ومما جاء فيها:
اليوم أحد أهم الانجازات التي حققتها مسيرتنا هي أننا استطعنا على قلة عددنا، وعلى هجمة العالم ضدنا، أن نتوفق بحمد الله تعالى لانتصارات مميزة على إسرائيل، وكذلك لانتصارات مميزة في بث شعاراتنا وقناعاتنا بين الناس لتكون حاضرة ومنافسة ومؤثرة ولها حضورها ولها جمهورها وأنصارها، لم نعد نخجل بأفكار نحملها لأنها غريبة عن الناس، بل أصبح الآخرون يتساءلون عن أفكارنا وقناعاتنا التي برعت وتوفقت ونجحت وقدَّمت باسم الله وفي سبيل الله وعلى نهج محمد وآل محمد.
نحن نواجه اليوم خطراً كبيراً من الاستكبار العالمي، الذي واجه عجزاً في الاحتلال العسكري المباشر، وفي أدواته المستبدة التي يستخدمها في منطقتنا، فلجأ إلى تكثيف حربها الناعمة من خلال الأفكار والمفاهيم ووسائل الإعلام والشعارات، التي تركز على مادية الإنسان وشهواته وملذاته في مقابل أي أمر آخر بعيد عن الحق وبعيداً عن القواعد التي يمكن أن تعتمد، لا بدَّ أنكم اطلعتم كيف أن القضاء المصري اضطر إلى أن يصدر مذكرات توقيف لمئتي جمعية ومنتدى كلها ممولة من أمريكا وبعض الدول الأوروبية، وأهدافها المعلنة أهداف تعليمية، والمضمون التعليمي هو تعليم على الديمقراطية والحرية والإباحة وحرية التصرف الشخصي، أي محاولة لزرع الأفكار المادية التي تجعل من هذا الإنسان بؤرة متحركة تُحدث بلبلة وفوضى في داخل المجتمع بما يؤدي إلى الارتباط بالغرب بشكل أو بآخر، المسألة ليست بريئة وهذا تحت عنوان التعليم، وليس تحت عنوان المواجهة العسكرية أو الرفض.
هناك شعارات كثيرة يحاولون ترويجها وتثبيتها كحقائق، ونحن أحياناً ننجرف معها، علينا أن لا ننجرف، علينا أن نفتخر بالشعارات التي نحملها، هم ينعتوننا بالإرهاب حتى نخشى من المقاومة، وعلينا أن نقول بأننا مقاومة في كل لحظة ولا نخشى منهم أبداً ليعلم القاصي والداني أننا نفتخر بشعاراتنا وأن هناك من يؤيدنا وسننتصر بهذا الشعار ولو كان يتضمن معنى حمل السلاح واستمراره وثباته فهذا شرفٌ لنا، لأن هذا الشعار هو الذي حقق طرد إسرائيل ولن نقبل لأحدٍ أن يدخلها من الشباك بعد أن أخرجناها من الباب بشعارات جوفاء لا قيمة لها إلاَّ الارتباط بإسرائيل وأمريكا بطريقة الطرح والضغط الذي يمارسونه على هذه المقاومة.
سنرفع شعار الفضيلة ولو تحدثوا عنا بأننا معقدون أو أننا لا نقبل بالشعارات متحررة، هذا رأينا وليقولوا آراؤهم، لا نتلزمهم بشيء وليس عليهم إلزامنا بشيء، إلاَّ أن علينا أن نروج لقناعاتنا وأن نشرح وأن نبينها وأن نثبت أحقيتها بالحكمة والموعظة الحسنة، ولكن في كثير من الأحيان هم لا يتحملون الحكمة والموعظة الحسنة، ولا يريدون أن يروا هذا الإشعاع.
لماذا منعت فرنسا الحجاب في الجامعات والمدارس؟ لماذا منع بعض الأوروبيين الحجاب في المؤسسات العامة؟ مع العلم أن عدد المحجبات في المدارس والجامعات هو عدد قليل، وهذا لا يؤثر في بنية التدريس والتعليم! لأنهم يخافون من هذا الشعار الفاضل أن يصبح سبباً لاستعادة العديد إلى الفضيلة بينما يريدون إبقاء المجتمع في دائرة الرذيلة الانحراف والانحطاط لأنهم أسياد الانحراف، إلاَّ أنهم لن يكونوا قادرين أمام الفضيلة أن يسودوا أو أن يكونوا في هذه المواقع إذا انتشر الخير بين الناس ، لأن الحق لا يقبل بظلمة يحكمون بطريقة عشوائية وأساليب ملتوية، ويدعمون إسرائيل والباطل والانحراف ونحن ندعو إلى طاعة الله تعالى.
هذا أمر موجود، واليوم التحدي مع المادية الغربية تحدي كبير جداً، هؤلاء سيحاولون السيطرة علينا بأفكار وقناعات وعلينا أن نثابر لمواجهة هذه الضغوطات، والمدخل الرئيس هو التعبئة الثقافية والروحية والفكرية والإيمانية لأن حصانة الروح هي التي تساعد في الثبات، وهذه هي التجارب موجودة أمامنا.
