’القائم من ولد الحسين (ع)’ افتتاحية العدد 187
القائم من ولد الحسين (ع)
القائم من ولد الحسين (ع)
نسب القائم (عج)المهدي(عج) من ولد علي(ع)، ففي كتاب "كمال الدين وتمام النعمة" للشيخ الصدوق، عن ابن عباس عن الرسول(ص) أنَّه قال:
"إنَّ علي بن أبي طالب إمام أمتي، وخليفتي عليها من بعدي، ومن ولده القائم المنتظر، الذي يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً، والذي بعثني بالحق بشيراً، إنَّ الثابتين على القول به في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر.
فقام إليه جابر الانصاري، فقال: يا رسول الله، وللقائم من ولدك غيبة؟ فقال(ص): إي وربي، وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين. يا جابر،
إن هذا الأمر من عند الله، وسر من سر الله، مطويٌ عن عباد الله، فإياك والشك فيه، فإنَّ الشك في أمر الله عزَّ وجل كفر"(1).
إنَّه من ولد الإمام الحسين(ع)، اسمه اسم رسول الله محمد(ص)، وظهوره حتمي، قال رسول الله(ص) :
"لو لم يبق من الدنيا إلاَّ يوم واحد، لطوَّل الله عزَّ وجل ذلك اليوم ، حتى يبعث فيه رجلاً من ولدي، اسمه اسمي.
فقام سلمان الفارسي فقال: يا رسول الله، من أي ولدك هو.
قال(ص): من ولدي هذا، وضرب بيده على الحسين(ع)" (2).
آل محمد(عم) هم المقصودون بوراثة الأرض، ومهديهم منهم، فعن علي(ع):
في قوله تعالى: "وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ"(3)، قال:"هم آل محمد(ص)، يبعث الله مهديهم بعد جهدهم، فيعزهم، ويذل عدوَّهم"(4).
وفي مسند أحمد، عن أبي سعيد الخدري، قال رسول الله(ص): "لا تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلماً وعدواناً، ثم يخرج رجل من عترتي أو أهل بيتي، يملؤها قسطاً وعدلاً، كما مُلئت ظلماً وعدواناً"(5).
وفي رواية أخرى: "لا تقوم الساعة حتى يلي رجل من أهل بيتي، يواطئ
اسمه اسمي"(6).
سُمي المهدي(عج) بالقائم لأنَّه يقوم بالحق، والمنتظر لأنَّ الناس ينتظرون ظهوره بعد غيبته الطويلة عنهم، وعلى الرغم من كثرة الروايات التي تحدَّثت عن ظهوره لتهيئة المسلمين لذلك اليوم، فإنَّ الناس يختلفون عليه عند ظهوره، عن الإمام الرضا(ع):
"إنَّ الإمام من بعدي ابني علي، أمره أمري، وقوله قولي، وطاعته طاعتي، والإمام بعده ابنه الحسن، أمره أمر أبيه، وقوله قول أبيه، وطاعته طاعة أبيه، ثم سكت.
فقلت له: يا ابن رسول الله، فمن الإمام بعد الحسن؟
فبكى عليه السلام بكاءً شديداً، ثم قال: إنَّ من بعد الحسن ابنه القائم بالحق المنتظر.
فقلت له: يا ابن رسول الله، لما سمي بالقائم؟
قال: لأنَّه يقوم بعد موت ذكره، وارتداد أكثر القائلين بإمامته.
فقلت له: ولم سُمي المنتظر؟
قال: لأنَّ له غيبة، يكثر أيامها، ويطول أمدها، فينتظر خروجه المخلصون، وينكره المرتابون، ويستهزئ بذكره الجاحدون، ويكذب فيها الوقَّاتون، ويهلك فيها المستعجلون، وينجو فيها المسلمون"(7).
اصطفاه الله عزَّ وجل
المهدي أشبه الناس خلقاً وخُلقاً برسول الله(ص)، تكون له غيبة وحيرة، أي إنَّه يكون مولوداً وغائباً، ثم يظهر مقبلاً كالشهاب الثاقب. قال رسول الله(ص): "المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خَلقاً وخُلقاً، تكون
له غيبةٌ وحيرة، تضل فيها الأمم، ثم يُقبل كالشهاب الثاقِب، يملؤها عدلاً وقسطاً، كما ملئت جوراً وظلماً"(8).
يدعو إلى ملَّة وشريعة رسول الله(ص)، بحيث لا يحتمل كلامه أو موقفه أي شك أو تأويل، فهو إمام معصوم، ولذا تكون طاعتُه طاعةً لله ورسوله، ومعصيتُه معصيةً لله ورسوله، فهنيئاً لمن آمن به واتبعه، وتعساً لمن خالفه وانقلب عليه. فعن الإمام الصادق(ع)، عن أبيه عن جده، قال : قال رسول الله(ص): "القائم من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنَّته سنَّتي، يُقيم الناسَ على
ملتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عزَّ وجل، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذَّبه فقد كذَّبني، ومن صدَّقه فقد صدَّقني، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلين لأمتي عن طريقته، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون"(9).
إنَّه قائمٌ بالحق، من أراد أن يكون معه، فليبايعه بسرعة ولو حبواً على الثلج، أمَّا أخصامه ومنهج مخالفيه فهو مجانب للحق. قال رسول الله(ص): "لا تقوم الساعة حتى يقوم قائمٌ للحق منَّا، وذلك حين يأذن الله عزَّ وجل له، ومن تبعه نجا، ومن تخلف عنه هلك. الله الله عبادَ الله ، فأتوه ولو حبواً على الثلج، فإنَّه خليفة الله عزَّ وجل وخليفتي"(10).
يثبت معه المخلصون، مُظهراً للدين، وباسطاً للعدل، فعن أمير المؤمنين علي(ع):
"التاسع من ولدك يا حسين، هو القائم بالحق، المظهر للدين، والباسط للعدل.
قال الحسين(ع): فقلت له: يا أمير المؤمنين، وإنَّ ذلك لكائن؟
فقال علي(ع): أي والذي بعث محمداً(ص) بالنبوة، واصطفاه على جميع البرية، ولكنْ، بعد غيبةٍ وحيرة، فلا يثبت فيها على دينه إلاَّ المخلصون، المباشرون لروح اليقين، الذين أخذ الله عزَّ وجل ميثاقهم بولايتنا، وكتب في قلوبهم الإيمان، وأيَّدهم بروحٍ منه"(11).
الشيخ نعيم قاسم
الهوامش :
1- الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص:287.
2- ابن أبي الفتح الأربلي، كشف الغمة، ج3، ص:268.
3- سورة القصص، الآية: 5.
4- الشيخ الطوسي، الغيبة، ص:184.
5- الإمام أحمد بن حنبل، مسند أحمد، ج3، ص:36.
6- المصدر نفسه، ج1، ص:376.
7- الشيخ الصدوق، كمال الدين، ص:378.
8- المصدر نفسه، ص: 286.
9- المصدر نفسه، ص: 411.
10- الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا(ع)، ج1، ص: 65.
11- الشيخ الصدوق، كمال الدين، ص: 304.