الموقف السياسي

الشيخ نعيم قاسم للإسرائيليين: لا تهددونا بالتدمير فلدينا ما يدمركم/ مؤتمر اتحاد علماء المقاومة الذي أقيم في مطعم الساحة في 2016/5/5

الشيخ نعيم قاسم للإسرائيليين:لا تهددونا بالتدمير فلدينا ما يدمركم

الكلمة التي ألقاها نائب الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم في مؤتمر اتحاد علماء المقاومة الذي أقيم في مطعم الساحة، 

وأبرز مما جاء فيها:


أولًا: تتجه إسرائيل أكثر فأكثر لتؤكد أنها قوة احتلال، وما إعلان ضم الجولان رسميًا من قبل نتنياهو إلاَّ تأكيدٌ على توسعية إسرائيل، وكذلك تلك المساعي التي تقوم بها من أجل  ضم الضفة الغربية، لتعلن بشكلٍ واضح أنها لا تقبل بحدود وإنما تريد كل فلسطين تمهيدًا لتمد يدها إلى المنطقة بأسرها. أما الدول الكبرى فهي ترعى احتلال إسرائيل لفلسطين، وتتدخل استعماريًا بحجج واهية في الدول الأخرى، وهذا هو منهجها التوسعي سياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا، حيث يبرز من خلال قيادة أمريكا في الزمن المعاصر للاحتلالات المتنقلة بأشكالٍ مختلفة كما حصل في أفغانستان والعراق واليمن وسوريا والبحرين وغيرها....

إنَّ رعاية أمريكا لأي حل لا تكون نتيجته إلاَّ تثبيت الاحتلال سياسيًا بعد انسداد الآفاق عسكريًا، وأمل حل الدولتين فهو يعني أمرين أساسيين: الأول رسم حدود إسرائيل، والثاني التحكم بباقي فلسطين. من هنا رفضنا ونرفض هذا الحل لأنه يشرعن اغتصاب فلسطين لمصلحة إسرائيل وهذا أمرٌ ننكره ونرفضه وسنواجهه بكل ما أوتينا من قوة.
ثانيًا: لو استعرضنا التاريخ المعاصر لوجدنا أن مسار التسوية ظالم وزاد في توسع الاحتلال، وفي كل مرحلة تنشط فيه التسوية نرى أن حروبًا إسرائيلية تحصل لمزيد من قضم الأراضي، وكأن خطوات التسوية هي خطوات لهضم الاحتلال السابق وإنشاء احتلال جديد. أما مسار المقاومة فهو مسارٌ مشرقٌ استنهض الشعب الفلسطيني وشعوب الأمة، وحقَّق إنجازات عجزت عنها دولٌ كبرى وإقليمية، وعلى كل حال نحن نؤمن بما قاله تعالى: "وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ"، ما يجعلنا نؤمن بأن المستقبل للمقاومة إن شاء الله تعالى.

في رأينا: المقاومة هي الحل، وتضحياتها أقل من خسائر الاستسلام والخضوع والذل، وأرباحها المستقبلية تعيد الأرض والكرامة، ولن يستطيع الاحتلال أن يستقر أو أن يستثمر ما دام نبض المقاومة يخفق، ودماء الشهداء تهز عرش الاحتلال، وما دام المجاهدون من أبطال فلسطين وأبطال حزب الله وأبطال المقاومة يقفون في المواجهة لا يخافون في الله لومة لائم، ويجاهدون قربة لله تعالى مهما بلغت التضحيات.

ليكن معلومًا، لا قدرة للاحتلال أن يثبِّت دعائمه مع وجود شعبٍ مقاوم ولو طال الأمر لسنوات وسنوات، فالتاريخ يشهد سقوط كل احتلال تواجهه أمة أبية ولو بعد حين، هؤلاء "لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَ فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَ يَعْقِلُونَ".

