الموقف السياسي

الكلمة التي إلقاها في احتفال بذكرى شهداء المقاومة في منطقة الأوزاعي في9-2-2008

إعلموا أن هذا الفشل الإسرائيلي سيحمل آثاره إلى الأجيال القادمة، ولذا سمعنا بالأمس نتنياهو يتحدث مع الإسرائيليين ويقول بأن علينا أن نعيد قدرة الجيش الإسرائيلي ليُخيف من حوله، ذلك أن الجيش الإسرائيلي اليوم هو الخائف، فكيف يُخيف من حوله، ونحن نقول لهم: لو أعددتم ما أعددتم، ووضعتم الأسلحة التي تتفوَّق على كل أسلحتنا وهي كانت كذلك، فإنكم لن تملكوا الإيمان والإرادة، وبالتالي ستُهزمون مرات ومرات على يد أبطال المقاومة الإسلامية كلما لاح لكم أن تعتدوا، ولكما لاح لكم أن بإمكانكم أن تفرضوا وجودكم، فمن ربط وجوده ودعمه بإيمان عظيم بالله تعالى لا يمكن أن ينهزم، وهكذا كان انتصار حزب الله في لبنان.

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في احتفال بذكرى شهداء المقاومة في منطقة الأوزاعي، ومما جاء فيها:

إعلموا أن هذا الفشل الإسرائيلي سيحمل آثاره إلى الأجيال القادمة، ولذا سمعنا بالأمس نتنياهو يتحدث مع الإسرائيليين ويقول بأن علينا أن نعيد قدرة الجيش الإسرائيلي ليُخيف من حوله، ذلك أن الجيش الإسرائيلي اليوم هو الخائف، فكيف يُخيف من حوله، ونحن نقول لهم: لو أعددتم ما أعددتم، ووضعتم الأسلحة التي تتفوَّق على كل أسلحتنا وهي كانت كذلك، فإنكم لن تملكوا الإيمان والإرادة، وبالتالي ستُهزمون مرات ومرات على يد أبطال المقاومة الإسلامية كلما لاح لكم أن تعتدوا، ولكما لاح لكم أن بإمكانكم أن تفرضوا وجودكم، فمن ربط وجوده ودعمه بإيمان عظيم بالله تعالى لا يمكن أن ينهزم، وهكذا كان انتصار حزب الله في لبنان.

