كلُّ إنسانٍ مسؤولٌ في هذه الحياة الدنيا، ولا يستطيع أن يتهرب من مسؤوليته، وعليه أن يحسم خياره واتجاهه أولاً، هل هو مؤمنٌ أم لا؟ هل هو ملتزمٌ بدين الله تعالى أم لا؟ هل هو مستعدٌ لعبادة الله تعالى أم لا؟.
لقد أتاح الله تعالى له ليختار احد الطريقين، "إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً"(1)، فلا إمكانية إلاَّ أن يكون شاكراً أو كفوراً، مؤمناً أو كافراً، وسيتحمل مسؤولية خياره أمام الله تعالى ويحاسب عليه في يوم القيامة.
خلَقَ الله الإنسان في أحسن تقويم مصحوباً بالمسؤولية، قال تعالى: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً"(2)، والخلافةُ مسؤوليةٌ وليست تكريماً، وهي مقدمةٌ للسؤال في يوم القيامة، الذي يشمل جميع البشر من دون استثناء، قال تعالى: "فَلَنَسْأَلَنَّ الَّذِينَ أُرْسِلَ إِلَيْهِمْ وَلَنَسْأَلَنَّ الْمُرْسَلِينَ"(3)، سيسأل الله تعالى يوم القيامة الأقوام الذين أرسل الله تعالى إليهم الأنبياء، ويسأل الأنبياء والرسل الذين أَرسلهم إلى الناس، وماذا فعلوا؟ هل استقاموا على هدي شريعة الله تعالى المقدسة؟ وهل أحسنوا الخلافة؟ وهل أدوا واجباتهم؟ فالأسئلة موجَّهة للرسل والأنبياء وجميع الناس.
كلُّ إنسان مسؤولٌ عن نفسه، فلا يتحمل أحدٌ معه أو عنه هذه المسؤولية، قال تعالى: "مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ"(4). تسجَّل الصالحات في صحيفة أعماله، وتسجَّل السيئات أيضاً في صحيفة أعماله، فهو يتحمل مسؤولية أعماله، ولا عمل من دون مسؤولية، ولا نشاط من دون مسؤولية. إذا قالَ فهو مسؤول، وإذا سمعَ فهو مسؤول، وإذا ربَّى فهو مسؤول، وإذا أكل فهو مسؤول، وإذا قام بأي حركة أو تصرف في العلاقة مع الآخرين فهو مسؤول، فليسعَ ليقوم بهذه المسؤولية. أنت مسؤولٌ من خلال جوارحك، قال تعالى: "وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً"(5)، هذه الجوارح تلتقط المعطيات وتُدخلها إلى الدماغ الذي يتخذ القرار للعمل، ترى فتعمل، وتسمعُ فتعمل، وتفكرُ فتعمل، فالجوارح باب مسؤوليتك عن الأعمال التي تقوم بها.