نحن اليوم نحتفل في لبنان بعيد الاستقلال، والاستقلال له رجالاته الذين ساهموا في صنعه ما فعلته المقاومة في لبنان عزَّز استقلال لبنان وحماه من الصهاينة، وحرَّر أرضه من رجسهم ومن آثامهم، رجالات الحرب والدفاع في عدوان تموز هم من رجالات الاستقلال الحقيقيين، الشعب اللبناني الذي صبر وصمد وضحى وأعطى في مواجهة إسرائيل هم من أركان الاستقلال، كل من عمل من أجل أن لا يكون لبنان في أيدي الأجانب، ومن أجل أن لا يكون لبنان معبراً ومحطة خدمة لمشاريع غربية أو إسرائيلية أو أجنبية هؤلاء جميعاً هم من الذين ساهموا في استقلال.
نحن بحاجة إلى عطاءات الدم لإثبات إستمراريتنا، ونحن بحمد الله تعالى موفقون أن من شعبنا من قاتل وجاهد وأعطى وكانت النتيجة أن حررنا لبنان في سنة 2000، ودافعنا بمواجهة العدوان الإسرائيلي سنة 2006، وسجَّل لبنان مكرمة لم تسجل في المنطقة منذ بداية الكيان الصهيوني منذ ستين سنة تقريباً بأن خرجت إسرائيل خائبة من دون قيدٍ أو شرط، وبانتصار موصوف للبنان ومقاومته وشعبه، وهزيمة موصوفة لإسرائيل وجيشها وسياسييها وشعبها في آنٍ معاً.
هذه المقاومة التي حررت لبنان هي مقاومة لكل اللبنانيين إذا شاؤوا، ومن رفضها ومن لم يرغب في شرف الانتماء إليها فهو الخاسر، لأنه أبعد نفسه عن بركة التحرير ونعمة العزة والمكانة المشرقة للأجيال في مواجهة الصهاينة.
هذه المقاومة في لبنان ليست محاصصة بين الطوائف بل هي للجميع، وبالتالي لو افترضنا أن بعض القوى السياسية أو الطائفية ترغب في أن يكون لها شأنٌ في هذه المقاومة فلتبحث كيف تقدم مساهمتها ، فحزب الله ليس موزعاً لأسهم في المقاومة، والحمد لله أنه في المقاومة لا يوجد مدراء عامون ولا رؤساء مصالح، ولا يوجد مغانم ولا مناصب، فالمقاومة عندنا إيمان وتضحية ، فمن أراد أن يضحي لإيمانه فليبحث عن الطريق وسيجدها. ونُفاجأ من البعض الذين يقولون: لماذا تقاومون أنتم ولا نقاوم نحن؟ فنقول لهم: نعم لماذا لا تقاومون ونحن نقاوم! هل نبحث لكم عن كيفية الوصول إلى تحرير الأرض؟ عليكم أن تبحثوا، فكما بحثنا ووفقنا الله تعالى واهتدينا الطريق فإذا بحثتم يوفقكم الله تعالى وتجدون الطريق، ولو افترضنا أن بعض القوى لم تحصل على بركة ونعمة المقاومة فلا يكون الحل أن نمنع المقاومة في لبنان على قاعدة أنه إمَّا أن يعم الفساد وأن تنتهي المقاومة وتدخل إسرائيل لتبطش بنا جميعاً وإمَّا أن نكون جميعاً مقاومين، فلا أحد منعكم أو وقف بوجهكم لأن تكونوا مقاومين، لن نقبل بأن نلغي وجود المقاومة لأن البعض يعيش عقدة أنه لا يمتلك هذه المقاومة أو ليس له دور مؤثر فيها، من أراد أن يقدم مساهمته فليقدمها، وبالتالي هذه المقاومة التي أعزتنا وحررت لبنان وشكلت قوة ردعٍ حقيقية في مواجهة إسرائيل باقية باقية باقية، لأنه لا يمكن أن نقبل بضعف أنفسنا بإرادتنا وبأيدينا بل علينا أن نعمل لمزيدٍ من القوة لنتقوى بمقاومتنا وجيشنا وشعبنا حتى نستطيع مواجهة التحديات التي تحاول إسرائيل في كل يوم أن تثيرها أمامنا وأمام العالم وتهددنا في كل يوم، فإذا كنا مطمئنين في لبنان فلأن مقاومتنا قوية وهي حاضرة على الزناد في كل لحظة، وإلاَّ لو لم تكن هذه المقاومة في لبنان لرأينا إسرائيل تدخل مجدداً إلى لبنان وتعبث في بلدنا وتقتل وتحتل والذي يردعها اليوم هي هذه المقاومة الباسلة.
