إنَّ الإيمان بالمنهج الإلهي واتِّباع تعاليم السماء يؤديان إلى إستقامةٍ في المجتمع وصلاحٍ في حياة الناس، فتنتظم أمورُهم، ويعمُّ العدلُ بينهم، وهذا يعني استقرار الدولة وطول حياتها، ما يجعل الأفراد فيها يعيشون منعَّمين بالخيرات، فيسود التكافل بينهم، وينضبط الحاكم والرعية في إطار إحقاق الحق، فيتحقَّق للمجتمع سعادته ورخاؤه ، قال تعالى: "وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ"(14).
أمَّا الانحراف عن المنهج الإلهي ، وعدم التزام قادة القوم والفعاليات السياسية والاجتماعية في المجتمع بهذا المنهج، واتِّباع السبل الأخرى التي تتعارض معه، فإنَّه سيؤدي إلى الفسق والفساد، فتظهر الآثارُ جليةً في كل مواقع المجتمع، سواء على مستوى الحاكم ومن يمسكون بالسُلطة معه، أو على مستوى الرعية والخط السائد بينهم، بسبب موافقتهم وتأييدهم للظلم والفساد أو صمتهم عنهما. وعندما لا تكون العلاقات والأدوار مبنية على الخشية من الله تعالى ورعاية رقابته، فإنَّ الظلم والغش والمحسوبيات واستغلال شؤون الدولة تكون من النتائج الطبيعية لهذا السلوك، وهذا ما يُراكِمُ الأزمات فتصل إلى الانفجار، ثم إلى هلاك المجتمع. قال تعالى: "وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً"(15).
إنَّ المعادلة الإلهية واضحة: ازدهارٌ للمجتمع، وبركاتٌ وخيراتٌ مع الإيمان وسلوك المنهج المستقيم، وهو شرعُ الله تعالى، وهلاكٌ للمجتمع، وفسقٌ وخرابٌ وظلمٌ مع الانحراف وعدم الطاعة لله تعالى.