المقابلة التي أجرتها معه مجلة الأفكار في 3/3/2012
تباركت سياسة فهي حكيمة وفعالة!
هناك تعميم صادر عن قيادة حزب الله يحظر بموجبه على المسؤولين فيه وعلى ممثليه في الحكومة والبرلمان الإدلاء بأحاديث صحافية في الوقت الراهن، ربما تجنباً للدخول في سجالات من شأنها تأزيم الوضع السياسي، وحفاظاً على الاستقرار الذي ما فتئ الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله يشدد عليه في خطاباته وإطلالاته التلفزيونية. إلا أن مجلة <الأفكار> حظيت بلقاء مع نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم غاب عنه الحوار الصحافي المعهود، لكن عوّض عن ذلك بالاستماع الى رأي الحزب في العناوين الرئيسية المطروحة على المسرح السياسي بدءاً بالوضع الداخلي والحكومي بشكل خاص، وما تشهده سوريا من أحداث وتطورات، وصولاً الى الحالة الإسلامية التي تسلمت مقاليد الحكم في أكثر من بلد عربي مع التوقف بصورة خاصة عند موقف اسرائيل مما يدور في المنطقة وحقيقة التهديدات التي وجهتها أخيراً الى لبنان وقبله الى ايران.
وفي ما يأتي حصيلة اللقاء مع الشيخ نعيم قاسم الذي لم يبخل على <الأفكار> في الإجابة عن استفساراتها أحياناً:
أخذ فريق من المعارضة على الأمين العام لـ<حزب الله> السيد حسن نصر الله وقوفه ودعمه للنظام السوري متجاهلاً الانتفاضة الشعبية التي يواجهها هذا النظام وما تخلفها من ضحايا بين المدنيين ومحاولته قمعها بالقوة، إلا أن الشيخ نعيم قاسم يشرح حقيقة موقف <حزب الله> مما يجري على الأراضي السورية التي لا تحتمل أي لبس فيقول:
<حزب الله> لديه موقف واضح ومبرر مما يحصل في سوريا وهو ينطلق من مفردة أساسية وهي أن أميركا ومعها الدول الأوروبية وبعض دول الخليج اتخذت قراراً حاسماً بتغيير النظام في سوريا بصرف النظر عن النتائج التي ستنجم عن هذا التغيير، وهم لا يقبلون بأي صيغة من الصيغ التي تبقي هذا النظام. في المقابل نحن نعتبر أن هذا القرار هو اعتداء على سوريا، وهو تدخل في الشؤون الداخلية لسوريا. ونرى أن سوريا في تاريخها الحديث كانت أنموذجاً لدعم المقاومة والممانعة ومارست عملياً فعل هذا الدعم مع المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية والمقاومة العراقية. وكانت دائماً في الخندق الذي يرفض أن تؤخذ المنطقة الى إطار التبعية الأميركية الإسرائيلية. وبالتالي عندما نكون أمام خيار بين اثنين: إما مع نظام داعم للمقاومة العربية والقضية الفلسطينية على الأخص، وإما مع خطة أخرى في المقابل تريد أن تسقط هذا النظام لحسابات تخدم في نهاية المطاف اسرائيل وأميركا فمن الطبيعي أن نكون في الخندق الأول الداعم لهذا النظام. وإذا كان هذا في المبدأ فذلك لا يعني أن النظام السوري خال من الثغرات والعقبات، فقد اعترف الرئيس بشار الأسد بوجودها وأعلن أمام الملأ أنه يريد إجراء إصلاحات تعالج الثغرات الموجودة داخل النظام. وهذه الإصلاحات تتطلب حواراً واتفاقاً، ولكن الطرف الآخر للأسف لا يقبل بالحوار لأنه لا يريد بقاء النظام. ونحن نخالف هذه الرؤية التي تقوم على الاستقواء بالخارج وتذهب الى حد المطالبة بتدخله. على هذا الأساس قررنا ونقرر أن نكون مع الشعب السوري ومع النظام السوري في آن معاً. مع الشعب السوري ليطرح مطالبه ويأخذ خياراته بحرية وبدون تدخل خارجي مهما كانت النتائج التي تتولّد عن هذا الخيار ومنطلقات الحوار التي يجريها مع هذا النظام. وفي آنٍ معاً نحن مع النظام والإجراءات التي يعتمدها من أجل معالجة الثغرات الأساسية. إذن في موقفنا نحن نحرص على مستقبل سوريا والشعب السوري ولا نريد أن تخرج سوريا عن دائرة الممانعة ولا أن تصبح ألعوبة في يد أميركا واسرائيل لأنه في نهاية المطاف الكل سيخسر، الشعب السوري سيخسر والمحيط سيخسر، والأمر ليس موجهاً ضد النظام وإنما ضد مشروع المقاومة بشكل عام في المنطقة.
