برعاية نائب أمين عام حزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم احتفلت جمعية التعليم الديني الإسلامي ومدارس المصطفى (ص) بالتلامذة الفائزين بالشهادات الثانوية في قاعة رسالات - بئر حسن، بحضور حشد من العلماء والسياسيين والفعاليات التربوية والاجتماعية وأهالي التلامذة ومدراء المدارس، وكانت كلمة لمدير عام جمعية التعليم الاستاذ محمد سماحة الذي توجه بأسمى التهاني لكل من ساهم في هذا الانجاز التربوي السنوي الذي درجت عليه مدارس المصطفى في كافة المناطق من نجاحات باهرة وتحقيق المراتب الأولى بين تلامذة لبنان. ومن ثم كانت كلمة راعي الحفل سماحة الشيخ نعيم قاسم حيث تحدث عن عزيمة الشباب وقوة التسلح بالإيمان، والمسؤولية الكبرى التي بدأت تُلقى على عواتقهم في سبيل تحقيق المجتمع الصالح والمقاوم لكل أشكال الظلم، كما هنأ الناجحين مثنياً على النتائج والمراتب التي حققوها، ومما جاء في كلمته:
لبنان لا يُنجز أمراً من أموره إلا بعد معاناة وصعوبات وعقبات، وكأن كل مولود في لبنان يحتاج إلى عملية جراحية يُشرف عليها الشرق والغرب، والمحلي والإقليمي والدولي، مع العلم أن القضايا أبسط من هذه التعقيدات. اليوم يتمُّ العمل لتشكيل حكومة جديدة، ونحن نعتقد أن الموانع الإقليمية والدولية قد انتهت، وأن الاتفاق السعودي السوري شكَّل مظلَّة دافعة ومساعدة إلى الأمام، وشكَّل تغطية كاملة لحكومة الوحدة الوطنية، وأن الظروف مؤاتية جداً لولادتها خاصة مع مناخاة التهدئة التي يُشيعها الجميع، أما من شتَّ وندر فصوته لا يصل وتوتيره لا يؤثر، وقد غلبت التهدئة في هذه المرة كل أجواء التوتير التي تأتي من الزوايا الباحثة عن دور لها في إطار معادلة، يكون الدور الحقيقي فيها لمن يريد أن يبني الوطن شريكاً مع الآخرين، لا الذي يريد أن يقسمه أو أن يشرذم قواه في عملية مشبوهة لا تُقبل من أحد، ولا يمكن أن يُكتب لها النجاح، وبالتالي نحن نعتبر أن الفرصة مؤاتية جداً لولادة الحكومة، ولا توجد مشكلة في كيفية توزيع الحقائب، وربما تحمل الأيام القادمة حلاًّ لهذا الأمر، ولكن الثابت والأكيد أن مجرد إعلان ولادة الحكومة هو ربح للجميع، هو ربح للموالاة والمعارضة، هو ربح للرئيس المكلف، وبالتالي هو ربح للبنان، ولا مشكلة بالتنازلات التي تمرُّ وينساها الناس في الإطار المعنوي، لكن ما يبقى أن الحكومة تشكلت وهذا ما يريده الجميع.
سمعنا في الأيام الأخيرة بعض أجواء الفتنة التي أثارها البعض من دون سبب ومن دون مقدمات، هذه الفتنة التي تطل برأسها من خلال التصريحات المتوترة العنترية، التي لا أساس لها، والتي لا أساس لمطلقها أن يفعل شيئاً، إنما تريد أن تذكِّر بأجواء الفتنة وتريد أن تخرِّب هذا الواقع في البلد. علينا جيمعاً أن نكون ضد دعاة الفتنة الطائفية والمذهبية، وعلينا أن نقف بقوة ضد دعاة الفتنة بين الناس من خلال بعض التفجيرات أو بعض الأعمال المشبوهة، لأننا اليوم نحتاج إلى بناء البلد بالتعاون إلى إسكات هذه الأصوات، حتى لو ادعت أنها تعمل لمصلحة الناس، ففي النهاية الفتنة مخرِّبة، فكيف يكون المخرِّب مصلحاً.