أمَّا بالنسبة للبيان الوزاري فسيخرج في نهاية المطاف، ونحن راضون مسبقاً عمَّا سيذكر عن المقاومة في هذا البيان، ولن ندخل في مهاترات ولا جدال، لأن إثارة موضوع المقاومة هي إثارة سياسية من البعض، وهم يعلمون أن الأغلبية الساحقة من اللبنانيين تريد لهذه المقاومة أن تستمر وأن تقوى، نحن مع حرية التعبير فليقل كل منا ما يريده فالعبرة بالنتائج والعبرة بما يخرج به البيان الوزاري، لذا لن تجدوا منّا ردوداً ونقاشاً لأننا نعلم أن التصريحات هي فقط لتسجيل المواقف لاعتبارات لها علاقة ببعض المواقع وبعض القوى، ولهم جمهورهم يريدون مخاطبته بطريقة يجدون أنها مناسبة، وبالتالي نحن مطمئنون أن الأمور سائرة بشكل طبيعي وعادي، وكل ما في الأمر أن هذا النوع من النقاش يؤخر صدور البيان، ولا مانع إذا كان البعض يريد أن يقول ما يقول وبالتالي سيخرج هذا البيان ولا مشكلة في ذلك.
إنَّ الحكومة مع تشكلها على قاعدة أنها حكومة وحدة وطنية لم يعد أمامها عقبات، ولكن على الطريقة اللبنانية الأمر الذي يحتاج إلى يوم يأخذ مع اللبنانيين ثلاثة أيام أو أسبوع، والذي يحتاج إلى أسبوع يأخذ شهراً، وفي نهاية المطاف الأمور واضحة ولكن هذا هو لبنان وهذه هي القوى، أحياناً تحتاج بعض القوى لتخريج موقفها، وتحتاج إلى تبرير عدم قدرتها على صنع شيء أن تقوم ببعض الحركات الإعلامية وهذه تأخذ بعض الوقت، وعادة الاستعراض يحتاج إلى وقت وإلى أن ينشغل البلد فيهم وإن شاء الله في نهاية المطاف لا يكون إلاَّ ما هو لمصلحة لبنان ومصلحتنا جميعاً.
سمعتم بالأمس هذا الضابط الكبير العميد في الجيش الإسرائيلي، والذي كان مسؤولاً عن وحدة الارتباط مع لبنان، يعترف أمام وسيلة إعلامية إسرائيلية، بأنه كان مسؤولاً عن تهريب المخدرات من لبنان إلى فلسطين المحتلة مقابل بعض المعلومات الأمنية، أي أن الاتهامات التي يقولونها عن حزب الله هي اتهامات باطلة، وها هو واحد من المسؤولين الإسرائيليين يكشفها بشكل مباشر، عندما نقول بأننا ضد المخدرات تجارة وبيعاً وتناولاً ومسامرة ونقلاً بين الدول فإننا نتحدث عن إيمان، وعندما يتهمنا الآخرون لأنهم يريدون إخفاء تجسسهم ووضعهم الملتبس الذي يعيشونه، وتأكدوا أن كل المخدرات التي تنتقل من لبنان إلى فلسطين المحتلة، هي تحت رعاية وإشراف قيادات في الجيش الإسرائيلي مقابل تجسس وأموال، ومقابل منافع شخصية أو عامة لها علاقة بالحاجات الإسرائيلية، وفي أغلب الأحيان تهريب المخدرات ينتفع به بعض العملاء والقادة في الجيش الإسرائيلي بالأموال، وهم في بعض الحالات كما ذكرت وسائل الإعلام يبيعون أسلحة من مخازنهم للمقاومة الفلسطينية من أجل أن يكسبوا بعض المنافع، هؤلاء الذين لا شرف لهم ولا كرامة وبالتالي نتفهم تماماً أن يبيعوا بلدهم إذا كانوا يستفيدون من بعض الإمكانات.
ونحن لسنا بحاجة إلى هذا المال ولا إلى هذا الطريق المحرم، والحمد لله وأطمئنكم وأبشركم أن المال الحلال والإمكانات الموجودة لدينا تغنينا عن هذا الحرام من أوله إلى آخره هذا إذا تحدثنا عن المقارنة، ولكن عندما يعجزون في مواجهة الحق يحاولون اتهامنا، وعلى كل حال كلما اتهمونا كلما عبر هذا عن أن لنا شأناً ولنا مكانة والمهم أن نكون أتقياء عند الله تعالى.