فوائد <النأي بالنفس>
ويبدو نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي يؤثر تجنب الدخول في تفاصيل الشأن اللبناني مطمئناً لسياسة <النأي بالنفس> التي ابتدعتها الحكومة إزاء ما يجري في المنطقة وخصوصاً في البلد الشقيق والجار سوريا، ويرى أنها الأصح في المرحلة الراهنة من منطلق <أن لبنان يتأثر بما يجري في سوريا سلباً وإيجاباً، ومن الحكمة ومن مصلحة لبنان في هذه المرحلة التي فيها ضغوطات على سوريا وأجواء غير مستقرة في المنطقة أن لا يتدخل بطريقة يؤذي فيها سوريا أو يصبح منصة للإطلاق عليها كجزء من المحور الأميركي الإسرائيلي>. ويرى الشيخ قاسم أنه <عندما اتخذت الحكومة اللبنانية قراراً بعدم التدخل بالشؤون السورية بتعبير <النأي بالنفس>، إنما أرادت أن لا تجعل لبنان مقراً أو ممراً للتطورات السورية كي لا تدفع ثمناً باهظاً بسبب المواقف الخاطئة التي يمكن أن تتخذ. وقد لاحظنا أن هذه السياسة جعلت الواقع اللبناني مستقراً وأبعدته عن الأخطار التي كان من الممكن أن يصاب بها في هذه المرحلة، بخاصة أن جهات لبنانية رغبت أن تزج لبنان في هذا المشروع فبدأت تصدر السلاح وتهيئ العناصر اللبنانية المساعدة للمعارضة السورية، وكذلك أرادت أن توفّر مناطق جغرافية في لبنان تشكل ملاذاً آمناً لتنطلق منها المجموعات المسلحة مما أوجد حالة من التوتر والإرباك، وبالتالي أصبحنا وكأننا أمام جبهة ستفتح بين لبنان وسوريا ما يؤذي البلدين معاً.
ويستطرد الشيخ نعيم قاسم قائلاً:
<الحمد لله أنه وبفضل السياسة الحكيمة لهذه الحكومة في الموقف من الموضوع السوري توقف الاتجاه المشار إليه بسرعة ولم يعد له هذا الأثر الكبير، كما أن لبنان رفض الطلبات المتكررة من الدول الغربية وبعض الدول الخليجية من أن تكون هناك مخيمات سورية في لبنان وهذا أمر جيد، وقد عبّر رئيس الحكومة بشكل واضح أن هذه المخيمات ستتحول الى مراكز للانطلاق والإطلاق على النظام السوري، ونحن لا نتحمل هذا الأمر بل يمكن أن يدفع لبنان ثمناً لوجودها، خاصة مع وجود أشخاص وجهات صرحت بوضوح أنها تريد أن تنجز مشروعها في سوريا ثم بعد ذلك تنطلق الى لبنان، بصرف النظر عن قدرتها أو عدم قدرتها، لكن وجود هذه الرؤية يدل أن تورط لبنان بمثل هذه المخيمات يجعلنا في مأزق كبير. من هنا نقول إن سياسة <النأي بالنفس> كانت سياسة حكيمة ومباركة حافظت على الاستقرار في لبنان ومنعت التوتر في العلاقات السورية ــ اللبنانية وحمت الحدود اللبنانية ــ السورية في أن تكون مسرحاً سائباً. وإذا كانت هناك بعض التصرفات الموجودة فهي لا ترقى الى المشروع الذي يمكن أن يأخذ لبنان الى مكان آخر>.