أما فيما يتعلَّق بالحادثة الأخيرة المشبوهة والخطيرة التي حصلت بانتقال يخت فرنسي من البحر اللبناني إلى فلسطين المحتلة عند الإسرائيليين، وكان انتقال اليخت بإشراف وتسهيل قوات اليونيفيل، هذا عمل خطير، لأن وظيفة اليونيفيل أن تحمي لبنان من إسرائيل وأن تمنع العدوان وأن تنفِّذ القرار 1701، وليست وظيفة اليونيفيل أن تمرِّر التطبيع في الخفاء، وأن تروِّدج لمقبولية اسرائيل في المنطقة، ولبنان صاحب قرار واضح بمقاطعة إسرائيل وعدم مفاوضتها، وعلى إسرائيل أن تخرج من أرضه المحتلة من دون قيد أن شرط، ولا توجد علاقات بين لبنان وإسرائيل نهائياً ولا نؤمن بمثل هذه العلاقات. إذاً على اليونيفيل أن تفسِّر ما جرى، وأن تبقى في إطار مهمتها، لأننا لا نوافق على التطبيع مع إسرائيل ولا نقبل بمثل هذه الأساليب الملتوية. وكذلك رأينا كيف أن باحثة لبنانية هي السيدة أمل سعد حاولت قوات الناتو أن تُدخلها في دائرة حلقة نقاش ضيقة مع ضباط إسرائيليين تحت عنوان البحث الأكاديمي، واعترضت الباحثة ووقفت بجرأة وشجاعة نهنئها عليها، كل ذلك كمحاولات لزجِّنا في إطار تطبيع مع العدو الاسرائيلي، هذا العدو الذي يُعتبر في أقل توصيفاته أنه مجرم الإبادة البشرية في القرن العشرين والواحد والعشرين، كيف يمكن أن تمرَّ هذه الأمور وكيف يمكن أن نقبل بمثل هذه الإجراءات؟ نحن واضحون في موقفنا، إسرائيل معتدية ويجب أن تُعاقب على اعتداءاتها، إسرائيل محتلة ويجب أن تخرج من مما احتلته، إسرائيل مجرمة ويجب أن تُعاقب على إجرامها، وهذا أمام العالم، وإلا بعض الدول الكبرى، أمريكا ودول أوروبية أخرى يعطون إسرائيل الكثير ويشجِّعونها على عدوانها، أرأيتم ما الذي حصل في غزة! ما الذي جرى حتى الآن بعد عدوان غزة؟ إلى الآن هناك حصار على غزة، إلى الآن لا تدخل مواد البناء إلى غزة وبإشراف دولي، لماذا؟ إسرائيل لا تردُّ عليكم، أنتم الذين تعطونها، وتضحكون علينا بأنكم توبِّخون إسرائيل ببعض الكلمات الملطَّفة في الإعلام، ثم تعطونها التدريب والسلاح والإمكانات والدعم السياسي والحماية في مجلس الأمن، وتتركونها تفعل ما تريد، عجباً كيف يحصل أوباما على جائزة نوبل للسلام، وهو لم يفعل شيئاً فيه سلام، إلا كلمات اختارها من القاموس كلها مرادفات للسلام ولكن على الأرض كل أعماله حربية، وتزداد يوماً بعد يوم، فهو مع إسرائيل في حصارها وحربها، وهو ضد الفلسطينيين في حقوقهم المشروعة، وهو مع القتال في أفغانستان، وهو مع التضييق على أمتنا في كل موقع وفي كل مكان. إذا كان يظن أوباما ومن وراءه أنهم بجائزة يمسحون غضب العرب والمسلمين على التسلط الأمريكي والعدوان الأمريكي الذي يغطي إسرائيل الغاصبة فهم واهمون، نحن نريد أعمالاً ولا نريد أفعالاً، منذ مجيء أوباما ولحد الآن يبيعنا كلاماً، علموه عدة آيات قرآنية فسُرَّ البعض أنه تكلم بآيات من القرآن الكريم، هل هذا يغيِّر الواقع، ما هو الحل الأمريكي لقضية فلسطين؟ إلى الآن لم تقف مستوطنة واحدة عن البناء في فلسطين، إلى الآن لم تُفتح الطريق من أجل إعمار غزة، إلى الآن بقيَ الشرخ قائماً بين الفلسطينيين بسبب التدخل الأمريكي المستمر، لإيجاد قلاقل بينهم، إلى الآن حمت أمريكا إسرائيل من تقرير يدين إسرائيل على جرائمها، إذاً ماذا فعلت أمريكا للسلام؟
على كل حال شعبنا يعرف كيف يأخذ حقه، آمنا بالمقاومة وأثبتت التجربة أن المقاومة هي الحل، وسنستمر إن شاء الله تعالى، وستتحرر الأرض ببركة المقاومة، فكما تحرر جنوب لبنان بقوة المقاومة والسلاح والإيمان والتصميم والعزيمة، ستتحرر كل أرض محتلة إن شاء الله من دون منَّة، لا من أمريكا ولا من مجلس الأمن، وليلحقوا الانتصارات وبعد ذلك نرى ويرَون.
هنا لا بد من تحية الموقف التركي الذي زاد في فضيحة إسرائيل، والذي اتخذ موقفاً مشرِّفاً في امتناعه عن المناورات مع العدو الاسرائيلي بسبب غزة، وأتمنى لو يستطيع بعض القادة العرب أن يقفوا مواقف تشابه هذا الموقف التركي، وأن يبدأوا بالعدِّ العكسي بمنع خطوات التطبيع أو استمرار العلاقات مع إسرائيل، هذا يعطي المقاومة قوة ويعطي فلسطين قوة ويُعطيهم قوة أيضاً.