من أنتم حتى تستغنوا عن أرض أجيالنا ؟ من أنتم حتى تقبلوا بأن نتخلى عن الأرض من أجل أن يرضى امحتل ؟ وهل يرضى المحتلُّ بهذه الأمتار والكيلومترات ؟ هو سابقاً وصل إلى العاصمة بيروت، ولولا المقاومة لما خرج، وسابقاً استخدم عملاء في لبنان واحتلَّ شريطاً ليثبِّت حضوره، ولولا المقاومة لما خرج. هو سابقاً كان يحلم باتفاقٍ سياسي مع لبنان يؤدي إلى توطين الفلسطينيين ويؤدي أيضاً إلى اقتطاع جزءٍ من لبنان ليكون جزءاً من المستوطنات الإسرائيلية ملحقةً بكيان إسرائيل، لكن المقاومة منعته من ذلك ولم يتكمن أن يحقق ما يريد، ما الذي فعلته المقاومة لتُلام عليه ؟ وما الذي فعله هؤلاء ليضعوا أنفسهم في مقام التقييم إذا كان الأمر صحيحاً أم لا. ليكن واضحاً، إما أن تكون مع إسرائيل وإما أن تكون مع تحرير لبنان وثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، لا محلَّ لمن يجلس في الوسط، فمع العدو لا وسطية وإنما موقفٌ واضحٌ ضدَّ هذا العدو نتخذه من أجل أن نكون وحدةً متراصة نواجه وننجح.
عندما اعتدت إسرائيل بقتل شابين استشهدا في سبيل الله تعالى من أبناء المقاومة، واعتدت بالمسيرتين في قلب الضاحية الجنوبية، اتخذ حزب الله قراراً بالرد، ولأول مرَّةٍ في تاريخ القتال المباشر مع إسرائيل نرى هذا الالتفاف الكبير على المستوى اللبناني لحقِّ الرد ضد العدو الإسرائيلي، لكن بعض الأصوات تصدر وهي مغتاظة أنَّ الحزب نجح في الوعد ونجح في الرد ونجح في إعادة قواعد الإشتباك، لكن آمالهم هي أن تكون النتيجة لمصلحة إسرائيل لا لمصلحة حزب الله، وإلا كيف نفسر اعتراضات البعض على الرد على اسرائيل تحت حجة أننا سندفع الثمن، إسرائيل تدفِعنا الثمن بسبب وبلا سبب، أمريكا تحاول أن تغزوا منطقتنا لمصالحها غير آبهةٍ لا بإنسانيتنا ولا بأولادنا ولا بمستقبلنا ولا بأجيالنا، ماذا نفعل ؟ ننتظر حتى يفعلوا ما يشاؤون !! يجب أن نكون أقوياء لندافع عن أنفسنا وعن بلدنا، من حقنا أن نرد على العدوان بالمقاومة لنضع حداً لإسرائيل، من حقنا أن نزيد من قوتنا لنصل إلى توازن الردع الذي يمنع مبادرة العدو إلى العدوان، من حقنا أن نقف مهددين لا نخشى الحرب دفاعاً عن وطننا وعن أنفسنا وعن كرامتنا وعن شعبنا كي نمنع الحرب بالتهديد بها، ونحن قادرون على أن ننجح فيها فيما لو قررها العدو. هذه الحقوق مشروعة، هذا هو المسار الطبيعي، وهل كان لبنان لينعم بالإستقرار لولا ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة ؟ وهل كان لبنان ليعيش هذا الإستقرار الأمني والسياسي لولا القضاء على الإرهاب التكفيري وطرد العدو الإسرائيلي وهزيمته في عدوان سنة ٢٠٠٦ ؟ كل هذه الإنجازات حصلت ببركة المقاومة والمواجهة التي يُفترض بمن لديه حس وطني أن يشكرها ويكرمها، لا أن يتكلم دائماً منتقداً إياها تحت عنوان أن لا حقَّ للشعب اللبناني أن يقاوم، لكننا لن نرد على هذه الأصوات، لن نسلِّم بلدنا لإسرائيل وأمريكا ومن معهما، ولن نتخلى عن كرامتنا من أجل حفنةٍ من المساعدات تأتينا من هنا وهناك، ولن نقبل أن تضغط علينا أمريكا فنستسلم لها، بل سنقف بالمرصاد لأنَّ حقوقنا هي في أرضنا وبلدنا، ومن حقنا أن نحافظ عليها ولا يحق لأحد أن يسلبنا إياها.
