مقالات

مسؤوليتنا تجاه عاشوراء

عاشوراء بكل جوانبها‏
عاشوراء دخلت إلى قلوبنا وعقولنا وكل حياتنا ، لم تعد قصة عابرة من التاريخ، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من إيماننا وكل تصرفاتنا ، عاشوراء تحولت الى مدرسة نتعلم من خلالها ونعلم الأجيال، عاشوراء قوة حملناها بين أيدينا وفي حياتنا، وأعطتنا دفعاً الى الإمام لنقف أمام الظالمين فنسقطهم

1- عاشوراء بكل جوانبها‏

عاشوراء دخلت إلى قلوبنا وعقولنا وكل حياتنا ، لم تعد قصة عابرة من التاريخ، بل أصبحت جزءاً لا يتجزأ من إيماننا وكل تصرفاتنا ، عاشوراء تحولت الى مدرسة نتعلم من خلالها ونعلم الأجيال، عاشوراء قوة حملناها بين أيدينا وفي حياتنا، وأعطتنا دفعاً الى الإمام لنقف أمام الظالمين فنسقطهم ، إننا في أعين الآخرين كأشخاص وجماعة محظوظة لأن عندها الحسين (ع) تقتدي بهديه ، فعاشوراء هي المنارة التي يُفترض أن نبقيها مضيئة في حياتنا ، على أن نحملها بكل جوانبها ، فلا يحق لنا أن نختصر عاشوراء في جانب من الجوانب على حساب الجوانب الأخرى ، بل يجب أن نعيش عاشوراء: القدوة، والعاطفة، والاستقامة، والقيادة، والعزة، والشهادة ، والنصر ، كل هذه المعاني يجب أن تكون حاضرة في عاشوراء. إن أكبر خطأ نرتكبه عندما نأخذ عاشوراء الى جانب واحد ونتخلَّى عن الجوانب الأخرى ، فأولئك الذين يحولون عاشوراء الى مأساة دون ان يلتفتوا إلى الجوانب الأخرى لن يستفيدوا من عاشوراء ، وأولئك الذين يأخذون عاشوراء الى القيادة دون الالتفات إلى المأساة وإلى الجوانب الأخرى لن يفلحوا ، وهكذا عندما نأخذها الى التحليل والقصة بعيداً عن الجوانب الأخرى، فإننا نخسر قوتها في حياتنا.‏

لذا فمسؤوليتنا تجاه عاشوراء أن نعيشها بكل جوانبها ، وأن نعيشها كموقف، فالإمام الحسين (ع) رفض البيعة ليزيد (لعنه الله ) وهو يعلم أن هذا الرفض سيؤدي الى الشهادة والسبي والى كر بلاء وما يرافقها، ففي جوابه لأم سلمة زوجة الرسول(ص) قبل خروجه من المدينة وبعدما حدثته عن النبي(ص) أنه قال: يقتل ولدي الحسين بأرض العراق في أرض يقال لها كربلاء. قال الإمام الحسين(ع): يا أماه، وأنا والله أعلم ذلك، وأني مقتول لا محالة، وليس لي من هذا بدّ، واني والله لأعرف اليوم الذي أقتل فيه، وأعرف من يقتلني، وأعرف البقعة التي أدفن فيها، واني أعرف من يقتل من أهل بيتي وقرابتي وشيعتي. ثم أشار إلى كربلاء"(1). ولكنه الموقف الذي يجب أن يُتخذ ، فإذا لم يتخذ هذا الموقف فهذا يعني أ ن يزيد سيحكم وسيكون مرتاحاً مطمئناً ، وسيقول المسلمون بأن قائدهم قد سكت وسلَّم فلماذا يتحركون ويرفضون الظلم؟ ونحن نسمع حتى اليوم من يقول: إن ولي الأمر هو الحاكم، سواء أكان براً أو فاجراً ، وأن على المسلمين أن يسمعوا لحاكمهم ولو كان ظالماً.أراد إمامنا (ع) في هذا الموقف أن يقول: لا بيعة لحاكم ظالم ، فمثلي لا يبايع مثله، ولو أدى هذا الموقف إلى كربلاء، فكربلاء تربية على الموقف المبني على الأصالة ،و على ضرورة أن نرفع الشعار ونطبقه عملياً في مواجهة الظالمين ، لا أن نبقى في دائرة الاستسلام للحاكم الظالم أو للظلم من أي مصدر أتى .‏