وأمام إطراء نائب الأمين العام لـ<حزب الله> لموقف رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لجهة التعاطي مع الوضع في سوريا كان لا بد للمستمع أن يسأل عن العلاقة بين الحزب وميقاتي التي تكثر الأقاويل حولها أحياناً، إلا أن الجواب يأتي واضحاً ومحدداً على لسان الشيخ نعيم قاسم إذ يوضح <أن التنويه المذكور جاء في معرض الحديث عن <النأي بالنفس> بالنسبة للقضية السورية. ففي هذا الموقف نحن منسجمون، لكن في قضايا أخرى هناك نقاط اتفاق ونقاط خلاف وهذا أمر موجود في كل الحكومات. نحن نرغب أن تستقر هذه الحكومة وتستمر الى الانتخابات النيابية عام 2013 لتتمكن من المحافظة على الاستقرار في لبنان وتهيئة المناخات المناسبة لانتقال هادئ الى الانتخابات ونتائجها. من هنا نحن جميعاً في هذه الحكومة نحبذ ضرورة استمرارها حتى لو كان هناك اختلاف في وجهات النظر في بعض القضايا>.
موظفون لا مقاتلون
وبالعودة الى الوضع السوري مع ورود خبر عاجل عن توقيف المجموعات المسلحة في حمص لعناصر ايرانية تقاتل الى جانب الجيش السوري وإظهار البطاقات الشخصية لهؤلاء العناصر التي تثبت هذا القول، كان لا بد من التعليق على ما ورد خصوصاً أنه سبق أن جرى الحديث عن مقاتلين من حزب الله ساندوا الجيش السوري في أكثر من معركة خاضها ضد المجموعات المسلحة وفي ذلك يقول الشيخ قاسم:
<النظام السوري ليس بحاجة لمقاتلين ولديه العدد الكافي وأجهزته الأمنية والعسكرية متماسكة وقوية وصامدة منذ بداية الأحداث حتى الآن، وهذا معروف لدى القاصي والداني وليس لإيران ولا لحزب الله عناصر ومقاتلون داخل سوريا. وقد نفينا هذا مراراً بعد عدة ادعاءات خاطئة ذكرت في هذا المجال، وبالتالي كل هذا الكلام الذي ذكر في هذا الشأن ليس له أساس من الصحة. ومن السهولة أن يأتي أحدهم ببطاقة ويصورها على شاشات التلفزيون، وهذا لا يدل على شيء على المستوى العملي. فمن المعروف أن في سوريا مهندسين إيرانيين يعملون في قطاع الكهرباء وقد خُطف منهم عدة أشخاص وكذلك هناك زوار إيرانيون يأتون لزيارة مقام السيدة زينب في دمشق والمقامات المقدسة الموجودة هناك، فإذا افترضنا أن أحدهم اعتقل بعض الإيرانيين وقال إنهم موجودون في سوريا فهم إما زوار أو عمال أو مهندسون، وهذا لا يغير شيئاً في الواقع. إن ايران ليس لديها عناصر تقاتل في سوريا، وسوريا ليست بحاجة الى مقاتلين>.
طاولة الحوار
وفي العناوين الرئيسية التي تشغل الساحة المحلية تأتي مسألة الدعوة الى طاولة الحوار مستعصية حتى الساعة، فيما انتقدت قوى الرابع عشر من آذار كلام السيد حسن نصر الله عن استعداد الحزب للمشاركة في الحوار من دون شروط، في الوقت الذي وضع فيه شرطاً هو عدم المس بسلاح المقاومة كيف ذلك؟ تسأل هذه القوى ونسأل بدورنا مضيفنا فيشرح الأمر بهدوئه المعهود كالآتي:
<الحوار إنما يجري بين أطراف ولا يمكن أن يتم إلا إذا اتفق هؤلاء على الحوار. فإذا تمسك البعض بآلية مشروطة ولم يقبل الطرف الآخر إلا بآلية غير مشروطة، فهذا يعني أن من يضع الشروط يعطل الحوار ومن لا يضع الشروط يقبل بفتح الحوار وكل الأمور تطرح على الطاولة، فإما أن يتفقوا أو لا يتفقوا. وما يطرح على الطاولة يبدأ بجدول الأعمال وينتهي بأصعب النقاط، من هنا نؤكد كـ<حزب الله> أننا مع الحوار غير المشروط، والطرف الآخر ليس في موقع من يشترط، ونحن لا نقبل شروطاً للحوار، وهذه الشروط تعني أنه لا يريد الحوار. وربما يشعر بأنه غير قادر على تغليب وجهة نظره فيهرب من الحوار بحجة الشروط>.
