صحيفة النهار
31/3/2003
روزانا بومنصف
كثف "حزب الله" في الأسابيع الأخيرة حضوره الإعلامي والسياسي في موازاة حضوره "المقاوم" جنوبا مع تعزيز الدول إجراءاتها الأمنية في الجنوب كما لو أنه يرد مباشرة وفي شكل غير مباشر على كل التكهنات والتساؤلات عن الاستحقاق المقبل الذي قد يواجهه اثر انتهاء الحرب على العراق .وكثيرون يفهمون الانتقادات الأميركية الأخيرة لسوريا وإيران بأنها تحضير للمرحلة المقلة التي ستطالبها فيها أميركا بالتخلي عما يعتبر "أوراقا" سياسية وغير سياسية في حوزتها .و"حزب الله" في مقدمها .
إلا أن الحزب ، في المقابل لا يبدي قلقا ، بل يعكس ارتياحا وثقة بصلابة وضعه ممزوجا ربما ببعض "الغبطة" إذا صح التعبير "لأن تسقط أميركا بتعثرها في العراق قبل أن نقوم بواجباتنا تجاهها "وفق ما يقول نائب الأمين العام ل"حزب الله" نعيم قاسم الذي يعتبر "أن المسؤولين الأميركيين سيفاجأ ون بمستوى الكراهية التي تزداد في العالم العربي فضلا عن أوروبا والتي لا يمكن أن تمحى بسهولة ولا من خلال تشخيص 300 مليون دولار لإنشاء تلفزيون توجيهي باعتبار أن ما يدخل في القلوب بسبب الممارسات الاستراتيجية يتطلب أداء استراتيجيا مغايرا ".
ويبدو أن الحزب لا يتجاهل أن نتائج ما يجري في العراق ستنعكس تلقائيا على وضعه في لبنان " إنما هذا الانعكاس في الضعف والشدة وليس في تغيير المواقف أي أن النتائج في العراق تكون تارة ضاغطة أكثر علينا وتارة تكون أقل ضغطا بسبب ما يصيب الولايات المتحدة من نتائج اعتدائها على العراق ".
وأمام هذا الوضع الضاغط في كل الأحوال ، يبدي الحزب تصميما على عدم التغيير ، أكان الضغط قويا ويتطلب صبرا أكبر أم عاديا يمر من دون صعوبات أو عقبات ، وذلك من منطلق أن كل الاتجاه يثبت " تقدم أفكارنا واقتناعاتنا وصحة ما طرحناه في مراحل متعددة عن مخاطر المشروع الإسرائيلي الأميركي في المنطقة كانا متصلين في مراحل أو منفصلين ". لكنه يعتبر أن ليس هناك جديد لم يتوقعه . لذلك هيأ نفسه منذ مدة بعيدة لأزمة طويلة في المنطقة وليس هناك محطة تنتهي الأمور عندها تماما مثلما كان التحرير في أيار 2000 " محطة انتصار لم تلغ وجود الأزمة " . وكل ما في الأمر أن أحد أهداف الحرب على العراق ، على ما يقول ، هي تهيئة المناخ لسيطرة إسرائيلية إضافية وهذا الأمر في حساباتنا في الأصل ".
بالنسبة إلى الواقع الجديد الذي قد يكون على الحزب التعامل معه كان يشكل الورقة المقبلة التي يطلب إلى المعنيين أينما كانوا تسليمها فتقويمه مرتبط بشقين سياسي وعسكري.
فمن يعتبر الحزب على لسان نائب أمينه العام ، أن الحديث عن أوراق تستخدم في يد سوريا وإيران هو تحليل عن بعد وربط لأمور بطريقة نظرية وغير واقعية لأن الحزب يحمل مشروعا كاملا ويضحي شبابنا بدمائهم وهي مسؤولية لا تشترى بالمال ولا بالموقف السياسي ، إذاً نقوم بأداء يتناسب مع رؤيتنا بالكامل ولا ننفذ رغبات أحد ولسنا جزءا من مشروع أحد . أما أن تتقاطع الرؤى والمصالح والفوائد بيننا وبين سوريا وإيران والانتفاضة فهذا أمر إيجابي نتمنى أن يزداد ويتكرر لِأنه كلما ازدادت القوى المستفيدة من أداء معين قوي هذا الأداء . ونقول صراحة أن الحزب استفاد من الدعم السوري في أوسع مجالاته لمصلحة مقاومته ، وسوريا استفادت في أوسع المجالات من مقاومة الحزب لمصلحة مواجهة العدو الإسرائيلي . ولا داعي إذاً للحديث عن أوراق يعطى فيها حال من سلب الإرادة لكن لا مانع من الحديث عن فوائد تتحقق للطرف المباشر وللأطراف غير المباشرين".