يوجد معادلات يحاولون تغييرها وتبديلها على قاعدة اعتقادهم أن هذا الأمر يعطيهم مكسباً، أقول لكم بوضوح: بعض الذي ينتقدون المقاومة ليل نهار، ومن دون سبب ومن دون مبرر، إن تحدثوا عن الماء ينتقدون حزب الله، وإن تحدثوا عن الكهرباء ينتقدون حزب الله، وإن تحدثوا عن أيِّ شيءٍ في البلد ينتقدون حزب الله، وإن لم يجدوا شيئاً افتتحوا كلامهم بالإنتقاد، أتعلمون لماذا ؟ لأنهم خسروا من شعبيتهم في لبنان وتقدمت المقاومة أشواطاً كثيرة فأرادوا أن يستبدلوا خسائرهم الشعبية بإشاداتٍ من الغرب ومن المعسكر الآخر، ليقولوا لهم أستطيع أن أكون من أياديكم لمشروعكم فادعمونا حتى نقوى في لبنان على ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، لكن هيهات، لن يتمكنوا من ذلك، فالثلاثي قويٌ بحقه ومشروعه ووطنيته وجهاده ومقاومته، وهذا الثلاثي سيبقى علماً في لبنان وسيكون الراية التي ترفرف عالياً في مواجهة الإحتلال والإستكبار مهما فعل هؤلاء ومهما صنعوا.
سألتُ نفسي سؤالاً، ما الذي استفادت منه السعودية في حربها على اليمن ؟ وما هو المشروع الذي قدمته لعدوانها وإجرامها على الشعب اليمني الشجاع والفقير في آنٍ معاً ؟ قالت السعودية بأنها تريد السيطرة على اليمن لأنها تشكل حديقةً خلفيةً لأمنها، وهل حصلتم على الأمن من خلال حربكم عى اليمن ؟ قالوا بأنهم يريدون استدراج الحماية الدولية من أجل منع إيران من التأثير في منطقة الخليج، فهل نفعتكم هذه الحماية الدولية فأصبحتم أكثر أمناً وتراجعت إيران أمام طموحاتكم ومواجهاتكم، قالوا بأنهم يروّعون إيران لأن لها أطماعاً، ولما تبين أن لا أطماع لها وإنما تدافع عن نفسها انكشف المستور في أنَّ هذه الدول في الخليج باعت فلسطين تحت عنوان الحماية في مواجهة إيران واستبدلت العداء لإسرائيل بالعداء لإيران وهذا خطأٌ فاضح لن تجني منه السعودية والإمارات أي مكسبٍ في المنطقة بل هناك خسائر متتالية.
لو أردنا اليوم ان نقوم بجردة لوجدنا مفاجأةً كبرى تبين أن حرب السعودية على اليمن ليست من أجل السعودية، وإنما من أجل أمريكا وإسرائيل، واستُخدمت السعودية أداةً في هذه الحرب على قاعدة أن تدفع السعودية الأموال ويدمر اقتصادها وتخسر اليمن وتتوتر المنطقة، ويصبح هناك فوضى في الخليج والرابح هو أمريكا وإسرائيل، إذاً أين هي مصالحكم التي تدّعون أنكم تريدون تحقيقها ؟ ما الذي جنيتموه من هذه الحرب إلا القلق والخسران والأموال الطائلة التي تجاوزت ٥٠٠ مليار دولار دُفعت علناً لترامب تحت عنوان الحماية، إلا أن بضع طائراتٍ صغيرة يقولون عنها مسيرات هي أقرب إلى الألعاب منها إلى الحرب استطاعت أن تجتاز المسافات الطويلة في بلدكم وتضرب نصف نفطكم، ولم تستطيعوا شيئاً بكل هذا العتاد والإمكانات وهذه العلاقة الدولية الموجودة، الأصلح لكم أن تعودوا إلى جيرانكم وإلى أهلكم في منطقة الخليج فتتفاهموا مع إيران ومع دول الخليج من أجل أن يكون الأمن أمن دول الخليج الذاتي من دون الإعتماد على أولئك الذين يستغلونكم لمصالحهم ومصالح إسرائيل، عودوا إلى ضمائركم والتفتوا بأنَّ شعوب المنطقة لها حقوقها ولا تكونوا أدوات من دون أن تعلموا، كالذين ذكرتهم الآية الكريمة: { قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا }.