ومما جاء فيها:
في لبنان تعرفون أن تركيبة هذا البلد تركيبة معقدة جداً، وفي الواقع عندما نتحدث دائماً عن الوفاق الوطني وعن الديمقراطية التوافقية، كنا نقصد أن هذه الأعمدة المختلفة المؤلفة لـ 17 طائفة و200 حزب وحوالي آلاف الشخصيات، لا يمكن أن تسير عجلتهم إلاَّ بحد أدنى من التوافق وإلاَّ تكفي جهة واحدة لتخرب كل شيء تحت عنوان استهداف الطائفة أو المذهب أو الجماعة أو الأقلية.
من هنا عملنا في لبنان عمل صعب ومعقد، من الخطأ أن تنظروا إلينا كيف نعمل في داخلنا وفي واقعنا وفي ما نملك فيه قرارنا، لأننا عندما نعمل مع الآخرين في موقع الدولة التي هي مسؤولية الجميع، بالتأكيد سيكون السقف منخفضاً أكثر فأكثر تبعاً لتحقيق القدر الممكن من الوفاق الوطني، هذه الحكومة الموجودة حالياً هي حكومة الاستقرار السياسي بامتياز، وأي خيار آخر لا يمكن أن يعطي الاستقرار السياسي بالدليل والبرهان، ولكن مع أننا نرى هذه الإيجابية الكبيرة لهذه الحكومة فهي غير معفية من مسؤولياتها تجاه الناس في قضايا الكهرباء والمستشفيات والمدارس والشؤون المجتمعية المختلفة، وفي قناعتنا أن هذه الحكومة على تركيبتها ووضعها بإمكانها أن تقدم أكثر، لكن بطبيعة الحال حسابات مكوناتها هي التي تسبب هذه الفرملة وتؤدي إلى بعض الانعكاسات السلبية.
نحن كحزب الله نقوم بأقصى جهد لتذليل العقبات، ولتقريب وجهات النظر، ويساعدنا في ذلك أطرافٌ آخرون في تركيبة الحكومة يؤمنون بما نؤمن به، لكن في نهاية المطاف هناك بعض التعقيدات التي تتطلب وقتاً والتي لا نستطيع أن نتجاوزها إلاَّ بتكاتف الأطراف.
وبكل صراحة، في هذه المرحلة هذا هو الخيار المناسب للبنان، وأنتم تعلمون أن كل النقاشات الواردة في داخل الحكومة أو عليها أو منها موجودة أمام الرأي العام والرأي العام يعرف تماماً أين مكامن الخلل، وما هي التعقيدات، وما هي الصعوبات، ومن الخطأ أن نُحمَّل المسؤولية لكل ما يجري، نحن مسؤول بقدرنا وبقدر تأثيرنا، والآخرون مسؤولون أيضاً بقدرهم وبقدر تأثيرهم والناس تعرف ذلك تماماً.
نحن اليوم في يوم الأرض، والقضية الفلسطينية هي الأساس، فلسطين هي النقطة المركزية المحورية في منطقتنا، وما لم تجد فلسطين حلاً لا توجد حلولاً في منطقتنا على الإطلاق، وكما ترون إسرائيل تفتعل قضايا جانبية وجزئية لتبعد الأمة عن قضية فلسطين، إسرائيل تحاول أن توجه الأنظار إلى الملف النووي السلمي الإيراني لتقول أن المشكلة هناك وملا مشكلة في فلسطين، توجه الأنظار إلى ما يجري في سوريا لتقول لا مشكلة في فلسطين، توجه الأنظار إلى قضايا شكلية لها علاقة بحقوق الإنسان ولجنة حقوق الإنسان التي تريد أن تحقق في الداخل الإسرائيلي لتصرف النظر عما تفعله إسرائيل، ولكن الحقيقة التي يعلمها العالم، ويجب أن يسمعها دائماً أن إسرائيل تحتل القدس وفلسطين، وتغتصب الأراضي، وتستوطن في الضفة الغربية وفي القدس، وتقتلع الناس من بيوتهم، وتقتل الأطفال والنساء والرجال، وتعتدي وتستخدم إمكاناتها المسلحة، وتهدد دائماً بالحروب في منطقتنا، هذا يعلم أن يعلمه العالم، وأن يعرف أن إسرائيل هي المشكلة، علينا أن نعيد البوصلة أن فلسطين هي القضية المركزية، وإذا لم تُحل هذه القضية لا توجد حلول في كل المنطقة، وستكون هناك تداعيات كثيرة بسبب بقاء القضية الفلسطينية معلقة على المشروع الإسرائيلي الذي يحاول أن يلهينا بقضايا أخرى ، ويحاول أن يدخل إلى ميدان التطبيع مع بعض الدول العربية التي للأسف تدخل بأشكال مختلفة في هذا التطبيع.
من اللحظة الأولى التي اندلعت فيها الأزمة في سوريا، كنا نقول كحزب الله: الحل السياسي هو الحل، وأي حل آخر لا ينفع، والحل السياسي مبني على الحوار بين النظام والمعارضة ومكونات الشعب السوري، ومبني على إجراء إصلاحات وتعديلات في النظام تترك الفرصة للجميع أن يشاركوا في صناعة مستقبل سوريا من دون أي تدخل خارجي، ومن دون استخدام السلاح الخارجي لقلب النظام، أو بالاعتداء على الآخرين، وكان يُقال لنا: لا هناك قرارات دولية تريد أن تقلب النظام في سوريا ولا يمكن أن يقف أحد أمام هذه القرارات، تبيَّن بالدليل العملي أن سوريا لا يصلحها إلى الحل السياسي، وها هي خطة "أنان" مبنية على الحل السياسي، وبدأت مختلفة عالمية تتراجع عن خطواتها السابقة، وللأسف الخسائر التي بُذلت في سوريا كانت بسبب هذا التدخل الدولي والتآمر الدولي، ولو كانوا دخلوا في الحل السياسي من البداية لوفرت سوريا الكثير الكثير، ونحن نؤمن أن الحل في سوريا هو حلٌ سياسي.