وتكرارا لا يبدو كأنه يخشى المطالب الأميركية المقبلة لا في شأن نزع سلاحه (وهو أمر يرد صراحة بعد على لسان الأميركيين ) وهو مطمئن ربما لاتصال الموضوع بالسلام في المنطقة ، ولا شأن المطالب المحددة من حيث اتهامه بالإرهاب ، فيكرر نائب الأمين العام للحزب نفيه لوجود جناح عسكري خارجي للحزب بما فيها ما أعلن أخيرا عن " حزب الله - العراق " الذي يمكن أن يدعم وجهة النظر الأميركية بوجود إمدادات للحزب خارج لبنان . " فمقاومتنا حصرية لمواجهة الاحتلال الإسرائيلي حيث يوجد ونعلن عملياتنا من دون خوف أو وجل . والباقي ادعاءات لها علاقة ببث مجموعة من الاتهامات من أجل أن تشكل ضغطا على الحزب وتراكم ملفات مختلفة يستخدمها الأميركيون عند الحاجة . لذلك يثيرها تارة أو يثير قضية أسماء معينة أو خرقا للخط الأزرق أو يفتح ملفات لها علاقة بخطف الأجانب في لبنان مع علمه بعدم وجود أي علاقة للحزب بهذا الملف . أما بالنسبة إلى الأسماء (عماد مغنية) فلسنا في وارد أن نعطي أي إجابة سلبية أو إيجابية لأننا لسنا جهازا للمخابرات نسهل مهمة الأميركيين . فليفكروا كما يشاءون وحين نتهم بشيء معين نبدي وجهة نظرنا وعلى العالم أن يصدق أو لا يصدق وهذا أمر مرتبط بالآخرين ".
أما وجود فرع أو إمدادات للحزب خارج لبنان ن فهو " أمر غير صحيح لا في العراق ولا في تركيا أو أي مكان آخر . السميات مماثلة قد تكون تعبيرا عن شيء آخر قد يكون موجودا أو وهميا لكن لا علاقة لنا به لا من قريب ولا من بعيد ".
وإذ يتوقع الحزب أن تتوالى اتهامات الأميركيين بسبب أو من دون سبب كجزء من روزنامة تحركهم باعتبار أنهم لا يحتاجون على مبررات إذا اتخذوا قرارا سياسيا معينا على ما أثبتت التجارب الأخيرة ، فإنه يولي الموضوع العسكري أهمية لا تقل عن الشق السياسي ، لاعتقاده أن كل الضغوطات السياسية لن تؤتي ثمارها في مرحلة ما بعد العراق على الأقل بالسرعة التي يرغبها الإسرائيلي والأميركي . فعندما بدأت أول طلقة على العراق ، كان الحزب اتخذ إجراء قبلها بيومين بإعلان الاستنفار العام في صفوفه متخذا إجراءات احترازية رغم تقديره بعدم إمكان حصول اعتداء إسرائيلي في هذه المرحلة . وهو الأمر الذي سيتكرر حكما لو شعر أن الخطر المقبل بعد حسم موضوع العراق واتجاه الأنظار نحو الحزب ولبنان وسوريا ، وخصوصا أن مستوى الجهورية وطريقة التموضع والتهيئة النفسية أخذت في الاعتبار أننا في حال خطر دائم ".
ولهذه الاستعداداتأأاانتيب أهميتها في نظر الحزب ومن منطلق أنه حين " تواجه المقترحات السياسية التي تتمحور حول الضغط على الحزب من أجل نزع سلاحه وتعطيل مبرر وجوده المقاوم فسيحاول الأميركي بالتنسيق مع الإسرائيلي أن يقوم بتجربته الإسرائيلية في محاولة الاعتداء العسكري كجزء من الخطوات التي تمهد للحلول السياسية تحت الضغط بحسب وجهة نظر إسرائيل . هم سيحاولون سياسيا إذاً بطروحات يستحيل قبولها مما يهيأ لوضع نكون فيه أمام ضغط عسكري إسرائيلي يتطلب حديثا عسكريا في المقابل ، لكن من يعتقد أن نتائج الحرب على العراق ستوجد إحباطا في المنطقة العربية يؤدي إلى تراجع في مواقف لبان وسوريا ومعهما المقاومة يكون واهما لأن موقف هؤلاء خلال 20 عاما كانت صلبة رغم ما شاب الوضع العربي وخصوصا إذا ما أضيف توقع خروج أميركا من العراق منهكة ، مما لا يوجد مناخا لحركة سهلة أميركية - إسرائيلية في المستقبل القريب ".
واستتباعا لا يرى الحزب على ما عبر ، وعلى غير المخاوف التي تثار سياسيا ، إمكان حصول تطورات استثنائية محتملة في هذه المرحلة جنوبا موضحا الكلام على تداخلات لضبط حركته في الجنوب بالتأكيد أن أحدا لم يتصل به ليطلب منه رسميا تجميد عمل المقاومة على الجبهة مع إسرائيل " فإذا أراد البعض أن يحلل الهدوء النسبي بهذا المعنى أو ذاك فهذا شأنه ، لكن ما يهمنا أننا وضعنا خطة عامة لكيفية الموجهة في مزارع شبعا عملنا بها منذ التحرير ولم يختلف سياقها بشكل بارز إلا في محطة جنين كجزء من رؤية لكيفية الموجهة في مزارع شبعا ووضع عقبات أمام المشروع الإسرائيلي في الاعتداء والتوسع ، وهذه الروزنامة خاضعة لرؤيتنا أنها تحقق المصلحة في تراكم الأداء وإيجاد موانع أمام إسرائيل ، وبما أن الظروف الحالية لا تشهد تطورات مباشرة وخصوصا أن العراق نقطة تحول للمنطقة ولها اتجاه يختلف عن الاتجاه الإسرائيلي وما يجري في فلسطين ، فالحزب لا يرى تطورات استثنائية في هذه المرحلة جنوبا قد توجب ربما تحركه وفق ما يرى البعض.