مقالات

مميزات أصحاب الإمام

تبرز التهيئة للإمام الحجة (عج) من خلال مناصريه وجنده الذين يتميزون بصفات لا تخفى على أحد , حيث لا يكفي إعلان التأييد للإمام (عج) من خلال الموقف النظري, وإنما من خلال التحلِّي بصفات الإسلام التي ذكرَتها الروايات المختلفة , كمؤشراتٍ دالَّة على أولئك الذين سيناصرون المهدي (عج) وسيقاتلون الى جانبه . وما علينا الا أن نتعرَّف على هذه الصفات , لنجسدها في سلوكنا , اذا كنَّا نريد تهيئة أنفسنا لهذا الدور العظيم والمسؤول .

تبرز التهيئة للإمام الحجة (عج) من خلال مناصريه وجنده الذين يتميزون بصفات لا تخفى على أحد , حيث لا يكفي إعلان التأييد للإمام (عج) من خلال الموقف النظري, وإنما من خلال التحلِّي بصفات الإسلام التي ذكرَتها الروايات المختلفة , كمؤشراتٍ دالَّة على أولئك الذين سيناصرون المهدي (عج) وسيقاتلون الى جانبه . وما علينا الا أن نتعرَّف على هذه الصفات , لنجسدها في سلوكنا , اذا كنَّا نريد تهيئة أنفسنا لهذا الدور العظيم والمسؤول .

فلنقرأ معاً هذه الرواية المعبِّرة عن مميِّزات جند الإمام المهدي (عج) للإمام علي (ع) : "اللهم, وإني لأعلم أنَّ العلم لا يأزر كله ، ولا ينقطع مواده, وإنَّك لا تُخلي أرضك من حجةٍ لك على خلقك، ظاهرٍ ليس بالمطاع, أو خائفٍ مغمور ، كيلا تبطلَ حُججك, ولا يضل أولياؤك بعد إذ هديتهم ، بل أين هم وكم ؟ اولئك الأقلُّون عددا ، والأعظمون عند الله جل ذكره قدرا ، المتَّبعون لقادة الدين : الائمة الهادين ، الذين يتأدبون بآدابهم ، وينهجون نهجهم ، فعند ذلك يهجمُ بهم العلم على حقيقةِ الإيمان ، فتستجيبُ أرواحهم لقادة العلم ، ويستلينون من حديثهم ما استوعَرَ على غيرهم ، ويأنسون بما استوحش منه المكذبون ، وأبَاهُ المسرفون, اولئك أتباع العلماء. صحبوا أهل الدنيا بطاعة الله تبارك وتعالى وأوليائه, ودانوا بالتقية عن دينهم والخوف من عدوهم ، فأرواحهم معلقةٌ بالمحلِّ الأعلى ، فعلماؤهم وأتباعهم خرسٌ صمت (لا يُسمع لكلامهم) في دولة الباطل ، منتظرون لدولة الحق, وسيحقُّ الله الحق بكلماته ويمحق الباطل . ها ، ها ، طوبى لهم على صبرهم على دينهم في حال هدنتهم ، وياشوقاه إلى رؤيتهم في حال ظهور دولتهم, وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن, ومن صلُحَ من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم"(1).

نستخلص منها أبرز الصفات كالتالي :

1. الأقلُّون عددا : فلو قارنَّا أعدادهم بأعداد أهل الباطل , لوجدنا أنهم الأقل عددا في مجتمعهم , بل بالمقارنة كذلك مع المجتمع العالمي . عليهم أن لا يستوحشوا من قلة العدد , ف " وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ "(2), وهم أصاب الحظوة الذين وفقهم الله تعالى ليكونوا في عداد أصحاب الامام (عج) .

2. المتَّبعون لقادة الدين : النبي (ص) والأئمة (عم) , ومن بعدهم العلماء الربانيين على خط الولاية, إذ لا خلاص للمؤمن من دون قيادة توجهه وترشده الى مواقف النصرة لخط الاسلام الاصيل , في زمن الفتن وكثرة المدعين لسلوك الطريق المستقيم , خاصةً عندما يرتبط الأمر بتحديد أولويات واجبات الأمة , وتعريفِ أعدائها الذين تجب مواجهتهم , والاخطارِ التي يجب التنبه لها ...

3. المتأدبون بسلوك قادتهم : قال تعالى : " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيراً "(3), فالسلوك تعبيرٌ صادق عن الالتزام بالمنهج , وعلى المناصر للمهدي (عج) أن يتأدب بآداب وأخلاق الاسلام , في علاقته مع أسرته ومجتمعه وجميع الناس , ليعطي بذلك الصورة الصحيحة والطيبة عن هذا الخط الأصيل، ما يؤدي الى أداء التكليف والقيام بالمسؤولية بشكل سليم, وقد يحقق زيادة في الأنصار.

4. المستأنسون بالتزامهم: الذين يعيشون الطمأنينة في نفوسهم , فلا يجدون التكاليف الشرعية عبئاً عليهم , ويزيدهمِ العلم إيمانا , والعمل إقداما , تحيط الطاعة لله تعالى كلَّ حركتهم , فلا صِعابَ أمامهم ولا تذمُّر ولا خوف , أرواحُهم معلقة بالسماء , فلا زينة تشدُّهم إليها , ولا دنيا تعيق سموَّهم ورقيَّهم نحو الملأ الأعلى .

5. المنتظرون : بكل شوق لرؤية امامهم , ورؤية دولة الحق العالمية , من دون أن يتوقفوا لحظةً واحدة عن الاستعداد والعمل .

6. الصابرون : المتمسكون بدينهم رغم الضغوطات , والمتحملون للعذاب الذي يلحق بهم من أعداء الدين والمنحرفين . وفي الرواية عن الامام الصادق (ع) : "هيهات ، هيهات ، لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى تُغربلوا. لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى تُمحصوا ، لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى تُميزوا ، لا والله ما يكون ما تمدُّون إليه أعينكم إلا بعد إياس، لا والله لا يكون ما تمدُّون إليه أعينكم حتى يشقى من يَشقى ويَسعد من يسعد"(4).

إذا تحققت هذه الصفات , فالامام علي (ع) يتشوق الى رؤية هؤلاء الانصار , وما أشوقنا نحن الى رؤيته, والتمتع بمشاهدته, ومبايعته, سلام الله عليه .

وقد وردت صفات أخرىفي عدد من الروايات نذكر منها :

7. أصحاب الورع : الذين يؤدي إيمانهم إلى التقوى التي تحجبهم عن ارتكاب الحرام , فيصبح الورع صفة ملازمة لهم , وهي الصفة التي تطبع الشخصية بالصلاح والعفة ومحاسن الاخلاق . عن الامام الصادق (ع) :"من دينِ الأئمة الورعُ والعفةُ والصلاح . . . وانتظارُ الفرج بالصبر"(5). وعنه أيضا : " من سر أن يكون من أصحاب القائم,فلينتظر,وليعمل بالورع ومحاسن الاخلاق ، وهو منتظر ، فان مات وقام القائم بعده,كان له من الاجر مثل أجر من أدركه، فجدُّوا وانتظروا,هنيئا لكم أيتها العصابة المرحومة"(6).

الهوامش:

1. الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص:335.

2. سورة سبأ ، من الآية13.

3. سورة الأحزاب ، من الآية 21.

4. المازندراني، شرح أصول الكافي، ج6، ص:341.

5. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص:122.

6. المصدر نفسه ، ج52، ص: 140.