نحن اليوم في أجواء نصر تمور ٢٠٠٦، نصر تموز أنقذ لبنان من خارطة الشرق الأوسط الجديد الإسرائيلية، ووضع أسس صياغة منطقتنا على قاعدة الإستقلال، المنعطف بعد نصر تموزهو أنَّ كلُّ المنطقة بشعوبها تلهجُ بالإستقلال والمقاومة، وكلُّ مؤامرات أمريكا وإسرائيل تتحطم وتنتكس لأنه يوجد مسار عزّة عند أهل هذه المنطقة جميعاً.
انتقلنا في لبنان من سياسة التباكي والشكوى إلى سياسة المقاومة والرَّدع، حتى بات الإسرائيليُّ مضطراً أن يستغني عن التهديد البسيط المشفوع بالعدوان ليحلَّ محله التهديد الصاخب الذي يملأ الآفاق كالقنابل الصوتيّة من دون فعلٍ لعجزه عن مواجهة المقاومة ومواجهة لبنان.
اليوم إسرائيل تحسب ألف حسابٍ إذا كانت تريدُ أن تقوم بأيِّ عمل، لأنها مردوعة ولأنها تعلم أنَّ المقاومة لا تهادن، لم تكن عملياتنا يوماً عمليات سياسية، كانت دائماً عمليات مقاومة تريد أن تحرِّر الأرض، والإسرائيلي يعلم تماماً أنَّ جبهته الداخلية معرَّضة بالكامل من دون استثناء حتى ولو زاد التحصينات، فالتحصينات لا تنقل المواقع من مكانٍ إلى مكانٍ آخر، والإشارات التي تنطلق منها القذائف حددت المواقع بدقّة، كلُّ هذا لن ينفعه، عليه أن يعلم هذا العدو أننا بثلاثي الجيش والشعب والمقاومة أصبحنا في موقعٍ متقدم من حماية استقلالنا وتحرير أرضنا، وبعد ذلك ببركة وسواعد أهل البعلبك الهرمل خاصةً وكل المجاهدين عامةً، وللتعامل اللصيق والوثيق مع الجيش اللبناني الوطني استطاعت هذه المنطقة أن تبطل وتسقط إمارة التكفيريين إلى غير رجعة، وبالتالي هذا انتصارٌ آخر من نتائج نصر تموز ليكون معلماً من معالم العزّة التي نتمسك بها والتي سنتابع على أساسها.
نحن لا نخشى تهديدات إسرائيل، ونعتبر أنَّ مسؤوليتنا أن نبقى جاهزين في الميدان، وأقول لكم، كلّ يوم يمر نزداد تجهيزاً ونزدادُ دقةً في وسائلنا وإمكاناتنا، ونزداد استعداداً لأننا نعتقد أن هذه الطريق هي التي تحمي وهي التي توصل إلى النتيجة الصحيحة.
الأمر الثاني يرتبط بالموازنة في لبنان، لأول مرة في تاريخ حزب الله السياسي وفي عمله النيابي والوزاري يصوت على موازنة في مجلس النوّاب بالموافقة عليها، وكنا سابقاً لا نصوِّت على الموازنات لأننا نعتبر أنَّ فيها إشكالات كثيرة وأنَّ قدرتنا على إجراء تغييرات تعديلات لمصلحة الناس ضعيفة نسبياً، لكن في هذه الموازنة استطاع نوابنا ووزراؤنا أن يعدلوا فيها بما يتناسب مع مطالب الناس وحقوق الناس ضمن قاعدتين أساسيتين، الأولى حماية الناس من الضرائب الإضافية، والثانية عدم المس بالرواتب والمكتسبات، وهذا كان أمراً مهماً في هذه المناسبة وجاهدنا كثيراً حتى وصلنا إلى هذه النتيجة، وفي ليلة التصويت على الموازنة كنّا أمام مطلب لازال عالقاً هو فرض ٢% على السلع المستوردة، حَذرنا أنَّ الإستمرار بهذه النسبة يعني أننا سننزل إلى الشَّارع، فاستبدلوا هذه النسبة بخياراتٍ أخرى لكنها لم تكن مرضية بالنسبة إلينا، وعُرضَ علينا ليلة التصويت على الموازنة أن تُجرى بعض التعديلات التي تجعلنا نقبل بالتصويت عليها، وافقنا على هذه المعادلة، فكان الخيار أن تعفى المواد الأولية والأساسية والغذائية والدوائية والمازوت ومواد أخرى لم تكن مشمولة بضريبة ال TVA من المستوردات، والتي تساوي تقريباً ٤٠% من السلع المستوردة بما يعادل تقريباً ٧ مليار دولار من الإستيراد، هذه كلها معفية من نسبة ال ٢%، إضافة إلى ذلك وهذا هو الشرط الذي كان لدينا إعفاء البنزين من ضريبة ال ٢%، لأن البنزين يمس كل الناس ويؤثر على كل المسار، عندما التزموا معنا بهذا الإنجاز ووافقوا على رفع سقف الأعمال التي يترتب عليها ضريبة ال TVA من ٥٠ مليون إلى ١٠٠ مليون، لأن ال ٥٠ مليون تعني كل صاحب مصلحة حتى لو كان صغيراً، يجب أن يضع محاسباً، ويستعد للرشاوى، ويضع دفعاتٍ إضافيّة، لأن الضريبة على الأعمال ٥٠ مليون، الحمدلله توفقنا أن تصبح ١٠٠ مليون.
