهو مع المقاومة، ويكفي أن نقول بأننا قوم لا نستبدل الموقف بالصراخ والتشويش، ولا نعمل على قاعدة التنظير عن بعد بل نقدم العمل والممارسة، هذه المقاومة الاسلامية الوطنية في لبنان، هي خيار الانتصار في مقابل الهزيمة، وخيار الاستنهاض في مقابل الإحباط، وخيار الاستقلال في مقابل التبعية، وخيار الكرامة والسيادة مقابل الذل والاستسلام، هي خيار يضيء ويصعب حجبه، ومن المعلوم أن الظلام لا يحجب النور بل النور هو الذي يبدِّد الظلام، والمقاومة هي التي تبدّد ظلمة الظالمين لنصرة المظلومين وستبقى كذلك إن شاء الله تعالى.

وقال:

لا نستغرب هذا الضخّ الإعلامي المتواصل لإثارة النعرات المذهبية، وخاصة بين السنة والشيعة، في كل يوم تكتب الأقلام ويصرِّح المصرِّحون ويخرج بعض المثقفين وبعض المعمَّمين ويثيرون النعرات المذهبية، ثم مع استطلاعات الرأي يتبيّن أنه لا توجد نعرات مذهبية، فيزيدون من مستوى التصريح ثم يجدون أن النعرات قد خفَّت، وهنا أقول لهم: أيها الصارخون باسم النعرات المذهبية، كلما ازداد صراخكم زادت ثقتنا أن الوحدويين من السنة والشيعة أقوى منكم وأكثر منكم وأفضل منكم ولذا تنعقون ولا يسمع لكم أحد، وسيبقى حزب الله علماً للوحدة الإسلامية وللوحدة الوطنية، ولن ينظر إلى اللاهثين وراء التفرقة، هذا هو خيارنا وسنتابع حتى النهاية.

وأضاف:

جاء اتفاق الدوحة كحل لسلسلة من الأزمات التي طالت لسنة ونصف بالحد الأدنى، وبكل صراحة أقول لكم أن ما تحقّق في الدوحة هو ما طالبت به المعارضة منذ سنة ونصف، لأن مطالب المعارضة كانت واقعية، فقالت نريد الثلث الضامن ونريد حكومة مشاركة وقالت نريد الاتفاق على قانون انتخابات ونريد رئيساً توافقياً، وما قالته لم تغيِّره لأنه الحد الأدنى للمشاركة وأي تنازل عن هذا الحدّ الأدنى يُلغي المشاركة، وبعد سنة ونصف وصلنا إلى المشاركة، والحمد لله أننا وصلنا بعد سنة ونصف وليس بعد ثلاث سنوات، لأننا في النهاية بحاجة لأن نبني بلدنا، وأثبت اتفاق الدوحة أن الرهانات الناجحة تكون بيننا وليس على الأجنبي، وإذا أردنا ووقفنا معاً نبني لبنان السيد الحر المستقل وينتظم كل شيء. من هنا عندما انتخب رئيس الجمهورية وأعلن خطاب القسم، أعلنا أن خطاب القسم يحمل العناوين الإيجابية للعمل، والدور الأول للحكومة هو تدعيم التوافق والاستقرار السياسي الذي يؤسس للبناء والنهوض الاقتصادي والمعالجات الإجتماعية، فالمواطنون يريدون من يعالج شؤونهم ومشاكلهم لا من يستخدمهم للمآرب السياسية ولأطروحات ليس لها محلّ في لبنان، لنستفد من فترة الترنُّح الأمريكية لأن أمريكا اليوم في غيبوبة لمدة سنة، حيث لا يوجد حل في أي مكان، لا في العراق ولا في أفغانستان ولا في فلسطين، فالأولى أن ننتهز الفرصة قبل أن يصحو هذا الأمريكي مجدداً بقرارات وتوجهات، فنكون قد تماسكنا وقوينا، عندها لا يتجرأ أن يدخل إلينا، وإذا أردنا ذلك استطعنا، ونحن نعدكم كمعاضة أن نأخذ بيد أهلنا وأحبائنا من جماعة الموالاة لمصلحة أن نمنع أمريكا من أن تدوس لبنان بقراراتها، ليكون القرار اللبناني مستقلاً إقليمياً ومحلياً ودولياً.

وختم قائلاً:

لا بدّ أن نرسل التحية الكبيرة للأسير المحرّر نسيم نسر، ونحن ننتظر الحرية لكل الأسرى إن شاء الله تعالى، وعند كل عملية تحرير للأسرى يتبيّن جدوى الموقف المقاوم العزيز وكما قال سماحة السيد حسن نصر الله، نحن قوم لا نترك أسرانا في السجون، هذه ليست عبارة للإستهلاك المحلي، هذه عبارة عن موقف شريف لنصرة الإنسان.