• naimkassem@naimkassem.com.lb

  • الرئيسية
  • ’مؤشرات قرب الظهور’افتتاحية العدد 192
...
’مؤشرات قرب الظهور’افتتاحية العدد 192

’مؤشرات قرب الظهور’افتتاحية العدد 192

مؤشرات قرب الظهور

مؤشرات قرب الظهور

 عندما نتحدث عن اقترابنا من ظهور الإمام المهدي(عج) فإنَّنا نصيب الحقيقة لأسباب عدة أهمها:
1- للظهور زمن محدَّد في علم الله تعالى، ومرور الزمن يعني اقترابنا من الوقت المعلوم، فإذا قلنا بأننا أقرب إلى الظهور من أي وقت مضى، فهذا صحيح بلحاظ الوقت، وهذا ما يدفعنا إلى أن نهيئ أنفسنا أكثر، وأن نتوقع تراكم العلامات وتسارعها لتعجيل الفرج، يحدونا الأمل بأن يكون عصرنا عصر الظهور نظراً للأحداث الخطيرة والكبيرة التي بشرت بها الروايات كمؤشرات للعصر الموعود.
2- ازدياد الفساد مؤشر لقرب الظهور، فعن أمير المؤمنين علي(ع):"أمَّا أنَّه سيأتي على الناس زمانٌ، يكون الحق فيه مستوراً، والباطل ظاهراً ومشهوراً، وذلك إذا كان أولى الناس أعداهم له، واقترب الوعد الحق، وعظُم الإلحاد، وظهر الفساد، هنالك ابتُلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديداً، ونَحَلَهم الكفار أسماء الأشرار، فيكون جهدُ المؤمن أن يحفظ مهجته من أقرب الناس إليه، ثم يتيح الفرج لأوليائه، ويظهر صاحب الأمر على أعدائه"(1).
 يعمُّ الفساد كل شيء، بحيث تنقلب المفاهيم، فيصبح المعروف منكراً والمنكر معروفاً، بل تكون الدعوة إلى المنكر على أساس أنَّه المعروف، ويُضيَّق على المؤمنين حتى يشعروا بالاختناق، وينعت الكفار المؤمنين بصفات الشر والانحراف والإرهاب، ولا تبقى صورة من صور الفساد الأخلاقي والاجتماعي والاقتصادي والسياسي إلاَّ وتظهر بين الناس. وقد عبَّرت الروايات المتواترة عن زمن ظهوره الشريف بامتلاء الأرض ظلماً وجوراً، ففي إجابة الإمام الصادق(ع) لمن سأله عمن هو الإمام المهدي(عج) قال:"الذي يملؤها عدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً"(2)، عندها يكون الفرج إن شاء الله تعالى، فعن الرسول(ص):"اشتدي أزمة تنفرجي"(3).
3- بروز الثلة المؤمنة مؤشر لقرب الظهور، حيث يتهيأ العدد المناسب لصاحب العصر والزمان(عج)، وتكون الأمة قد تأهلت لقيادته المباشرة، ويظهر على هذه الثلة الصلاح والاستقامة والدعوة إلى دين الله تعالى، وإلى قائم آل محمد(عج)، وتواجه الكفر بصلابة وشدة، وتتحمل التضحيات الكثيرة لتحافظ على دينها، ويلمع نجمها في الساحة السياسية، ولا عذر للمؤمن أن لا يكون مع هذه الجماعة، التي تدافع عن الحق، وتصمد أمام رياح الظلم العالمي. لعلَّ أبرز مصداق لهذه الجماعة في العصر الحديث هي راية الخراساني، حيث نشأت دولة إيران الإسلام على يد الإمام الخميني(قده)، بشعار لا شرقية ولا غربية، وحملت لواء الإسلام، وهي تدافع عنه بكل صلابة وثبات ورجاء بنصر الله تعالى، وتسليم الراية إلى صاحب الأمر(عج). وفي الحديث من مصادره كثيرة عن الرسول(ص):"إذا رأيتم الرايات السود قد أقبلت من خراسان فائتوها ولو حبواً على الثلج، فإنَّ فيها خليفة الله المهدي(عج)" (4).
4- اكتمال عدد أهل بدر وهو ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، هم بمثابة القادة الذين يجتمعون عند الإمام (عج) في ليلة واحدة في مكة المكرمة، ليوجههم إلى أنحاء العالم كافة، كممثلين عنه لقيادة المسلمين المنتشرين في أقطار المعمورة. وقد التبس الأمر على بعض من عاصر الشيخ المفيد(قده)، وكان يعتقد أن عدد المؤمنين في ذلك الزمان أكثر من عدد أهل بدر، فلماذا لا يتم الظهور؟
"قال السائل: إنَّا نعلم - يقيناً - أنَّ الشيعة في هذا الوقت أضعاف عدة أهل بدر ، فكيف تجوز للإمام الغيبة مع تلك الرواية ؟
أجاب الشيخ : إنَّ الشيعة وإن كانت كثيرة من حيث العدد والكم ، لكنَّ العدد المذكور في الرواية ليس المراد بهم العدد والكم فقط ، وإنما هم على كيفيةٍ خاصة ، وتلك الكيفية لم نعلم حصولها بعد بصفتِها وشروطها ، حيث أنَّه يجب أن يكونوا على حالة مأمونة من الشجاعة ، والصبر على اللقاء ، والإخلاص في الجهاد ، إيثاراً للآخرة على الدنيا ، ونقاء السرائر من العيوب ، وصحة الأبدان والعقول ، وأنَّهم لا يهنون ، ولا يفترون عند اللقاء ، ويكون العلم من الله لعموم المصلحة في ظهورهم بالسيف . ولم نعلم أنَّ كل الشيعة بهذه الصفات وعلى هذه الشروط. ولو علم الله أنَّ في جملتهم من هذه صفته على العدد المذكور ، ولم يكن معذوراً عن حمل السيف ، لظهر الإمام (عج) لا محالة ، ولم يغب بعد اجتماعهم طرفة عين . لكنْ من الواضح عدم حصول مثل هذا الاجتماع ، فلذلك استمرت الغيبة.
واعترض السائل : ومن أين عرفت لزوم هذه الصفات والشروط مع خلو النص المذكور عن شيء منها ؟
أجاب الشيخ : إنَّ مسنمات الإمامة تفرض علينا إثبات هذه الصفات لأصحاب الإمام (عج)، فحيث ثبت لنا وجوب الإمامة ، وصحت عندنا عصمة الأئمة بحججها القويمة ، فلا بدَّ أن نشرح الحديث المذكور بما يوافق تلك الثوابت ، حتى يصح عندنا معناه"(5).
 نسأل الله تعالى أن تكتمل العدة بأسرع وقت، وأن نكون في زمانها من جند الإمام المهدي(عج)، فإنَّ العلامات المختلفة بدأت تشير إلى قرب الظهور، فعسى أن يكون قريباً، والله أعلم، وعلى الله الاتكال.
الهوامش:
1- الشيخ الطبرسي، الاحتجاج، ج1، ص: 373.
2- ابن حجر، لسان الميزان، ج2، ص: 289.
3- الشيخ الكليني، الكافي، ج1، ص: 341.
4- العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج51، ص: 82.
5- الشيخ المفيد, رسائل في الغيبة, ج 4, ص 3.