نحن اليوم في لبنان واجهنا أخطر حرب يمكن أن تحصل في هذه المنطقة ، وهي الحرب العالمية الامريكية الاسرائيلية بالتواطؤ الدولي ، وباليد الاسرائيلية لإنهاء مقاومتنا واستقلال بلدنا لبنان تمهيداً لإنهاء الارادة الحية والاخلاق والاستقامة والموقف الجريء ، ولأنهم يريدون عنوان الممانعة والمقاومة في المنطقة بأسرها من بوابة لبنان ، لكن الحمد لله نجح المجاهدون والمجاهدات ، ونجح الشعب اللبناني ونجح حزب الله ونجح الجيش اللبناني ، نجحوا جميعاً في الاختبار ، فتحقق النصر الالهي الكبير ، أعجبهم أنه نصر إلهي أم لا ، فإذا رفضوا الرحمة الالهية ، فلن نستطيع أن نوصلها إليهم ، والحمد لله أننا فهمنا الرحمة واستوعبناها فرحمنا الله تعالى ونصرنا على الظالمين والمعتدين .
الحرب الامريكية الاسرائيلية على لبنان سلكت طريقين ، الأول عسكري والثاني سياسي ، أما العسكري ففشل ، وأما السياسي فهو مستمر منذ اللحظة التي أُعلن فيها فشل الاداء العسكري في لبنان ، ولذا يمكننا القول أننا الآن نعاني لسنة ونصف تقريباً من عدوان سياسي أمريكي إسرائيلي منظّم تعويضاً عن العدوان العسكري الفاشل الذي قامت به إسرائيل ، وللأسف هناك أدوات محلية تساعد في هذا العدوان ، فهمت ذلك أم لم تفهم ، تواطأت أم اندفعت من دون إدراك لحقيقة مواقفها ، وهذا في النهاية نستطيع أن ندركه وأن نعرفه من الحرص الاسرائيلي الكبير على أن تبقى الاوضاع في لبنان بهذه الشاكلة، أي أن تبقى حكومة السنيورة ويخاف عليها أولمرت وبوش ، لأنهم يريدون لهذه الحكومة أن تُكمل الدور السياسي الذي يمنع من قيامة لبنان المستقل عن الأداء الامريكي ، هذا بيِّنٌ بالنتائج بصرف النظر عن النوايا الحسنة أو السيئة التي يمكن أن تكون موجودة عند هذه السلطة .
نحن اليوم نعتبر أن الحرب التي حصلت على لبنان لم تكن على حزب الله فقط، هي حرب على الارادة والمقاومة والاستقلال ، هي حرب على لبنان الذي يستطيع أن يقف صامداً أمام الاعتداءات ، هي حرب على الكرامة الانسانية التي ترفض أن تسير في المخططات الامريكية ، والحمد لله فشلت هذه الحرب ، ونجحنا واستطعنا أن نخطو خطوات عظيمة إلى الامام . ما الذي يريده الطرف الآخر في لبنان ؟ هل هم يريدون رئاسة للجمهورية ؟ وأنا أستغرب عندما يبكون على رئاسة الجمهورية ، فقد كانت لدينا رئاسة جمهورية منتخبة بتعديل من مجلس النواب كما يريدون التعديل اليوم ، وكان الرئيس يمارس دوره بشكل طبيعي ، حتى أن مراسيم تشكيل الحكومة وتعيين الوزراء الحاليين كانت بتوقيعات الرئيس لحود ، وبقيت القرارات تصدر عن الحكومة ورئيس الجمهورية إلى 11/11/2006 ، أي لمدة سنتين من التمديد لرئيس الجمهورية لحود ، كيف قبلوا لمدة سنتين تواقيعه؟ وكيف قبلوا أن تتشكل حكومتهم من توقيعه ومن قراره؟ كيف واجهوا بعد ذلك تعطيل دور رئاسة الجمهورية لمدة سنة كاملة، وصادروا صلاحياتها وتجاوزوا الدستور ، وكذلك خرجت طائفة بكاملها من مجلسة الوزراء ولم يرفْ لهم جفن ، ولم يسألوا عن النص الدستوري في العيش المشترك ، واستمروا في جلساتهم وانتهاكاتهم للدستور ، وهم يعلنون أنهم يعملون لمصلحة البلد ، ويعلنون أنهم يريدون رئاسة للجمهورية ، هم من عطّل الرئاسة ، إذاً كيف يريدون رئاسة .
