استقبل نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم وفد لجنة أهالي الموقوفين الإسلاميين في السجون اللبنانية برئاسة إيهاب البنا وحضور عضو المجلس السياسي في حزب الله الشيخ عبد المجيد عمار، وتمحور اللقاء حول موضوع الموقوفين الاسلاميين، حيث طلب الوفد دعم حزب الله في هذه القضية.
وقد تحدث الشيخ قاسم فقال:
أعتبر أن القضية التي تسعون لها هي قضية محلُّ اهتمام عندنا، خاصة عندما نميِّز بين المظلوم والمرتكب، وبالتالي نحن مع المظلوم مهما كانت علامات الاستفهام والشكوك المطروحة، لأنه بالفهم الإسلامي المتهم بريء حتى تثبت إدانته وليس العكس، فلا يمكن أن يكون المتهم مدان حتى تثبت براءته. في الواقع لبنان فيه مجموعة من التعقيدات نشأت من محاولة البعض الاستفادة من الساحة اللبنانية لإيجاد نوع من المشاكل الأمنية والتعقيدات في التفجيرات وفي الأعمال التي يمكن أن تغيِّر شيء في المعادلة، وهذا خطأ كبير، من المفروض أن يكون التغيير وفق القواعد الدستورية والقانونية المعروفة، وأن يبدي كل إنسان وجهة نظره ويقنع الآخرين، وأن يجعل له الشعبية الملائمة، حتى يكون من يتصدى ويوصل فكره ويؤثر أكثر هو من يتمكن من إقناع الآخرين، قاعدتنا الدينية معروفة "لا إكراه في الدين"، فإذا لم يؤمن الناس بما نؤمن به فهذا شأنهم عند الله تعالى، ولا نكره الناس ليكونوا مؤمنين. لا شك أن بعض الجهات تؤمن بالعنف كطريق ووسيلة، ولكن الأغلبية الساحقة من الحركات الإسلامية والعلماء يؤمنون بأن التبليغ والدعوة إلى الله تعالى هي القاعدة، "أدعُ إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، من هنا يجب أن نميِّز بين الفريقين، الفريق الذي يريد أن يضع التفجيرات ويضرَّ بالساحة مهما كانت الأهداف، وبين الفريق الآخر الذي يريد أن يدعو دعوة سلمية إلى الله تعالى من أجل أن يُقنع الناس بأفكاره وآرائه، وعلى هذا الأساس نحن أمام مجموعة كبيرة من المعتقلين، والمعتقلين يجب تصنيفهم إلى قسمين: قسم متورِّط ومرتكب وقسم مظلوم تحوم حوله شبهات أو من غير شبهات، نحن كحزب الله نؤيِّد أن يتمَّ الإفراج عن المظلومين بأسرع وقت ممكن، وأن تصدر الأحكام على المرتكبين ليكون تنفيذ الحكم بحسب ارتكابهم، والأمر الآخر أن أصل إصدار الأحكام سيكشف المظلومين الذين يحتاجون إلى هذا الشكل من إصدار الحكم لحسم الملف، بدل أن يبقى عالقاً، وتعلمون أن سماحة الأمين العام أعلن على الملأ ولعدة مرات بأن المتَّهمين بالشروع في الإعداد لاغتياله هو مسامحٌ لهم، وإذا كان هناك من إجراءات قضائية مطلوبة، كأن يُكتب تنازلٌ خطي أو أن يُجرى بعض الأعمال للإفراج عن الموقوفين في الحق الشخصي فهو حاضر لذلك، وبالفعل كلَّف أحد الإخوة بالاتصال مع القضاة المعنيين، وعمل اللازم في هذا المجال، وهذا تأكيد على أن المطلوب هو نزع فتيل التوتُّر، وكذلك تخليص أولئك الذين غُرِّر بهم