الموقف السياسي

الكلمة التي ألقاها في مؤتمر تجمع الأطباء المسلمين في فندق الماريوت سابقاً في 5/5/2012

إيران دعمت لبنان، أما أمريكا فدعمت إسرائيل

ومما جاء فيها:

 عندما انتهى عدوان تموز بانتصار كبير وبتوفيق عظيم للمقاومة وللبنان ولكل الشرفاء، سارعت إيران لإعمار لبنان وتقديم المساهمات المختلفة المالية والإعمارية، وساعدت في القرى وفي المباني وفي البنى التحتية، وآثار أعمالها واضحة للجميع عندما تسيرون على قسم كبير من طرقات الجنوب تستطيعون أن تدركوا أن من أنجزها هو الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كذلك في الكثير من المساهمات، وخاصة في اللحظات الأولى في مسألة إيواء الناس، عندما اكن يراهن العدو الإسرائيلي أن يبقى الناس مشردين في المدارس وتحت الخيم، ليتحولوا إلى نقمة على حزب الله وعلى المسؤولين، وإذ خلال أيام قليلة كنا قد رفضنا أن يبقى مهجر واحد خارج بيته، إما أن يرجع إلى بيته إذا كان ذلك ممكناً وإما أن يُخلي المدرسة ويخلة الخيمة ويستأجر بعز وكرامة وفي آنٍ معاً نعطيه مبلغ من المال لبعض الأثاث الذي يساعده، هذا أثار حنق أمريكا فصدرت تصريحات من أمريكا تعاتب رئيس الحكومة آنذاك الرئيس(السنيورة) وتعاتب المسؤولين الأمريكيين كيف مرت المساعدات لإيواء الناس في الوقت الذي يجب أن يكونوا فيه مشردين من أجل أن ينقلبوا عملياً على من سبب ذلك بحسب زعمهم وهي المقاومة.
 إيران قدمت المساعدات للبنان، ولم تطلب شيئاً، ولم تأخذ شيئاً، بينما أمريكا قدمت المساعدة اللوجستية اليومية خلال 33 يوماً لمد إسرائيل بكافة أنواع الأسلحة، والمعلومات الاستخبارية، وهناك طائرات في الجو أمريكية قصفت في عدوان تموز باسم إسرائيل، وكذلك قامت أمريكا بتحريض سياسي واسع المدى على مستوى كل العالم من أجل أن تقهر لبنان ومقاومته وتسهل لبقاء الاحتلال الإسرائيلي.
 إيران دعمت لبنان، أما أمريكا فدعمت إسرائيل، إيران تعمر وأمريكا تخرب، إيران مع خيارات الشعب اللبناني وأمريكا تريده معبراً وتابعاً لسياساتها، أتحدى أن يأتي واحدٌ من اللبنانيين أو من كل العالم ليعطيني مثلاً واحداً حصلت من خلاله إيران على مكسب في لبنان لها، في الوقت الذي نرى كل المكاسب هي للبنانيين استفادوا منها وحصلوا عليها، بينما نرى أمريكا تتحرك باحثةً عن كيفية تعطيل قوة لبنان وقدرته وتهديده بالعقوبات ومعه من العلاقات مع الآخرين.
 في الزيارة الأخيرة لنائب رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأخ رحيمي مع الوفد المرافق، كان الهدف من الزيارة توقيع إتفاقات، واتفاقات مع الدولة اللبنانية، ومكشوفة ومعلنة، هي عن الكهرباء والماء والتربية والتعليم، والاتفاقات التي تنفع الشعب اللبناني، ولأن أمريكا لا تريد هذا الإنجاز أن يتم أرسلت جيفري فيلتمان قبل نائب الرئيس وطلبت منه أن يبقى بعد نائب الرئيس، من أجل التحريض وإعاقة الزيارة وتعطيلها، وقد عرف الجميع محاضر جلسات فيلتمان، وسمعوا أنه كيف كان يحرضهم على عدم قبول المساعدات الإيرانية، ويحرضهم على أن يلتزموا بالعقوبات الأمريكية وضد سوريا، ويعطيهم بعض المعنويات الفارطة من أجل أن يهيئوا أنفسهم لانتخابات 2013. ليكن معلوماً لا انتخابات 2013 ولا غيرها تعمل مكانة لأحد نجح أو فشل، إما خدمة الناس هي الأساس ونحن مع خدة الناس ولسنا مع الصعود على ظهورهم للمناصب والمكاسب السياسية.