عندما توصّلنا إلى رئيس توافقي هو العماد ميشال سليمان ، أعلنا بوضوح أننا مع الرئيس التوافقي ، بل هم قالوا مرارً وتكراراً أنه طرحنا قبل أن يكون طرحهم ، وهنا علامة الاستفهام ، ترى لماذا طرحوه ؟ هل تنازلوا ؟ هل قدموا شيئاً للمعارضة ؟ هل وافقوا على التسوية ؟ أقول لكم لا ، هم وافقوا لأنهم يعتقدون بحاجتهم إلى معبر رئاسة الجمهورية ليدخلوا من خلاله بعد ذلك إلى القرارات التي يشاؤونها ، فإذا تعسّر معهم الامر لسبب أو لآخر ، مارسوا الضغوطات التي مارسوها سابقاً ، وعطّلوا دور رئاسة الجمهورية من خلال امتلاكهم لعدد في مجلس الوزراء ، وربما من خلال شرائهم لبعض الضمائر التي عوّدونا أن يشتروا من أمثالها ، عندها لا يكون انتخاب الرئيس إلا محطة لتكملة المشروع الذي يريدونه ، وليس حلاًّ للبنان . نحن قلنا لهم تعالوا نعمل لنكون شركاء ، وعندما نطالب بالشراكة فنحن لا نطالبهم أن يُعطونا من جيبهم ، ولا نريد جميلاً منهم ، نحن نطالب بحقنا الدستوري ، والدليل أن الثلث الضامن هو حقنا الدستوري هو أنهم لم يتمكنوا حتى الآن من أن يخطوا خطوة واحدة قانونية خلافاً للتوافق معنا بانتخاب الرئيس على قاعدة الثلثين ، إذاً لو لم يعطنا الدستور هذا الحق لما استطعنا أن نستخدمه ، فلا داعي إذاً لتشويش رأي الناس ، والحديث عن أنهم يقبلون أو لا يقبلون ، وهذا خلاف الدستور أو منسجم مع الدستور ، نحن جميع ممارساتنا ممارسات دستورية بدليل أنهم لا يستطيعون شيئاً ، وهم إنما تركوا الانتخاب بالنصف زائدً واحداً لا لأنه دستوري ، بل لأنه غير دستوري ، ولأنهم سيضعون رئاسة الجمهورية أمام مساءلة لست سنوات ، حول مشروعية هذا الرئيس أم لا ، عدا عن النتائج السلبية التي يمكن أن تنعكس في واقع البلد ، والذي لا يتحمّله البلد وهم لا يتحملونه أيضاً ، ولذلك لا يربّحنا أحدٌ جميلاً أنهم تركوا النصف زائداً واحداً ، هم لا يستطيعون ولا يسمح لهم الدستور . وقلنا لهم تعالوا إلى الثلث الضامن ، فما قصة الثلث الضامن ؟ ما هي مشكلته ؟ نحن اليوم كمعاضة نشكل أكثر من 45 بالمئة في المجلس النيابي ، وبشكل دقيق 53,45 بالمئة وهم يشكلون 53،54 بالمئة ، يعني لو كانت الحكومة مؤلفة من 30 وزيراً ، يعني عدد الوزراء بحسب الحصة النيابية 16،6 لهم ولنا 13،4. نحن قلنا لهم تعالوا للمشاركة لأن الرئاسة لا يمكن أن تنتخب إلا بالثلثين ، وعندها يكون لنا 13،4 ولكم الباقي ، ومن أجل استقامة الامور وبما أنه من الطبيعي أن يكون لرئيس الجمهورية حصة ، يأخذ منّا حصة ومنكم حصة، وهذه الحصة لن تؤثر بطبيعة الحال على الثلث الضامن وهو 11 ، لأن الحصة الباقية تستوعب أن نعطيه وأن تعطوه أيضاً ، قالوا لا نريد أن نعطيكم الثلث الضامن ، لماذا؟ قالوا لأن الثلث الضامن يجعل قرار البلد بيدكم ، كيف ذلك ؟ ففي الدستور قرارات استراتيجية ومحددة تتطلب ثلثين في المجلس الوزاري ، وكل القرارات الادارية الاخرى ومتابعة الامور التنفيذية في البلد تحتاج إلى النصف زائداً واحداً ، إذاً بإمكانكم أن تتابعوا كل قرارات البلد بشكل طبيعي ، وعندما يكون هناك مشكلة معينة نتعاون من أجل أن نتّخذ القرار ، قالوا ليكن رئيس الجمهورية هو الضامن ، كيف ذلك ؟ فإذا وافق معنا ولم يعطكم ما تريدون هجمتم عليه وافتعلتم مشكلة في البلد كما فعلتم الآن ، وإذا كان معكم ولم يكن معنا في القرارات الاستراتيجية المصيرية سنلومه ، وسنعتبر أنه هو الذي يسبب المشكلة ، إذاً ضعوا رئيس الجمهورية في الموقع الحيادي ، إجعلوه يتمكن من المساعدة في إدارة البلد ، فالقرارات العادية التي تمرّ في الدولة من الطبيعي أن يكون رئيس الجمهورية وازناً في رأيه فيغلّب رأياً على رأي بين المعارضة والموالاة ، أما القضايا الاستراتيجية فلا يمكن إلغاء المعارضة كلها بأطيافها المختلفة ، ولا يمكن تغييب أكثر من نصف الشعب اللبناني عن القرار الاستراتيجي والقرار والوازن ، ولذلك نحن نطالب بما يحمي البلد ويؤدي إلى أن نكون معاً . على كل حال نحن نعرف تماماً لماذا لا تريدون الثلث الضامن ، فمنذ حوالي شهرين ـ وأنا مضطر أن أكشف هذه المسألة ـ اجتمع أحد الشخصيات البارزة في لبنان مع السفير فيلتمان ، ونُقل لنا الحوار الذي جرى بينهما من خلال طرف ثالث ، وكان فيلتمان يقول بأنه أخبر جماعة 14 شباط بأنهم أمام خيارين لا ثالث لهما ، إما بالانتخاب بالنصف زائداً واحداً وإما بإبقاء حكومة السنيورة، وعندما سأله : لكن أليس الافضل أن نبحث عن طريقة معينة حتى يأتي النائب سعد الحريري على رأس الحكومة ، قال نحن نفضل أن يكون السنيورة وأن لا يكون سعد الحريري على رئاسة الحكومة ، لكن لا نستطيع أن نخطو هذه الخطوة فيما لو جرت الاجراءات العادية ، ولذا الافضل أن يكون الوضع مستمراً في إدارة حكومة السنيورة ولو طال الامر إلى الانتخابات النيابية القادمة ، على قاعدة أن السنيورة مضمون ، وأن النائب سعد الحريري ليس له قرار مستقر ، وبالتالي هو صنّفه بأنه ليس جديراً كما السنيورة ، لذا أنا أقول لكم الآن وأتحدى وهم يسمعوني ، إذا كان هذا الكلام غير صحيح ، بادروا غداً إلى انتخابات حتى يكون هناك رئيس للحكومة وحتى تتغير المعادلة ، وإلا مع الاستمرار سنفهم تماماً وسيفهم الشعب اللبناني أنه مطلب أمريكي في أن تستمر حكومة السنيورة إلى فترة طويلة ، لأنها تؤدي الغرض المطلوب وربما بالتوافق سيكون لبنان في وضع آخر لن تسطيع معه أمريكا أن تضع يدها عليه وأن تكون وصية عليه .