قصة السابع من أيار
وماذا عن هذا السلاح الذي ما فتئتم تؤكدون أنه موجه ضد اسرائيل لكنه استخدم في عملية السابع من أيار (مايو) العام 2008 وداخل شوارع بيروت؟
يرفض الشيخ نعيم قاسم هذا الطرح لافتاً الى <أن من يراقب تاريخ <حزب الله> منذ سنة 1982 الى الآن، أي بعد مرور 30 سنة، يرى أن هذا السلاح موجه ضد اسرائيل، ويرى أنه حصلت تطورات سياسية كثيرة في لبنان على مستوى الحكومة والانتخابات النيابية أو مواقع القوى السياسية المختلفة، وشارك فيها حزب الله> من دون تأثير بسلاحه. وقد ربح في أماكن وخسر في أماكن أخرى، وتعاطى وفق القوانين والاعتبارات القائمة. والمتحاملون على <حزب الله> نراهم جميعاً يتكلمون ويتحدثون ويشتمون ويقبلون ويرفضون ولا أحد يقول شيئاً لأحد ضمن حرية الرأي التي يتجاوزها البعض بكثير. الحادثة الوحيدة التي تثار عادة هي موضوع 7 أيار. وحادثة 7 أيار لم تكن استخداماً للسلاح في الداخل، إنما كان هناك سلاح موجود عند طرف أراد أن يحدث من خلاله حالة عسكرية في وجه المقاومة، فحصل اشتباك ليوم واحد وانتهى الموضوع عند هذا الحد. إذن لم يكن هناك استخدام للسلاح في الداخل، وإنما كانت هناك ردة فعل لحماية المقاومة في هذا الطعن الخلفي الذي كان متوقعاً أن يحدث، ولذلك أنا لا أعتبر أنه توجد أي قضية تدين <حزب الله> باستخدام سلاحه بالداخل>.
لا حرب ولكن..
في خطابه قبل الأخير قال السيد حسن نصر الله إن اسرائيل، ونظراً للأجواء المضطربة التي تعيشها المنطقة وخصوصاً في بعض الدول العربية المجاورة، تبدو في وضع مريح يجعلها قادرة على القيام بمغامرات منها شن حرب ضد لبنان. إلا أن نائب الأمين العام لحزب الله يستبعد ذلك في الوقت الراهن دون أن يعني ذلك الاطمئنان لها، فإسرائيل كما يشرح <تدرس دائماً موازين القوى العسكرية ومصلحتها السياسية>. مضيفاً <فإذا أرادت أن تقدم على عمل في لبنان فهي تعلم مسبقاً أن لا ضمانة لنجاحها العسكري في مثل هذا العمل خاصة أن تجربتها سنة 2006 مع <حزب الله> كانت سلبية جداً، واليوم <حزب الله> أقوى مما كان عليه عام 2006. صحيح أن اسرائيل عالجت بعض الثغرات الموجودة عندها، لكن إذا أردنا مناقشة التطور الذي حصل منذ عام 2006 حتى الآن عند اسرائيل وعند <حزب الله> سنجد أن الحزب لا يزال يتمتع بالموقع الأفضل وبالقدرة الأفضل في عملية الدفاع ضد أي عدوان اسرائيلي ويستطيع أن يؤلم اسرائيل بشكل كبير جداً. على هذا الأساس لا تدل المعطيات الميدانية أن اسرائيل يمكن أن تنجح في عدوانها، وبالتالي لا يوجد أمامها خيار سياسي مناسب للإقدام على مثل هذه الخطوة، خاصة أن في المنطقة تطورات كثيرة كلها تنعكس على الواقع الإسرائيلي، فخصوصية مصر لم تنته على وضع نهائي، والمصالحة الفلسطينية ــ الفلسطينية لم تأخذ مجراها التفصيلي لتتبين نتائجها على اسرائيل، وما يجري في سوريا أمر يستحق الانتظار، والواقع اللبناني فيه استعداد مميز لدى <حزب الله>، وهكذا توجد مجموعة تطورات تحتاج اسرائيل أن ترى نتائجها قبل أن تقدم على أي خطوة عسكرية. من هنا أنا أستبعد أن تكون هناك خطوة عسكرية قريبة ضد لبنان، إلا أننا كـ<حزب الله> نعمل دائماً على أساس أن احتمالات الحرب المفاجئة يمكن أن تقع رغم قناعتنا أن المرحلة الحالية ليست مرحلة حرب>.