أما فيما يخصُّ المشكلة اللبنانية، لا بدَّ لنا أن نترقب هذا الواقع الذي انهار، وأدى إلى هذه السلبيات الكثيرة التي تُقلق اللبنانيين. المشكلة في لبنان هي مشكلة سياسية بين المعارضة والموالاة، وليست مشكلة مذهبية بين السنة والشيعة، ولا مشكلة طائفية بين المسلمين والمسيحيين، البعض من جماعة الموالاة يريدونها مذهبية لإثارة مشاعر الناس، ويريدونها طائفية لإثارة مشاعر الناس، وفي كل مرة ندفن الفتنة ونُعلن بالفم الملآن أننا لا نقبلها، لا سنية شيعية ولا إسلامية مسيحية، نحن نواجه كمعارضة مشروعاً سياسياً للموالاة يرتبط بأمريكا، وفي المعارضة من كل الطوائف والمذاهب، وفي الموالاة من كل الطوائف والمذاهب، ولم نقل يوماً على منبرنا أو في خطاباتنا أننا نريد العمل لمذهب معيَّن، لقد قلناها بوضوح: نريد شراكة وطنية مع الآخرين، وقالوها بوضوح أنهم لا يريدوننا شركاء، ويريدون الإستئثار لتسليم البلد لأمريكا، إذاً أين المذهبية وأين الطائفية التي يحرِّضون من خلالها؟ والتي يحاولون التأثير على المشاعر، فليعلم الناس أننا لن نكون مذهبيين ولا طائفيين بل سنكون وطنيين في مواجهاتنا، وتشهد على ذلك الساحات السياسية والشعبية. وهنا، أيضاً لن نلجأ للخطابات التحريضية، ونحن نسمع الكثير من الخطابات التحريضية، من أجل شدِّ العصب في مواجهتنا، من يستخدم التحريض الطائفي أو المذهبي ضعيف، ومن يستخدم الخطاب السياسية المعلَّل والمبرَّر قوي، نحن أصحاب الخطاب السياسي ولسنا أصحاب الخطاب المذهبي أو الطائفي، لسنا كذلك ولن نكون لا اليوم ولا في المستقبل، لن نقول لكم تعالوا معنا لأننا من مذهب واحد، سنقول لكم تعالوا معنا لأننا نريد وحدة المسلمين ووحدة لبنان، فمن أرادنا كذلك أهلاً وسهلاً به، ومن أرادنا في دائرة الفتنة فلا نريده بيننا، ولا نريد أن نسير معه، وليفعل الآخرون ما يفعلون، واعلموا أنهم ضعفاء، ولذلك يثيرون المشاعر ولا يحرِّكون العقول، بينما نحن واثقون أننا مع الله ومع شعبنا ومع وطننا، ولذا لا نحتاج إلى الظلم، وكما قال إمامنا زين العابدين (ع):"إنما يحتاج إلى الظلم الضعيف"، أما القوي فلا يحتاج إلى الظلم، ونحن لا نحتاج أن نظلم ولا أن نكون مذهبيين وسنستمر كذلك إن شاء الله. وأنا أدعوكم أيضاً أن لا يضيق صدركم من بعض ما تسمعوه من شتائم واتهامات وتحريض، وأنا أعلم أنكم تضغطون علينا أحياناً لنردّ، وتقولون بأننا مقصِّرون، لا أبداً نحن لسنا مقصرِّين، نحن نفعل ما هو مصلحتكم ومصحلة هذا البلد، حتى أولئك الذين يشتموننا ويحرِّضون علينا مذهبياً وطائفياً، من رجال الدين وأنتم تعرفونهم بأسمائهم وبياناتهم ونشراتهم التي يوزِّعونها وكتبهم التي يحرِّضون فيها، أقول لكم أننا لم نرد على أيٍّ من كلامهم في الماضي، ولن نردَّ عليهم فنحن مطمئنون أن جماعتهم يلومونهم، بأنهم تركوا موقعهم الوحدوي والأخلاقي والدعوة إلى الله تعالى والتبشير بالوحدة، وأخذوا موقعاً ليس لهم، إذاً هم خاسرون عند جماعتهم، فلماذا نردّ عليهم؟ وندخل في سجال نخدم من خلاله مشروع الآخرين ولا نخدم مشروع الوطن. هنا أقول لكم: لا تردُّوا على كثرة الصراخ، ولا كثرة الإطلالات الإعلامية التي قد يحتاجها البعض، على قاعدة أنه إذا ملأ الشاشات ليل نهار، فإنه يؤثر في الناس، هو لا يعلم أن من كثُر كلامه كثر زللـه، وبالتالي الأخطاء التي يقع فيها كثيرة جداً، وأنا قلت قبل ذلك، نحن ندعوهم أن يكثروا من الإطلالات الإعلامية لأنهم ينكشفون أكثر فأكثر أمام الناس، فيريحونا من الردِّ عليهم، هذا الصراخ لن ينفعهم، لأنه صراخ في المجهول وصراخ في الفراغ وصراخ لا يغيِّر الحقائق. ما هي الأزمة في لبنان؟ السلطة في لبنان تجاوزت حدودها، وسيطرت على مقدِّرات البلاد ومنعت فريقاً كبيراً من اللبنانيين من مشاركتها، إستأثرت بالبلد وتجاوزت الدستور والأعراف والفئات المتنوعة، وللأسف أخذوا البلد إلى الإنهيار، هذه السلطة جرَّبت حظَّها منذ 11/11/2006 وحتى الآن، فحكمت بلا منازع، وخرَّبت بلا شريك، وانطلقت بدعم دوليٍّ منقطع النظير، فماذا كانت النتيجة؟ سيئات إقتصادية لا تعدُّ ولا تحصى، والناس يعيشون الجوع والمرارة والألم، خلل إداري لا يمكن إحصاؤه، فساد منتشر يُضيِّع البلد، عدم استقرار سياسي وأمني يعصف ببلدنا، هذه هي حصيلة أعمالهم، هذه حصيلة الإستفراد الذي قاموا به، إذاً ما الذي يرودونه منَّا، يريدون أن نوقِّع لهم حتى يحكموا البلد بشرعية نُعطيهم إياها وهم فاشلون في إدارتهم، نقول للموالاة أنكم لستم وحدكم، ولا تستطيعون الحكم وحدكم، نحن شركاء، ولبنان بجناحيه المعارضة والموالاة، ووحدكم لا تسطيعون النهوض، وإذا كنا معكم نساعدكم في سدِّ الثغرات والمضيِّ إلى الأمام، فاختاروا ما تشاؤون! لكن بطريقتكم الآن ستزيدون من الإنهيار وأنتم الذين تتحمَّلون المسؤولية، ولسنا أغبياء حتى نوقِّع لكم ونسمح لكم أن تأخذوا البلد إلى حيث تريدون، جرَّبناكم وتعبنا من تجربتكم، لا نريد تجربة إضافية، الشعب اللبناني لا يريد أن يكون وقوداً للمشروع الأمريكي، الشعب اللبناني لا يقبل الذلّ في مواجهة إسرائيل، الشعب اللبناني لا يريد ربطه بالمحاور الإقليمية والدولية، الشعب اللبناني يريد وطناً عزيزاً ومعالجة للمشاكل الإقتصادية والإجتماعية التي يعيشها. ماذا نفعل لكم إذا كان الدستور لا يساعدكم، كل مرة يقولون أننا نحن الذين نعطِّل، ألا تقولون بأنكم أكثرية نيابية! إذن تفضَّلوا، لم يتقدموا خطوة واحدة لأنهم لا يستطيعون الحكم بحسب الدستور بدون التعاون معنا، إذاً مدُّوا أيدكم كما مددناها لكم، وإلا فالمشكلة ستبقى مستمرة وأنتم مسؤولون عنها، وأقول لكم: لا تراهنوا على نفاذ صبرنا فصبرنا طويل، من أجل أن نعيدكم إلى جادَّة الصواب، وأعاننا الله تعالى على نفاذ صبركم لأنكم تسيئون كثيراً عندما يفرغ صبركم، وأعان الله الناس الذين سيحمَّلون المرارات بسبب استمراركم في الحكم، هذه هي مشكلتنا في لبنان.