لقد سمعنا بالأمس بياناً مفصّلاً للرئيس السنيورة يردّ فيه على سماحة الامين العام السيد حسن نصر الله ، وهو طوّل البيان على قاعدة أن المحتاج إلى البروز وإلى أن يكون له قيمة معينة يتحرّش بالأوزان العظمى التي تعطيه شيئاً ، يعني يقولون عنه في النهاية أنه ردّ على سماحة السيد ، فيأخذ جراء ذلك وزناً معيّناً لأنه تكلم ، لكن مضمون الكلام هو مضمون مهترئ ، ليس فيه أي دليل يمكن أن يُقنع أحداً ، اعتبر أن حزب الله يريد أن يفرض فيتو على الحكومة ، من قال أن الثلث الضامن هو حزب الله ؟ الثلث الضامن هو حزب الله وحركة أمل وتكتل التغيير والاصلاح ، وبالتالي هناك عدة أفرقاء موجودين في البلد ، ومن حقّهم أن يشاركوا في الحكم . من قال أن نظامنا هو نظام أكثرية وأقلية ، هو نظام طائفي بديمقراطية توافقية ، إذا كنتم تريدون أكثرية وأقلية فتعالوا نخضع للأكثرية والاقلية في كل شيء ، فلا يخوفّنا أحد بالاكثرية والاقلية ، فأنتم لا تتحملونها ونحن لا نريد هذا المنطق ، وقد قبلنا بالمنطق الموجود ، لكن في كل وقت يُقال أن الديمقراطيات في العالم تعمل على أساس الاكثرية والاقلية ، نعم ذلك في البلدان غير الطائفية ، للبنان خصوصية عليكم احترامها ، والدستور هو الذي أقرّها وطلب الحفاظ على العيش المشترك . والبيان أيضاً يحاول أن يُخيف الناس بأن المشكلة إذا حصلت ، فهذا يعني أن المعارضة هي المسؤولة عن المشكلة ، مع العلم أن المعارضة عملت بأخلاقية عالية خلال كل هذه الفترة، وتحمّلت المصاعب والعقبات من أجل أن تُبقي البلد متوازناً ، لكن إذا أساؤوا كثيراً ، وأوجدوا أسباباً لكثير من المشاكل ، فمن الذي يتحمّل المسؤولية عندها ؟ هل يريدون أن نبقى نتعامل مع حكومة السنيورة على قاعدة أنهم يريدون كل شيء وهم ليسوا مسؤولين عن شيء ، عندما يخرج رئيس الحكومة ويقول نحن لسنا مسؤولين عن الامن ولسنا مسؤولين عن التدهور الاقتصادي ولسنا مسؤولين عن عدم الاستقرار السياسي ، ولا نقدر أن نحاكم قضائياً في لبنان لاعتبارات مختلفة ، ولا نستطيع أن نعالج المشكلة الاجتماعية ، إذاً ماذا تعمل هذه الحكومة ؟ ما هي إنجازاتها ؟ إن أفشل حكومة مرّت على لبنان هي حكومة السنيورة ، ثم تتحدثون عن الدين العام ، الناس تعلم أن الدين العام وصل إلى 45 مليار دولار ، لكن من الذي أوصل البلد إلى هذا الدين ، أليست السياسة المالية التي كان يُشرف عليها السنيورة في الحكومات المتعددة ، وهو حاول أن يطبِّقها أيضاً في هذه الحكومة ، ويُعتبر اللبنانيون مدينين بكل هذه الفوائد المختلفة لهذه الارقام العالية بسبب هذه السياسة الخاطئة التي سبّبت لنا هذه المشكلة وهذا الدين الفاحش الذي يقع على عاتق لبنان . في المسألة الامنية لم يكتشفوا حتى الآن ولا أي جريمة من الجرائم التي ارتكبت ، مع أن الاجهزة الامنية بيدهم والسلطة عندهم ، وهم من يتّخذ القرارات ، فإذا كنتم عاجزين لماذا تتسلطون على الحكومة وتصادرون الرأي العام ، يفتخر السنيورة أنه أنجز خلال الفترة السابقة أي حوالي سنة تقريباً قرارات بلغ عددها 4910 قرارات ، يعني 4910 مخالفات للدستور ، هذه نقاط سلبية تدينه عندما يكون هناك من يجرؤ على محاكمة المسؤول ، ويقول له من أين لك هذا ، ويقول له كيف خالفت الدستور وأضرّيت بالناس وأوصلت النتائج إلى هذه الحالة السيئة والسلبية .
