نحن نقاوم لأهداف واضحة
الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في ذكرى أسبوع الشهيد قاسم شمخا، في مجمع سيد الأوصياء، برج البراجنة، 10/11/2016م،
وأبرز ما جاء فيها:
عندما كانت الانتخابات الرئاسية في أمريكا تجري خلال الأيام الماضية لم نتسمَّر على شاشات التلفزة لنعرف الرابح من الخاسر، لأنه بالنسبة إلينا أي رئيس للولايات المتحدة سيكون وفق السياسات التي تعتمدها أمريكا، تراعي السياسات الظالمة التي تؤيد إسرائيل على حساب فلسطين والمقاومة والمنطقة، وبشكل عام لا نعوِّل عليهم لننجح ولا نعوِّل عليهم للمستقبل، ولا نعتبر أن توقعاتنا وآمالنا مبنية على نجاح هذا الرئيس أو ذاك.
المهم ماذا نريد نحن؟ عندما قاومنا واثقين بحقنا وأرضنا نجحنا رغم أن العالم كان ضدنا وأمريكا كانت ضدنا وإسرائيل معهم، وعندما حددنا العدو ورسمنا البوصلة بشكل صحيح، وقلنا أن المأزق هو إسرائيل، استطعنا أن نواجه وأن نحقق النجاحات، وعندما لم نعتمد على السياسات الأجنبية ولم ننتظر ما تمليه علينا أمريكا أو الدول الأوروبية أو غيرها وفقنا الله تعالى ونجحنا بسواعد وجهاد مجاهدينا في الميدان.
ليكن معلومًا، نحن نقاوم لأهداف واضحة، نعرف ماذا نريد وإلى أين سنصل، نحن نريد تحرير الأرض والإنسان، ولا نقاوم لنساوم، نحن نقاوم بأغلى ما عندنا، بشبابنا وأهلنا وكل طاقاتنا وإمكاناتنا كرمى لعيون الأجيال الصاعدة في المستقبل، وليس كرمى لعيون أحد ولا كرمى لعيون أي جهة على الإطلاق.
حرَّرنا الأرض في لبنان لمصلحة أجيالنا ولمصلحتنا، وقفنا في مواجهة التكفيريين لمصلحة أجيالنا ولمصلحتنا، نقاتل اليوم في الموقع السوري لأن مصلحتنا أن نكون في هذا الموقع وأن نقاتل هؤلاء كي لا يأتوا إلينا ويدخلوا إلى بلدنا، إن قوة وثبات المقاومة حمى لبنان من أعاصير إسرائيل والتكفيريين، وبانتصار تموز عام 2006، والنجاح في مواجهة التكفيريين في القصير والقلمون وحلب ومناطق أخرى، تحقَّق الاستقرار في لبنان وأُبعدت نيران الأزمة السورية من أن تؤثر على هذا البلد دمارًا وخرابًا.
كانوا يقولون: لا تتدخلوا في سوريا حتى لا تأتي النيران. قلنا لهم: تدخلنا يبعد النيران، وتبين بالدليل القطعي أننا عندما تدخلنا تمت الحماية لسوريا وللبنان في آنٍ معًا، واستطاع لبنان أن ينتقل إلى مرحلة جديدة.
اللبنانيون اليوم قادرون على الانطلاق، وبناء الدولة والمؤسسات بعد انتخاب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولم تعد العوائق الخارجية موجودة، لكن المطلوب هو التضحية من أجل الشراكة الفعلية بين الفئات المختلفة، ومن أجل الإسراع في تشكيل الحكومة من دون إثقال تشكيلها بالمكاسب الخاصة، يستحق اللبنانيون أن يجتازوا الفراغ، وهذا اختبار للقوى السياسية المختلفة أن تنجز هذا الاستحقاق.
نحن نعتبر أن الدولة القوية التي نرغبها في لبنان تتطلب في هذه المرحلة دعامتين أساسيتين: الأولى: تفعيل عجلة المؤسسات بتشكيل الحكومة، ,إعادة إنتاجية المجلس النيابي، والعمل لتتحرك مواقع القرار من أجل تحقيق مصالح الناس. والدعامة الثانية: إنجاز قانون انتخابي تمثيلي قائم على النسبية لإنصاف الناس، وليكون ممثلو الشعب ممثلين حقيقيين، بدل أن يكونوا وهميين، وبدل أن يكونوا مصادرين لقرار الناس.
ليست الحكومة الآن محلًا لتصفية الحسابات ولا منجمًا للذهب، فمن تعامل معها على هذا الأساس سيؤخرها كثيرًا، بل هي صورة للقوى السياسية في لبنان التي يجب أن تتمثل جميعًا لأن لبنان بحاجة إلى تكاتف الأيدي، فإذا تعاطينا مع تشكيلها كحكومة بمرونة كأطراف سياسية موجودة يمكن أن تكون حكومة جامعة وتُشكل بأسرع وقت.
أما القتال في سوريا، ليكن معلومًا: بالنسبة إلينا القتال في سوريا في المرتبة نفسها للقتال ضد إسرائيل، لا يوجد أي فرق بين قتال الصهاينة المحتلين وقتال التكفيريين المجرمين المعتدين، كلاهما في خندق واحد، وكلاهما في مشروع واحد، ونحن نقاتل المشروع الذي يواجه محور المقاومة بأدواته التي تختلف تسمياتها وأماكنها، والانتصارات التي تحققت في سوريا وفَّرت علينا أعباءً وأخطارًا كثيرة وكبيرة، تصوروا لو كان التكفيريون على حدودنا في منطقة البقاع! وكانوا يرسلون السيارات المفخخة كما حصل في سنة 2014 إلى المناطق اللبنانية المختلفة، هل كان يوجد بيت أو شارع آمن أو منطقة آمنة، وهذا الأمر لا يختص بالمقاومين وعائلاتهم فقط بل بكل اللبنانيين من دون استثناء، فقد ثبت من خلال التحقيقات أنهم كانوا يستهدفون المساجد كما يستهدفون المراقص والبنك المركزي والمناطق المختلفة من بيروت إلى صيدا إلى الضاحية وإلى بعلبك وإلى أي مكان في لبنان، هؤلاء مرض سرطاني ينتشر بسرعة إذا لم يقطع ولم يوضع له الحد، وكان للمقاومة الشرف بأن وضعت له الحد، فاستقر لبنان هذا الاستقرار.
وقد أعطى شباب حزب الله نموذجًا وقدوة للثوار والأحرار، ولو تُركت الساحة لداعش لكنا أمام نتيجة مظلمة، وعلى كل حال اعلموا أنه ببركة هذه المواجهة داعش إلى انحسار وتراجع، والإرهاب التكفيري سيعاني الكثير في الأيام والأشهر القادمة، إذ لم يعد قادرًا أن يتمدد كما سهّل له الغرب ومن معه، كل ذلك بسبب صمود محور المقاومة والمجاهدين الذين منعوا هؤلاء التكفيريين من تحقيق أهدافهم.
نحن نعلم أن المعركة طويلة، ولن نمني النفس أنها ستنتهي بين يوم وآخر، ولكن وبكل وضوح نحن أمام خيارين لا ثالث لهما: خيار الاستسلام، وعندها لن يبقى حجر على حجر، وخيار القتال، وهو طريق النصر الحتمي إن شاء الله تعالى ونستطيع من خلاله أن نحمي بلدنا ومستقبلنا ومستقبل أجيالنا.