 هذه الحكومة تعاني من مشاكل وأعباء كبيرة، ولكن كما تعلمون من موقعكم كأطباء السوسة التي تخرجونها تبدأ قبل سنوات، وأحياناً عندما تُحدث الالتهابات تكون نتيجة الاهمال المتراكم، وإذا اضطر الأمر لبعض المضادات فلأن صاحبها أهمل كثيراً، الحكومات السابقة ارتكبت أخطاء واهملت إهمالات، وعملت للمناسب والسياسية أكثر مما عملت لخدمة الناس، واستدانت بلا حساب فوصلنا إلى 60 مليار دولار، ووصلنا إلى مشاكل متراكمة ظهرت في وجه هذه الحكومة، عندما تعالج هذه الحكومة بعض هذه المشاكل إنما تعالج الظواهر والنتائج ولكن هناك إرث ثقيل ومر وصعب لا تتحمل مسؤوليته هذه الحكومة لتطالب بكل شيء، والغريب أن الذي يطالب متحمساً هو الذي كان السبب الأساس الذي أوصل البلد إلى هذه النتيجة.
 على كل حال نحن مقتنعون باستمرار هذه الحكومة لأنها أثبتت أنها حكومة الاستقرار الوطني، ولسنا راضيين عن تأخير بعض الإنجازات التي يمكن أن تنجزها، ولسنا عن تأخير التعيينات فهذه مسألة تتحملها هذه الحكومة وليس الحكومات السابقة، آمل أن يمتلك أطراف هذه الحكومة الشجاعة الكافية للتخلص من بعض العقبات، فالفرصة متاحة لإنجاز التعيينات وكذلك لإنجاز بعض الخدمات لمصلحة الناس، أما الانفاق فلا يمكن الاستسلام لعدم إقرار الانفاق في المجلس النيابي بسبب رغبة المعارضة في تعطيل إعطاء القانونية والشرعية للانفاق في لبنان، هذا تعطيل للبلد وليس له عنوان آخر ولا مبرر آخر، أما الـ 11 مليار فمن الطبيعي أن تمر في المجلس النيابي وأن يناقش كيف صرفت، وأن كنتم واثقين أن الصرف كان طبيعياً وصحيحاً فمما تخافون أن يناقشكم نواب الأ/ة فيما صرفت، طالما أنكم تعتمدون على المراسلات القانونية، ولديكم سجلات واضحة، إذاً ما المشكلة أن يسأل نائب الأمة كيف صرفتم هذه المبالغ، قولوا له وقولوا للناس، أما أن ترفضوا النقاش وتربطوا هذا الأمر بتعطيل البلد إلاَّ أن تمرر المخالفات التي ارتكبتوها كمعارضة فهذه مشكلة كبيرة.
 لا يمكن الاستسلام لتعطيل الإنفاق، ولا إعطاء المعارضة مكافأة تنجح من خلالها في تعطيل البلد، أعتقد أن رئيس الحكومة ورئيس الجهورية والحكومة معنيون بإيجاد الحل والحل موجود وباستطاعتهم أن يقفزوا إلى الأمام ويقولوا للبنانيين: هذا حل 8900 ولن تستطيع المعارضة أن تعطله ولا أن تعطل إنفاقه.
 هذه المقاومة قدمت التضحيات الكبيرة لتحرير لبنان، وأثبتت جدوى هذا الخيار، ولولا المقاومة المسلحة بالعسكر وبالناس وبالجيش لما خرجت إسرائيل من لبنان ذليلة في العام 2000، ولما فشل اعتداء إسرائيل الكبير في العام 2006، لولا المقاومة لما استعاد لبنان مكانته والآن يقصده كل العالم سائلاً عن موقفه وباحثاً عن دوره، ومحاولاً أن يستجلبه لأن لبنان أصبح له مكانة.
اليوم لبنان قوي، وله مكانة في مقابل لبنان الضعيف الذي لم تكن له مكانة ولم يكن له دور، كان في السابق يتحدثون عن لبنان أما اليوم فاللبنانيون هم الذين يتحدثون عن لبنان، كانوا في السابق يضعونه في مشاريعهم الآن لا يستطيع أحد حتى أمريكا ومجلس الأمن أن يضعوا لبنان في مشاريعهم، عليهم أن يسألوا لبنان ماذا يريد، فإذا أراد كان ما يريدون وإن لم يرد لا يستطيعون تجاوزه، وهذا كله ببركة المقاومة.