إذاً نحن اليوم أمام هذه الوضع المعقد الذي نواجهه ، من المفيد أن يفهم الجميع أننا نريد الحل ، لكنهم لا يريدون الحل ، هم كل يوم برأي ، كنت أتمنى لو أنهم رفعوا شعاراً مرة واحدة وبقوا عليه ، مرة يقولون بأن قائد الجيش منحاز وليس مؤهلاً ، وفي يوم آخر يصبح مقبولاً ، مرة يعترضون على الجيش ويريدون تغيير عقيدته القتالية ، يعني يريدون تغيير موقعه في الصراع مع العدو الاسرائيلي وتوجيهه إلى صراع آخر ، بحيث يعتبر العدو الاسرائيلي صديقاً وجاراً وحليفاً ، ومرة أخرى يخرجون عن هذا الامر لاعتبار أن الامور مفضوحة ، هم لم يلتزموا معنا بالتزام ووفوا به ، أسقطوا التحالف الرباعي فلا عهد لهم ، خالفوا اتفاق الرياض قبل أن يصل المندوبان إلى مطار بيروت ، ثم بعد ذلك بُلِّغنا حوالي أربع مرات بأن الفريق الآخر في الفترة الماضية وافق على الثلث الضامن ، ثلاثة منها من خلال سفير دولة عربية ثم يخالفون في الصباح ، كيف يمكن أن نطمئن لهم ونثق بهم . هم يقولون اليوم تعالوا ننتخب الرئيس وبعد ذلك نحلّ المشكلة ، نحن نسألهم كيف تحلّون المشكلة ؟ من الآن تقولون أنكم لا تريدون حكومة وحدة وطنية ، من الآن تقولون أنكم لا تريدون إعطاء الثلث الضامن ، من الآن تقولون أنكم ستضعون العراقيل أمام المشاركة، فهل المطلوب منا أن نسهّل لكم بأن يأتي رئيس لا يتمكّن من الحكم ، ولا يتمكن من أن يدير البلاد بطريقة صحيحة ، نحن نعتبر أن موقفنا الرافض إلا للسلة الواحدة هو تحصين لرئاسة الجمهورية ولرئيس الجمهورية القادم ، وفي نفس الوقت هو تحصين للحكومة وللقرارات التي يمكن أن تتخذها لاحقاً . وربما سأل البعض : إلى أين نحن متجهون ؟ هذا سؤال لهم ، لأنهم هم الذين يربكون الوضع ، هم من يمنع الحل ، فما الذي يمنعه أن يتفقوا معنا بحسب الدستور ؟ ما الذي يمنعهم أن نكون شركاء في النهضة بالبلد ؟ نحن لا نثق بوعودهم ونقولها بكل صراحة ، لذا نريد ترجمة الاتفاقات بطريقة دستورية كي لا يُعطينا أحد من كيسنا ، عندها نتحمّل المسؤولية بحسب التمثيل وبحسب ما يسمح لنا الدستور ولن نكون خارجه . عجيب أمرهم ، هم يتحدثون عن الطائف ، أبداً لم يتحدث مسؤول من حزب الله وحتى من المعارضة أنه يريد تغيير وتعديل الطائف ، وهم في كل مرة يتّهموننا على قاعدة أنهم عندما يفعلون ذلك فهم يجعلون الناس تخاف منّا، أنا أريد أن أطمئنهم أن تأييدنا اليوم في الشارع المسيحي والاسلامي أكبر بكثير من أي مرحلة سابقة، وهذا بسبب سوء إدارتكم وسوء تصرفاتكم ، لاحظوا استطلاعات الرأي العامة فستجدون أن المعارضة تقدمت إلى الامام في التأييد الشعبي بينما الموالاة تراجعت إلى الوراء ، خاصة أن فيها بهلوانيين يغيِّرون في كل يوم رأيهم وموقفهم فلا يقرّ لهم قراراً ولا يفهم لهم موقف ، وأنا بالفعل أُشفق على الناس عندهم لأنهم أهلنا وأحبتنا وأبناء وطننا وشركاءنا ، ولكن بعضهم مضطر لمصالحه وظروفه أن يسير معهم ويرفع شعاراتهم ، لكن نحن ندرك تماماً كم يؤاخذونهم ويلومونهم على الفرص التي ضيّعوها من أجل المشاكة والتعاون .
