ومما جاء فيها:
اعتبر أنه يوجد وسام على صدر المنار أن تكون قناة واحدة أمام أكثر من ألف قناة أجنبية ذات العقلية الأجنبية والاتجاه الأجنبي، قناة واحدة مقابل ألف قناة وهم لا يتحملون هذه القناة أن تستمر في بثها، فإذا كان يعني هذا الأمر شيئاً فهو يعني أن قيمتها تزيد عن الألف بتأثيرها إلى درجة لم يستطيعوا مواجهتها بالمنطق والحجة فأخذوا قرارات أجنبية تقول بإقفالها أو منع بثها أو بالتضييق على أصحاب المحطات الذين يؤجرون محطاتهم أو ما شابه ذلك، هذا وسام كبير للمنار.
إذا كان القوي يأكل الضعيف فكيف نتصرف في هذه الحالة؟ كل الشعارات التي تطرح شعارات فارغة من المحتوى لا معنى لها، هل هذه هي الديمقراطية الغربية؟ ما هذه الديمقراطية السيئة التي تميِّز بين البشر والتي تكون مع إسرائيل ضد الفلسطينيين ضد أصحاب الأرض!
ليس لدينا حل إلاَّ المقاومة، المقاومة العسكرية لطرد الاحتلال، والمقاومة الثقافية لتصحيح الرؤى وتوجيه الأطفال والأجيال، والمقاومة السياسية للاستقلال بقرارنا بمعزل عن الآخرين، والمقاومة الاقتصادية لنتمكن من بناء منظومة اقتصادية تساعدنا على أن نبني بلداننا بكل حرية من دون تدخل الآخرين، وكل أنواع المقاومات في كل حقل من الحقول لنكون أمام مقاومة شاملة دعامتها المقاومة العسكرية، لأننا إذا لم نُرهم معنى القوة وحقيقة القوة لن يرتدعوا ولن يتوقفوا عند حدهم، أمَّا عندما يرون هذه القوة ويتلمسونها كما تلمسوا هزيمتهم في تموز عام 2006 عندها يمكن أن نضمن أن يتوقفوا عند حد معين، ويمكن أن نضمن تحقيق الإنجازات، وبالحد الأدنى نؤسس لمستقبل أكثر اشراقاً.
نحن لا نحمل المقاومة دفاعاً عن طائفة، ولا نحمل المقاومة لنحمي الطائفة، وإنما نحمل المقاومة لنستعيد إنسانية الإنسان في بلدنا وفي منطقتنا، في بلدنا بالتحرير المباشر وفي منطقتنا بأن نكون مدرسة وإشعاعاً يضيء على الآخرين ويؤثر على مسيرتهم وعلى حياتهم، هذه المقاومة هي مسارٌ لاستعادة الحق، هي ليست جزءً لا من اللعبة الإقليمية ولا من اللعبة الدولية ولا من اللعبة المحلية، المقاومة مسار وهذا المسار لاستعادة الحق، وهي عملٌ دفاعي لا يأخذ اذنه من المستكبرين، لا من مجلس الأمن ولا من أمريكا ولا من الدول الأوروبية، الدفاع المقاوم لا يحتاج إلى إذن من أحد، لأنه حقٌ مشروع، وعلينا أن نقف بكل جرأة وصلابة.
لبنان منذ نشأته هو في الموقع الدفاعي، ولم يكن يوماً في الموقع الهجومي، كان دائماً يتحدث عن تحرير أرضه، وعن إراحة ساحته وعن مواجهة التحديات في داخل منطقته، ولم يكن جزءً من حالة هجومية وإنما كان دائماً في الموقع الدفاعي.
نحن نتفهم بسبب ظروف لبنان أن لا يكون قرار الحرب والسلم بيد الحكومة اللبنانية، ونتفهم تماماً أن يكون قرار الحرب والسلم بيد إسرائيل المدعومة دولياً، لكن لا يحق لأحد في لبنان يبتدع لنا قراراً جديداً اسمه قرار الهزيمة والاستسلام، ويفوِّض الحكومة اللبنانية لتتخذه في كل لحظة تشعر معها أن الوضع مهدد، لن نقبل أن يكون بيد أحد في لبنان قرار الهزيمة، من أراد اتخاذ هذا القرار فليتخذه وحده وفي داخل بيته، أمَّا قرار الوطن فهو بالدفاع والاستقلال والحرية ولا يمكن أن يكون لا للهزيمة ولا للاستسلام.