إنَّ الشعب الفلسطيني شعبٌ مجاهد يتربى أطفاله على الجهاد، هذا الشعب لا يمكن أن ينهزم، أما الصهاينة فجبناء يستخدمون إمكانات العالم لتثبيت ظلمهم واحتلالهم، الفلسطينيون أصحاب الأرض زرعٌ يثبت في الأرض الصلبة، أما الصهاينة فتجميع منقطع الجذور لن يثبت في الأرض إن شاء الله تعالى، وستثبت الأيام هذه المقولة.
ثالثًا: لقد انكسر مشروع شرعنة إسرائيل مع الإمام الخميني(قده)، الذي دعا بكل صراحة ووضوح إلى إزالة إسرائيل من الوجود، وحمَّل حزب الله مسؤولية مقاومة إسرائيل وتحرير الأرض، ومنذ ذلك الوقت بدأت المعادلة تتغير، وبدأ واقع المنطقة يتغير، ما يدل أننا إذا صممنا وقررنا مع قلة الإمكانات والعدد فإننا سنتمكن بعد ذلك أن نجتاز الصعوبات وأن نصل.

لقد تغيَّر المسار، فبدل مسار إعلان دولة إسرائيل وتوقيع كل من يحيط بها على هذا الإعلان، أصبحنا أمام مسار إعادة فلسطين إلى أهلها وتحرير الأرض من الاحتلال، نعم فليسجل التاريخ والحاضر والمستقبل أن فلسطين لن تكون للصهاينة ما دام هناك شعبٌ يقاتل ومقاومة أبية تعمل، لقد أنجزنا التحرير عام 2000، وهذه هي الثمرة الأولى لتغيير المسار وانقلاب المعادلة، ثم تتالت الإنجازات في لبنان سنة 2006 بالتحرير العظيم وبصد العدوان الكبير، وكذلك في غزة لثلاث مرات وستتالى إن شاء الله تعالى.

رابعًا: المشروع المعادي لشعوب منطقتنا له ثلاث دعائم: أمريكا وإسرائيل والإرهاب التكفيري الذي ترعاه السعودية، ولكن القيادة لأمريكا وإسرائيل.
السعودية اليوم أكملت التحاقها بكامب دايفيد، وأعلنت صراحة أنها مع المشروع الصهيوني، وثبتت باللقاءات والتطبيع والأرقام والأدلة والتصريحات أنها مع الكيان الصهيوني وليست مع استعادة فلسطين، ومشروعها متماهٍ مع المشروع الإسرائيلي، وهي لم تدعم مقاومة الشعب الفلسطيني في أي يوم من الأيام، وكشفت مشروعها في التطبيع وتسليم الدفة لإسرائيل.

كل الشرور في المنطقة بسبب إسرائيل، كل الاحتلالات والعقوبات وقمع الشعوب هو  كرمى لعيون إسرائيل، حصل التدمير للعراق لإزاحة القوة من وجه إسرائيل، والآن تُدمَّر  سوريا لكسر حلقة المقاومة لمصلحة إسرائيل. إنَّ الإرهاب التكفيري اليوم هو حربة إسرائيلية أمريكية، الإرهاب التكفيري شيطنة وصهينة، وهذا الإرهاب يشيطن الإسلام ليدمر محتواه ويبعده عن مسرح الحياة، ويعمل صهيونيًا من أجل أن يمكِّن إسرائيل من أن تسيطر على منطقة مقسمة ومدمرة ومنهكة. أمَّا المقاومة فتحرير ومستقبل، فهي حررت بالدليل والبرهان، وهي تبني شبابها وأمتها على أن يكونوا في المستقبل هم الأمل، وإن شاء الله سيتحقق هذا الأمل.

خيارنا المقاوم يحقِّق الإنجازات، وخيارهم العدواني ينتقم بالتدمير وإراقة الدماء، وليكن معلومًا: ما دمنا نستعد ونعمل فسننجح، ونحن على أعلى جهوزية في مواجهة إسرائيل، لا تهددونا بالتدمير فلدينا ما يدمركم، ولا تهددونا بالحصار فأنتم محاصرون بشروركم وكره الأمة لكم، ولا تهددونا باجتماع المستكبرين علينا فاجتماع أمتنا الشريفة وأحرار العالم والمنطقة قوة الخير الواعدة التي لا بدَّ أن تنتصر على أشرار البشر، لقد وعدنا الله تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"ونحن واثقون من النصر، وسنتابع المسيرة مهما بلغت التضحيات، ولن نقف أمام هذه المؤامرات متخاذلين بل سنواجهها بصدورنا وشبابنا وعوائلنا، وستثبت الأيام أن المقاومة هي التي تحرر، وأن الإرهاب هو الذي يدمر، ومن حرَّر أنجز ومن دمر كان مخزيًا وزال من الأرض.