الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في حفل تخريج دورات ثقافية أقامته الهيئات النسائية في حزب الله في مجمع القائم (عج) في 9/11/2012

الخيار أن نفكر كيف نحمي بلدنا وكيف نبقيه مستقراً قادراً على الاستمرار

اليوم في لبنان نعيش حالة من النقاش الداخلي حول كيفية إدارة وضعنا، وكيف يكون مستقبل هذا البلد، ومن خلال التجارب الكثيرة التي مررنا بها وصلنا في لبنان إلى قناعة راسخة أن ثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة هو الحل الأمثل لقوة لبنان وصمود لبنان ومستقبل لبنان أمام التحديات، وبالتالي لا إمكانية لنحصل على استقلالنا وحرية قرارنا إلا إذا كنا أقوياء بثلاثي القوة وهذا ما أثبتته التجربة. وإذا ما دققنا سنجد أن نتائج هذا الثلاثي عظيمة في مجالات أربعة: أولاً التحرير وهذا ما حصل في سنة 2000، ثانيا الانتصار وهذا ما حدث في مواجهة العدوان الاسرائيلي في عدوان 2006، ثالثاً الردع وهذا ما حمى لبنان من أن تتمّ الاغتيالات بالطيران وبالوسائل المكشوفة أو باحتلال جزء من الأرض اللبنانية منذ 2006 وحتى الآن، رابعاً الجهوزية التي تجعلها جاهزين في أن نواجه أي استحقاق، فلو فكرت إسرائيل بأن تعتدي فإن هذه الجهوزية تكون حلاً مناسباً لمواجهة التحديات والصمود وإثبات حضور لبنان بجيشه وشعبه ومقاومته، لذا عندما نتمسك بالمقاومة، نحن لا نتمسك بفكرة تحتاج إلى تجربة، نحن نتمسك بمشروع أثبت جدواه، وتبيَّن بما لا يترك شكًّا أبداً أن لبنان بعد المقاومة هو لبنان القوي وقبل المقاومة هو لبنان الضعيف، بعد المقاومة لبنان يقرِّر وقبلها لبنان يقرَّر له، بعد المقاومة لبنان يستطيع أن يصنع خياراته بكل حرية وقبل المقاومة هو أسير لخيارات الأجانب في الشرق والغرب والمنطقة العربية، ولذلك نحن نتمسك بأسباب القوة التي تحمي استقلالنا وتمكننا من مواجهة التحديات. لاحظوا تاريخ المقاومة حتى الآن، ستجدون أن المقاومة من اللحظة الأولى سنة 1982 كانت في الموقع الدفاعي وإسرائيل في الموقع الهجومي، وإسرائيل هذه تهدد يومياً بأنها في يوم من الأيام ستغزو لبنان مجدداً وتعتدي عليه، كيف نواجهها؟ بالخطب الرنانة !! أو بالبكاء على المنابر أو بادعاء مخالفة الأعراف الدولية! هل منعتها هذه العناوين من الاجتياح سنة 1978 و1982؟ هل منعتها هذه العناوين من الاعتداء سنة 93 و96 و2006؟ وإلى الآن لا زالت مزارع شبعا وتلال كفرشوبا تحت الاحتلال، إذاً هذه العناوين لا تمنعها. الحل الوحيد مع إسرائيل هو وجود المقاومة القوية المستعدة الجاهزة لأي حرب إذا ما قررت إسرائيل الاعتداء لتقِّنها درساً حتى تخرج ذليلة من الأرض التي تحتلها.
أما أولئك الذين يريدون إضعاف قدرة لبنان نسألهم: هل تلتفتون إلى أنفسكم أنكم ترفعون الشعارات والمطالب الإسرائيلية في أن يكون لبنان مجرداً من قدرته وقوته في مواجهة الاستحقاق الإسرائيلي؟ فإذا قلتم بأن القوى العسكرية اللبنانية هي التي تستطيع أن تدافع، نقول نعم تعالوا معاً من أجل أن نقوي هذه القوى العسكرية لتصل إلى مرحلة تستطيع معها أن تدافع، وعندها كل النقاشات مفتوحة، أما إلى أن نصل على المستوى العملي بصرف النظر عن التفاصيل، فلا بد أن نحافظ على قوتنا خاصة أن المواجهة ما زالت قائمة ومستمرة.
لقد ثبت بالدليل القطعي بأن خياراتنا بالابتعاد عن التدخل في الشأن السوري كانت خيارات دقيقة وصحيحة، لأن المراهنة على الوضع السوري والتدخل في الوضع السوري يسبِّب انعكاسات سلبية على لبنان يدفع ثمنها وتصبح أزمته مرتبطة بأزمتها، أما عندما نضع حدًّا للتداخل ونعمل ما أمكن كي لا يكون هناك تورط في الأزمة السورية فهذا يحمي لبنان ويخفف من الآثار التي تنتج عن الأزمة في سوريا، إضافة إلى ذلك يجعلنا كلبنانيين نقف على الأرض اللبنانية لنناقش بعضنا، بدل أن يقف البعض على الأرض الدولية أو الإقليمية ليناقشنا، لأننا سنقول له أن التوازن الموجود داخل البلد هو الحاكم والأساس، وأي تطلع إلى الخارج لن يغيِّر هذه المعادلة، ولقد ثبت أن المنتظرين لتغيير الأحوال في سوريا ليتمكنوا في لبنان لم يصلوا إلى نتيجة، وإذا استمروا منتظرين فيبدو أنهم سيتعبون وينهارون ويفشلون لأنه لا فائدة من هذا الانتظار ومن ربط أزمتنا بالأزمة السورية.
وأيضاً ثبت أن قرارنا بتثبيت موقع الحكومة الحالية كان قراراً صائباً، لأنها ترعى الاستقرار العام في البلد، وأي طرح يؤدي إلى إفشال هذا العمل لمصلحة طروحات وهمية غير جدية وغير واقعية لا يمكن أن تكون حلاً. اليوم البعض ينادي بفرط الحكومة ولنبحث عن حلٍّ آخر، لماذا؟ لأنكم لستم داخل الحكومة؟ هذا ليس خياراً وليس حلاً، الخيار أن نفكر كيف نحمي بلدنا وكيف نبقيه مستقراً قادراً على الاستمرار.