الموقف السياسي

من يريد أن ينتزع المقاومة يعني أنه يريد أن ينتزع القلوب والعقول / الكلمة التي ألقاها في حفل التكريم الذي أقامته ثانويتا المصطفى (ص) والبتول (ع) للفتيات المكلفات في قاعة مدرسة المصطفى الغدير في 25/4/2010

من يريد أن ينتزع المقاومة يعني أنه يريد أن ينتزع القلوب والعقول

بحضور المستشار الثقافي الإيراني السيد محمد حسين رئيس زادة. وكانت كلمة لجمعية التعليم الديني الإسلامي ألقاها نائب المدير العام الشيخ علي سنان.

ومما جاء فيها:

في الفترة الأخيرة واجهنا نوعين من التهديدات على لبنان: النوع الأول، التهديدات الاسرائيلية بالحرب على لبنان، وهذه التهديدات كانت لصرف الأنظار عن الأزمات التي كانت تعيشها إسرائيل وعن مأزق أزمة الوجود الذي بدأ النقاش فيه في داخل الكيان الإسرائيلي، إذاً لم تكن التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان جدية وفعالة، وإنما كانت للتغطية على ما يحصل في داخل إسرائيل من احتلال منظَّم للأراضي العربية في القدس، وتهجير لبعض الفلسطينيين من الضفة الغربية والعمل على حصار غزة من المياه والكهرباء والخدمات الانسانية الأخرى، وكذلك تعطيل التسوية، وهذه هي الحالة التي تعيشها إسرائيل. لم نقتنع يوماً أن تهديدات إسرائيل مهمة بالنسبة إلينا، سواء أكانت جدية أو غير جدية، فكيف وهي بهدف صرف الأنظار عن الأسلحة النووية في داخل إسرائيل، وعن المشاكل التي يعيشها المجتمع الإسرائيلي، وعن القلق والخوف على المصير، وهم يناقشون حول جدوى وجود الكيان الإسرائيلي إذا كان كياناً غير آمن بينما هم جمَّعوا اليهود من العالم على قاعدة أن يعيشوا في كيان آمن، وهم لم يستطيعوا ولن يستطيعوا. من هنا، هذه التهديدات الفارغة من المحتوى والأثر تراجعت عنها إسرائيل، لم يكن التراجع عن التهديدات الإسرائيلية مكرمة، ولكن تبيَّن أن التهديدات الإسرائيلية ضد لبنان تحولت إلى تهديدات إسرائيلية ضد المجتمع الصهيوني، في داخل إسرائيل خافوا من التهديدات ضد لبنان، لأنهم يعلمون ماذا يعني أن تواجه إسرائيل حزب الله، وماذا يعني أن يكون هناك احتكاك بين مقاومين شرفاء أصحاب أرض وبين مغتصبين محتلِّين أصحاب مجازر، وقد تبيَّن أن هذه التهديدات أخافت المجتمع الإسرائيلي فأرادوا رفعها من التداول، لأن آثارها انعكست على إسرائيل ولم تنعكس على لبنان، لأننا بصراحة كنا نسمع تلك التهديدات وكنا نتساءل لماذا يفعلون هذا؟ لكن هي لم تؤثر فينا ولم تقلقنا، وبالعكس فقد اعتبرنا أن كثافة التهديدات دليل على عدم قدرة إسرائيل أن تصنع شيئاً. وهنا نؤكد أن المقاومة لها حق في أن تكون موجودة وفاعلة، هذا الحق ثبَّته البيان الوزاري وثبَّته الشعب اللبناني بالتفافه حول المقاومة، لذا نحن الآن أمام ثلاثي المقاومة: الجيش والشعب والمقاومة، كلهم مقاومون، وهؤلاء يشكلون قوة حقيقية لمصلحة لبنان، هذا الالتحام والتفاعل بين الجيش والشعب والمقاومة جعلنا في طريق البحث عن تطوير آليات العمل، وعن استثمار هذه القدرات الكبيرة المتوفرة لدينا من أجل أن نكون جاهزين استراتيجياً وليس تكتيكياً فقط لأي تطورات تتعلق بتحرير الأرض أو بمواجهة الأخطار الإسرائيلية، الآن انتهينا من مرحلة حق لبنان في المقاومة، وانتقلنا إلى مرحلة جديدة بعد التجربة التي قمنا بها وأثبتت نجاعتها، وهي تجربة النموذج المقاومة والمتجذِّر والمطلوب تعميمه على كل المنطقة، ليصبح السبيل الطبيعي لمواجهة الأخطار التي تقوم بها إسرائيل ومن وراء إسرائيل، اليوم ما عدنا نناقش هل يجب المقاومة في لبنان أم لا، انتيهنا من هذا، اليوم دخلت المقاومة إلى البيت والثقافة والعقل والروح، فمن يريد أن ينتزع المقاومة يعني أنه يريد أن ينتزع القلوب والعقول، وهذه العقول والقلوب المقاومة لا يمكن يزعها، لقد حاولت ذلك إسرائيل وانتُزعت هي من أرضنا، اليوم نحن في مرحلة نبحث فيها عن تطوير هذا النموذج وكيف نحسِّنه ونطوره، لأن التحديات الموجودة لا يمكن مواجهتها إلا بالمقاومة.

