لا خلاص من مشكلة إسرائيل إلا بعودة الفلسطينيين إلى ديارهم وأهلهم، وكل حل غير هذا مضيعة للوقت، وكل إدعاء أنه توجد تسوية وسلام هو محاولة من محاولات الاستكبار العالمي لتثبيت إسرائيل لتهضم الاحتلال تدريجيًا ولتهضم الأرض تدريجيًا، خيار مقاومة إسرائيل وانتصارات المقاومة تشمل لبنان وفلسطين وكل دول المنطقة، أي ربح يحصل في جبهة من جبهات المقاومة هو ربح لكل جبهة المقاومة من أولها إلى آخرها، لأن هذا ربح للمشروع، وليس ربحًا لفريق أو جهة دون جهة أخرى.
ولنكن واضحين، ولا نختبئ وراء الحقائق: لولا المقاومة الإسلامية والوطنية لما تحرر لبنان، لولا المقاومة لما تعطل رسم حدود إسرائيل بسبب مقاومة الشعب الفلسطيني وجهاده، لولا المقاومة ومحورها لما سقطت رهانات داعش في سوريا والعراق ولما تشتت جمع وشمل عناصر داعش من هذه المنطقة، فالمقاومة حقَّقت إنجاز وغيَّرت معادلة المنطقة، المقاومة نقلتنا من الاستسلام إلى العزة والقوة والتحرير، المقاومة استطاعت أن تحدث تغييرًا استراتيجيًا في خيارات المنطقة، كل ذلك حصل لأننا امتلكنا القوة والإرادة، القوة مطلوبة والإرادة مطلوبة، القوة هي التي تحمي خيارنا السياسي، لذلك تلاحظون أن الغرب وأمريكا والعالم دائمًا يطلبون أن نكون من دون قوة، أن نكون ضعفاء، لأنهم عندها يتحكمون بمصيرنا عندما نكون ضعفاء، أما عندما نكون أقوياء نحن الذين نتحكم بمصيرنا ومستقبل أجيالنا، هذه القوة هي التي تحمي خيارنا السياسي والاستقلال وفي التحرير، أما الدول الكبرى لا يمكن التعويل عليها فهي منحازة إلى إسرائيل، وهي تكذب علينا عندما تتحدث عن حل، الدول الكبرى تكذب علينا عندما تقول بأنها تريد أن تعطي الحق لأصحابه، هي منحازة لإسرائيل وجرائمها واحتلالها. وهذا أمر أساسي. بل أقول أكثر من ذلك: الدول الكبرى تشكل عبئًا إضافيًا علينا ينضم إلى الاحتلال، فنحن نواجه الاحتلال وبظهره الدول الكبرى التي تدعمه بكل أشكال الدعم.
لدينا تجربة عظيمة في لبنان، كيف امتلكنا القوة من خلال امتلاك ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة، بهذه القوة وبهذا الثلاثي حررنا أرضنا سنة 2000، واستطعنا أن نهزم إسرائيل سنة 2006، وإلى الآن هناك ردع حقيقي ببركة هذه القوة التي امتلكناها أي ثلاثي الجيش والشعب والمقاومة.
الآن توجد ضغوطات أمريكية علينا وعلى إيران وعلى أغلب بل على كل محور المقاومة، وحتى على دول أخرى تعارض أمريكا وسياساتها مثل فنزويلا وغيرها، نحن نعتبر أن هذه العقوبات هي جزء لا يتجزأ من مصلحة إسرائيل، وعلينا أن نواجهها، ونستطيع مواجهتها والانتصار في هذه المواجهة.
سألني أحد الأصدقاء اليوم: هل هذه هي المرحلة الأصعب التي تمرون بها؟ قلت له: لكل مرحلة صعوبتها، ولهذه أيضًا استعداداتها، وكلما كانت المرحلة أشد فهذه علامة نجاحنا في المرحلة الثانية، لأن ما خططوه لنا لم ينجح فرفعوا الوتيرة فهذا يعني أننا انتقلنا من مرحلة ناجحة إلى مرحلة تحدٍّ جديدة، لنشحذ هممنا ونعد العدة اللازمة لننجح في هذه المرحلة، وسننجح لأننا أصحاب حق ولأننا ثابتون في المواجهة.