نحن نؤمن بأن الاستقرار في لبنان إنجاز كبير، ويجب أن نحافظ عليه، وهذا أمرٌ ملفت في مواجهة العواصف الكثيرة التي تحيط بمنطقتنا، ولم يكن ليتحقق لولا هذه النتائج التي وصلنا إليها في تشكيلة الحكومة وفي قراراتنا أن نعمل لوأد الفتنة، ونمنع الاستفراد أو غلبة طائفة على طائفة أو جهة على جهةن ونقبل بكل العناوين القانونية التي تحكم خيارات الناس وفق ضوابطها، وقد خضنا تجارب الانتخابات ونجحنا في أماكن وفشلنا في أخرى، ولم نستخدم هذه القوة التي نملكها كحزب الله إلاَّ في مواجهة إسرائيل حصراً، لأن هذه القوة ليست للغلبة السياسية، وليست لتغيير موازين القوى في الداخل، وليست من أجل الحصول على وزارة إضافية أو موقع نيابي إضافي أو إدارة عامة أو ما شابه ذلك، هذه الأمور تخطيناها من البداية ولا نسأل إذا كان عدد النواب عندنا عشرة أو عشرون، أو عدد الوزراء اثنين أو خمسة، إنما ما يهمنا أن يبقى لبنان محصناً من الرياح العاتية التي تأتي من إسرائيل وأمريكا، وأن يكون سيداً في قرارته ولنختلف في الداخل بالتفاصيل الصغيرة ما شاء من أراد المناكفة والاختلاف شرط أن لا يتحول هذا الأمر إلى فتنة أو إلى استدراج السلاح الميليشاوي الذي يؤدي إلى تخريب البلد، أو يؤدي إلى فتح البلد أمام الأعاصير الأخرى لمصالح خارجية لا علاقة لها بمصلحة لبنان.
نحن نعتبر أن جهوزية المقاومة بأعلى وتيرة من أداء الجهوزية، هو السبب الذي حمى لبنان منذ سنة 2006 حتى الآن، ولو لم تكن هذه الجهوزية موجودة لقتلت إسرائيل علناً، ودخلت بعض القرى من دون أن تسأل عن أحد، ولكن ما يردعها الخوف من رد الفعل الموجود عند المقاومة، وهذا محل فخر واعتزاز وقناعة في آنٍ معاً.
اليوم تتشكل المنطقة بشكل جديد، وهي في حالة عدم توازن، وربما يكون هذا العام عام 2012 هو عام التشكل في نهايته لتتبين الأمور بشكل واضح، لم تستقر الدول المختلفة التي حصلت فيها ثورات حتى الآن، ولم يستقر الوضع العالم وذلك لأن أمريكا تحاول أ، تشرق هذه الثورات، وشعوب المنطقة تعمل من أجل أن تحمي نفسها من رياح أمريكا وإسرائيل، وبالتالي هذا الصراع خلال هذا العام قد يبرز نتيجة معينة لشرق أوسط لن يكون إن شاء الله تعالى شرقاً أمريكياً وإنما هو شرق الشعوب، فكما نجحت المقاومة في طرد إسرائيل من لبنان، وكما خرجت أمريكا ذليلة من العراق، وكما صمد الشعب الفلسطيني أمام الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، وكما استطاعت إيران أن تبقى شامخة رغم كل التحديات التي واجهتها زوراً وعدواناً لمجرد أنها لا تقبل أن تكون تحت إدارة أمريكا أو غيرها، وهذا كله محل فخر ونأمل أن يكون لمصلحة هذه الأمة.
اليوم كل محور المقاومة والممانعة من إيران إلى سوريا إلى حزب الله إلى حماس إلى العراق وأفغانستان هو محور دفاعي وليس محوراً هجومياً، نحن لم نشكل محوراً رسمياً جمعناه ووضعنا له أمانة عامة وكيفية الإدارة، وإنما هؤلاء الأعداء وعلى رأسهم أمريكا ومجلس الأمن وطريقة الأداء ضغطوا على هذه القوى المختلفة التي يجمع بينها المقاومة والممانعة فأصبحت بشكل طبيعي متكاتفة ومتعاونة بالحد الأدنى الممكن، وفي حالة دفاعية لمواجهة هذه التحديات.
ولاحظوا أن كل التصريحات الإسرائيلية: سنهجم وسنعتدي ويتلقاها العالم المستكبر بشكل طبيعي، وأكثر من هذا يطلبون منهم أن يهدأوا قليلاً وأن يؤخروا الاعتداء، هم لا يرفضون فكرة الاعتداء، وإنما يطلبون التأخير لأن هناك عقوبات قد تؤتي ثمارها ضد إيران فلا داعي الآن للحرب، بينما عندما تتحدث المقاومة أو هذه البلدان الممانعة عن حقها في الدفاع والمقاومة تقوم الدنيا ولا تقعد! لن نرد عليهم إلاَّ في الميدان، وإذا أرادوا أن يجربوا فنحن لها.