إذًا كيف يمكن أن نحل المشكلة وكيف يمكن أن نبدأ؟
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في لقاء توجيهي مع أساتذة مدارس المصطفى.
لبنان يعيش في حالة استثنائية مع وجود عامل إيجابي أن الدول الكبرى والإقليمية منصرفة الآن عنه، والجميع يعتقد بأن الاستقرار في لبنان مصلحة، ولذلك إذا ساهمنا بالاستقرار ولم يتم إثارة القلاقل والمشاكل والفتن الداخلية فإن لبنان يبقى مستقرًا وسياسيًا وأمنيًا رغم كل الحرائق الموجودة في المنطقة، والحمد لله إلى الآن الوضع في لبنان معقول انسجامًا مع ما يجري في المحيط، حتى أن بعض الغربيين علَّقوا بأن لبنان معجزة بعدم التأثر المباشر بالتطورات التي تجري في المنطقة وهذا له علاقة أولًا بإرادة اللبنانيين بعدم الدخول في المشاكل والفتن، وثانيًا وجود جوٍّ داخلي يرى أن هذا الأمر مناسب.
لبنان اليوم يعاني من تعطيل في كل المؤسسات تقريبًا، والتعطيل يجر إلى مشاكل ويؤدي إلى ضرر للمراقبين ولمصالحهم. وقد جاءت دعوة الحوار من قبل الرئيس نبيه بري، وهذه الدعوة هي دعوة إيجابية ونحن نشجع عليها ونعتبرها بقعة ضوء في هذا الظلام الموجود في لبنان والمنطقة، ونعتقد أيضًا أن توفر الإرادة الجدية عند المتحاورين نستطيع أن نقدم بعض الإنجازات من خلال هذا الحوار، ونحن لا نذهب إلى الحوار بطريقة بروتوكولية أو شكلية وإنما نذهب وقناعتنا بأن بعض الأمور يمكن أن ننجزها، يمكن أن ننجز دعم الجيش والقوى الأمنية، يمكن أن نفعِّل عمل المجلس النيابي ، يمكن أن نعالج العقبات التي أعاقت عمل الحكومة في المرحلة السابقة، كما يمكن أن نقرِّب المسافات في مسألة رئاسة الجمهورية وأن نصل إلى خطوات حلٍّ في خضم الآفاق المسدودة في منطقتنا.إذًا يمكننا أن نحقق شيئًا، ولذا نحن نتعامل مع الحوار بطريقة إيجابية ونعتبر أنه بالإمكان أن تتحقق بعض الإنجازات بشكل عام.
أما فيما يتعلق بمستقبل البلد ومعالجة المشاكل المزمنة في داخل البلد، لنكن واضحين: أهم طريقة بالعلاج أن يكون المسؤولون الفريسة، وللأسف النظام الطائفي لا يسمح بالانكسار، لأن كل طائفة وكل قيادات طائفة أو جماعة تحاول أن تحصل وأن تحمي الفاسدين فيها، وتحاول أن تقارن نفسها بالطوائف الأخرى وبأن الهيكل سينهدم إذا تمت محاسبة الفاسدين والمفسدين. هذا الأمر لا يمكن حله إلاَّ بإعادة إنتاج السلطة، وإعادة إنتاج السلطة يكن وفق قانون انتخاب يشعر المسؤول إذا نجح في الانتخابات أن المواطنين يمكن أن يرفضوه بعد ذلك، والقانون الذي يحقق هذا الهدف العادل هو قانون الانتخابات النسبية على أن يكون لبنان دائرة واحدة، هذا أفضل قانون يمكن أن يكون موجودًا، مثل هذا القانون يمثل الطوائف ويمثل الأحزاب الكبيرة والصغيرة، ويمثل التجمعات المحدودة، يعني كل الموجودين في المجتمع سواء أكان عددهم كبير أو صغير بنسبة معينة يمثلهم فيشعر الجميع أنهم حاضرون في تكوين السلطة في المجلس النيابي، وبالتالي عندما تنبثق سلطة مجلس الوزراء يمكن لأولئك أن يحاسبوها ويمكن للشعب بعد ذلك من خلال الانتخابات القادمة أن يقبل البعض ويرفض البعض الآخر، فينتبه هؤلاء إلى ضرورة أن يعملوا بشكل منصف وعادل لمصلحة الناس.
هذا الحل هو حل استراتيجي ولمصلحة لبنان، أمَّا إذا أعدنا انتاج السلطة على القانون الحالي ستكون النتيجة نفسها وسيأتي الأشخاص أنفسهم، وستأتي الترتيبات الطائفية نفسها، إذًا كيف يمكن أن نحل المشكلة وكيف يمكن أن نبدأ؟ فالقانون الحالي لا يوجد فيه عدالة ولا إمكانية للتغيير! على كل حال هذه مسؤوليتنا أن نعمل من أجل أن نحقق التغيير والإنجاز.
أما فيما يتعلق بالمسألة السورية، ففي سوريا اليوم يوجد مشروعان متضاربان: مشروع يعتبر أن الرئيس بشار الأسد دعامة الحل المستقبلي في سوريا ومواجهة الإرهاب، ومشروع آخر ينطلق من عدم القبول بأن يكون الرئيس الأسد جزء من الحل. هذا يعني أن التباين كبير جدًا من الأساس، ومع وجود هذا التباين إمكانية الحل السياسي في المدى المنظور غير متوفرة، إلاَّ إذا اتفق الطرفان على تقريب المسافات وفي رأينا أن الحل الحقيقي في سوريا لا يكون إلاَّ أن يكون الرئيس بشار الأسد جزءاً من الحل وكذلك أن يكون هناك خطة مدروسة لمواجهة الإرهاب يشارك فيها الجيش السوري كما يفعل الآن .