2- عاشوراء مأساة‏

لا توجد مأساة في التاريخ شبيهة بمأساة عاشوراء ، فالإمام الحسين (ع) وثلة من أهل بيته وخيرة أصحابه يقتلون في المعركة ، وتسبى النساء وهو ابن بنت رسول الله (ص)، وريحانة رسول الله ، وهو سيد شباب أهل الجنة مع الإمام الحسن (ع) برواية متفق عليها بين جميع المسلمين، لقوله(ص) " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة". ومع ذلك يحصل القتل وقطع الرؤوس وحملها على الأسنة والرماح. هذا عمل بشع ولئيم من أولئك الظالمين بحق الإنسانية جمعاء، وهذا عمل مأساوي فيما يتعلق بالمحبين والذين يرتبطون بهذا المنهج وهذا الخط ،إنها مأساة يجب أن نبكي لها وأن نتفاعل معا ، أن نذرف الدموع لا من أجل أن نتوقف عندها ، بل لننطلق من المأساة أقوياء حتى نحمل في قلوبنا كل الإنسانية وكل الحب للاستقامة لمنهج أهل البيت (ع)، فنحولهما الى قوة ضاربة في مواجهة أعداء الله تعالى بكل جرأة .‏

عندما تربى شبابنا على مأساة الإمام الحسين (ع) بروحية حسينية صادقة ، كانوا يبكون في مجالس عاشوراء ، لكنهم ينطلقون الى سوح الجهاد بكل عزيمة وصلابة وقوة ويواجهون أعداء الله تعالى. ربما احتار المرء، كيف يملك هؤلاء أن يبكوا على الحسين (ع) وهم يتميزون بهذه الشجاعة؟ وكيف انتقلوا من مأساة كربلاء الى نصر المقاومة الإسلامية في مواجهة أعداء الله ؟ وكيف استطاعوا أن يتفاعلوا مع مأساة ومصيبة سيد الشهداء (ع) ليحولوها الى راية نصر باسم أبي عبد الله، باسم الحسين، باسم الشهداء، باسم هؤلاء العظماء الذين قدموا عبر التاريخ ؟إنه الإيمان الذي يتعاطى مع المصيبة بتسليم، لكن بتفاعل قلبي يحولها لخدمة سبيل الحق.‏

3- عاشوراء النماذج المتنوعة‏

النماذج متنوعة في عاشوراء، فيها كبير السن حبيب بن مظاهر ، والشاب علي الأكبر، والطفل الرضيع عبد الله، والنساء كزينب(ع) ومن معها، وعلى رأسهم القائد الإمام الحسين(ع)، حيث كانوا كلهم في كربلاء، ليعطونا نماذج تنسجم مع مفردات ما نجده في حياتنا اليومية. فإذا كنت تشعر بعجزك عن أن تكون في المستوى العالي والرفيع فاختر واحداً من أصحابه لتقتدي به ،و لا تقل بأن الإمام لا يمكن اللحاق به، ألا يمكنك اللحاق بالأصحاب؟ كلهم نماذج موجودة، فهذا علي الأكبر يقول:" يا أبت، إذاً لا نبالي، نموت محقين"(1) وهذا مسلم بن عوسجة يقول:" والله لا نخليك حتى يعلم الله أنّا قد حفظنا غيبة رسول الله فيك، أما والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أحيا ثم أذر، يفعل ذلك بي سبعين مرة، ما فارقتك حتى القى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك، وإنما هي قتلة واحدة، ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً"(2). وهذه زينب(ع) تهدئ النساء والأطفال وتصبر على هذه المصيبة الكبرى.‏

كانت هذه النماذج موجودة أيضاً في حياتنا في لبنان في مواجهة أعداء الله تعالى، نساؤنا من أروع النساء في مواجهة أعداء الله، وأهلنا ورجالنا من الذين ساندوا قضيتنا،وشبابنا المجاهد اقتحموا القلاع والحصون وأثبتوا جدارتهم، أجيالنا يعشقون الحسين من الصغر. إن في بيوتنا اليوم أطفالاً يتطلعون الى المستقبل، ويرغبون أن يكونوا في سوح الجهاد من الآن ،فهم لا يخافون من الاستكبار، ولا من إسرائيل، ولا من الظالمين، لأن قلوبهم امتلأت بحب الحسين وآل الحسين (ع).‏

