المهدي المخلص

المقدمة

المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم
تتشوَّق البشرية إلى العدالة، وتفتقرها كثيراً على هذه الأرض، بسبب الظلم والفساد والانحراف والكفر، لكنَّها ستتحقَّق في آخر الزمان، هذا ما بشَّرت به الرسالات السماوية، ودَعَتْ أغلب الاتجاهات الفكرية والروحية إلى التمسك به، أملاً بظهور مخلِّصٍ يقود البشرية إلى سعادتها. وهو وعد الله تعالى بأن ينشر العدل على الأرض على يد المستضعفين، قال تعالى في القرآن الكريم: " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ". وعن المقصود بالمستضعفين في هذه الآية، روي عن أمير المؤمنين علي(ع) أنَّه قال: "هم آل محمد(ص)، يبعث الله مهديهم بعد جهدهم، فيعزهم، ويذل عدَّوهم".
يأتي المهدي(عج) في مستقبل البشرية ليخلِّصها من الظلم، وينشر العدل، فعن رسول الله(ص) قوله: "أبشروا بالمهدي- قالها ثلاثاً- يخرج على حين اختلاف من الناس، وزلزالٍ شديد، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، يملأ قلوب عبادِه عبادة، ويسعهم عدله".
يبقى السؤال المطروح بإلحاحٍ ورجاء: متى يحصل الفرج؟ ومتى يظهر الإمام المهدي(عج) ليقود البشرية؟
وردت روايات كثيرة تتحدث عن عصر الظهور، والعلامات التي تُنبئ به، ودَعت إلى الانتظار، وتهيئة الأجواء للمخلِّص القائد. ومع أن الروايات التي فسَّرت بعض الآيات أو عرضت لظهور الإمام المهدي(عج) كانت واضحة وحاسمة لجهة وجوده وظهوره في آخر الزمان، إلاَّ أنها تضمنت الصحيح والضعيف في الحديث عن علامات الظهور وما يحيط به.
أردنا في هذا الكتاب اعطاء صورة إجمالية عن الإمام المهدي(عج) وعصر الظهور، وما يستلزمه ذلك من مقدِّمات وتوقعات، فاستفدنا من المقالات الشهرية التي كتبناها في مقدمة مجلة "بقية الله" لثلاث سنوات، وأضفنا وعدَّلنا ورتَّبنا فصول هذا الكتاب بما يتناسب مع التسلسل الذي يحقق هدفنا من الكتابة.
ذكرنا في الفصل الأول تمهيداً نظرياً يعتمد على القرآن الكريم والسنة الشريفة بتبيان ماهية المهدي(عج) الذي ننتظره.
ثم عرضنا في الفصل الثاني لشخصيته وغيبته ودوره. معلِّلين في الفصل الثالث الحكمةَ من غيبته عنَّا وعمره المديد، لنصل في الفصل الرابع إلى الحديث عن كيفية التمهيد له وصفات الممهدين من المؤمنين الذين يعملون منتظرين لظهوره، والذين يكونون من جنده وأعوانه.
ثم وصلنا في الفصل الخامس إلى علامات الظهور عرضاً وتحليلاً، لنبيِّن في الفصل السادس مدى تطبيق روايات الظهور على الواقع، في تحليلٍ للروايات من وجهة نظر دينية لا علاقة لها بالمواقف أو الأحداث السياسية، لأننا نهدف من كتابنا مناقشة وتحليل الروايات التي قد تنطبق على واقعنا المعاصر وقد لا تنطبق، وهذا ما سيظهر بوضوح من خلال هذا الفصل.
أمَّا الفصل السابع فيعرض صورة موجزة عن طبيعة دولة الإمام المهدي(عج) وما فيها من خيراتٍ وعدلٍ واستقرار، لنختم كتابنا بالدعاء بتعجيل الفرج.
كلُّ يوم يمرُّ علينا يقرِّبنا من عصر الظهور، ومن حقنا أن نأمل بأن يكون قريباً، ونسأله تعالى أن نكون في عصر الظهور، لنتمتع بقيادة الإمام المهدي(عج) ونشره للعدل في المعمورة. فإلى العمل مع الأمل بتعجيل الفرج وظهور مولانا(عج).

نعيم قاسم
28 صفر 1428هـ.
18 آذار 2007م