كانت توجد في لبنان نظريتان: نظرية تقول بأننا نستطيع أن نحرر بالسياسة، ونظرية تقول لا يمكن التحرير إلاَّ بالمقاومة. جربنا نظرية التحرير بالسياسة من سنة 1978 مع إطلاق القرار 425 الذي يفرض على إسرائيل أن تخرج من لبنان بقرار من مجلس الأمن الأمريكي الإسرائيلي، وبقينا على هذه الحال 22 سنة حتى سنة 2000، وإسرائيل تضحك على القرار 425، وإسرائيل تتندر بأن اللبنانيين واهمون بتنفيذ القرار 425 ولم تقبل الانسحاب، أين تحركاتكم السياسية مع مجلس الأمن ومع الدول الكبرى ومع المجتمع الدولي؟ كلها ذهبت هباءً، لأن هذا المجتمع الدولي ومجلس الأمن وأمريكا هم مع إسرائيل محتلة ومعتدية وغاصبة، وهم يساندونها في كل أعمالها وهم ليسوا مع لبنان وليسوا مع حق اللبنانيين ولا الفلسطينيين ولا العرب.
إذاً المقاومة هي التي حرَّرت، وهذا ما أدى إلى وجود معادلة في لبنان: لبنان القوي بثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة، وهي معادلة مشرفة تشرف من يلتزم بها ويؤمن بها، وترفع رأس لبنان عالياً، بعد هذه المعادلة أصبحت إسرائيل تهدد ولا تبادر بالعدوان، في السابق كانت تعتدي ثم ترفع تقرير الاعتداء، أما اليوم فهي تكثر من التهديدات لأنها غير قادرة على الاعتداء، بكل بساطة ما الذي منع إسرائيل أن تعتدي من 2006 حتى الآن على قادة المقاومة وعلى البيوت وعلى القرى؟ هي أرادت أن تقدم الجدار العازل بضع سنتمترات، هل هذا لأن لبنان له حق وهي تحترم الحق؟ لا، لأن إسرائيل تعلم أن هناك ثلاثي القوة في لبنان لن يدعها تتقدم وإلاَّ ستدفع ثمناً كبيراً بسبب وقوف المقاومة ونجاعة المقاومة في مثل هذه التحديات.
فإذاً إسرائيل تهدد ولكنها لا تتجرأ لأنها تعلم بأن المقاومة تملك الجهوزية العالية والقوية والفاعلة، نعم نحن مستعدون إذا قررت إسرائيل في يومٍ من الأيام أن تعتدي علينا بأن ندافع دفاعاً لم تره إسرائيل حتى في  سنة 2006، ولتجرب حظها إذا أرادت ذلك.
من يريد إسقاط قوة لبنان وقدرته بعد هذه الإنجازات وهذه التضحيات، بكل صراحة هو يخدم المشروع الإسرائيلي الأمريكي عرف ذلك أم جهل ذلك، والذين يصوبون على سلاح المقاومة يعرفون أنه شرف لبنان والمنطقة، وأنه سبب التحرير وسبب قوة لبنان، ,أن إسقاط هذا السلاح يعني إسقاط قوة لبنان وإعطاء قدرة لإسرائيل أن تتحكم به وأن تجتاحه وأن تؤثر عليه، إذاً أين أنتم من دون سلاح المقاومة لبنان لقمة سائغة لإسرائيل.
نحن لن نرضخ للابتزاز ولا لبعض الشعارات السياسية الفارغة من المحتوى، والتي تريد إثارة القلاقل والمشاكل في لبنان، عملنا على الابتعاد عنها وتوجيه البوصلة باتجاه إسرائيل، جعلنا الآذان تسمع فقط ولم نوجه الأعين كي نقلل من تأثير كلماتهم التحريضية التي تحاول أن تسقط لبنان مجدداً في الفخ الأمريكي الإسرائيلي، لن نسهل عمليات فيلتمان وأمر العمليات اليومي، سيبقى حبراً على الورق أو صدأ من دون أثر، هذا قرارنا وهذا خيارنا، نحن مع بناء الدولة، مع لبنان بثلاثي القوة: الجيش والشعب والمقاومة، مع حماية البلد، مع أن نكون معاً نبني ومعاً نعمر، ولا نريد أن تكون الفئويات والعصبيات سبباً لخسارة لبنان.