مقالات

الذي يملأ الدنيا عدلاً

ميَّز الشيعة صفة من صفات الله هي العدل، واعتبروها أصلاً من أصول الدين، لما للعدل من آثار في حياة الإنسان في دنياه وآخرته. فبالعدل يطمئن الإنسان إلى انصافه، والحصول على حقوقه، وتوازن الحساب في يوم القيامة مع النعم الممنوحة له، والتكليف بحسب القدرة، والمكافأة على العمل الصالح، والعقاب على السيئات، وعدم التمييز على أساس العرق واللون والنسب، قال تعالى:" إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ"(1).

ميَّز الشيعة صفة من صفات الله هي العدل، واعتبروها أصلاً من أصول الدين، لما للعدل من آثار في حياة الإنسان في دنياه وآخرته. فبالعدل يطمئن الإنسان إلى انصافه، والحصول على حقوقه، وتوازن الحساب في يوم القيامة مع النعم الممنوحة له، والتكليف بحسب القدرة، والمكافأة على العمل الصالح، والعقاب على السيئات، وعدم التمييز على أساس العرق واللون والنسب، قال تعالى:" إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ"(1).

باسمه تعالى‏

مقالة افتتاحية مجلة بقية الله-العدد 154/ شهر تموز‏

الذي يملأ الدنيا عدلاً‏

ميَّز الشيعة صفة من صفات الله هي العدل، واعتبروها أصلاً من أصول الدين، لما للعدل من آثار في حياة الإنسان في دنياه وآخرته. فبالعدل يطمئن الإنسان إلى انصافه، والحصول على حقوقه، وتوازن الحساب في يوم القيامة مع النعم الممنوحة له، والتكليف بحسب القدرة، والمكافأة على العمل الصالح، والعقاب على السيئات، وعدم التمييز على أساس العرق واللون والنسب، قال تعالى:" إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ"(1).‏

وبرَّزت الروايات عن النبي(ص) وآله(عم) صفة العدل في أداء الإمام المهدي(عج) كصفة رئيسة، فهو الذي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، لأنَّ العدل حاجة بشرية ملحَّة على المستويين الخاص والعام، في حياة الأسرة والمجتمع، بين الرعية أنفسهم وفيما بينهم وبين الحاكم، فـ"العدل يضع الأمور مواضعها"(2)، كما ذكر أمير المؤمنين علي(ع).‏

" إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ"(3)، فالعدل سبيل السعادة البشرية، واستقامة الحياة، وعلى المتصدي في أي موقع كان أن يحكم بالعدل، قال تعالى:" وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ"(4)، وما لم يتم ذلك، فالبديل هو الظلم والجور، الذي يؤدي إلى الفساد والعبثية والضياع والانحراف والطغيان، عندها تختلط الأمور، وتسوء الحياة الدنيا، وتفقد زرعها للآخرة الأفضل، ولا ينجو فيها إلاَّ من آمن وعمل صالحاً، واتقى، وصبر على الابتلاء، وجاهد في سبيل الله، ولم يأسَ على ما فاته وخسره في هذه الدنيا، وهيأ نفسه ليكون مع الصالحين من جند الإمام المهدي(عج)، ليحقق بقيادته العدالة الحقيقية على هذه الأرض، فقد وعدنا الله تعالى أن لا تخلو الأرض من حجة، وأن لا تختم الحياة البشرية إلاَّ بإقامة دولة العدل العالمية التي ترفع شعار وحكم الإسلام المحمدي الأصيل.‏

إنَّ المؤمن حال انتظاره للفرج يكون مفعماً بالأمل والثقة بالظهور الشريف وتعميم العدل على الأرض، ولا تعيقه العقبات والآلام والصعوبات، ويعمل دائماً ليترجم العدل في حياته الخاصة مع أسرته وأصدقائه وجيرانه ومن يتحمل مسؤوليتهم، ليكون شريكاً فعلياً بسلوكه في الإلتحاق بمسيرة العدل الكبرى على مستوى الأمة. إذ مهما كانت الظروف صعبة ومعقدة فإنَّ نهاية المطاف بانتصار العدل وانتشاره.‏

