كتاب الإمام الخميني(قده) : الأصالة والتجديد

تمهيد

الحمد لله تعالى على هدايته، والصلاة والسلام على قائد البشرية محمد(ص) وآله الأطهار(عم) وصحبه الأخيار.

الحمد لله تعالى على هدايته، والصلاة والسلام على قائد البشرية محمد(ص) وآله الأطهار(عم) وصحبه الأخيار.

نهض الامام الخميني(قده) (1902-1989م) بثورةٍ شعبيةٍ مميَّزة, معيداً الاسلامَ الى حياة الأفراد وساحة المجتمع, وأقام دولةً إسلاميةً وفقَ منهجه, مبنيَّةً على اختيار الشعب, الذي أسقطَ الشاه, وصوَّتَ لإقامة الجمهورية الاسلامية الايرانية, في حَدَثٍ فريد لم تشهده منطقتنا, التي اعتادت على الانقلابات العسكرية, ومنحِ الاستقلال الصوري المرتبط بمصالح الغرب, وتنصيبِ الحكام بواسطة الأجانب.

الامام الخميني(قده) نموذجٌ وقدوة, طبَّقَ تعاليم القرآن الكريم والسنَّة الشريفة في حياته, فأصبحت أفعاله مدرسةً في السلوك, تحاكي ما وَرَدَ من آيات وروايات, وحقَّقَ حُلمَ الأنبياء, وأطلقَ الصحوةَ الاسلامية في الثلث الأخير من القرن العشرين, ما جعلَ هذه التجربة جديرةً بالقراءة والبحث والاستفادة, فهي غنيةٌ وقادرةٌ على رفد الفكر الانساني والسلوك الاجتماعي لنصرة الحق وإقامة العدل, بمعطياتٍ تساهم في تصويب الحضارة الانسانية نحو كمالها.

راودتني فكرة الكتابة عن خط الإمام الخميني(قده) منذ سنوات، وقد وفقني الله تعالى إلى ذلك الآن، تحدوني الرغبة في جمع أبرز معالمه في الأصالة والتجديد، لتقديم صورةٍ شاملة عن أبرز قواعد وأُسس هذا النهج الإسلامي المحمدي الأصيل، الذي أحدث حِراكاً كبيراً ومدوِّياً، وصحوةً اسلاميةً مصحوبةً بقيام، وثورةً أسقطت طاغيةً بارزاً، وجهاداً طرد الأعداء وحمى البلد، ونموذجاً سرى في هذه المنطقة فأحدث تغييراً في كل مفاصلها، وجمهوريةً إسلاميةً قدَّمت تجربةً رائدةً للمشروع الإسلامي المعاصر.

وعلى الرغم من استفادتي من عددٍ كبير من المصادر التي تحدثت عن الإمام(قده)، إلاَّ أنَّ المصدر الأبرز بلا منازع هو "صحيفة الإمام"، المؤلفة من 22 جزءاً، والذي تحدثت عنها الجهة الناشرة بقولها: "تُعَدُّ (صحيفة الامام) الأشمل والأكمل, وقد ضمَّت كافة المتون والنصوص الثقافية والسياسية والاجتماعية المنسوبة لسماحة الامام، بما في ذلك النصوص التي وردت في (صحيفة النور) وبقية المصادر، ومئات الآثار التي تُنشر لأول مرة في هذه المجموعة". وهو ما أتاح لي الإطلاع على أفكارٍ وتوجيهاتٍ قيِّمة مدوَّنة من نص الإمام الخميني(قده)، صدرت عنه خلال مراحل الثورة، وبعد قيام الدولة، إلى حين رحيله إلى الملكوت الأعلى, ما أعطى للكتاب قيمةً علميةً أفضل.

تناولتُ معالمَ خط الإمام الخميني(قده) من خلال أقواله ومواقفه، مبيِّناً الأصالة والتجديد فيها. فنثرتُ ما يُساعد على تنسيق الأفكار وربطها ببعضها، مبتعداً عن التكرار، واخترتُ أبرز ما يعبِّرُ عن مواقفه، وحاولتُ تقديمَ فكرةٍ جديدةٍ من أفكار الامام في كلِّ فقرة من فقرات العنوان الواحد، بتسلسلٍ وترابط. واستعرضتُ بعض الأحداث المهمة التي صاحبت حركة الإمام والثورة، كرصيدٍ تاريخيٍ موثَّق يساعد على تفسير ما جرى, بما ييسِّر للقارئ أو الباحث أو المدرِّس تناول الأفكار الرئيسة لخط الإمام مدعومةً بالشواهد.

يمكن للقارئ أن يتعرَّف في هذا الكتاب على أبرز معالم الأصالة والتجديد عند الإمام الخميني(قده)، ويمكن للباحث أو الخطيب أن يستفيد من كلماتِ ومواقف الإمام(قده) في قضايا ومجالات كثيرة، ويمكن للمدرِّس أو المبلِّغ أن يقدِّم لطلابه شرحاً واضحاً ومنسقاً حول موضوعٍ من الموضوعات التي تعرَّض لها الإمام(قده) خلال حياته.
تتوضَّح الأصالة والتجديد من خلال فصول الكتاب السبعة, وهي:
1. الثابت والمتغيِّر.
2. ولاية الفقيه والحكم الإسلامي.
3. الاستقلال ورفض التبعية.
4. إدارة الدولة.
5. قضايا ومواقف.
6. طروحات جديدة.
7. الإمام الخامنئي(دام حفظه) وخط الإمام الخميني(قده).

أسأل الله تعالى التوفيق، وتحقيق الفائدة المرجوَّة من هذا الكتاب.
 

نعيم قاسم
26 ذو القعدة 1432هـ
25 تشرين الأول 2011م