نحن نريد استراتيجية دفاعية قابلة للتطبيق، ولا نريد استراتيجية دفاعية تطلق على المنابر بألفاظ براقة، بمعنى آخر: عندما يكون الدفاع بالصاروخ يجب أن يكون لدينا صاروخ، لا أن نكتب أعداد الصواريخ على الورق ثم نقول: وجدنا استراتيجية دفاعية وكتبنا أن لدينا على الورق آلاف الصواريخ وهذا ما ينقذ لبنان، نريد أن نراها في الميدان وبيد الجيش اللبناني، ونريد أن نرى الشعب اللبناني ملتفاً يساند ويؤيد، ونريد استثمار قدرات المقاومة في الدفاع، ولا نقبل استراتيجية دفاعية على الورق لا تُسمن ولا تُغني من جوع وإنما تكون مجرد إطار شكلي لا معنى له.
نحن نؤيد أي استراتيجية دفاعية تُترجم على الأرض وتُطبق بإخافة إسرائيل ومنعها من أن تعتدي علينا، قولوا لنا ما هي تفاصيلها ونحن نسير معكم في التفاصيل التي تحرر لبنان وتجعله سيداً مستقلاً عزيزاً، وتمنع إسرائيل من أن تشكل خطراً عليه.
أمَّا ما نراه اليوم من خلاف أمريكي إسرائيلي، فاسمحوا لي أن أقول بأنه مسرحية فاشلة في إبراز الاعتراض الأمريكي على إسرائيل، وكنت أتساءل: كيف قبل العرب بمفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل من دون ثمن، الآن اكتشفت وتبيَّن أن الثمن كان مؤجلاً، والثمن هو هذه المسرحية في إبراز الغضب الأمريكي فيفرح العرب بأن أمريكا صرخت على إسرائيل إذاً مقابلها اسكتوا أيها العرب، وأعطوا إسرائيل ما تريد فقد أهنَّاها ووقفنا أمام المجتمع الدولي بكل صلابة.
أعتبر أن التسوية والمفاوضات هي عملية منظمة لتشريع الحدود الإسرائيلية كما تريد إسرائيل، ولمنع الفلسطينيين من أن يستردوا جزءً بسيطاً من حقهم، هذه التسوية فاشلة، وهذه التسوية لا تعيد حقاً. ولو كان بإمكان إسرائيل أن تأخذ ما تريد من دون مسرحية المفاوضات لأخذت، ولكن أمريكا والأوروبيين يقولون يجب أن يكون هناك إخراج للموضوع، لنذيق العرب الهزيمة لحظة بلحظة، ونأخذ منهم التوقيع وهم مخدرون في إطار الحق العربي الذي تحفظه أمريكا!
نحن ندعو الحكومة اللبنانية إلى التدقيق بكل المساعدات الأمريكية التي دُفعت في لبنان للجمعيات الخاصة، وللقرى وللبلديات،وفي أي موقع من المواقع الحكومية، سواء في إطار الدفاع أو الأمن، أو في إطار بعض الوزارات، لترى الحكومة إذا كانت بعض هذه المساعدات ملغومة بإتفاقيات مذلة ومتعارضة مع السيادة، وإذا كانت مشروطة بمحاولة للدخول إلى النسيج الداخلي بطريقة أمنية ضمن غلاف المساعدات، ونتمنى أن يجري هذا الأمر، كما نطالب الجهات الأهلية المختلفة أن تكشف ما لديها، إذا كانت اضطرت أو غفلت في لحظة من اللحظات فوقعت اتفاقيات مشبوهة كي نناصرها، ونكون معها سوياً من أجل منع هذا الانتهاك الأمني والسياسي والثقافي لمجتمعنا في لبنان.