4- الأئمة(عم) تنوع للأدوار‏

نجد في عاشوراء المأساة والشهادة، ونجد الصبر والتحمل والمعاناة عند الإمام الحسين(ع)، ونجد السجن والعذاب عند الإمام الكاظم (ع)، ونجد عند الإمام الرضا (ع) سطوة السلطان في واقع محرج جداً عندما عرضت عليه ولاية العهد ونتطلع إلى الأمل الكبير بنصر الإمام الحجة محمد بن الحسن المهدي(عج) وإقامة دولة العدل الإلهية. . . فلكل إمام خصوصياته في حياته وفي مرحلته ، وعلينا أن نتطلع الى أئمتنا كوحدة كاملة ، نأخذ منهم جميعاً ونتعلم منهم جميعاً. يجب أن نتعلم الأمر وما يعاكسه تماماً ، لاعتبار الارتباط بهذا المنهج الإسلامي، فإننا في بعض الأوقات نكون مسؤولين في أن نقتحم الشهادة ، وفي أوقات أخرى نكون معنيين بأن نصبر على الضيم ، نفرح بالنصر أحياناً، ونتحمل المعاناة الداخلية ممن يفترض أن لا نعاني معهم أحياناً أخرى، نرى أعلام الحق ترفرف في مرحلة، ونواجه الضغوطات في مرحلة أخرى، هذا أمر يجب أن يكون عادياً وطبيعياً ، وعلينا أن نتعلم من أئمتنا كيف نتحمل المراحل والمحطات المختلفة.‏

هذه القواعد الأربع التي نستلهمها من عاشوراء، نحملها ونعكسها مباشرة على حياتنا وعلى رصيدنا بأشكال مختلفة، لنحقق فوائد عديدة نذكر منها أربع:‏

الفائدة الأولى: ننقل عاشوراء من الماضي الى الحاضر ، فعاشوراء ليست قصة من التاريخ، عاشوراء حياة، عاشوراء تربية، عاشوراء مدرسة ، و يجب أن نعيش عاشوراء ، لا أن نقول: يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزاً عظيماً كأمانٍ غير قابلة للتحقيق، بل بإمكاننا أن نكون معهم في حياتنا، وفي مواجهتنا للظلم، وفي قتالنا لأعداء الله تعالى. علينا أن لا نضيع الدماء التي بذلت ، وأن نحافظ عليها، هكذا فعل شباب المقاومة الإسلامية .‏

أصبحت موقعية سيد الشهداء الإمام الحسين(ع) اليوم عند العرب والمسلمين في العالم عظيمة ومهمة، لأن شباب المقاومة كانوا دائماً يكررون بأنهم تلامذة هذا الإمام وفي مدرسة هذا الإمام ،فإذا سئلنا كيف أقدمتم على المعركة؟ قلنا: تعلمنا من الإمام الحسين (ع) فهو المعلم والقائد والقدوة، وعلى الجميع أن يلتفتوا إليه حتى يأخذوا منه كي يحققوا نصراً مؤزراً كما تحقق للمجاهدين.‏

الفائدة الثانية: يجب أن نستفيد من الحالة التعبوية لهذه المجالس، وأن نعمل لاحيائها، وهي دعوة صريحة من الأئمة عليهم السلام لذلك، فالإمام الصادق(ع) يقول للفضيل بن يسار: تجلسون وتحدثون؟ قال: نعم. قال(ع):" إنَّ تلك المجالس أحبها، فأحيوا أمرنا، فرحم الله من أحيا أمرنا. يا فضيل من ذكرنا فخرج من عينه مثل جناح الذباب، غفر الله ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البحر"(3) وهو القائل في مقام آخر:" أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا ودعا إلى ذكرنا"(4).‏

كما ركَّز الإمام الخميني(قده) على أهمية مجالس عاشوراء، وكان يكرر في كل مقام ضرورة التأسي بالإمام الحسين(ع) وأن كل ما عندنا من عاشوراء:" ولولا سيد الشهداء(ع) لما قامت هذه النهضة الإسلامية الحديثة ولما انتصرت، فالحسين(ع) حاضر في كل مكان، وآثار نهضته مشهورة(كل أرض كربلاء) وكل المنابر محل لذكر سيد الشهداء(ع)، وكل محراب مصدره سيد الشهداء. لقد أنقذ الإمام الحسين(ع) الإسلام، فهل نسكت على مقتل من نهض وانقذ الإسلام باستشهاده؟ علينا أن نبكيه كل يوم، وعلينا أن نرثيه من على المنبر كل يوم، من أجل حفظ هذا الدين والمحافظة على هذه النهضة، فهي مرهونة ومدينة للإمام الحسين(ع)"(5).‏