أصبحت السعودية اليوم بحكامها الحاليين أداة تنفيذية ومالية لخدمة المشروع الإسرائيلي، فهي قامت بإعدامات لـ 37 شخص بينهم 34 من المناطق الشرقية والاحساء والقطيف، وهذه الإعدامات فقط على المخالفة بالرأي، من دون أن ترجمة مادية ومن دون أي شرح عملي على الأرض، ما يعني أن السعودية لا تقبل أن يقول لها أحدٌ أنها لا تعدل، أو أنها ترتكب جرائم في اليمن وبحق الفلسطينيين وفي المنطقة عندما تتدخل لتدمير سوريا.
نحن نعتبر أن السعودية بأدائها هي في المقلب الإسرائيلي، لأنها تعتبر جزء لا يتجزأ من صفقة القرن، ومقدمة هذه الصفقة التطبيع الذي مارسته السعودية وبعض دول الخليج وإلغاء الحقوق الفلسطينية، وهي التي تدفع ثمن الذخائر والأسلحة التي تدمر المنطقة وتقتل شعوبها واقتصاداتها لتبقى إسرائيل هي الأقوى.
ما يجري في المنطقة ليس مشروعًا لمصلحة السعودية بل هو مشروع لمصلحة أمريكا، والسعودية أقل من أن تدير أمريكا لمصلحتها، هذا وهم، أمريكا هي التي تستثمر السعودية لمصلحتها، ولا نعلم متى يحين الوقت الذي تتحول فيه السعودية إلى عبءٍ على الإدارة الأمريكية فتتخلى عنها كما تخلت عن غيرها، وعندها يسقط الحكم بلا تسوية. لا يمكن للظلم أن يستمر هذه سنة الحياة، لا ملك يستمر مع الظلم، فله ساعة وله حين.
عندما نتحدث عن إيران، نحن نفتخر أن علاقتنا بإيران علاقات جيدة، وأننا نشكل مع إيران محور واحدًا ومحور المقاومة والممانعة، وبكل وضوح، الفضل في حياة المقاومة في منطقتنا هو لإيران، كل شعوب المنطقة المقاومة تدين لإيران، لأنها هي التي بثت فيها هذه الروح، إيران الإمام الخميني(قده) أسقطت الشاه لمصلحة استقلال المنطقة وتعزيز سبل تحريرها، هذا إنجاز عظيم، لقد تغير وجه المنطقة مع إيران الإسلام، حيث بدأت تستعيد قوتها وعافيتها.
اليوم نحن أمام محورين: محور إيران، ومحور السعودية، من يواجه إسرائيل يعني عليه أن يتعاون مع إيران، ومن يواجه إيران يعني أنه متبني المشروع الإسرائيلي، ولا يجب التوفيق بين المشروعين، كفانا تظليلًا للناس، من يقول بأنه مع وحدة المسلمين فلماذا لا يكون مع إيران، ومن يقول أنه مع القضية الفلسطينية فلماذا لا يدعم المقاومة، ومن يقول أنه ضد التبعية الغربية فلماذا يخرب بلدان المنطقة من اليمن إلى ليبيا إلى البلدان الأخرى، هذه علامات استفهام وتحتاج إلى إجابة.
إذا اقتصرت الموازنة التي يدرسها مجلس الوزراء على تخفيض الإنفاق من دون ثلاثة أمور: من دون رؤية اقتصادية، وحسن إدارة ومكافحة الفساد، فلسنا على طريق الحل، أما إذا انطلقنا من الموازنة التي تتضمن حلولًا لإيقاف الهدر، مع تحميل المصارف لواجباتهم في المساهمة بتخفيف العجز، فنكون قد انتقلنا خطوة باتجاه الحل، هل المعالجات ممكنة في لبنان؟ نعم ممكنة، ولكن مع حسن الإدارة ومكافحة الفساد، حسن الإدارة بجباية الأموال ومنع التهريب، ومنع التهرب الضريبي، والعدالة في المشاريع المناطقية. أما مكافحة الفساد فبالتزام القوانين، والمحاسبة، وفعالية القضاء، وإجراء التعديلات المناسبة على القوانين من أجل المزيد من الضبط إذا امتلكنا الإرادة كلبنانيين أن نعمل معًا بلا تكاذب يمكن أن ننجح.