أما المبادرة العربية فقد تعاطينا معها كمعارضة بكل إيجابية، وأكبر دليل على ذلك أن الإجتماع الرباعي انعقد، وأن النقاشات مستمرة، وأن السيد عمرو موسى سيعود مجدداً ليُتابع من حيث انتهى، هذا يعني أننا نتجاوب مع المبادرة العربية لأننا اعتبرناها مفتاحاً عربياً يمكن أن يساعد على الحل، وإذ بكم في الموالاة تتَّهموننا بأننا ضد المبادرة العربية، إذاً كيف اجتمعنا؟ وكيف ناقشنا؟ وكيف قبلتم أن تجلسوا معنا؟ قولوها بصراحة للناس، الكل يعلم أن الجنرال عون كان إيجابياً في الجلسة الأخيرة، وكان يُناقش بموضوعية ويقدِّم حلولاً من أجل المعالجة، وأنتم الذين رفضتم وقلتم لا، فإذا كانت عندكم الجرأة أخرجوا إلى الناس، وقولوا بأنكم ضد المبادرة العربية، لا تحاولوا أن تُلصقوا التُّهم بغيركم، على كل حال كل الشعب اللبناني سمع مندوبكم جعجع عندما تحدث بعد الإجتماع الأخير لجامعة الدول العربية، بأنه غير راضٍ على نجاح الإجتماع وغير راضٍ على المبادرة، ثم أسكتُّموه لأنكم نصحتموه بأن تدفعوا الأمور لتوهموا الناس أن المعارضة هي التي أفشلتها، لكن في الواقع كل الناس يعلمون من الذي يُفشل هذا الحل، ومن الذي يريده حقيقةً. قولوا للناس بصراحة بأنكم لا تريدون الشراكة، وأنكم لا تستطيعون التفرُّد، وأنكم تراهنون على الأمريكي وعلى مجلس الأمن، وقولوا للشعب اللبناني أنكم لا تقبلون الاستقلال النظيف، واعلموا أنكم بذلك تخطون الخطوة الصحيحة، أما أن يجري خداع الناس، فهذا لن ينفعكم أبداً. لاحظوا معي أنه في كل مرة يوجدون مشكلة غير موجودة ووهماً لم يفكر فيه أحد، ويقاتلونها وحدهم ويتَّهموننا بها، وآخر خدعة عندهم مسألة المحكمة الدولية، هم يقولون بأننا ضدَّ المحكمة الدولية، وأننا نعارضها ونواجهها، أقول لهم: من يتحدث في لبنان عن المحكمة الدولية، المحكمة الدولية لها مسارها، ومنذ سنة ونصف وهي تسير في مسار آخر عبر مجلس الأمن، ويعيِّنون القضاة واستأجروا المكان المقرَّر، وهناك خطوان موجودة، إذاً لماذا تفتعلون مشكلة لبنانية إسمها المحكمة الدولية، من يتحدث عنها؟ ومن يعترض عليها؟ ومن يضع خطط ضدَّها؟ هي تسير في مسارها الطبيعي، لكن لأنهم يعلمون أن فكرة المحكمة الدولية تغدغ بعض المشاعر، فيأتون بها ويتَّهموننا بها، علماً أنها خارجة عن الإرادة اللبنانية وعن الواقع اللبناني، لقد أصبحت في مجلس الأمن، ويتابعونها هناك، والوقت التي تأخذه هو الوقت الذي يرتبط بمتابعة مجلس الأمن، وليس للبنان معارضة وموالاة أي علاقة بها لا من قريب ولا من بعيد، لكن هم يجيدون الوهم ويحاولون إلصاق الأمر بنا.

