أراد الأمريكيّون من خلال اغتيال الحاج قاسم سليماني والحاج أبو مهدي المهندس ومن معهما، أن يحدثوا معادلةً جديدة في المنطقة تثبّتُ هيمنتهم وتفوقهم وقراراتهم. أراد من خلال الاغتيال أن يُضعف محور المقاومة، وأن يعملَ من أجل إيذاءِ هذا المحور تمهيداً لأعمالٍ أخرى ولنتائجَ سلبيَّة، لكن تحوَّلت شهادة الحاج قاسم إلى إحياء للثَّورة بمدٍ جماهري منقطع النَّظير، لا مثيل له في التاريخ الحديث، بل ربما في التاريخ.
أهداف أمريكا انقلبت هزائم، وفي المقابل تحققت انتصارات للجمهورية الاسلاميَّة ومن معها.
اليوم بعد شهادة الحاج قاسم المنطقة أمام مرحلةٍ جديدة، وقواعد اشتباك جديدة لا يستطيع الأمريكي معها أن يفرضَ خياراته، ولا يستطيع أن يعتمدَ على إرهابه العسكري ليفرضَ قراراته وشروطه، فوجوده لم يعد مقبولاً والبيئة المحيطة بهِ في منطقتنا ترفضه وتريد طرده، لقد حققت شهادة الحاج قاسم والحاج أبو مهدي ما كان بحاجةٍ لسنواتٍ طويلة من العمل، وأسَّست لمسارٍ ودورٍ أكثر تأثيراً بالمقاومة في حماية الاستقلال والتحرير. لقد ظهرت نتائج الشهادة سريعاً بما أذهل العالم، فالمسيرات المليونية تجديدٌ للبيعة، وقرار البرلمان العراقي طوى مرحلة الوجود الأمريكي في المنطقة، وقصفُ قاعدة "عين الأسد" أسقط هيبة أمريكا وأظهرَ جرأة وعزَّة إيران وتصميمها على المقاومة، نحنُ الآن أمام خياراتٍ جديدة سترسم مستقبلَ هذه المنطقة على العزَّة والكرامة.
أمَّا في لبنان، حزب الله قدَّم ويقدِّم كلَّ المساهمات والتسهيلات المطلوبة لتشكيل الحكومة، وبذلَ وسيبذل جهوداً مضنيةً من أجل أن ترى النور، ولا يمكن الآن الحُكم على نتائج المشاورات من أجل التأليف بشكلٍ قاطع، نعم يوجد عقبات تتطلب تذليلاً ومسؤولية على قاعدة أنَّ الناس هم الأولوية، وأنَّ الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمالية تتطلب إنقاذاً ولا تحتمل التراخي والإهمال. سنتابع باهتمامٍ وحرص كما عرفتمونا بمعزلٍ عن تطورات المنطقة، التي لم تكن السَّبب في عدم ولادة الحكومة، بل كلُّ الأسباب داخلية، وهي غير عصية على الحل إذا تمَّ الالتزام بقواعد لها طابع وطني عام، ومُتفاهم عليها بين المعنيين وتراعي حساسية الواقع اللبناني الخاص، نأمل أن يتمكن الرئيس المكلَّف من إنجاز تشكيل الحكومة في أسرع وقت.