حياتُنا بحاجة إلى ذكرٍ كثير للجم الشيطان وهجماته المستمرة، يقول تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً*وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً*هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً"(12)، وليس معنى ذلك أن نستبدل سبحان الله 100 مرة بـ 5000 مرة! لا ليس هذا المقصود، وإنما المقصود هو الذكر بالطاعة لله تعالى، باللسان, والعين، والأذن...وكل الجوارح، وفي كل حالة من الحالات. فما الذي يمنع أن تكون مجالسنا عامرة بذكر الله تعالى، أكانت للرجال أم للنساء، قال تعالى: "وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً"(13).
عن الإمام الصادق(ع) عن رسول الله(ص): ألَا أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ لَكُمْ, أَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ, وأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ, وخَيْرٍ لَكُمْ مِنَ الدِّينَارِ والدِّرْهَمِ, وخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَقْتُلُوهُمْ ويَقْتُلُوكُمْ.
فَقَالُوا: بَلَى.
فَقَالَ: ذِكْرُ اللَّه عَزَّ وجَلَّ كَثِيراً.
ثُمَّ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ(ص) فَقَالَ: مَنْ خَيْرُ أَهْلِ الْمَسْجِدِ؟ فَقَالَ: أَكْثَرُهُمْ لِلَّه ذِكْراً"(14).
وسئل الرسول(ص): أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة؟ فقال(ص): "الذاكرون الله كثيراً"(15). ذكرُ الله عزَّ وجل يحصِّننا، ويمنعنا من ارتكاب الحرام، ويجعلنا نتوقف ونفكر، ثم نختار، ومع مصاحبة هذه العملية لذكر الله تعالى، فسيكون النور الإلهي كاشفاً لكل جوانب العمل، ما يساعدنا على القيام به بشكل سليم في طاعة الله تعالى.
تتحقق الثمار العظيمة للذكر في حياة الإنسان وآخرته، ومع استمرار وتواصل الذكر يتأصل القلب على الإيمان والطاعة، فلا مكان للشيطان فيه.
في الحديث الشريف: "جلاء هذه القلوب ذكر الله، وتلاوة القرآن"(16). وعن أمير المؤمنين علي(ع): "ذكر الله دعامة الإيمان وعصمة من الشيطان"(17). وفي الحديث الشريف: "سبعة يظلهم الله عز وجل في ظله يوم لا ظل إلا ظله: ... ورجل ذكر الله عز وجل خالياً ففاضت عيناه من خشية الله"(18).
روي عن الرسول(ص): "اعلموا أنَّ خَيْرَ أَعْمَالِكُمْ وأَزْكَاهَا وَأَرْفَعَهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ, وخيرٌ ما طلعَتْ عليه الشَّمْسُ, ذِكْرُ اللَّه سُبْحانَهُ وتعَالى، فإنَّه أخبَرَ عن نفسِه قال: أنا جليسُ من ذَكَرَني"(19).
إذا كان قلبك مطمئناً تلقِّيت كلَّ شيء براحة واستقرار، ومهما كان البلاء عظيماً فأنت مع الله، ومهما كانت الصعوبات كبيرة فأنت مع الله، ومهما كان المرض فتَّاكاً فأنت مع الله، ومهما ضاقت بك الحياة فأنت مع الله، إنْ ذكرتَه ذكرَك، وإن دعوتَه أجابَك، وإن قلتَ يا رب قال أنا معك يا عبدي، أُعطيك حتى تطمئن، أُكافؤك حتى ترضى.
ندعو الله بدعاء الإمام زين العابدين(ع) ""يَا مَنْ ذِكْرُه شَرَفٌ لِلذَّاكِرِينَ، ويَا مَنْ شُكْرُه فَوْزٌ لِلشَّاكِرِينَ، ويَا مَنْ طَاعَتُه نَجَاةٌ لِلْمُطِيعِينَ، صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وآلِه، واشْغَلْ قُلُوبَنَا بِذِكْرِكَ عَنْ كُلِّ ذِكْرٍ، وأَلْسِنَتَنَا بِشُكْرِكَ عَنْ كُلِّ شُكْرٍ، وجَوَارِحَنَا بِطَاعَتِكَ عَنْ كُلِّ طَاعَةٍ"(20).
وفي المناجاة الشعبانية: "إِلهِي وَأَلْهِمْنِي وَلَها بِذِكْرِكَ إِلى ذِكْرِك"(21).