وفي موضوع أحداث الشياح، فقد شكَّلنت منعطفاً خطيراً جداً كان يُراد له أن يحقِّق فتنة بثلاثة شعب: أولاً، الفتة بين الجيش والمقاومة، ثانياً الفتنة بين المسلمين والمسيحيين، ثالثاً إلغاء حق التعبير الشعبي لتخسر المعارضة أي قدرة لها على المستوى الميداني، لكن الحمد لله سقطت الفتنة بشعبها الثلاثة وانقلب السحر على الساحر، وخرجنا من هذه المصيبة أصلب وأقوى وأوضح، وبالتالي كل الناس يعروفون الحقائق. ما الذي حصل هناك، حصل عمل عدواني وإجرامي بحقِّ بعض المتظاهرين العزَّل، الذين لم يرتكبوا جريمة تستلزم إطلاق النار عليها، ومن اللحظة الأولى قلنا أنه يجب التحقيق ومن دون تحييد أحد، ومعاقبة المرتكب كائناً من كان وفي أي موقع الآن وإلى أي جهة انتمى، لم نتحدث عن جهات مشبوهة، ولم نشِر إلى من يعنيه الأمر بأنهم متَّهم، قلنا بأننا ننتظر نتائج التحقيق، وهنا نسجِّل خطوة إيجابية لقيادة الجيش اللبناني في مسار التحقيق، وإن شاء الله يُتابع هذا الأمر ونصل إلى نتيجة، ويعاقب المرتكبون، هذه مكرمة لمن يعاقبهم حتى ولو كانوا من داخل المؤسسة العسكرية، هذا لا يعني أن المؤسسة مدانة، إعلموا أننا كحزب الله نعتبر أن الجيش اللبناني بقيادته اتَّخذ قراراً حكيماً مسؤولاً بالتحقيق، وأن نظرتنا إلى الجيش اللبناني لم تتغيَّر، فلا تُغيِّرها حادثة مهما كانت كبيرة وخطيرة، نحن نتعاون لمعالجتها ونتعاون لمعاقبة المرتكبينن وليتحمَّل كل واحد مسؤوليته، ليكن واضحاً، بالنسبة إلينا الجيش اللبناني هو ضمانة السلم الأهلي، والجيش اللبناني في الخندق الواحد مع المقاومة، والجيش اللبناني هو الذي سيسير خطوات إلى الأمام في سبيل وحدة اللبنانيين بدل أن يكون طرفاً، هذه هي نظرتنا للجيش اللبناني، أمَّا أنتم الآن أصبحتم تحبُّون الجيش اللبناني، أنت تريدون توريطه، أنتم تريدون تغيير عقيدته، أنتم تريدونه لمصالحكم، بينما نحن نريده للوطن، على كل حال تجربتنا مع الجيش اللبناني تتجاوز العشر سنوات وأكثر، تجربتنا عظيمة على مستوى المقاومة، إذاً ما الذي تحيكونه حتى تسلّطون الأضواء وتحاولون إثارة المشاعر، هؤلاء أبناؤنا ويجب أن نعمل معاً، أمَّا المرتكبون فلا بدَّ أن يُعاقبوا،  والعقاب مكرمة للجيش اللبناني وحماية له.