مقالات

خسف البيداء

خسف البيداء، إحدى العلامات الخمسة التي تكرر ذكرها في روايات كثيرة، فعن الإمام الصادق(ع):"خمس قبل القائم(عج):اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية"(1). والبيداء هي الأرض الخالية الملساء، وهي هنا أرضٌ بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب.

خسف البيداء، إحدى العلامات الخمسة التي تكرر ذكرها في روايات كثيرة، فعن الإمام الصادق(ع):"خمس قبل القائم(عج):اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية"(1). والبيداء هي الأرض الخالية الملساء، وهي هنا أرضٌ بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب.

باسمه تعالى‏

مقالة افتتاحية مجلة بقية الله-العدد 171 كانون الأول.‏

خسف البيداء‏

خسف البيداء، إحدى العلامات الخمسة التي تكرر ذكرها في روايات كثيرة، فعن الإمام الصادق(ع):"خمس قبل القائم(عج):اليماني، والسفياني، والمنادي ينادي من السماء، وخسف البيداء، وقتل النفس الزكية"(1). والبيداء هي الأرض الخالية الملساء، وهي هنا أرضٌ بين مكة والمدينة، وهي إلى مكة أقرب. والخسف الذي يحصل يؤدي إلى قتل جنود السفياني في زمن ظهور الإمام المهدي(عج) وفي تلك البقعة المقصودة في الرواية.‏

روي عن أمير المؤمنين علي(ع) في وصفه لأداء السفياني الإجرامي والوحشي وارساله لجيشيه خارج الشام، ثم خسف البيداء:".. وينزع الله من قلبه الرحمة، ثم يسير إلى الموضع المعروف بقرقيسيا، فيكون له بها وقعة عظيمة، ولا يبقى بلد إلاَّ بلغه خبره، فيداخلهم من ذلك الجزع. ثم يرجع إلى دمشق، وقد دان له الخلق، فيجيِّش جيشين: جيش إلى المدينة، وجيش إلى المشرق. فأمَّا جيش المشرق، فيقتلون بالزوراء سبعين ألفاً، ويبقرون بطون ثلاثمائة امرأة ، ويخرج الجيش إلى الكوفة، فيقتل بها خلقاً. وأمَّا جيش المدينة، إذا توسطوا البيداء، صاح بهم صائح، وهو جبرئيل(ع)، فلا يبقى منهم أحد إلاَّ خسف الله به، ويكون في أثر الجيش رجلان يقال لهما بشير ونذير، فإذا أتيا الجيش لم يريا إلى رؤوساً خارجة عن الأرض، فيسألان جبرئيل(ع)، ما أصاب الجيش؟ فيقول: أنتما منهم؟ فيقولان: نعم. فيصيح بهما، فتتحول وجوهما القهقرى، ويمضي أحدهما إلى المدينة وهو بشير، فيبشرهم بما سلَّمهم الله عزَّ وجل منه، والآخر نذير، فيرجع إلى السفياني، فيخبره بما نال الجيش عند ذلك"(2).‏

يحصل الخسف في البيداء بتدخلٍ من الله عزَّ وجل، ما يؤكد بأن بعض الأحداث التي تجري عند ظهور الإمام المهدي(عج) إنما يهيئها الله عزَّ وجل ليزيل من طريق الإمام العقبات الواحدة تلو الأخرى، كما يهيء له الظروف الموضوعية من أجل أن يحكم ويقيم دولة الإسلام العالمية بلا منازع. وقد عرفنا فيما سبق أن الله عزَّ وجل يحضر له ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من مختلف أقطار الأرض ليكونوا بين يديه، وهم قادة المسيرة يوزعهم بعد ذلك على الأقطار كممثلين له، ومسؤولين عن الجماعات المنضوية تحت رايته الشريفة. فالخسف في البيداء مشيئة إلهية لضرب جيش السفياني، وإزالة تلك العقبة الكأداء من أمام سيادة دولة العدل التي يسعى إليها الإمام(عج).‏

روى حذيفة عن النبي(ص):"...ويخرج جيش آخر من جيوش السفياني إلى المدينة، فينهبونها ثلاثة أيام ، ثم يسيرون إلى مكة، فيقول(الله عزَّ وجل): يا جبرئيل عذِّبهم، فيضربهم برجله، فلا يبقى منهم إلاَّ رجلان، فيقدمان على السفياني فيخبرانه خسف الجيش"(3). وعن أمير المؤمنين علي(ع):"فإذا دخلوا البيداء، واستوت بهم الأرض، خسف الله بهم. قال تعالى:" وَلَوْ تَرَى اِذْ فَزِعُوا فَلاَ فَوْتَ وَاُخِذُوا مِن مَكَانٍ قَرِيبٍ "(4).‏

تُجمع الروايات أنَّ إبادة جيش السفياني بالبيداء تكون كاملة باستثناء رجلين، وبصرف النظر عن كيفية عودة الرجلين، سواءً عاد الاثنان إلى السفياني كما ورد في رواية الرسول(ص)، أو عاد كل واحد منهما إلى جهة إحداهما جهة الشام لاخبار السفياني كما ورد في رواية النذير، أو عادا مشوهي الخلقة بأن قلبَ الله رأسيهما فأصبح وجه كل واحد منهما إلى الخلف للعبرة والاعتبار، فالأساس هو حصول الخسف الذي يؤدي إلى انشقاق الأرض وابتلاع الجيش، وهذا ما يحسم المعركة لمصلحة الإمام(عج).‏

يبقى السؤال الأساس الذي يخطر ببال كل مؤمن؟ ألا يعتَبر القوم من الأحداث التي تجري؟ ألا يعتَبر السفياني فيعود إلى رشده؟ ألا تسبِّب أحداث الظهور عودة إلى الإيمان والطاعة؟‏

لقد سأل زرارة صاحب الإمام الصادق(ع) هذا السؤال للإمام(ع) فقال:"عجبت أصلحك الله، وإني لأعجب من القائم كيف يُقَاتَل مع ما يرون من العجائب: من خسف البيداء بالجيش، ومن النداء الذي يكون من السماء؟ فقال(ع):إنَّ الشيطان لا يدعهم حتى ينادي كما نادى برسول الله(ص) يوم العقبة"(5).فالشيطان لا ييأس من جذب الناس إليه، فقد حاول ذلك مع رسول الله(ص)، وكذلك لا يرتدع الذين في قلوبهم مرض ويتبعون الهوى من أن يستمروا في هذا الانحراف، فها هي تجربة الأنبياء مع كل المعجزات التي قدَّموها لشعوبهم لم تؤدِ إلى هداية الكثيرين ممن ران على قلوبهم. لكنَّ إرادة الله الحاكمة هي أنَّ مرحلة الإمام المهدي(عج) هي مرحلة سيادة دولة الحق والعدل، ولو كره الكافرون ولو كره المشركون.‏

الهوامش:‏

1- الشيخ الصدوق، الخصال، ص:303.‏

2- الشيخ الكوراني، معجم أحاديث الإمام المهدي(عج)، ج3، ص:92.‏

3- المصدر نفسه، ج1، ص:482.‏

4- كتاب سليم بن قيس، تحقيق الانصاري، ص: 309.‏

5- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج52، ص: 295.‏