لسنا بحاجة للتفتيش عن روايات غريبة أو غير موثوقة من أجل تأجيج المشاعر عند الناس. ولطالما انتشرت قصص وأحاديث غير صحيحة وغير مسندة، بل لم ترد في أي من المقاتل وكتب السيرة، ومنها أن القاسم(ع) قد تخلى عن العرس وذهب الى القتال، بينما لا يوجد أساس لهذه القصة وهي ليست مروية في أي من الكتب المعتبرة، وقد أفتى المرجع الكلبايكاني(قده) باعتبار الصائم الذي يروي هذه الرواية عن عرس القاسم كاذباً على الله ورسوله فيكون مفطراً في يوم الصوم.‏

هنا أريد أن أسألكم سؤالاً، هل هناك أصعب وأشد ألماً من قطع رأس الإمام الحسين (ع) أو قتل الطفل الرضيع لتأجيج العاطفة، أو السبايا يخرجن حاسرات الرأس بسبب الأوغاد الذين يدَّعون الارتباط بالإسلام؟ عندما نذكر قصة عاشوراء كما جرت، فهي بحد ذاتها تؤجج العاطفة في نفوسنا، و لسنا بحاجة الى قصص وهمية، بل نحن بحاجة الى الأحداث التي حصلت فعلاً سواء أكانت واقعية بحكم العقل أو كانت واقعية بحكم النقل ولو كانت غيبية، لأننا نؤمن بأن أئمتنا (ع) يحصل معهم أمور من الغيب، فإمامنا الحسين (ع) كان يعرف بأنه سيقتل في كربلاء، وروى هذا الأمر مراراً وتكراراً،وقد قال لأم سلمة زوجة النبي(ص) في المدينة المنورة قبل خروجه إلى مكة المكرمة:" يا أماه قد شاء الله عزَّ وجل أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً"(6).‏

الفائدة الثالثة : ضرورة الإصلاح في الأمة، فعاشوراء حركة إصلاحية لمواجهة التفسير الخاطئ للإسلام ،" أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ". علينا أن نأمر بالمعروف وأن نعلم الناس و نربيهم ، أن نعرض عليهم هذا الحق الذي آمنا به، فهذا تكليف ، ولا يجوز أن نتلهى بمناقشات واهتمامات جانبية أو جزئية لا قيمة لها ولا فائدة منها ، فلندخل الى صميم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن نعمل للتأثير على الآخرين. ولا يجوز لك أن تتصرف في النهي عن المنكر على مزاجك بخلاف ما أمرت به الشريعة المقدسة ضمن حدودها وضوابطها، وليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يفعل البعض، حيث يكفِّر الناس جميعاً على أنه هو المؤمن، وليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن تستسهل إضرارك بالآخرين مع عدم الجواز بهذا الإضرار! لا، إنما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يبدأ أولاً بشخصيتك أنت، لتكون نموذجاً للطاعة لله تعالى على درب الحسين(ع)، عندها ستؤثر في جيرانك وأهل حيِّك وأقربائك بسلوكك ولو لم تتكلم كلمة واحدة.‏

سأذكر لكم أمراً لمسته أثناء الحج الى بيت الله الحرام، وسمعته من إخواني الذين ينقلون انطباعات العرب والمسلمين في مختلف أنحاء العالم.‏

كل العالم الإسلامي ينظر اليوم الى حزب الله كقدوة، ويطلب من أفراد وعلماء ونساء حزب الله أن يعلموهم كيف وصلوا الى هذا المستوى الرائع من الالتزام والتفاني في سبيل الإسلام وتحقيق الأهداف، فلو نشرنا عشرة آلاف عالم في العالم من أجل أن يبلغوا ويبشروا ويبّينوا عظمة الفكر الذي نحمله وعظمة الإيمان الذي آمنّا به -والعظمة ليست لنا هي عظمة الإسلام - لما استطعنا أن ننشر في العالم ما نشره المجاهدون بدمائهم وعطاءاتهم، لأنهم كانوا قدوة حقيقية،حيث سبقتهم أعمالهم قبل أن ينطقوا بحرف واحد ، وتعرفنا عليهم قبل أن نقرأ وصاياهم عند الشهادة، هؤلاء هم الذين نشروا هذا الخط على مستوى كل العالم،الذي أصبح يتطلع إلى هذه القدوة ليقتدي بها .هذا يعني أننا نحتاج الى قدوة في العمل عندما نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ، وأن نتميز بسلوك يؤهلنا لنفوز في هذا المجال.‏

