قصتي مع الحجاب

تمهيد

تمهيد

الحمدُ للهِ المنَّانِ المنعمِ بالعطايا، والصلاةُ والسلامُ على سيِّدِ البشريةِ محمدٍ(ص) صاحبِ أكملِ السَّجايا، وعلى آلِ بيتهِ الطيِّبينَ الأطهارِ قدوةِ البرايا، وأخُصُّ بالذِّكرِ سيِّدةَ نساءِ العالمينَ فاطمةَ الزهراءَ(ع) صاحبةَ المزايا.
شاركتُ لسنواتٍ عدَّةٍ في احتفالاتِ التكليفِ للفتياتِ اللَّواتي بَلَغْنَ التاسعةَ مِنْ أعمارِهِنَّ، وكذلكَ في احتفالاتِ لِبسِ الحجابِ لِعددٍ كبيرٍ منَ المحجَّباتِ الجُدُدِ اللَّواتي تجاوَزْنَ سنَّ التَّكليفِ منْ أعمارٍ مختلفةٍ، وكُنتُ أُلاحظُ البَهجةَ والسَّعادةَ ظاهِرَتينِ على وُجُوهِ الفتياتِ والصَّبايا احتِفاءً بهذا اليومِ، ما أَدخلَ السُّرورَ على قلبي لمشهدِ الوجوهِ الفرحةِ المستَبشرةِ بطَّاعة الله تعالى، والالتزامِ الشَّرعيِّ بقناعةٍ وثقةٍ واطمئنانٍ.
ومنَ الطَّبيعيِّ أنْ تُواجِهَ بعضُ الفتياتِ اعتراضاتٍ لِثَنيِهِنَّ عنِ الحجابِ، أو لإثارةِ اشكالاتٍ أمامَهُنَّ، قدْ لا يَستَطِعْنَ ردَّها أو الإجابةَ عنها، لا لضُعفٍ في الإيمانِ والتَّصميمِ والإرادةِ، بلْ لِعدمِ امتلاكِ المعلوماتِ والمفاهيمِ الكافيةِ للتَّعبيرِ بِدقَّةٍ عمَّا قرَّرْنَ الالتزامَ بهِ، خاصَّةً إذا كانتْ هذهِ الثَّقافةُ بحاجةٍ إلى تَجميعٍ لِتَسهيلِ تَنَاولِها كموضوعٍ واحدٍ، وحِفظٍ لبَعضِ المفرداتِ لِلحديثِ عنها، وتَجربةٍ للاطِّلاعِ على ما يُثارُ من نقاشاتٍ حولها.
وبما أنَّ امتِلاكَ هذهِ الثَّقافةِ يُدعِّمُ تلكَ الاندِفاعةَ القويةَ نحوَ الحجابِ، ويُعينُ الفتاةَ على مواجهةِ التوجيهِ الإعلاميِّ المركَّزِ والمعادي لهُ، ويُفسِحُ أمامَها المجالَ للرَّدِّ على التَّساؤلاتِ والأسئلةِ المُعاشَةِ، ويُكسِبُها القُدرةَ على تثبيتِ انطِلاقَتِها الإيمانيةِ في سَيْرِها وحرَكتِها حامِلةً رمزَ العَفافِ والطُّهْرِ، فقدْ ارتأَيتُ أنْ أجمَعَ الموضوعَ لتَقدِيمهِ بطريقةٍ ميسَّرةٍ وواضحةٍ، وبِأسلوبٍ قِصَصيٍّ، مستفيداً منْ بعضِ الوقائعِ التي عايَشتُها، والحواراتِ التي واكبتُهَا، لتكونَ"قصَّتي معَ الحِجابِ" قريبةً منَ الواقعِ الذي تَعيشُهُ الفتاةُ في زمانِنا المعاصرِ.
بإمكانِ الفتاةِ على أبوابِ شمعاتِهَا التِّسعِ أنْ تقرأَ هذهِ القصَّةَ وتَستَوعِبَهَا وتأْنَسَ بها، وتأخذَ منها ما تحتاجُهُ منَ الزادِ. وبإمكانِ الشَّابةِ أنْ تُطالِعَها فستَجدُ فيها ما يُعينُها ويُقوِّي حُجَّتها. كما بإمكانِ أيِّ أُختٍ ولوْ لمْ تكنْ محجَّبةً أنْ تتابعْ أحداثَها وحِواراتِها، فلعلَّها تجدُ فيها ما يوضِحُ لَها حقيقةَ الحجابِ، ثمَّ لها أنْ تختارَ، فهذهِ حياتُها، ولنْ يكونَ أحدٌ أحرصَ منها على رسمِ طريقِ مُستقبلِها، فهِيَ مسؤولةٌ عنها بكلِّ ما يترتَّبُ عليها.
وقدْ خطرَ بِبالي أنْ أختارَ بعضَ المعلوماتِ كمُلخَّصٍ يساعدُ على تحقيقِ الهدفِ منْ هذهِ القصَّةِ، فلمْ أجدْ مناسباً أنْ أكتبَ خُلاصةً تقليديةً تُعيدُني إلى ما تجاوزتُهُ بالأسلوبِ القَصَصيِّ، فاخترتُ أسئلةً وضعتُها بعدَ نهايةِ القصَّةِ، تُحقِّقُ التسليةَ واختبارَ المعلوماتِ وتجميعَها وتركيزَها وحِفظَها. فسواءً تنافسَتِ الفتياتُ معْ بعضِهِنَّ في الإجابةِ عنِ الأسئلةِ، أو جرَتْ لَهُنَّ مبارياتٌ في ذلك، أو اعتمدتْ كلُّ واحدةٍ منهُنَّ على نفسِها لاختبارِ ما فهمَتْهُ وحفظَتهُ، أو أجابتْ على الأسئلةِ بهدفِ التلخيصِ... ففِي كلِّ هذهِ الأساليبِ فوائدُ جمةٌ.
لاقت هذه القصة استحساناً لدى أخواتنا وبناتنا والتربويين، فأعدنا طباعتها للمرة السابعة، بإخراجٍ جديدٍ جميلٍ وجذَّاب، يؤنس عند القراءة.
تعالي نقرأَها لنَرى: قصةُ مَنْ هيَ؟ أينَ جرتْ أحداثُها؟ ما علاقتُكِ بها؟
فَلْنَبْدَأْ...

نعيم قاسم
7 محرم 1431هـ
23 كانون الأول 2009م