بطريقة وبأخرى في أعمال لا يجوز أن تكون موجودة على الساحة اللبنانية ولا من قِبَل الإسلاميين، وأيضاً من أجل إيجاد فرز حقيقي بين المرتكب المصمِّم وبين المغرَّر به أو أولئك الذين اتُّهموا ظلماً وعدواناً. نحن نعلم كحزب الله أن التحرُّك مع الجهات القضائية والسياسية من أجل تسريع العمل بهذا الملف من أجل الوصول إلى حلٍّ، وإنجاز هذا الموضوع على سكَّة محددة، يعني يجب أن يُعلن بأسرع وقت من هو المتَّهم بأدلة فيُحاكم، ومن هو البريء فيخرج، ليس هناك من دواعي لتطول المسألة في بعض الحالات في الوقت الذي يمكن إنجازها في وقت سريع، وأنتم تعلمون وجهة نظرنا في حزب الله، فنحن فتحنا طريقاً للوفاق مع بعض الإخوة السلفيين في الشمال، على قاعدة قناعتنا بأنه لا يجوز أن يمنع أحد التواصل الإسلامي الإسلامي بين السنة والشيعة، ولا يُتَّخذ هذا الأمر ذريعة لأي سبب، بصرف النظر عن ردود الفعل التي حصلت من قِبَل البعض. نحن لا زلنا مقتنعين بأن ساحتنا غير متورطة بالفتنة السنية الشيعية، وإنما يحاول البعض من الأجانب والمخابرات والمعادين لهذا الدين وللبنان أن يجرُّوا هذه الساحة بشتى الوسائل للفتنة السنية الشيعية، لكنهم يفشلون بسبب وعي القيادات المعنية التي تسحب هذا الفتيل، والتي لا تُعطي الظروف الموضوعية لذلك، وأعتقد أننا وأنتم والآخرين من العلماء والحركات الإسلامية عند السنة والشيعة معنيُّون بتقديم خطاب ديني وسياسي يقرِّب القلوب ولا يوتِّر أو يوجد البيئة والأرضية المناسبة لتنمو في داخلها الطفيليات، لأنه أحياناً من ليس له علاقة بما يحصل على الأرض قد يكون سبباً لتهيئة المناخات المناسبة لما يحصل، بسبب التصريحات الإعلامية النارية، وبسبب التحريض السياسي، وهذا كله يؤثر على فئة من الشباب غير الناضج وغير الواعي، ويُعطي أيضاً مستمسكات لمن يرغب أن يجرَّ ساحتنا في الإتجاه السلبي، لذلك القيادات السياسية والدينية في لبنان تتحمَّل المسؤولية في أن تُبقي طابع إيجابي ومناخ إيجابي على العلاقة بيننا جميعاً، وعلى رفض منهج التكفير وإلغاء الآخر واستخدام القوة، هذه أنماط ليست من ديننا ولا تنسجم أيضاً مع احترام الانسان الآخر. من هنا إن شاء الله سوف نعمل للمساعدة في هذا الملف، ويجب أن نؤكد دائماً على رفض الاعتداءات الارهابية التي تحصل من أي جهة كانت، حتى لو كانت من أقرب الناس إلينا، لذلك نحن أعلنَّا بأننا ضدَّ التفجيرات التي حصلت ضدَّ الجيش البناني ونحن نستنكرها، وهذا لا يؤدي إلا إلى مزيد من التخريب، هذا الجيش الذي لعب دوراً في الحفاظ على السلم الأهلي، يجب أن نلتفت إلى هذا المشروع الكبير الذي اسمه حماية لبنان، وهذا لا يبرِّر أبداً لمن يعتدي أشخاص على الجيش أو غيره، ونحن ندعو إلى التشدُّد بمن يقوم بعملية التفجير بمحاكمته ومعاقبته ليكون درساً للآخرين كائناً من كان، حتى لا نفتح هذه الساحة لأن ساحتنا للأسف مفتوحة.