واستبعاد الحرب الاسرائيلية على لبنان ينسحب على إيران أيضاً في نظر الشيخ نعيم قاسم ولذلك أسبابه أيضاً: <فلو استطاعت اسرائيل أن تقنع أميركا بالحرب على إيران لجرت الحرب، لأن اسرائيل وحدها لا تستطيع أن تفعل شيئاً، وهي تعتقد أن زج أميركا في هذه المرحلة قد يعطيها مكتسبات فتختبئ خلف أميركا وتدفع أميركا الثمن في حربها على إيران. ولكن يبدو أن الإدارة الأميركية غير مقتنعة بالتفكير الاسرائيلي، لذا فإن النقاش لم يبق سراً وخرج الى العلن، فوزير الدفاع الاسرائيلي <ايهود باراك> يدعو الى الحرب ومعه رئيس حكومة العدو <بنيامين نتنياهو> وإن بنسبة أقل، والرئيس الأميركي <باراك أوباما> يصرح بسلبيات الحرب ومعه وزير الدفاع وكل الطاقم العسكري الأميركي>.
إذن الأمور من وجهة نظر نائب الأمين العام لـ <حزب الله> لم تأخذ مجرى محدداً الى الآن، فإسرائيل ترغب وأميركا متحفظة ويصعب أن تقوم بحرب ما لم تأخذ الغطاء الأميركي. ويبقى السؤال: هل تقدم اسرائيل على حرب تورط فيها أميركا؟ أنا أستبعد ــ والكلام للشيخ نعيم قاسم ــ لأن الأمر لا يخلو من مغامرة غير محسوبة. وهناك تصريحات أميركية واضحة تقول إن المنشآت النووية الإيرانية موزعة ومحصنة، وأقصى ما يمكن أن تحصل عليه اسرائيل في حال الحرب ضد إيران هو نوع من إعاقة أو تأخير للبرنامج النووي الإيراني لمدة سنة أو سنتين لكن ما هي النتائج الأخرى على النفط وأسعاره وعلى وضع الاقتصاد العالمي وعلى أمن الجنود والعسكر الأميركيين المنتشرين في دول الخليج؟ المنطقة كلها ستشتعل إذا حصل عدوان اسرائيلي ــ أميركي على إيران. وأعتقد أن الأمور ليست ناضجة حتى الآن>.
الحالة الإسلامية
والحديث عن الحالة الإسلامية لا بد أن يكون حاضراً في لقاء مع نائب الأمين العام لـ<حزب الله> الذي يشير بداية تعقيباً على ظاهرة تسلم الإسلاميين مقاليد الحكم في مصر وتونس وليبيا الى أنه <لا يمكن النظر الى هذه المجموعات كفريق واحد حيث هناك توجهات مختلفة لدى كل واحدة منها وتباعد أحياناً فيما بينها. وإذا ما أخذنا على سبيل المثال فكر مجموعة معينة وأهدافها لوجدنا أنها مختلفة تماماً عن مجموعة أخرى>. ومع ذلك يؤكد الشيخ نعيم قاسم <أنه من حق كل شعب من شعوب المنطقة أن يختار ممثليه وأن يعبّر عن نفسه وقناعاته، فإذا كانت الأغلبية عند شعب من الشعوب تميل الى الطرح الإسلامي في أي صورة من صوره فمن حقها أن تخوض تجربتها، لكن لا بد من الملاحظة أن الأمور لم تتبلور بشكل واضح. صحيح أن الإسلاميين لهم الغلبة لكن ما الذي سيطرحونه في نظام الحكم ومع من سيتحالفون وما هي الحدود التي لن يتخطوها؟ هذه أسئلة صعبة ومعقدة. من هنا أنا أرى أن الصورة الواضحة لن تتبلور قبل سنة أو سنتين بل حتى ثلاث سنوات ليتبين ما الذي سيفعله الإسلاميون في كل بلد بحسب خصائصهم وطريقة تفكيرهم ومجموعاتهم المختلفة. التجربة السياسية عادة تختلف عن التنظير الفكري والسياسي، وقد نجد مطبات وأعمالاً مغايرة لبعض الأفكار التي كانت موجودة سابقاً>.
ويخلص نائب الأمين العام لـ<حزب الله> الشيخ نعيم قاسم الى القول <بأن تجربة بعض الإسلاميين في هذا الميدان هي تجربة جديدة لا بد أن تحصل فيها إيجابيات وسلبيات ولا يمكن الآن إعطاء نظرة واضحة لما ستؤول إليه الأمور، لكن يبدو لي أننا أمام تجارب متنوعة تختلف من بلد الى آخر بحسب الخصوصيات الموجودة في كل بلد ولسنا أمام نمط واحد من التجربة>.