ومما جاء فيها:
نحن اليوم في لبنان نتصرف مع الأبواق الأخرى بأخلاقنا، لو أردنا أن نرد عليهم شتائمهم واتهاماتهم الكاذبة، وتلفيقاتهم المتكررة في الأسلوب نفسه الذي يتصرفون به لكنا مثلهم، ولكننا نريد أن نكون جماعة مؤمنة تخشى الله تعالى، وتعمل لرضوانه، لذلك نحن ملتزمون بالضوابط الأخلاقية والشرعية، لا نشتم كما يشتمون، ولا نكذب كما يكذبون، ولا ندَّعي غير الحقيقة، ولا يكلفنا هذا الأمر إلاَّ قليلاً ولكن بعد ذلك الناس تعرف وتفهم.
رأينا كيف أن المجاهدين في غزة واجهوا ببسالة رائعة كل هذه القوة الإسرائيلية، وغزة لم تكن أمام حرب مع إسرائيل إنما كانت أمام حرب مع العالم، لأن من يدعم إسرائيل هو أمريكا وأوروبا ومجلس الأمن ودول كبرى، ومنهم من يقول بأن الحق على الفلسطينيين وهم يموتون في كل يوم من الاعتداء الإسرائيلي! وأما إسرائيل فهي معذورة وهي مضطرة أن تقتلهم وتدمرهم! إسرائيل هي التي اعتدت، ولكن الحمد لله نستطيع القول أن المجاهدين الفلسطينيين في غزة ربحوا، ربح المشروع المقاوم جولة وخسرت إسرائيل جولة، والآن تعيش إرباكات: كيف استطاعت المقاومة الفلسطينية أن توصل رماياتها بصواريخها إلى القدس وتل أبيب، وأن تجعل الوضع الداخلي الإسرائيلي كله في خطر، وليس الوضع الفلسطيني فقط، هذا أمر كبير وله ارتداداته والحمد لله على هذه النتائج.
أما الجماعة هنا في لبنان فالمشكلة أنهم يعتقدون بمقاطعتهم للمجلس النيابي والحكومة يستطيعون تحقيق أهدافهم، هذه المقاطعة تؤثر في تعطيل مصالح الناس، وتؤثر في تعطيل الاستحقاقات القادمة ومنها الاستحقاق الانتخابي، من يريد انتخابات في لبنان عليه أن يهيء الفرصة ليجتمع المجلس النيابي ويناقش قانون انتخابات جديد، فالكل يلعن قانون الانتخابات المعمول به وهو قانون الستين، ولكن عملياً كأنهم يقولون: قانون الستين مرفوض والقانون الجديد لا يمكن أن نقرره يعني هم لا يريدون إجراء انتخابات نيابية في موعدها، وإذا أرادوا إجراء انتخابات نيابية في موعدها فليتفضلوا إلى المجلس النيابي ليناقشوا قانون الانتخابات، ربما يكون البعض منهم يضيِّع الوقت حتى نكون أمام قانون الستين، وهذه الطريقة من أجل الوصول إلى القانون الذي يريدونه، لكن هم عندما يقومون بحالة المقاطعة فسيكون البلد مشلولاً، وعندما يكون البلد مشلولاً لا يمكن أن تحصل فيه انتخابات نيابية.
يجب أن نعود للحوار بالتفاهم ونضع خطوات عملية من أجل أن يكون البت بالشكل المناسب، وهم يتهموننا اتهامات كبيرة، وأنا أسألهم
هل بإمكانكم تغطية من تعامل مع إسرائيل خلال الفترات السابقة وهاجم لبنان وشكل خطراً عليه، وطوَّل مدى الاحتلال الإسرائيلي للبنان، وكان في مقدمة الاجتياح سنة 82، أن يلغي هذه الصورة من أذهان اللبنانيين ويصبح شريفاً اليوم فقط لأنه في موقع سياسي جديد ومن أجل أن يستثمر وجوده، أو لأنه غيَّر في الاتجاه الذي كان موجوداً فيه سابقاً والذي أدَّى إلى اغتيالات وأعمال شنيعة ترتبت على الواقع اللبناني؟
هل يريدوننا أن نقبل بحكومة كانت غير دستورية عطَّلت البلد لمدة سنة ونصف ولم تراعِ التشكيل القائم بين الطوائف المختلفة في هذا البلد؟
هل يريدوننا أن نربط لبنان بالأزمة السورية كما فعلوا، وسببوا المشاكل الكبرى بسبب دخول لبنان في الأزمة السورية المفتوحة إلى أجلٍ غير مسمى؟
هل إذا أطلقوا سهامهم على المقاومة يحققون إنجازات داخلية؟
لا والله، إطلاق السهام على المقاومة لإضعافها خدمة مجانية كاملة للمشروع الإسرائيلي، لا تستطيع معه إسرائيل أن توفيهم حقوقهم من الشكر ليل نهار على هذه المواقف التي تحاول أن تجعل المقاومة ضعيفة، ولكن لن تكون المقاومة ضعيفة إن شاء الله تعالى، سنتجهز أكثر فأكثر، وسنتسلح أكثر فأكثر، وستبقى المقاومة في الميدان تتحدى وتتصدى لتقول: بأن من حرر أولاً لا يمكن أن يتراجع بعد ذلك، ومن هزم إسرائيل مرة لا بدَّ أن يهزمها مرات ومرات، ومن ذاق طعم الاستقلال والعزة لا يمكن أن يقبل الذلة ولا الاستسلام ولو رضيَ البعض، ونحن نريد لبنان السيد الحر المستقل، ولا نرضى أبداً أن نكون عبيداً لأحد ولا أن نكون تحت وصاية أحد.