مقالات

منافع الغيبة الكبرى

بدأت الغيبة الصغرى للامام المهدي (عج) عام 260 هـ ، واستمرت تسعاً وستين سنة إلى العام 329 هـ بداية الغيبة الكبرى ، وقد عيَّن الامام خلال غيبته الصغرى أربعة سفراء شكّلوا صلة الوصل بينه وبين الناس ، فكان يعيّن واحداً كلما توفي الذي قبله إلى حين وفاة السفير الرابع فلم يعيّن أحداً بعده .

بدأت الغيبة الصغرى للامام المهدي (عج) عام 260 هـ ، واستمرت تسعاً وستين سنة إلى العام 329 هـ بداية الغيبة الكبرى ، وقد عيَّن الامام خلال غيبته الصغرى أربعة سفراء شكّلوا صلة الوصل بينه وبين الناس ، فكان يعيّن واحداً كلما توفي الذي قبله إلى حين وفاة السفير الرابع فلم يعيّن أحداً بعده .

بسم الله الرحمن الرحيم‏

مقالة افتتاحية مجلة بقية الله-العدد 166 تموز.‏

منافع الغيبة الكبرى‏

بدأت الغيبة الصغرى للامام المهدي (عج) عام 260 هـ ، واستمرت تسعاً وستين سنة إلى العام 329 هـ بداية الغيبة الكبرى ، وقد عيَّن الامام خلال غيبته الصغرى أربعة سفراء شكّلوا صلة الوصل بينه وبين الناس ، فكان يعيّن واحداً كلما توفي الذي قبله إلى حين وفاة السفير الرابع فلم يعيّن أحداً بعده . ومن سفرائه محمد بن عثمان العمري (رض) الذي كان ينقل أسئلة المؤمنين إلى الامام ، ويرد أجوبته إليهم ، وقد نقل إلينا الشيخ الكليني صاحب "الكافي" عن اسحاق بن يعقوب قال : سألتُ محمد بن عثمان العمري (رض) أن يوصل لي كتاباً قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليَّ ، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عج) ، ومما جاء فيه :‏

" وأمَّا علة ما وقع من الغيبة ، فإن الله عز وجل يقول " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ"، إنه لم يكن لأحد من آبائي (عم) إلاَّ وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه ، واني أخرج حين أخرج ، ولا بيعة لأحد من الطواغيت في عمري . وأمّا وجه الانتفاع بي في غيبتي ، فكالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الابصار السحاب ، وإني لأمانٌ لأهل الارض كما أن النجوم أمانٌ لأهل السماء ، فأغلقوا باب السؤال عما لا يعنيكم ، ولا تتكلفوا علم ما قد كُفيتم ، وأكثروا الدعاء بتعجيل الفرج ، فإن ذلك فرجكم ، والسلام عليك يا اسحاق بن يعقوب وعلى من اتبع الهدى " (1).‏

يتضح من الفقرة المختارة من التوقيع ( الاجابة ) ثلاثة أمور أساسية :‏

1- تجنب السؤال عن الامور المجهولة التي يصعب معرفة أسرارها ، إمّا لأنها من الغيب المؤجل الذي يتم الكشف عنه في وقته كموعد يوم القيامة ، وإمّا لأن تكليفنا يقتصر على معرفة ما يعنينا ، فيكون الالحاح بالسؤال سبباً لاستدراج اجابات قاصرة أو غير دقيقة ، إذ لم ييسّر الله تعالى علمها لنا لعدم حاجتنا إليها . فقد كفانا الله تعالى علم ما نحتاجه بما أرسله إلينا من القرآن الكريم وما علّمنا إياه النبي (ص) والأئمة (عم) . بل لعلَّ الاطلاع على بعض الاسرار والخفايا- خاصة إذا كانت عن الناس وأحوالهم الشخصية- تسيء إلى العلاقات الاجتماعية ، وتعقِّد الحياة الانسانية .‏

كما نلاحظ بعض المؤمنين يهتمون كثيراً بالبحث عن الروايات الضعيفة والمرسلة التي لا تصلح نصاً ولا سنداً ، ويتعلّقون بمضمونها فيما تنقله من أمور غيبية ، ما يسيء إلى البنية المعرفية للمؤمن ويشوّش أفكاره ويضيِّع عليه سلامة الطريق إلى الله تعالى . فما بالنا لا نكتفي بما ورد إلينا واضحاً صريحاً ؟! وما بالنا نتعلَّق بتفاصيلٍ لم يُرد الشارع المقدس ابلاغنا بها ؟! ليكن اهتمامنا بما يسر الله لنا معرفته فيما يُصلح دنيانا وآخرتنا .‏

2- الغيبة الكبرى تحوي منافع كثيرة للمؤمنين ، وحتى لو لم ندرك هذه المنافع فإنها تحيط بنا من كل جانب ، وانظر معي إلى تعبير الامام المهدي (عج) عن سعة الانتفاع بغيبته : "كالانتفاع بالشمس إذا غيّبتها عن الابصار السحاب" ، ولو اقتصر الأمر على الأمان الذي يحقّقه لأهل الارض بحضوره منتظراً للظهور ، واستعداده لاقامة دولة العدل ، وإبقائه للأمل عند البشرية بقيادتها نحو سعادتها ، وانتظار الفرج بغلبته على الظلم والفساد ، لكان ذلك فائدة كبرى لا تعادلها فائدة ، فما بالك بنوره المشعّ على البشرية ، وتوفيق الله للمؤمنين بالتعلق به، وما يعطينا إياه رب العالمين من خيرات ببركة وجوده ... اننا بحاجة إلى نعمة الامان في ظلال إمامنا المهدي (عج) ، وهذا ما يشكل للمؤمن حافزاً وأملاً بالمستقبل مهما واجه من صعوبات وآلام وتضحيات .‏

3- الفرج : باكثار الدعاء لتعجيل الفرج ، إذ كلما ذكرنا الامام (عج) ودعونا بفرجه ، ارتاحت نفوسنا لتعلقنا بالمنقذ ، وتعزّز أملنا بالتغيير نحو الافضل ، وعشنا شعور قرب الظهور وما يعنيه من استعدادات تنعكس إيجاباً على حياتنا. الفرج هو فسحة الأمل التي تطرد اليأس ، وباب الطاعة الذي يتحدى المعصية، وطريق الارتباط بالقيادة التي تحدّد المسار وتنقذ من الضياع .‏

أيها العزيز ، أدعُ دعاءً بالفرج يجعل قلبك متعلقاً بعنان السماء ، لتعيش معه صعقة الحب الالهي الذي يغمر حياتك ، عندها لا شيء في حياتك إلاّ الانتظار، ومعه تنزل عليك كل بركات وتوفيقات السماء .‏

الهوامش:‏

(1) الشيخ الصدوق ، كمال الدين وتمام النعمة ، ص 483.‏