الفائدة الرابعة : الاهتمام بعزة الأمة، لأن ما أنجز من الثورة الحسينية ومن نتائجها الثورة الإسلامية على يد الإمام الخميني(قده) وانتصار المقاومة، هو أن الأمة برزت عزيزة ، وأصبح رأسها شامخاً في العالم ، لا على قاعدة الغرور والتكبر أبداً ، فنحن أعزة في مقابل الكافرين، ولكن أذلة في مقابل المؤمنين، أي أننا متواضعون مع المؤمنين ، ولكن أشداء على الكافرين نشعرهم بالعزة والقوة والمعنويات العالية، فإذا هددوا هددنا، وإذا تصدوا تصدينا، وإذا أعلنوا أن بإمكانهم أن يصنعوا شيئاً استخففنا بهم ، وإذا ابرزوا قوتهم أبرزنا قوتنا ، لا لأننا نريد أن ننجرَّ الى ما يريدون، بل لأن رب العالمين قال : {ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين}(7). علينا أن نحافظ على هذه العزة، يجب أن يكون رأسنا عالياً في مواجهة الكفر ، فلا يفكر أحد بأن يخضع. انتبهوا، فالثقافة والتربية تدخل الى البيوت أحيانا بطريقة غير مباشرة ، ويقولون لنا بأن أمريكا قوية ، ويكررونها عشرين مرة أو أكثر، ونحن نكررها ونجري مقارنة بيننا وبين أمريكا، فنقول : نحن لا نقدر على مواجهة متطلبات أمريكا ، فنعيش حالة ضعف نفسي تهزمنا قبل أن نقدم على أي عمل. لقد صدَّق العرب مقولة الجيش الصهيوني الذي لا يقهر واستسلموا لها، وقبلوا بقطعة من أرضهم ودعوا الله ليعينهم، فالمهم أن يبقوا على قيد الحياة. هذه ثقافة نشروها ، ولكنَّ الإسلام غيّرها، الإمام الخميني (قدس) غيّرها ،المقاومة غيرتها، السيد عباس الموسوي غيّرها، الشهداء غيّروها ، أصبحنا نشعر بالعزة في مقابل الاعداء، و يجب أن نبقى كذلك، لأننا لن ننتصر إذا كنا أذلة في مواجهة الكافرين،بل يجب أن نكون أعزة ، ويجب أن يشعروا هم بذلك وأن يخافوا منا وأن ترتعد فرائصهم. هذا جزء من تكليفنا وواجبنا في المحافظة على الانتصار. ويقول البعض: إن علماءنا يتحدثون دائماً بمعنويات عالية! نعم يجب أن نتحدث بمعنويات عالية! لأننا على الحق ، وممَ نخشى؟ وممَ نخاف؟ عندنا الارتباط بالله تعالى وعندهم الارتباط بحياة فانية ، عندنا قيادة الرسول والأئمة والأولياء والصالحين وعندهم زعماء منحرفون رائحتهم تفوح في كل مكان ، عندنا منهج هو الإسلام العظيم الذي يسعد حياتنا، وعندهم قوانين وضيعة وتجارب سيئة تسقط إنسانية ومعنويات الإنسان ، إذا لماذا لا نكون أعزة؟ إن هذا ما يساعدنا على الاستمرار والاستقرار.‏

--------------------------------------------------------------------------------‏

الهوامش :‏

(1) الطبري- ج4 ص 308.‏

(2) الإرشاد للشيخ المفيد -ج2 ص 93.‏

(3) قرب الاسناذ للحميري القمي -ص 36، وسائل الشيعة للحر العاملي_ج8 ص 410‏

(4) عيون المعجزات لحسين عبد الوهاب-ص 5.‏

(5) نهضة عاشوراء للإمام الخميني(قده)-ص 93.نهضة عاشوراء للإمام الخميني(قده) -ص 93.‏

(6) بحار الأنوار للمجلسي_ ج44 ص 331.‏

(7) سورة المنافقون الآية 3.‏

أُلقيت هذه المحاضرة في قاعة ثانوية شاهد -ضاحية بيروت الجنوبية - محرم 1422ه.‏