والإنجاز الثالث المهم هو حقُّ أساتذة الجامعة اللبنانية أن يُستثنوا من منع التوظيف، وأن يكون هناك قرارٌ في مجلس الوزراء لاحقاً بتوظيف مئاتٍ من الأساتذة وهذا مهم لاستمرار الجامعة اللبنانية وبقاء الجامعة اللبنانية الوطنية، ونحن نعلم أنَّ بعضهم في لبنان لا يريد لهذه الجامعة اللبنانية أن تكون ذات شأن، أما نحن فنريدها كذلك لأنها جامعة الفقراء، والأهم أنها جامعة الوطن ونحن مع جامعة الوطن أولاً.
لهذه الأمور الثلاث الأساسية مع الأمور الأخرى قررنا أن نصوِّت إلى جانب الموازنة. هناك معنىً آخر يجب أن نلتفت إليه، أنَّ هذا التصويت يعني دور أساسي لحزب الله في صناعة موازنة واقتصاد ومالية لبنان، وهذا أمر طبيعي لأننا دعامة أساسية من دعائم لبنان، وبالتالي على الجميع أن يعلم بأننا مستمرون في أن نساهم في الاستقرار السياسي والمالي والاقتصادي، ونساهم في كل مفاصل قيام الدولة القوية القادرة العادلة، وسنعمل على مكافحة الفساد على الرغم من الصعوبة الكبيرة في هذه المكافحة، لكن الطريق الكويل يبدأ ببعض الأميال، نحن بدأنا وسنستمر ان شاءالله تعالى.
الآن بعد إنجاز هذه الموازنة التي كانت موازنة وضع مالية لبنان على سكة الإستقرار وبداية المعالجة، لا بد أن تجتمع الحكومة اللبنانية وتضع سياسات زراعية وصناعية وسياحية تؤدي إلى معالجة مشكلة البطالة في الأطراف وخاصة في بعلبك الهرمل وعكار على قاعدة أنَّ الحلول هناك ليست فقط بإصلاح البنى التحتية وهذا ما يساعد عليه نوابنا ووزراؤنا ويعملون عليه ليل نهار من أجل تأمين مقومات البنى التحتية، لكن فرص العمل لا تأتي إلا من خلال السياسات الزراعية والصناعية وسياسات الخدمات والتجارة ومحاولة إيجاد إنعاش اقتصادي حتى تتولد فرص عمل، سنعمل بكل جهد من أجل أن نثبِّت حق بعلبك الهرمل بالعناية الاستثنائية والإهتمام الإستثنائي وهنا أحب أن أقول لكم: كلُّ تقصير موجود في بعلبك الهرمل، كل مشكلةٍ متراكمة في بعلبك الهرمل تتحمل مسؤوليته الحكومات المتعاقبة التي جاءت إلى لبنان، أحياناً يمكن أن نقوم بجهد ونشاط لكن نوفّق إلى بعض النجاحات، هذا لا يعني أننا نحن الذين نتحمل المسؤولية، كلا، نحتمل نتحمل المسؤولية عندما لا نسعى، ونحن نسعى، نتحمل المسؤولية عندما لا نحقق بعض الإنجازات، ونحن نحقق بعض الإنجازات، نتحمل المسؤولية إذا لم نكن نصرخ في الحكومة وفي المواقع المختلفة لمصلحة بعلبك الهرمل وهذا ما نقوم به، لكن مع تراكم المشكلات نحتاج مزيداً من الجهد ومزيداً من الصبر ومزيداً من التعاون، وإن شاء الله نحقق الإنجازات ولو بعد حين، اليوم إذا أراد أحد أن يقارن البنى التحتية الموجودة في بعلبك الهرمل الآن وقبل ال سيجد فرقاً كبيراً، ولكنَّ المشكلة هي المشكلة الإقتصادية التي لها علاقة بفرص العمل لأنَّ الناس بحاجة إلى هذه الفرص وكفاءات بعلبك الهرمل كفاءات غير عادية، بدليل النجاحات، بدليل المواقع التي يتسلمونها عندما تتاح لهم الفرصة.