نحن اليوم نريد الحل ، فكيف يكون الحل ؟ لا تتعبوا أنفسكم فلا هي شروط ولا هي تعجيز ، الحل من ثلاث نقاط : أولاً تعالوا ننتخب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية بشكل توافقي ،ثانياً تُوزّع الحصص الوزارية بحسب التمثيل النيابي على أن لا يكون هناك خلل في تمثيل المعارضة ، يعني أن يكون لها الثلث الضامن بالحد الادنى ، ثالثاً تفضلوا إلى حوار مع ممثل المعارضة واختاروا الممثل الذي تريدونه ، وتعتقدون أنه يحمل آراءكم لمعالجة بعض التفاصيل التي تسهِّل عملية الانتخاب ، وأعتقد أنه خلال لقاء أو لقاءين تُحلّ كل المشاكل عندما تكون هناك نية صادقة ، لأن التفاصيل المطلوبة عادية جداً ، وهي تحصين للرئاسة والحكومة وليست شروطاً تعجيزية أبداً ونحن لم نُعلن عن الورقة لنترك الفرصة للأخذ والردّ ، وبالتالي نخرج معاً لا غالب ولا مغلوب ، لأن ما يجري في داخل الجلسات سيكون عبارة عن تسوية واتفاق بهذه المسارات الثلاثة، عندها نستطيع أن نبدأ من جديد في لبنان ونعالج أزمة الثقة تدريجياً من خلال السلوك العملي ، ونقف مع بعضنا البعض من أجل إنقاذ لبنان . هل تظنّون أنكم إذا تترّستم بأمريكا ستنجحون ، لن تنجحوا ! فإسرائيل تترّست بأمريكا ولم تنجح ، لأننا لن نقبل أن تذهب دماء الشهداء سدىً ، ولن نقبل أن يعود الشعب اللبناني ملحقاً بالوصاية الامريكية ، ولن نقبل أن يقف رئيس وزرائنا الفاقد للشرعية مرعوباً مرهوباً عندما تتصل به رايس لتُعطيه الامر اليومي حتى يتحرك ويعمل . نحن نريد رئاسة وحكومة تعمل بإرادة الشعب اللبناني، لا بإرادة أمريكا ، أمريكا مكشوفة فها هو بوش يُصدر الاوامر من هناك ، لأنه وجد أن المرسلين من قبله لا يوصلون الرسالة بشكل جيد ، حتى اضطر أن يُعطي الدرس عبر وسائل الاعلام ، ويأمرهم بالانتخاب بالنصف زائداً واحداً ، لكن هم لا يستطيعون ذلك لأن هذا الامر يخرِّب البلد وهو مخالف للدستور .
ليكن معلوماً ، لبنان لن يكون قاعدة سياسية أمريكية ، ولا قاعدة سياسية إسرائيلية للتوطين ولغيره ، لبنان سيبقى لأهله ، حراً عزيزاً مرفوع الرأس ، يُعطي الدروس للعالم ولا يأخذ المواعظ ، لا من هذه الوصاية ولا من تلك ، هذا أمر يجب أن يكون واضحاً للجميع .
قد يظن البعض أنه يمكن أن يحرج المعارضة بحيث ماذا يمكنها أن تفعل وحكومة السنيورة تتخذ القرارات ، على الأقل المعارضة استطاعت أن تمنع النصف زائداً واحداً ، المعارضة رفعت الصوت وكشفت بشكل واضح أمام العالم بأسره أنه يوجد مشكلة في لبنان ، واستطاعت أن تمنعهم من مخططاتهم ، وهي قادرة على أن تستمر في ذلك مهما طال الزمن .
يجب أن نعلم أن لبنان اليوم على مفترق طرق ، ولا نقبل أن نعود إلى الوراء ، ونحن قادرون أن نتقدّم إلى الامام ، وفي هذه المرحلة الصعبة قادرون على الصمود بالحدّ الادنى ، المطلوب منا أن نصمد ، وبالتأكيد قوى السلطة لن تستطيع أن تتقدّم ، ولن تستطيع أن تحقّق ما تريده أمريكا ، وهي ستعجز وستفشل وسيبرز هذا الفشل يوماً بعد يوم .
من هنا، علينا أن نحصن أنفسنا وأن نحصن داخلنا بشكل كبير ، والتقدير الكبير للأخوات العزيزات على خضوعهن لهذه الدورات الثقافية الجيدة والمتينة، يجب أن تعلمن بأن ما تفعلنه اليوم هو الأساس المتين الذي يجعل الإسلام صامداً في قلوبنا وعقولنا ، فتصبح كل واحدة منكن لواءً من ألوية الإسلام، نحن لا نريد جماعة تجتمع معنا وتصفق معنا وعند أول امتحان تتركنا، نحن لا نريد أن تسجل استطلاعات الرأي أن اليوم عندنا 70% وغداً 60% أو 50 وأصبحوا 80%، وبالأصل ما يغيظ الآخرين أن الذي عندنا عندنا والذي عندهم يأتي إلينا، هل يعتقدون أن مكانتنا ودورنا وعددنا كما كنا في عدوان تموز؟ لا، بل أكثر بكثير ، وبالتالي هذا دليل أننا نسير على خط ثابت ورؤية ثابتة. وأنصح الأخوات أن يتابعن في هذا الطريق، واليوم ليس أمامنا التحدي السياسي فقط إنما عندنا تحدٍّ ثقافي وأخلاقي، وسائل الإعلام كلها تعمل اليوم من أجل إخراج المرأة من حيائها بالكامل حتى لا يبقى لها قدرة على التربية بالأصل، وتصبح هي نقطة الإفساد المركزية، بينما أرادها الإسلام نقطة الإصلاح المركزية، ومن خلال هذه الدورات نستطيع أن نصل إلى هذه المكانة العظيمة. رسول الله(ص) يقول:"العلم رأس الخير كله، والجهل رأس الشر كله"، فأنتم عندما تتعلمون تدخلون في هذا الخير ، ويقول الرسول(ص):"أقرب الناس من درجة النبوة أهل العلم والجهاد"، ولا يذهب بكم الأمر أنكم عندما تتعلمون فأنتم بعيدين عن المسرح الجهادي، فالجهاد ليس قتالاً فقط، الجهاد جهاد النفس ودفع الآخرين إلى القتال ، وحماية الجبهة الخلفية ، كل هذا جهاد في سبيل الله تعالى، هذا هو التكليف الموجود وهذه هي العظمة، أن تكون المرأة خزان التربية والتوجيه والتعليم والجهاد وأن يمارس الشباب الدور التنفيذي للجهاد لتتكامل الأدوار مع بعضها البعض، أمير المؤمنين علي(ع) يقول:" من سكن قلبه العلم بالله سكنه الغنى عن خلق الله"، كلامٌ عميق ، فعندما تكون مع الله تعالى فلا تحتاج إلى أحد، وعندما نقول للآخرين على المنابر : نحن لا نخاف إلاَّ من الله تعالى، فيقولون هذا صفُّ كلام فقط، ونقول أنه لو اجتمعت الدنيا بأسرها لن يغيِّر فينا أحدٌ شيئاً ما دمنا مع الله لأن الله تعالى أكبر، فلا يصدقون هذا الأمر، وذلك لعدم فهمهم وإدراكهم، تصوروا أو واحدة منكن سكن الله تعالى في قلبها فهل تهاب شيئاً أو تعمل حساب لأحد؟ إذا ابتلت بالفقر تتحمل، وإذا ابتلت بالتهجير تتحمل، وإذا ابتلت بالولد تتحمل، لأنها تعلم أنها تُسجَّل عند الله تعالى وأنها تقتدي بالزهراء(ع) وزينب(ع) ، نحن نريد أن يوصلنا هذا العلم إلى المكانة العظيمة، وصحيح أننا اليوم نتكلم عن النبي(ص) والأئمة(عم) والسيدة الزهراء(ع) فنحن كلنا لا نقدر أن نصبح مثلهم، ولكن نقدر أن نقرِّب بدرجات السلم ، فلو افترضنا أن السلم مائة درجة، فليس من الضرورة أن يكون الواحد بدرجة رقم 10، ليكن بالستين أو السبعين . سأذكر قصة مع أحد أصحاب الإمام الحسين(ع)، فهذا الذي تربى على يد الإمام الحسين(ع) كيف يفكر فتفكيره وكلامه تفكير نبوة وإمامة، وطبيعي أنه إذا سكن الله والنبي والأئمة في قلبه فأكيد منطقه سيكون منطقا نبويا وإلهيا.
