الوليُّ المجدِّد

العداءُ للصَّحوة الإسلامية

العداءُ للصَّحوة الإسلامية

زار وفدٌ لبناني من المؤمنين الذين أسَّسوا وشاركوا في نشاطات "اللِّجان المساندة للثَّورة الإسلامية في إيران"، التي انطلقت بعد انتصار الثَّورة الإسلامية عام 1979، واستمرت لسنوات عدَّة في إحياء الأنشطة المختلفة دعمًا لإيران وتأييدًا للإنجاز العظيم فيها، فقال أحدهم للإمام الخميني(قده): "يواجهنا الأعداء بطُرقٍ مختلفة لأنَّنا نؤيد إيران، ولكنَّنا فخورون بذلك لأنَّنا مع الحق". فأجابه بما معناه: "كانت أمريكا والدول المستكبرة مع إيران الشاه عندما كانت إيران تابعة لهم، ولكن عندما التزمت إيران الإسلام وتخلَّصت من التَّبعية أصبحوا ضدّها، فهم ضدّ الإسلام وليسوا ضدّ إيران، وهم ضدّكم لمساندتكم الإسلام وليس لتأييدكم لدولة إيران".

الصَّحوة الإسلامية حدثٌ مصيري، نقَلَ الأُمَّة من الضياع إلى الإيمان، ومن التَّبعية إلى الاستقلال، ومن التَّخلف إلى التَّقدُّم، ومن الإهمال إلى الصَّدارة، ولذا يواجهها المستكبرون، وقد واجهوا إيران لأنَّها سارت في هذا الاتجاه المشرِّف، قال الإمام الخامنئي(دام ظله): "فأينما ازدادت الصَّحوة، يشعر أعداء البشرية بالمزيد من الخطر, ولهذا تشتد عداوتهم. ونحن نعرف جيدًا ماهية العداوات ضدّ الجمهورية الإسلامية ونعرف أسبابها, وذلك لأن الجمهورية الإسلامية رفعت راية صحوة الشعوب الإسلامية، ولأنَّ الجمهورية الإسلامية تدعو الشعوب والدول إلى الاتحاد والعزّة, وتقول لهم أن يثمّنوا عزّتهم في ظلّ الإسلام"(53).

وقد بدأ عداء المستكبرين للصَّحوة الإسلامية منذ انطلاقتها القوية مع نجاح الثَّورة الإسلامية في إيران، قال الإمام الخامنئي(دام ظله): "إنَّ تنامي موجة الصَّحوة الإسلامية في عالمنا المعاصر، حقيقة تبشّر الأُمَّة الإسلامية بغَدٍ سعيد. فمنذ أن بدأت هذه الانطلاقة القوية قبل ثلاثة عقود، بانتصار الثَّورة الإسلامية وقيام النظام الجمهوري الإسلامي، راحت أُمتنا العظيمة تتقدَّم بلا توقف. وقد أزالت عقبات من طريقها واستولت على خنادق. وإذا كان الاستكبار قد زاد من التعقيد في أساليب عدائه, وبذَلَ جهودًا باهظة التكلّفة لمواجهة الإسلام، فذلك بسبب هذا التَّقدُّم نفسه. إنَّ ما يقوم به العدوّ من عملٍ إعلامي واسع النطاق لإشاعة الخوف من الإسلام، والجهود الحثيثة التي يقوم بها لزرع الخلاف بين مختلف الطوائف الإسلامية وإثارة العصبيات الطائفية، وما يدأب عليه من اختلاقِ عدّوٍ وهمي للسُّنة من الشِّيعة وللشِّيعة من السُّنة، وبثّ الفرقة والشِّقاق بين الدول الإسلامية، والسعي لتصعيد الخلافات وتحويلها إلى عداوات ونزاعات غير قابلة للحل، واستخدام الأجهزة الاستخباراتية والجاسوسية لحقن سموم الفساد والفحشاء في صفوف الشَّباب،... فإن كلّ ذلك لا يخرج عن كونه ردود فعل مرتبكة أمام حركة الأُمَّة الإسلامية المتينة وخُطاها السديدة في طريق الصَّحوة والعزَّة والحرِّية"(54).

فهم لا يريدون الإسلام المحمدي الأصيل، ويخافون من آثاره العظيمة على الأُمَّة، ويفضِّلون الإسلام المجرَّد عن التأثير، والذي يقتصر على المظاهر ويبتعد عن العمل بما أنزل الله تعإلى. إنَّهم معادون لهذه الصَّحوة لأنَّهم معادون للإسلام، قال الإمام الخامنئي(دام ظله): "بالطبع، الأعداء يخافون من كلّمة "الصَّحوة الإسلامية"، ويحاولون أن لا تُسْتَخدم عبارة "الصَّحوة الإسلامية" لهذه الحركة العظيمة، لماذا؟ لأنَّ الإسلام حينما يظهر في هيئته الحقيقيّة وأبعاده الواقعيّة فإنَّ فرائصهم ترتعد. إنَّهم لا يخافون الإسلام المستَعْبَد للدولار، ولا يخافون من الإسلام الغارق في المفاسد والأرستقراطيّة، ولا يخافون من الإسلام الذي ليس له امتداداتٌ ونهاياتٌ في ممارسات الجماهير وأعمالهم، لكنَّهم يخافون إسلام العمل والفعل، إسلام المبادرة، إسلام كُتل الجماهير، إسلام التوكلّ على الله، إسلام حُسن الظنّ بالوعود الإلهية، حيث قال تعإلى: ﴿وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ﴾. حينما يُذكر اسم هذا الإسلام، وتظهر له علاماتٌ ومؤشراتٌ فإنَّ مستكبري العالم يرتعدون, ﴿كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُّسْتَنفِرَةٌ * فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ﴾, لذلك لا يريدون عنوان "الصَّحوة الإسلامية" أن يكون. أمّا نحن فنعتقد أنّها صحوةٌ إسلاميةٌ ويقظةٌ حقيقيةٌ قد ترسَّخت وامتدَّت، ولا يستطيع الأعداءُ تحريفها عن طريقها بسهولة"(55).

ولذا لا يمكن لأمريكا أن تتصالح مع الحركات الإسلامية الصافية، قال الإمام الخامنئي(دام ظله): "الجماهير الإسلامية هي التي وُجدت في الساحة بشعارات إسلاميّة. دور الإسلامييّن في عمليّات إسقاط الأنظمة هو بحدّ ذاته أقوى شاهدٍ على أنَّ هذه الحركة حركةٌ إسلاميّة. من الخطأ التصوّر أنَّ الاستكبار العالمي بزعامة أمريكا يمكن أن يتصالح مع الحركات الإسلامية, إذا كان ثمّة إسلامٌ وإسلاميّةٌ وإسلاميّون فإنَّ أمريكا ستحاول بكلّ ما أوتيت من قوَّة أن تقضي عليهم. بالطبع، ستُبدي لهم ابتساماتها في ظاهر الأمر. ليس أمام الحركات الإسلامية من طريقٍ سوى رسم حدودها الفاصلة"(56).


53- خطاب الولي 2010, ص: 245.
54- خطاب الولي 2010, ص: 452.
55- خطاب الولي 2012, ص: 614.
56- خطاب الولي 2012, ص: 615.