الأمر الثاني، التسريب الإعلامي الأمريكي عبر صحيفة خليجية بوجود أسلحة سكود بين سوريا ولبنان، وهذا التسريب الأمريكي أراد أن يُحدث ملهاة في منطقتنا، لينصرف الناس عن الفشل الأمريكي المتكرر في كل أمر يتدخلون فيه، اليوم بنظرة شاملة للعالم نجد أن أمريكا فشلت في أفغانستان وفي العراق، وفي التسوية في فلسطين وفي الضغط على إيران وسوريا، وفي محاولة فرض الوصاية على لبنان وأمور أخرى كثيرة، فأمريكا متعثرة في المنطقة وهي تريد من حين لآخر أن تصرف النظر عن عثراتها وأخطائها بالحديث عن قضايا يناقشها الناس وتملأ الإعلام، وهذا لن ينطلي علينا، وإضافة لذلك ما علاقة أمريكا إذا كنا نتسلح أو لا نتسلح؟ ومن الذي يحدد لنا كمية وقدرة السلاح؟ هذا أمر يعنينا فنحن ندافع عن أرضنا وعن كرامتنا، ولا نأخذ الكرامة منهم، عندما تسلَّطت أمريكا على منطقتنا حرمتنا من خصوصياتنا واستقلالنا وسيادتنا، وعندما بزغ فجر المقاومة استعدنا الكثير من هذه الأمور.

قرأت اليوم تصريحات فلتمان حول الخبرية الأمريكية عبر الصحافة الخليجية، يعني ليس الموضوع اليقيني والمؤكد، فحتى الخبرية غير مؤكدة لديهم، يقول فلتمان بأنه قلق وأن اللبنانيين قلقون من تسلح حزب الله، نسأل من وضعك يا فلتمان وصياً على لبنان ومن قال أننا نهتم لقلقك؟ وهل تعلم أن اللبنانيين اليوم أكثر راحة من أي وقت مضى لأنك خرجت ومن معك من لبنان، ولم تكن للوصاية أي فعل في ساحتنا، وبزغ فجر الجيش والشعب والمقاومة ليتصدى للمشاريع الأمريكية الإسرائيلية، هم يريدون إحداث فتنة في لبنان. الحمد لله اللبنانيون مرتاحون في لبنان، بدليل أنهم يخضون الانتخابات البلدية بشكل طبيعي، ويتاجرون ويسهرون، وهذا ببركة المقاومة التي أخرجت إسرائيل من لبنان، وببركة إخراج الوصاية الأمريكية من السيطرة. أنا أقدر الآلام التي يعيشها فلتمان لأنه فشل خلال خمس سنوات من أن يحول لبنان إلى مزرعة أمريكة، فرأى لبنان حصناً مقاوماً أبياً في مواجهة إسرائيل ومن وراء إسرائيل. أما الغيض الذي أصابه من اللقاء الثلاثي في دمشق بين الرئيسين الأسد ونجاد والأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله حفظه الله، فهو تحدث عن قلق كبير من هذا المشهد، الحمد لله سمعنا مقالة فلتمان أنه قلق من هذا اللقاء الثلاثي، وهذا يعني أن اللقاء كان إيجابياً ومجدياً ونافعاً، وإن شاء الله يسري هذا القلق إلى كل زاوية في إسرائيل ولكل الذين يعادون حقنا في استعادة أرضنا وكرامتنا، نحن فخورون وسعداء بهذا اللقاء. على كل حال نحن في لبنان قطعنا شوط الوصاية الأمريكية وأصبحنا في محل الفعل المقاوم في لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته.

في اعتقادي أن الانتخابات البلدية ستمر على خير، وأن أكثر البلدات ستلجأ إلى التوافق، وقد سنَّ حزب الله سنة حسنة بحمد الله تعالى عندما أعلنا التوافق، فانجرَّ على هذا توافقات أخرى في مناطق أخرى، وحتى في المناطق التي سوف يحصل فيها تنافس عند الآخرين أقول لكم من الآن: في الانتخابات البلدية لا يوجد ربح ولا يوجد خسارة، لأنه في نهاية المطاف هذا عمل إنمائي، فليختر الناس من يريدونه في أية قرية من القرى، المهم أن المعادلة السياسية في لبنان هي معادلة ثابتة وواضحة وهي معادلة المقاومة في وجه إسرائيل ورفض الوصاية الأمريكية.