" جاء رجلٌ إلى الإمام الحسين(ع) فقال: يا ابن رسول الله قد ضمنت دية كاملة وعجزت عن أدائها، فقلت في نفسي: اسأل أكرم الناس(وهو الإمام الحسين(ع)) وما رأيت أكرم من أهل بيت رسول الله(ص).
فقال الإمام الحسين(ع):" يا أخا العرب أسألك عن ثلاث مسائل، فإن أجبت عن واحدة أعطيتك ثلث المال، وإن أجبت عن اثنتين أعطيتك الثلثين ، إن أجبت عن الكل أعطيتك الكل.
فقال الاعرابي: يا ابن رسول الله أمثلك يسأل عن مثلي وأنت أهل بيت العلم والشرف؟!
فقال الإمام الحسين(ع): سمعت جدي رسول الله(ص) يقول : المعروف بقدر المعرفة.(سأرى ما وزنك بالمعرفة، وطبعاً يوجد حكمة عن الإمام الحسين(ع) من هذا التصرف)
فقال الاعرابي: سل عما بدا لك يا ابن رسول الله، وإن علمت أجبت وإلاَّ تعلمت منك ، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله العلي العظيم.
فسأله الإمام الحسين(ع): أي الأعمال أفضل؟ فقال الاعرابي: الإيمان بالله.
فقال الحسين(ع): فما النجاة من المهلكة؟ فقال الاعرابي: الثقة بالله.
فقال الحسين(ع): فما يزين الرجل؟ فقال الاعرابي: علم معه حلم.
فقال(ع): فإن أخطأه ذلك؟ فقال: مال معه مروءة.
فقال(ع):فإن أخطأه ذلك؟ فقال: فقر معه صبر.
فقال(ع): فإن أخطأه ذلك؟ فقال: فصاعقة تنزل من السماء وتحرقه فإنه أهل لذلك.
فضحك الإمام الحسين(ع) ورمى بِصرَّة فيها ألف دينار وأعطاه خاتماً فيه فص قيمته مائتا درهم، وقال: يا اعرابي أعط الذهب إلى غرمائك، واصرف الخاتم في نفقتك، فأخذه الاعرابي وقال: الله أعلم حيث يجعل رسالته".
فهذا شخص نهل من الإمام الحسين(ع) ووصل إلى هذه النتيجة، وإن شاء الله تكون كل واحدة منكن على مستوى عالٍ جداً.
وأنصحكم نصيحة أخيرة ، هذه الدورات ستأخذون منها نتائج ، فاعتبروا هذه النتائج بداية الطريق وليست نهاية الطريق، واستمروا بالمطالعة والتثقيف والتعرف على الإسلام، فستنفتح عندها أمامكم أبواب كثيرة ، فمن كانت تبحث منكن كيف يسكن الله تعالى قلبها ستجده يسكن قلبها إن شاء الله تعالى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.