عن ابي سعيد الخدري، ان رسول الله(ص) ذكر المهدي(عج)، فقال:"يخرج عند كثرة اختلاف الناس وزلازل، فيملؤها عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً، يرضى به ساكن السماء وساكن الأرض، ويقسم المال قسمة صحاحاً.‏

قال: قلت وما صحاحاً؟‏

قال: بالسواء، ويغنم الناس حتى لا يحتاج أحد أحداً"(5).‏

وروي عن رسول الله(ص) قوله لبضعته فاطمة(ع) في ليلة وفاته:"والذي بعثني بالحق إنَّ منهما (الحسن والحسين(عم)) مهدي هذه الأمة. إذا صارت الدنيا هرجاً ومرجاً، وتظاهرت الفتن، وتقطَّعت السبل، وأغار بعضهم على بعض، فلا كبير يرحم صغيراً، ولا صغير يوقِّر كبيراً، فيبعث الله عزَّ وجل عند ذلك منهما من يفتتح حصون الضلالة وقلوباً غلفا، يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أول الزمان، ويملأ الدنيا عدلاً كما مُلئت جوراً"(6). وقد أشار(ص) في روايات أخرى إلى تحديد تفصيلي أكثر بأنه من ولد الإمام الحسين(ع) بقوله:"والذي نفسي بيده إنَّ مهدي هذه الأمة الذي يصلي خلفه عيسى منَّا، ثم ضرب على منكب الحسين(ع) وقال: من هذا، من هذا"(7).‏

واعلم أخي المؤمن، أختي المؤمنة، أنَّ" يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم"(8)، فإذا كنت تشعر بالضيق والمعاناة بسبب ظلم وجور الظالمين، فهي مرحلة اختبار مؤقت سرعان ما تنجلي بنصرة المؤمنين إذا صبروا وجاهدوا، وعندها ستضيق الأرض بما رحبت على أولئك الطغاة، وسيتلمَّس المؤمنون نجاعة تضحياتهم من خلال بركات العدل على يد القائم(عج) أرواحنا لتراب مقدمه الفداء.‏

حدَّثنا أمير المؤمنين(ع) عن انصار الإمام المهدي(عج) الذي يتصفون بصفات الإسلام بأنهم موعودون بصفات ثمانية من الإمام الحجة(عج) لقوله:"ان لا اتخذ حاجباً، ولا ألبس إلاَّ كما تلبسون، ولا أركب إلاَّ كما تركبون، وأرضى بالقليل، وأملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وأعبد الله عزَّ وجل حقَّ عبادته، وأفي لكم وتفوا لي"(9).‏

إنَّه الحدث الممَّيز بنشر العدل، فهو النور الذي يبدِّد الظلام، وهو الخير الذي يمحق الشر، وهو الميزان الذي ينصف الناس، وهو الظهور الذي يعم الفضيلة في الكون. قال إمامنا الرضا(ع):"وهو صاحب الغيبة قبل خروجه، فإذا خرج أشرقت الأرض بنوره، ووضع ميزان العدل بين الناس، فلا يظلم أحد أحداً"(10).‏

هنيئاً لمن سلك طريق العدل في إيمانه وسلوكه، ليكون جندياً في مسيرة العدل الإلهي بين يدي قائدها في آخر الزمان الإمام المهدي(عج).‏

الهوامش:‏

(1) سورة الحجرات من الآية 13.‏

(2) نهج البلاغة -قصار الحكم 437.‏

(3) سورة النحل من الآية 90.‏

(4) سورة النساء من الآية 58.‏

(5) معجم احاديث الإمام المهدي(عج) للشيخ علي الكوراني-ج1 ص94.‏

(6) المصدر نفسه-ج1 ص150.‏

(7) المصدر نفسه- ج1 ص 149.‏

(8) نهج البلاغة- قصار الحكم 341.‏

(9) معج أحاديث الإمام المهدي(عج)-ج1 ص94‏

(10) المصدر نفسه-ج5 ص201.‏

7/6/2004 الشيخ نعيم قاسم‏