قدم حزب الله في لبنان تجربة رائدة خلوقة مفعمة بالإيجابيات والانتصارات والتوفيق وبناء العلاقات الاجتماعية والتعاون بين الأفرقاء وهذه التجربة ستكون ماثلة أمام كل الأحرار في لبنان والعالم للاستفادة منها على قاعدة هذا النموذج، الذي أثبت نفسه بجدارة في المواقع المختلفة وفي آنٍ معاً أعطى إضاءات لم تكن مألوفة ولم تكن موجودة، هذا الحزب هو الذي عندما حرر الجنوب في سنة 2000 لم يقتل عميلاً هارباً، ولم ينتقم من أهله، ولم يقم بأعمال شغب ولم يدخل إلى بيوت، ولم يأخذ أي مال من أحد، كل هذه الأمور كانت محكومة بالضوابط الشرعية التي تمنع أن يتصرف الواحد هؤلاء المجاهدين إلا كما أمر الله تعالى. نحن في مرحلة من المراحل التي كانت صعبة جداً علينا، وعندما كان يضطر الشباب لدخول بعض البيوت لأخذ بعض الطعام، ثم يضعون الورقة التي تحدد ما هي الأطمة التي استهلكوها، حتى إذا ما انتهت المرحلة الصعبة عوَّضوا على الناس مرطبان الزيتون والرز والبرغل وما شابه ذلك، من باب أن الضرورة اقتضت التصرف بملك الآخر، فلا بدَّ من إعادة ثمن هذا الملك التزاماً بالضوابط الشرعية التي نؤمن بها. هذه التجربة عظيمة جداً، وهي ستبقى متلألئة وستبقى رمزاً للأحرار وستبقى قائمة ومستمرة إن شاء الله تعالى.
نحن نعلم أننا ذاهبون غداً إلى طاولة الحوار ونحن الذين دعونا بالأصل لأن يكون هناك حوار حول الدفاع عن لبنان وحول الاستراتيجية الدفاعية، لأننا نعتقد أن مناقشة الاستراتيجية الدفاعية يقرِّب وجهات النظر ويجعلنا نستمع إلى الآراء الأخرى ويستمعون إلى رأينا لعلَّنا نتمكن في الغرف المغلقة أن نصل إلى ما يُساهم في قوة لبنان، هذه الاستراتيجية الدفاعية مفهومة من إسمها، هي استراتيجية للدفاع والدفاع يكون ضد العدو، والعدو يجب أن يتشخَّص بشكل واضح، وليس لدينا عدو إلا إسرائيل، فعندما تجتمع هذه الطاولة ستجتمع لتناقش كيفية مواجهة إسرائيل العدو المعتدي، وكيف نجمع قوتنا في لبنان لنحافظ عليها ونزيد من قوتنا، بما يمكننا من منع إسرائيل من الاعتداء علينا، أو أن تأخذ شيئاً من بلدنا، وأن نحرِّر أرضنا ونحن مرفوعو الرأس إن شاء الله تعالى. لا يوجد نقاش على طاولة الحوار اسمه السلاح، فالسلاح نتيجة للاستراتيجية الدفاعية وليس هو الأصل، ولا يوجد على طاولة الحوار محاولة لإسقاط قوة لبنان، بل يوجد عليها الاستراتيجية الدفاعية، يعني قوة لبنان مهما استلزمت هذه القوة، سواء استلزمت طرقاً أو أساليب تنسيقية أو أساليب لتقوية إمكانات العاملين المجاهدين من المقاومة والجيش بالطرق المناسبة، للوصول إلى قدرة دفاعية حقيقية تجعل إسرائيل تخشى وتتوقف عند حدِّها، ولا تأمرنا في لبنان فنحن أحرار أن نصنع ما نريد في بلدنا وليس لإسرائيل أن تأخذ منَّا شيئاً بالقوة.
كيف يمكن أن يكون وضع لبنان لولا المقاومة؟ لولا المقاومة لما تحرر الجنوب والبقاع الغربي، ولولا المقاومة لما انهزمت إسرائيل في سنة 2006 في عدوان تموز، ولولا المقاومة لكنا قطعنا أشواطاً في التوطين، ولولا المقاومة لكان لبنان مسرحاً للمخابرات الأجنبية، المقاومة استطاعت أن تُعطي منعة للداخل اللبناني، والحمد لله اليوم السياحة بخير والوضع الأمني مستقر، والاستقرار السياسي متوفر، الآن يبقى التقدم الاقتصادي وهذا يتطلب رجالاً شجعاناً يعرفون كيف يقترحون الأفكار المناسبة وفي آنٍ معاً أن لا يكون هناك هدر وسرقة وتمريرات لمصالح بعض النافذين، وهذه هي مسؤولية الحكومة، مسؤولية الحكومة اليوم أن تعمل للانقاذ الاقتصادي وأن تُعالج المشاكل الاجتماعية، ونحن جزء من هذه الحكومة، سنعمل على إنجاحها وسنتحمل مسؤولياتنا بالكامل، ولكن أتمنا لو أن بعض السياسيين يريحون الساحة قليلاً من افتعال قضايا ليس لها محل، اليوم البعض يفتعل مشكلة اسمها الانتخابات البلدية، أين هي القضية؟ غداً بعد شهرين أو ثلاثة سيأتي وقت الانتخابات البلدية، سواء جرت الانتخابات بالقانون القديم أو بالقانون الجديد، بالإصلاحات أو بدون الاصلاحات، هذا استحقاق علينا أن نؤديه، لماذا نتعاطى مع الانتخابات البلدية على قاعدة الغالب والمغلوب، البلديات هي أمر إنمائي لخدمة الناس، علينا أن نتسابق لخدمة الناس لا أن نتسابق لاستغلال الناس لخدمة مواقعنا الحزبية، لذلك يجب أن نلتفت إلى حاجات الناس ومتطلبات الناس، فهذا هو الأفضل والأنجح.