الخطوةُ الأولى للامتناع عن الحرام عدم الاستجابة له في اللحظات الأولى، يدعمها الابتعاد عن أماكن الفساد وأجوائه، فاللَّذة تعبُرُ بسرعة, فإذا تخطى الإنسان مقدماتها, تمُرُّ لحظات المعصية من دون الوقوع فيها. ويقتضي الحذر أن لا نستخفَّ بالمعاصي مهما كانت صغيرة، فعن أمير المؤمنين علي(ع): "ولا تَأْمَنْ عَلَى نَفْسِكَ صَغِيرَ مَعْصِيَةٍ, فَلَعَلَّكَ مُعَذَّبٌ عَلَيْه"(21)، وعنه (ع): "فَلا تَجْعَلَنَّ لِلشَّيْطَانِ فِيكَ نَصِيباً, ولا عَلَى نَفْسِكَ سَبِيلاً"(22). إنَّ افساح المجال لارتكاب المعاصي الصغيرة, قد يفتح الباب على تراكمها وارتكاب المعاصي الكبيرة، فتصعب التوبة. قال رسول الله(ص) في حديث المعراج: "يموت الناسُ مرةً، ويموتُ أحدُهُم في كلِّ يومٍ سبعين مرةٍ من مجاهدةِ أنفسِهم، ومخالفة هواهم، والشيطان الذي يجري في عروقهم"(23)، فمع استمرار المجاهدة يعتاد الإنسان, لتصبحُ نمطاً وسلوكاً، أما مع التراخي والاستسلام فالخسارة كبيرة، "وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ"(24).
ينصحنا أمير المؤمنين علي(ع) بأن نجاهد أنفسنا بتصميمٍ وثبات، فيقول(ع): "جاهِد نفسَكَ على طاعة الله مجاهدةَ العدو عدوَّه، وغَالِبْها مغالبَةَ الضِّد ضدَّه، فإنَّ أقوى الناس من قويَ على نفسِه"(25). والفائز هو الذي يملك نفسَهُ وهواها ليوجهها كما يريد، من دون أن ينقاد إليها كما تريد، فعن النبي(ص): "جاهدوا أهواءكم تملكوا أنفسكم"(26).